السبت، 2 مارس 2024

فوق حافّة الوجود (من كتابي نساء بلا أسماء 2008)


     كنت اثنتين. ولكنّ أحدًا لم يصدّق. وبقيت اثنتين حتّى اللحظة الأخيرة. ولم يقبل أحد، أصرّ الجميع على اعتباري أقلّ من واحدة.

    عندما اسودّت الدنيا في نظري، هذا ما سمعتم يقولونه في وصف حالتي، فهمت أنّّ الآخرين يرفضون أن يروا ما أرى، لذلك نقلوني إلى المصحّ، لعلّني أرى ما يرونه. لكنّ المكان الذي أُخذت إليه زادني اقتناعًا بأنّ الطريقة التي أتعامل بها مع الوضع هي الأكثر أمانًا والأكثر وعيًا. 

    وحين دخلت في الصمت الضبابيّ وجدت متعة في النظر إلى العالم والناس من خلال حجاب رقيق، خيوطه الدهشة المكبوتة والقبول القانع. ولكنّ أحدًا لم ير ذلك، كأنّ ما يقف بيني وبينهم يسمح لي بالرؤية من جهة واحدة، في حين كانوا يتخبّطون في سعيهم إلى الإدراك والتحليل بلا أدنى نجاح. 

    لذا لم بفهم أحد كيف انتقلت من الصراخ الأحمر إلى الصمت الأصفر. أنا نفسي لم أفهم كيف استطعت إقناعها بأنّي بتّ عاجزة عن تحمّل نوبات صراخها وانفعالها، وبأنّ خوفها من الليل، واختباءها تحت السرير حين تظنّ أنّ خطرًا يهدّدها لن يجديا نفعًا، بل إنّها تلهيني في الحقيقة عن أمور كثيرة يجب أن أفكّر فيها، وأحلام يجب أن أحقّقها. 

    وهكذا أمضيت الليالي وأنا أحتضن رعبها، وأغنّي لتوتّرها كما كانت أمّي تغنّي لها، لعلّها تهدأ وتنام. وحين توصّلت بعد أعوام إلى إشراكها في لعبة الصمت، لم يعترف لي أحد بالنجاح، وظنّ الجميع أنّ الأدوية الملوّنة والصدمات الكهربائية فعلت فعلها أخيرًا.

    أعوام الصمت لم تكن كلّها صمتًا. كانت تفلت منّي أحيانًا ابتسامات أحار أنا نفسي في فهم أسبابها، ولكنّها كانت تمرينًا جيّدًا لوجهي المتيّبس من انحسار الحنان بعد رحيل أمّي.

    عندما ماتت تلك المرأة التي لا أذكرها إلّا منكسرة النفس، اكتشفت أنّني سأشتاق إلى البيت الذي لن أعود إلى زيارته. كأنّ أمّي هي بوّابة البيت. وبغيابها النهائيّ لم يبق ممكنًا الدخول إلى الغرف الأنيقة والسرير الدافئ، واستنشاق العطر الذي لا يوجد إلّا حيث تكون. وحين كنت أزور البيت في مناسبات متباعدة كنت أتزوّد الألوان والروائح وملمس الأشياء. وهناك في المصحّ حيث كلّ شيء أبيض مريض، ورائحة النظافة تحاول أن تلغي خصوصيّة كلّ واحد منّا، كنت أنعزل وأستعيد ألوان المقاعد المتعبة، ورائحة الأغطية الحنون، وخشونة الجدران العتيقة، وأشعر بأنّ أمّي هي الوحيدة التي فهمت صمتي ودخلت فيه من دون أن تزعجه.

    يوم ماتت أمّي كانت جميلة وحزينة. أعرف ذلك ولو لم أشهد عليه. أعرفه كما عرفت أنّها ماتت من غير أن يخبرني أحد أو أسأل أحدًا. ويوم متّ أنا كنت بشعة وغريبة. ولكن ما يعزّيني هوأنّي لم أكن أنا. وحين كنت أنظر إلى النعش البنيّ الذي سُجّيت فيه، في انتظار وصول أفراد قلائل من الذين تذكّروا وجودي، كنت أراقب وجهًا غريبًا لم أعتده طيلة عشرين عامًا من إقامتي في المصحّ. إقامة؟ لا أعرف لماذا أستعمل هذه الكلمة وكأنّي كنت أنزل في فندق فخم لا رغبة لي في مغادرته. لم أكن أملك في الحقيقة أدنى رغبة في الخروج من المصحّ الذي لا يشبه الفندق. فهو مكان كسواه. كنت أريد الخروج منها هي. لقد تعبت من الاهتمام بها.

