الجمعة، 31 يناير 2020

الموارنة والإعلام (2014)


رسالة أولى إلى مار مارون - عن الإعلام (1 من 9 حلقات)

     أنا المارونيّة العنيدة – وبحسب فهمي لدور الموارنة في المشرق والعالم - لا أجد وسيلة إعلام تمثّلني، ولا أرى في أيّ إعلان ما يثير اهتمامي.
     اليوم الأحد مثلًا، في نشرة أخبار LBCI، تقرير بالتفاصيل المعيبة عن تحرّش المخرج الهوليوديّ وودي آلان بابنته بالتبنّي. والداي العجوزان كانا في حال صدمة واشمئزاز، وهما يسمعان ما لا يفهمان أهميته في حياتهما اللبنانيّة المرتبطة بالتهديد بالسيّارات المفخّخة، والخوف على مصير أولادهما وأحفادهما، وشحّ المياه، وتقنين الكهرباء، وغياب ضمان الشيخوخة، وكلفة الوصفات الطبيّة لأمراضهما، وغير ذلك من أعباء الحياة.
     فكيف أشرح لوالديّ أنّ الـ LBC و MTVو OTVمحطّات تلفزيونيّة لا علاقة لها بمارونيّتهما واهتمامهما وهمومهما؟ كيف أشرح لنفسي أن لا وجه شبه بيني وبين هذه المؤسّسات التي تصرّ على أنّها ناطقة باسم المسيحيّين؟ وكيف أشرح لبنات أختي الشابّات أنّ تيلي لوميير ليست لأعمارهنّ، بل للمرضى في المستشفيات، وللعجزة في دور المسنّين، وللعاجزين عن السهر خارج المنزل أو فهم ما يجري على المحطّات الأخرى؟
     لا تمثّلني محطّات لا علاقة لها بالفكر والحريّة، ولا تمثّلني صحف لا تفتح صفحاتها إلّا للعهر السياسيّ والسمسرة والتحريض، ولا تمثّلني إذاعات تلوّث الهواء بالثرثرة العقيمة أو الوعظ المملّ.
     ولا علاقة لي بوسائل إعلام وإعلان رأسمالها سيقان، ورصيدها صدور، وموهبتها اجترار، ونقاط قوّتها نكران جميل المؤسّسين وتجاهل المثقّفين، وبضاعتها مآسي الناس وفضائح الجنس، وأهدافها غسيل الأموال والعقول، وخطّة عملها إبعاد المبدعين وتقريب مدّعي القراءة والكتابة.
     لا تمثّلني وسائل إعلام عملها التشهير والشهرة، وإثارة الغرائز الدنيا، وتشويه الجمال، والإضاءة على العهر، والتعتيم على الفكر، والترويج للصراخ والشتائم والتضارب، وإطلاق النكات البذيئة، والسخرية من كلّ شيء وأحد.
     لا تمثّلني وسائل إعلام لا لغة معروفة لها، ولا هويّة، ولا رسالة، ولا أفق، ولا بُعد نظر، ولا سياسة واضحة...
     لا تمثّلني وسائل إعلام تُعلمني بما أعرفه، وتخفي عنّي ما يجب أن أطّلع عليه...
     لا تمثّلني وسائل إعلام هي مسيحيّة قبل الظهر، وعلمانيّة بعد الظهر، وملحدة في المساء...
     لا تمثّلني وسائل إعلام تنتظر الجريمة بلهفة الحيوانات آكلة الجيف، وتلاحق الضحيّة، وتتسابق في عرض مشاهد العنف والموت...
     لا تمثّلني وسائل تمنع العقل عن الحمل، وتعقّم الخيال، وتقتل العاطفة...
     لا تمثّلني وسائل تمثّل بالمشاهد والقارئ والمستمع وتمثّل على الجميع...
    فيا أيّها الناسك مارون، يا من تاجر هؤلاء بك، واستغلّوا اسمك، وادّعوا أنّهم أبناؤك، لاحظ معي أنّهم لن يذكروك قبل الأحد المقبل، حين يحتفلون بعيدك (9 شباط) على شاشاتهم المخادعة، وفي مقالاتهم المستعادة، قبل أن يعيدوك إلى كتب التاريخ المنسي في مغارة نسكك...
وغدًا أخبرك عن التربية... 

كان يجب أن يكون ترامب (2016)


كان يجب أن يكون ترامب...
كلّ ما حدث ويحدث يقود إلى أن يكون دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدّة الأميركيّة.
كلّ ما تعرّضنا له، على الصعيدين الشخصيّ والعامّ، كان ينذر بوصول شخص على مثال ترامب إلى سدّة الرئاسة في إحدى أقوى الدول وأكثرها تلاعبًا بشؤون الأمم والشعوب.
كلّنا أوصلنا ترامب إلى حيث هو لنصل معه إلى أعلى درجات الجنون، وننحدر معه إلى أدنى دركات الانحطاط، وما بين الصعود والهبوط تأرجح يودي بالحضارة.
فتلال النفايات المرتفعة والجبال الخضراء المكسّرة... أوصلتنا إلى ترامب.
والإعلام الغبيّ... ابن ترامب.
وبرامج "المسخرة" والاستهزاء... صنيعة ترامب.
والصحافة التي تطرد صحافيّها لينعم مؤسّسوها وورثتهم بالترف... ربيبة ترامب.
والمعلّم الذي يعطي ساعات من الدروس الخصوصيّة تفوق حصص التعليم في الصفّ... لا شيء يميّزه عن ترامب.
والأمّ التي لا وقت لديها لتجلس مع أولادها وهم يدرسون... تربّي أشباه ترامب
والشاعر الذي استدان المال بحجّة أمّه المريضة، ثمّ ذهب إلى قبرص للزواج من صديقته اللاجئة... قادنا إلى ترامب.
وحمَلة الشهادات الذين ينزلون إلى الشارع ليصفّقوا لزعيم لم ينظّف بلدهم من النفايات... نزلوا بنا إلى مستوى ترامب.
والكتب المتروكة على رفوف المكتبات طعامًا للغبار والرطوبة والعفن... تنبّأت بوصول أمثال ترامب.
والآباء الذين يأكلون حصرمًا قبل أن يصير عنبًا حلوًا يأكله الأبناء... هم آباء ترامب وأجداده.
والأشقاء الذين يرون في الأخوّة شراكة إرث... هم إخوة ترامب بالرضاعة من ثدي الجشع.
وعائلات الزعماء وأتباعهم، مكتسحو القصور والوظائف... هم أشباه ترامب.
والمؤسّسات التربويّة بواجهاتها التجاريّة الفاخرة... تخرّج دفعات من تلامذة يسيرون على خطى ترامب.
والمستشفيات التي يموت الفقراء على أبوابها... كان أمثال ترامب يولدون في أجنحتها الخاصّة.
ورجال الدين الذين يغتصبون الأطفال والرواتب والعقول... تركوا ربّهم وعبدوا من هم على صورة ترامب ومثاله.
نعم! كلّ ما حصل ويحصل كان يجب أن يعلمنا بأن لا بدّ من الوصول إلى قعر القاع
أن يحكم العالمَ مجانين لا شعراء
أن يقود الناسَ أغبياء لا أتقياء
أن يعمّ الخراب الفكريّ، والخواء الروحيّ
نعم، كان يجب أن يكون ترامب رئيسًا في هذه المرحلة... كي تؤمن بأنّك محقّ في يأسك وقرفك!
نعم، كان يجب أن تكون هيلاري كلينتون منافسته في هذه المرحلة... كي تؤمن بأنّ سبب غثيانك ليس أمرًا عضويًّا!

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.