صحيفة البلاد البحرينيّة - الأربعاء 14 كانون الثاني 2009
هل كنّا في حاجة إلى حرب غزّة كي نجد لأنفسنا قضيّة نتكلّم عنها ونقوم بمظاهرات من أجلها ونثور ونبكي ونغضب ونريح ضمائرنا؟
إسرائيل ورم سرطانيّ في جسم الأمّة العربيّة يجب التخلّص منه! ولكنّ في أجسام أطفالنا أورامًا سرطانيّة لا تحصى فلمَ لم تتحرّك الأقلام وتنطلق المظاهرات وتنهمر الدموع من أجل هؤلاء الذين يحاولون إخراج رؤوسهم من تحت أغطية بيضاء يخشون في كلّ لحظة أن تصير أكفانهم؟ هؤلاء الأطفال المدفونون في أسرّتهم والمعلّقون بمصل العلاج ألا يستحقّون صفحات ومقالات ونشرات إخباريّة تغذّي عالمنا العربيّ بمصل الحقيقة كي يعرفوا كم ارتفعت نسبة انتشار هذا المرض لألف سبب وسبب؟
الجوع، الفقر، الأطفال الحفاة في الشوارع، المتسوّلون، الأميّون، المعاقون، المهجّرون، المهاجرون، آكلو النفايات، سكّان المخيّمات، المصروفون من أعمالهم، المغتصبون، المجنّسون، المدمنون على المخدّرات، المنتحرون، اليائسون، المرضى على أبواب المستشفيات لا في أسرّتها، ارتفاع أسعار بواليص التأمين بلا رقابة، العاجزون عن شراء الدواء، المعلّقون لساعات وساعات بآلات غسل الكلي، العاجزون عن شراء وسيلة تدفئة، المنتظرون كي نرمي ملابسنا ليأخذوها لأولادهم هديّة العيد، الفنّانون المهدورة حقوقهم والمهملة أعمالهم، الصحافيّون المضروبون، المعتقلون في السجون على ذمّة التحقيق لسنوات وسنوات، الملاحقون بسبب أفكارهم وآرائهم، الرُضّع المرميون في مستوعبات النفايات...
أتريدون قضايا؟ هناك الكثير! ولكن من منكم سيكتب عن غزّة بعد أن يتّفق الحكّام العرب على تسوية مؤقتة لوضعها؟ وعن أيّ قضيّة سنكتب بعدما أتممنا واجبنا وأرحنا ضميرنا وركبنا موجة اسمها غزّة في انتظار قضيّة جديدة، قد تكون مقتل فنّانة على يد صديقها، أو حذاء طائرًا في وجه رئيس، أو فضيحة جنسيّة، أو انتصار فريق رياضيّ في مباراة ترفع رأسنا (من تحت ركام الدمار كتلك الطفلة الفلسطينيّة؟)، أو مسلسلاً اسمه "نور" أو "أسمهان" أو "باب الحارة"؟
والله العظيم نحن أغبياء.