    في البداية لم يعنني المكان إلى الحدّ الذي كان يظنّه الذين حولي. لا لأنّي لم أعِ وجودي فيه، وما يحوطني من مآس وأمراض نفسيّة كانت تبكيني على أصحابها. بل لأنّي كنت أعتبر أنّ مروري من هنا لن يطول وسأغادر قريبًا هذا المكان الذي لم يستطع أحد أن يحزر سبب دخولي إليه. لا. هذه ليست الحقيقة. أمّي كانت تعلم، وأنا كنت أعلم، والأخرى التي أقيم في جسدها كانت تعلم. ولكننا صمتنا ولم نخبر أحدًا، وقبلنا الإقامة في هذا المكان في انتظار أن يصدّق الآخرون، كما صدّقت أمّي أنّي اثنتان. وأنّ هذا الأمر طبيعيّ جدًّا، ولشدّة ما هو طبيعيّ اعتبره الجميع، ما عدا أمّي، غير طبيعيّ ومرفوضًا.

    في البداية لم يعنني المكان، ولا الزمان الذي يتجمّد لحظة يعبر الحيطان المرفوعة. ولم أخف فعلًا إلّا حين فقدت القدرة على استعادة الألوان التي بهتت في ذاكرتي، والرائحة التي لم تكن لتعود إليّ إلّا في الحلم. ومنذ ذلك الوقت وأنا أنتظر.

    كنت سعيدة في الكنيسة الخالية إلّا من وجوه حائرة بين التأثّر واللامبالاة، والباردة لولا جمرة تحاول أن تغفو فتوقظها حبيبات من البخور تعيد إلى ذاكرتي المتعبة رائحة البيت حين كانت أمّي تحاول أن تطرد عنّي الأرواح التي تريد احتلال عقلي وجسدي، قبل أن تصدّق أن لا علاقة للأرواح الخبيثة بالأفكار التي تضجّ في رأسي والمشاعر التي تصطرع في قلبي، والتي لم يكن الزمن الذي عشت فيه زمنها، ولا المكان مكانها. فرضخت أمّي ورضيت بالأخرى التي أقيم فيها وصارت تستقبلها كما تستقبلني، كأنّها تحاول استرضاءها خوفًا عليّ منها, وتعلّمت مع الوقت كيف تحبّها كأنّها ابنتها. 

    ولو كانت اليوم في وداعها لوضعت على نعشها زهرة. ولكانت الزهرة الوحيدة.

    كنت أقف شابّة جديدة وحرّة، وكانت الأخرى في الجسد الذي أغلق عليه النعش عجوزًا أتعبها الصراخ المحنوق وشوّهها الزمن البطيء. ومرّة أخرى عجزت عن أن أثبت لهم أّنّنا اثنتان، ولا علاقة لي بها سوى أنّي محكومة بالإقامة في جسمها العاجز. مرّة أخرى رحلت إلى المكان الأبيض ولم أجد الكلمات الواضحة. مرّة أخرى خانتني، هي، وانتقمت منّي. فجسدها البارد الآن لن يسمح لي ولو بابتسامة باهتة بلهاء على وجه متيبّس، يشتاق إلى قبلات تساقطت عن شجرة العمر مع رحيل أمّي. أمّي التي لم أعرف أحيانًا من كانت تقبّل فينا.

    لم يجد الكاهن ما يقوله في عظته. أنا نفسي لم أجد طيلة حياتي الكلمات التي تستطيع حمل ما أشتهي قوله. الآخرون الحاضرون كانوا على عجلة من أمره. أنا نفسي كم استعجلت الخروج من الأبيض الضبابيّ وها هو أبيض الساتان الرخيص ينتظرني. السرير في المصحّ متلهّف لاستقبال سواي. أنا نفسي كنت أرغب في الرحيل، في النسيان، في منح الذاكرة أخيرًا متعة الكسل والتثاؤب بلا تفكير، بلا تحليل، بلا انتظار.

    الشمعة في زاوية الكنيسة ترقص رقصتها الأخيرة. في استطاعتي الآن أن أمشي صوبها. منذ زمن بعيد لم أحتفل بعيد ميلادي. هل كنّا عهدذاك نحتفل بأعياد ميلادنا أم هي ذاكرتي تختلط عليها الأمور؟ انحنيت على الشمعة الهزيلة. أغمضت عينيّ وفكّرت في أمنية. جمعت الهواء في رئتيّ. نفخت في قوّّة ادّخرتها طيلة تلك الأعوام. انطفأت الشمعة. وفي الظلام الذي حلّ فجأة شعرتُ بتعب شديد، وأردت أن أنام إلى جانبها في النعش البسيط. رغبت في أن أغفو وأنا أحتضن كهولتها المستسلمة، ولكنّ الرجال أسرعوا في حملها وغادروا.

    مسكينة أمّي.

     

الأربعاء، 17 يناير 2024

لا تصدّقوا مسيحيًّا يبيع أرضه

      كان أجدادنا الموارنة يردّدون مثلًا يقول: "من القلّوسة للقلّوسة ، إيّامنا بتكون منحوسة" ومعناه أنّ الطقس يكون عاصفًا من عيد مار أنطونيوس أبي الرهبان في 17 كانون الثاني حتى عيد مار مارون في التاسع من شباط (والإثنان كانا يعتمران القلنسوة ، القلّوسة) (وبينهما مار افرام السرياني)

     لذلك وبسبب النحس غير المتأتي من الطقس والبرد، 

    وفي مناسبة عيد مار انطونيوس الكبير اليوم ولغاية عيد مار مارون أنشر سلسلة مقالات (قديمة وحديثة) عن الأيام المارونيّة المنحوسة

     على رجاء أن تعود المارونيّة لاعتمار القلنسوة الرهبانيّة التي صنعت مجدهم ورسمت هويّتهم 

                              نصّ رقم ١  

          لا تصدّقوا مسيحيًّا لبنانيًّا يبيع أرضه 

            صحيفة النهار - 5 آب 2009 

     لا تصدّقوا مغتربًا مسيحيًّا عائدًا إلى ربوع الوطن بعد طول غياب ليقول لكم إنّه يحبّ لبنان، ويتابع أخباره، ويقلق على مستقبله، ويؤسفه ما آلت إليه أوضاع أبنائه المسيحيّين... لا تصدّقوه لأنّكم حين تسألونه إن كان يملك قطعة أرض في لبنان، سيجيبكم في حزم لا يقبل النقاش: لبنان يصلح لشمّ الهوا والعطلة والسياحة، أما الحياة فيه فلا تطاق بسبب الفوضى والفساد، فضلاً عن أنّ مصير المسيحيّين فيه إلى زوال.

     ولا تصدّقوا إعلاميًّا مسيحيًّا يحاور ويناور ويسأل ويتّهم ويعارض، وكلّ ذلك في سبيل الوطن وحريّة الكلمة وحقوق المواطنين ومستقبل المسيحيّين. لا تصدّقوه لأنّكم حين تسألونه إن كان يملك في أرض لبنان أمتارًا من التراب توازي عدد ربطات عنقه أو ساعات يده أو قمصانه أو جواربه أو اللوحات التي تصوّر مشاهد من بلده الحبيب، سوف يجيبكم بثقة من يعرف كلّ شيء: الإطلالات الإعلاميّة والعلاقات العامّة تفرض نمط حياة خاصًّا، ولا يمكن التوفيق ما بين البذخ على الحياة الاجتماعية وشراء الأراضي، ثمّ حين أقرّر شراء عقار فسيكون شقّة باريسيّة أو نيويوركيّة.