ننتظر من يصنع لنا الحدث ثمّ نحمل دفوفنا وطبولنا ومزاميرنا ونلحق به كأطفال سذّج ينتظرون العيد ليرقصوا ويغنّوا، أو يهرعون خلف نعش ليتفرّجوا ويشبعوا فضولهم. من منّا سيسأل عن تلك الفتاة الخارجة من رحم الأرض بعد أن ننتقل كلّنا دفعة واحدة إلى قضيّة جديدة نبري أقلامنا استعدادًا لها ونشحن بطاريّات حواسيبنا المحمولة ونحمل كاميرات صغيرة في حجم عقولنا ونهبّ للدفاع عنها؟ من منّا نظر إلى خريطة غزّة قبل هذه الأيّام؟ يلتقي الواحد منّا بالآخر فيسأله: هل كتبت عن غزّة؟ ألم تكتب عن غزّة بعد؟ لا أفهم! هل هناك مباراة لا علم لي بأمرها عن أجمل مقالة أو قصيدة في رثاء أطفال غزّة؟ هل هناك مباراة لاختيار أجمل صورة لجثّة تثير الغضب وتسيل الدموع؟ هل بهذا الإعلام نريد أن نربح الحرب على إسرائيل؟ صحافيّونا مشغولون بمهاجمة بعضهم وبالمزايدة على بعضهم في من يحبّ فلسطين أكثر من سواه، ويتبارون في نبش ملفّات تعود إلى نشوء دولة إسرائيل ليبحثوا فيها عن العميل بينهم، وعن المتعامل، وعن الجاسوس، وعن المتآمر، وعن المتخاذل، ولا نعي أنّنا بهذه الفضائح غير الموثّقة نقدّم خدمة لإسرائيل لم يقدّمها لها أبرع قادتها وأكثرهم صهيونيّة. وأين كانت هذه المعلومات قبل الآن؟ ولماذا لم يقدّمها مالكوها للرأي العام قبل أن نصل إلى ما نحن فيه من تشرذم وتناهش وتباغض نخجل من استمرار مسلسله في وسائل إعلامنا؟
القضايا عندنا بالملايين والضحايا بالملايين، وليست كلّها بسبب إسرائيل، أفلا يجدر بنا أن نعمل على إيجاد حلول لها عوضًا عن وضع اللوم على الصهيونيّة العالميّة، أو تحميل المسؤوليّة للمال النفطيّ، أو صبّ اللعنات على الغرب: الغرب نفسه الذي نرتدي "جينزه" ونأكل "هامبرغره" ونشاهد أفلامه وندرس في مناهجه التربويّة.
هل كنّا في حاجة إلى حرب غزّة كي نجد لأنفسنا قضيّة نتكلّم عنها ونقوم بمظاهرات من أجلها ونثور ونبكي ونغضب ونريح ضمائرنا؟
إسرائيل ورم سرطانيّ في جسم الأمّة العربيّة يجب التخلّص منه! ولكنّ في أجسام أطفالنا أورامًا سرطانيّة لا تحصى فلمَ لم تتحرّك الأقلام وتنطلق المظاهرات وتنهمر الدموع من أجل هؤلاء الذين يحاولون إخراج رؤوسهم من تحت أغطية بيضاء يخشون في كلّ لحظة أن تصير أكفانهم؟ هؤلاء الأطفال المدفونون في أسرّتهم والمعلّقون بمصل العلاج ألا يستحقّون صفحات ومقالات ونشرات إخباريّة تغذّي عالمنا العربيّ بمصل الحقيقة كي يعرفوا كم ارتفعت نسبة انتشار هذا المرض لألف سبب وسبب؟
الجوع، الفقر، الأطفال الحفاة في الشوارع، المتسوّلون، الأميّون، المعاقون، المهجّرون، المهاجرون، آكلو النفايات، سكّان المخيّمات، المصروفون من أعمالهم، المغتصبون، المجنّسون، المدمنون على المخدّرات، المنتحرون، اليائسون، المرضى على أبواب المستشفيات لا في أسرّتها، ارتفاع أسعار بواليص التأمين بلا رقابة، العاجزون عن شراء الدواء، المعلّقون لساعات وساعات بآلات غسل الكلي، العاجزون عن شراء وسيلة تدفئة، المنتظرون كي نرمي ملابسنا ليأخذوها لأولادهم هديّة العيد، الفنّانون المهدورة حقوقهم والمهملة أعمالهم، الصحافيّون المضروبون، المعتقلون في السجون على ذمّة التحقيق لسنوات وسنوات، الملاحقون بسبب أفكارهم وآرائهم، الرُضّع المرميون في مستوعبات النفايات...