     ولا تصدّقوا مدرّسًا مسيحيًّا يعلّم تلامذته محبّة الوطن ويعطيهم دروسًا في المواطنيّة، ويجبرهم على حفظ النشيد الوطنيّ، وتقديم مسرحيّة من وحي عيد الاستقلال، وموضوعات إنشائيّة في ضرورة التضحية في سبيل لبنان. لا تصدّقوه لأنّكم حين ستسألونه إن كان حافظ على قطعة الأرض التي ورثها عن أبيه وجدّه سيقول لكم وهو يهزّ رأسه علامة الأسى: كان عليّ أن أبيعها لأرسل الأولاد إلى أميركا وفرنسا كي يتابعوا دروسهم، فالحياة هنا لا تبشّر بالخير، والمستقبل غامض.

     ولا تصدّقوا رجل دين مسيحيًّا حين يعظ عن ضرورة التمسّك بأرض الشهداء والقدّيسين، ويصرخ فيكم من أعلى منبر كي تتحمّلوا الظلم والاضطهاد على مثال من سبقكم على هذه الأرض، لا تصدّقوه لأنّكم إن سألتموه عن عقارات الوقف التي بيعت فسيحاول أن يقنعكم بأنّ بيع الأراضي خطّة ذكيّة من وحي السماء ولن يفهم أهل الأرض أبعادها لقسوة قلوبهم وغباء عقولهم.

     ولا تصدقوا رئيس مدرسة مسيحيًّا حين يقول لكم لا تخافوا أنا معكم وإلى جانبكم كي تعلّموا أولادكم وكي يبقوا في هذه الأرض. لا تصدّقوه لأنّكم حين تعجزون عن دفع القسط سيطلب منكم أن تبيعوا أرضكم كي يبقى أولادكم في صفوف تعلّمهم قصائد وطنيّة تدعو إلى التعلّق بالأرض.

ولا تصدّقوا محازبًا مسيحيًّا يصرخ بأعلى صوته بأنّه مع هذا الزعيم ويفديه بالدم والروح أو مع ذلك القائد فيعادي كلّ الناس من أجله، لا تصدّقوه لأنّه باع أرضه كي يشتري سيّارة لابنه ويقيم عرسًا لابنته، فمن كان في مثل مركزه (وهو مجرّد محازب صغير مجهول لم يقرأ في حياته الحزبيّة مقالة سياسيّة أو يستمع إلى خطاب قائده) لا يجوز له أن يبهدل أولاده فيحرمهم متعة قيادة سيّارة سريعة أو إقامة حفل زفاف أسطوريّ.

     لا تصدّقوا كلام مواطن مسيحيّ لا يملك قطعة أرض في وطنه مهما قال عن تعلّقه بلبنان. ولا تصدّقوا أنّ المسيحيين اللبنانيّين مجبرون على بيع أرزاقهم لأنّهم في حاجة إلى المال، ولا تصدّقوا أنّ المسيحيّ اللبنانيّ لا يستطيع أن يشتري قطعة أرض صغيرة في أيّ جرد لبنانيّ ليبقى له موطئ قدم في هذا الوطن. فلو أراد المسيحيّ لكان اشترى عددًا من حبّات التراب تفوق عدد حبّات البرغل في الكبّة والتبّولة اللتين لا تغيبان عن مائدته، ولاشترى كميّات من الهواء النظيف تفوق ما ينفثه من دخان سيكاره وأركيلته، ولاشترى أشجار زيتون أكثر بكثير من عدد قطع الحليّ في يد زوجته وعنق صديقته وأصابع ابنته. لو أراد اللبنانيّ المسيحيّ لكانت الأرض له، ولما وقف على أبواب السفارات والدول يتسوّل الكرامة والبقاء. 

(نشر النصّ في صحيفة النهار بعنوان: لا تصدّقوا هؤلاء)

#ماري_القصّيفي

#الموارنة_مرّوا_من_هنا_جزء_٢

الجمعة، 15 ديسمبر 2023

لحدّ هلّأ طالعلي الحكي


 

حبّ التخلّي


 

عن معاناة الكاتب والكتاب


 #لحدّ_هلّأ... 

لحدّ هلأ نحنا شعب ما بيقرا


                رأي في موضوع العلاقة مع الكتاب

#لحدّ_هلّأ

كلمة ماري القصّيفي في حفل توقيع كتاب متلت للشاعر قزحيّا ساسين

المكان: مسرح الأخوين رحباني في الحركة الثقافية - دير مار الياس إنطلياس

في حضور الشاعر ابراهيم شحرور

وبتقديم من الإعلاميّة جويل فضّول


الأحد، 28 أغسطس 2022

نهاية حوار




تذكرُ جيّدًا تلك العشيّة من شهر أيلول. يجلسان إلى جانب الطريق التي لا يمرّ عليها إلّا العاشقون أمثالهما.