أتريدون قضايا؟ هناك الكثير! ولكن من منكم سيكتب عن غزّة بعد أن يتّفق الحكّام العرب على تسوية مؤقتة لوضعها؟ وعن أيّ قضيّة سنكتب بعدما أتممنا واجبنا وأرحنا ضميرنا وركبنا موجة اسمها غزّة في انتظار قضيّة جديدة، قد تكون مقتل فنّانة على يد صديقها، أو حذاء طائرًا في وجه رئيس، أو فضيحة جنسيّة، أو انتصار فريق رياضيّ في مباراة ترفع رأسنا (من تحت ركام الدمار كتلك الطفلة الفلسطينيّة؟)، أو مسلسلاً اسمه "نور" أو "أسمهان" أو "باب الحارة"؟
والله العظيم نحن أغبياء.
ننتظر من يصنع لنا الحدث ثمّ نحمل دفوفنا وطبولنا ومزاميرنا ونلحق به كأطفال سذّج ينتظرون العيد ليرقصوا ويغنّوا، أو يهرعون خلف نعش ليتفرّجوا ويشبعوا فضولهم. من منّا سيسأل عن تلك الفتاة الخارجة من رحم الأرض بعد أن ننتقل كلّنا دفعة واحدة إلى قضيّة جديدة نبري أقلامنا استعدادًا لها ونشحن بطاريّات حواسيبنا المحمولة ونحمل كاميرات صغيرة في حجم عقولنا ونهبّ للدفاع عنها؟ من منّا نظر إلى خريطة غزّة قبل هذه الأيّام؟ يلتقي الواحد منّا بالآخر فيسأله: هل كتبت عن غزّة؟ ألم تكتب عن غزّة بعد؟ لا أفهم! هل هناك مباراة لا علم لي بأمرها عن أجمل مقالة أو قصيدة في رثاء أطفال غزّة؟ هل هناك مباراة لاختيار أجمل صورة لجثّة تثير الغضب وتسيل الدموع؟ هل بهذا الإعلام نريد أن نربح الحرب على إسرائيل؟ صحافيّونا مشغولون بمهاجمة بعضهم وبالمزايدة على بعضهم في من يحبّ فلسطين أكثر من سواه، ويتبارون في نبش ملفّات تعود إلى نشوء دولة إسرائيل ليبحثوا فيها عن العميل بينهم، وعن المتعامل، وعن الجاسوس، وعن المتآمر، وعن المتخاذل، ولا نعي أنّنا بهذه الفضائح غير الموثّقة نقدّم خدمة لإسرائيل لم يقدّمها لها أبرع قادتها وأكثرهم صهيونيّة. وأين كانت هذه المعلومات قبل الآن؟ ولماذا لم يقدّمها مالكوها للرأي العام قبل أن نصل إلى ما نحن فيه من تشرذم وتناهش وتباغض نخجل من استمرار مسلسله في وسائل إعلامنا؟
القضايا عندنا بالملايين والضحايا بالملايين، وليست كلّها بسبب إسرائيل، أفلا يجدر بنا أن نعمل على إيجاد حلول لها عوضًا عن وضع اللوم على الصهيونيّة العالميّة، أو تحميل المسؤوليّة للمال النفطيّ، أو صبّ اللعنات على الغرب: الغرب نفسه الذي نرتدي "جينزه" ونأكل "هامبرغره" ونشاهد أفلامه وندرس في مناهجه التربويّة.
هناك تعليق واحد:
Bonsoir MARIE
مقالتك اليوم اثارتني... وكتبت ببلاغة عن كل ما يجعلني أثور...çA ME RéVOLTE وأسأل نفسي "لما علينا تحمل مأاسي الأخرين؟ désolée pour les erreurs d'orthographe mais je ne trouve pas toutes les lettres en arabe لما علينا ربط مصيرنا بغزة أو بغيرها؟إنسانياً؟ على راسي و عيني !!!ولكنnos leader هل يقرأون مقالاتك ويسمعون صرخات وجع الناس من على صفحاتك ؟ حكامنا فعلا ً يدرون ماذا يفعلون ... واخر همهم الناس ..أحببت كثيرا ً " الجوع، الفقر، الأطفال الحفاة في الشوارع، ....... الرُضّع المرميون في مستوعبات النفايات..."ماري عن جد وبالأذن منك "والله العظيم نحن أغبياء!"
إرسال تعليق