تجلس أمامه على حافّة الساقية التي تمرّ إلى جانب الطريق، يجلس وراءها.

تلقي رأسها على صدره. يلفّ ذراعيه حول خصرها وينظران في الوقت نفسه إلى غيمة، ويحاولان أن يتّفقا على شكل لها.

هواء بارد يدفعها إلى الغرق في حضنه، ويدفع الغيمة إلى الابتعاد عن الشجرة.

قالت: أنت الغيمة.

لم يجب.

تابعت: سيدفعك الهواء إلى الرحيل.

لم يجب.

قالت بعد قليل: أنا هذه الشجرة.

سألها: هل أنت عتيقة مثلها؟

هي: ربّما أكثر.

هو: ستبقين في مكانك إذًا؟

هي: على الشجرة أن تبقى في مكانها. أمور كثيرة تتعلّق بوجودها في مكانها. سيضيع كثر من دونها.

هو: العصافير؟

هي: العصافير والصيّادون... والتراب.

هو: وأنا؟

هي: أنت غيمة تحمل المطر.

هو: ألن تحتاجي إلى مطري؟

هي: فلنسأل الهواء إن كان يسمح بذلك!

هو: وإن حملني بعيدًا؟ هل يكون لك غيمة غيري؟

هي: على الشجرة أن تشرب، وعلى الغيمة أن تهب ماءها.

هو: كنّا نبدو متلاصقَين قبل هبوب الريح. والأوراق الصغيرة بدت مطمئنّة في قلب الغيمة.

هي: لو جلسنا في مكان آخر لما رأينا أوراق الشجرة تلجأ إلى قلب الشجرة، ولما حضنت الغيمة رأس الشجرة. يبدو اللقاء وهميًّا إلى أقصى الحدود.

هو: لماذا تحبّين التراب فتنغرسي فيه عميقًا؟

هي: لماذا تحبّ السماء فتحلّق فيها عاليًا؟

هو: ألن يكون لنا لقاء؟

هي: من يدري؟

هو: لنغيّر الموضوع. المشهد مؤلم والهواء يأخذ الغيمة ويكاد يبدّدها.

هي: ويتلاعب بأغصان الشجرة... بدأتُ أشعر بالبرد.

هو: يبدو أنّ الشتاء سيكون قاسيًا.

هي: لن نستطيع أن نأتي كثيرًا إلى هذا المكان.

هو: من يدري متى نعود.

هي: لم يأت غيرنا الليلة.

هو: غيرنا وجد مكانًا آمنًا ودافئًا.

هي: أتمنّى أن نأتي إلى هنا ولو صار لنا مكان آمن ودافئ.

هو: لماذا اخترت أن تكوني شجرة؟

هي: يطمئنني أن يكون لي وطن.

هو: أنا لا أهتمّ.

هي: كالغيمة، لا تطيق البقاء في مكان واحد.

هو: للشجرة صورة لا تتغيّر.

هي: أمّا الغيمة فنسمة واحدة تغيّر شكلها.

هو: كأنْ لا شيء يجمعنا.

هي: مزاجيّة الريح وهذا المكان كوّنا الصورة.

هو: قصّتنا وهم إذًا.

هي: متى ترحل؟

هو: كيف عرفت؟

هي: تحدس الأشجار بمواسم الريح والرحيل عندما تفقد أوّل ورقة من أوراقها.

هو: قد أعود.

هي: ومتى كانت الغيمة تعرف مصيرها. حبّات مائها ستتوزّع، وعندما تلتقي الحبيبات من جديد، تتكوّن غيمة أخرى لا أعرفها.

هو: أتريدين أن أبقى.

هي: ومتى كانت الشجرة تقرّر مصير الغيمة. عندما تهبّ الريح ستغادر الغيمات أماكنها وتبقى الأشجار وحيدة.

هو: سأُنزل إذًا حبّات مطري وأغسل أوراقك، وأسقي جذورك وأمتدّ في شرايينك.

هي: ومتى كانت الغيمة تقرّر موعد تناثرها. لم يأت الأوان بعد، ولم يحن موعد المطر. ستنزل حبّات مطرك لتغسل أوراق شجرة أخرى، وتسقي جذورها وتمتدّ في شرايينها.

هو: وأنتِ؟

هي: أنا هنا. لن أختار غيمتي، كما أنّك لن تختار شجرتك. الريح تقرّر. وما دمتُ قد اخترت أن أكون شجرة، وأنت اخترت أن تكون غيمة، فعلينا أن نقبل قرار الريح.

هو: أشعر الآن بحزن شديد.

هي: لأنّك اكتشفت أنّ ما كنت تظنّه حريّة صار وهمًا، وقرار رحيلك ليس قرارك.

هو: هي الريح إذًا.

هي: نعم، إنّها الريح. تدفعني إلى الغرق بين ذراعيك، وتدفع الغيمة بعيدًا عن الشجرة.

هو: أتصدّقين أنّني أحبّك؟

هي: أصدّق أنّك عاجز عن مقاومة الرغبة في الرحيل.

هو: وأنتِ؟

هي: أنا؟ ماذا؟

هو: أما زلت تحبّينني؟

هي: لا أعرف.

هو: لا تعرفين؟

هي: لا أعرف إن كان حبًّا أن ترغب أغصاني في أن ترتفع لتحضن الغيمة، وأن ترغب جذوري في أن تمتدّ إلى حيث تسقط أوّل قطرة من مائها. ولكنّ الشجرة تعرف أنّ الريح أقوى من ارتفاع غصونها وامتداد جذورها.

هو: ليتنا لم نأت إلى هنا!

هي: ولماذا نهرب من الريح والصور؟ وإلى متى نؤجّل ليلة الوداع؟

هو: أنا لن أرحل الآن؟

هي: مذ عرفتك وأنا أنتظر ليلة رحيلك. كلّ الناس ينتظرون عودة المسافرين وأنا أنتظر سفر القريبين. قد أرتاح عندذاك من هذا الانتظار الثقيل.

هو: أتتمنين أن أرحل؟

هي: صرت أتمنّى أن أنتظر عودتك. أتعبني انتظار رحيلك... ولكنّي... أعرف أنّك لن ترجع كما أعرف أنّني سأنتظر.

هو: لأنّك شجرة؟

هي: ولأنّك غيمة.

هو: غاب النهار. هل نعود؟

هي: هل تقبّلني قبل أن تشتدّ الريح؟

هو: هل تصلّين لي كما كنت تفعلين؟

هي: سأصلّي أكثر... كي لا يأتي يوم تبكي فيه الغيمة كونها غيمة.

العالم سيصير أشدّ وحشة (1999)

Georgios Roilos (1867- 1928) - The Poets


العالم سيصير أشدّ وحشة
ملحق النهار – السبت 21 آب 1999
في الشام، يموت عبد الوهّاب البيّاتيّ بعيدًا عن العراق. وفي صنعاء يقتل أحد الشعراء ثلاثة آخرين هجوه، ثم يُقتل هو وولده. وفي الأردن ينهار اثنان من الكتّاب الأردنيّين المشاركين في إضراب عن الطعام، احتجاجًا على تعطّلهم عن العمل. وفي بيروت، عاصمة الثقافة لهذه السنة، شهر حسومات تشجيعًا لحركة التسوّق. أيّ علاقة بين هذه المشاهد اثقافيّة، وأيّ دور لهذه العواصم العربيّة؟
من السذاجة ربّما أن نطرح أيّ سؤال. ولكن ماذا لو تدخّلنا وحاولنا تعديل هذا السيناريو القَدَري؟ ماذا لو وضعنا بندقيّة الشاعر في يد عبد الوهّاب البيّاتيّ، ونقلنا الكتّاب الأردنيّين إلى العراق، حيث يموت الأطفال جوعًا من دون إضراب أو مطالب، وأعلّنا بيروت عاصمة التسوّق، وأقمنا مأتمًا للثقافة مع دفن هذا الشاعر اليمنيّ المنتفض لكرامته، والذي ما وجد ردًّا على الشعر أبلغ من الرصاص، أو قدّمنا حسومات على بطاقات المهرجانات الثقافيّة بدل الحسومات على الأحذية والملابس؟
فلنبدأ من بيروت: يروي أحد تجّار الذهب قصّة عائلة دخلت متجره لتبيع ما تملكه من خوات وأساور وأقراط. عائلة مؤلّفة من الوالدين وبناتهما الصغيرات الثلاث. وحين تعجّب التاجر من رغبة هؤلاء الناس في بيع هذه الكميّة المتاضعة من الذهب في فترةٍ انخفضت أسعاره إلى أدنى المستوياتـ ردّت الوالدة: نحن مضطرّون، لم نستطع أن نسدّد آخر قسط مدرسيّ، والصغيرات يرغبن في الحصول على دفاتر علامات أسوة بزميلاتهنّ، خصوصًا أنّهنّ من المتفوّقات. ويقول التاجر إنّه لم ير حتّى الآن مشهدًا مؤثّرًا كهذا، وفي الأخصّ حين راحت الفتيات ينزعن، راضيات قانعات، من أيديهنّ وأعناقهنّ، هدايا الخالات والعمّات والأقرباء ويضعنها على الطاولة التي تخفي قامة أكبرهنّ. تدمع عينا الوالد الغارق في عجزه، ويترك لزوجته أن تتسلّم المبلغ الزهيد، أمام عيون أطفاله الموعودة بدفاتر علامات تعد بالثقافة والمستقبل المضمون، في بلد ضحّى أبناؤه دائمًا بالأرض، وهي أغلى ما يملكونه، في سبيل العلم.
***
ومن الأردن، نقلت "وكالة الصحافة الفرنسيّة" ووفق بيان صدر عن الكتّاب المشاركين في إضراب عن الطعام، أنّ اثنين من المشاركين أصيبا بانهيار جسديّ. وذكرت "النهار" في عددها الصادر في 6 آب 1999 أنّ ستّة وعشرين من الكتّاب الأردنيّين العاطلين عن العمل شرعوا في تنظيم إضراب مفتوح عن الطعام "احتجاجًا على تجاهل الجهات المعنيّة أوضاعهم السيّئة". وقد اعتبر أحد هؤلاء الكتّاب خليل محادين أنّ التحرّك هو أوّلًا "صرخة احتجاج على سياسة الدولة المهيمنة على الثقافة والإعلام".
وفي العدد نفسه من الصحيفة، ولكن من اليمن هذه المرّة، أنّ الشاعر عوض مشرف عبدالله (55 عامًا) استبدّ به الغضب حين أسمعه خصومه أبياتًا مقذعة من الشعر، فردّ عليهم ببندقيّة آليّة كانت معه، فقتل ثلاثة منهم. وأضاف شهود أنّ أنصار الفريق المنافس قتلوه مع ابنه عبدالله (15 عامًا) بينما كانا يلوذان بالفرار.
ألم يقل عبد الوهّاب البيّاتي يومًا "يموت الشاعر منفيًّا أو مجنونًا أو منتحرًا"؟
يبدو المشهد ككلّ فصلًا عبثيًّا من فصول مسرحيّة مملّة لا يُعرف موعد نهايتها: الثقافة تتزيّا بأخلاق السلطة، ثمّ تنزل إلى الشارع، وبدل أن تعطيع سموّها ونبلها، تلبس فوضاه وغوغائيّته، حتّى صار الشعراء يذهبون إلى الأمسيات الشعريّة مدجّجين بالسلاح، يقتلون ثمّ يهربون.
***
بين السطة والشارع، أين يقف الأدباء والشعراء؟
عام 1994، نشر صقر أبو فخر، في مجلّة "الناقد"، مقالة بعنوان "الطفيليّون" وذلك ضمن ملفّ خاصّ بأحوال الثقافة والمثقّفين. وفيها يعتبر الكاتب "أنّ الكتّاب والشعراء والشيوخ والكهنة هم، في الأساس، كائنات طفيليّة، تعيش على هامش الإنتاج والفئات المنتجة، وتكسب عيشها من اتّصالها بخدمة فئة تملك الحاضر (الدولة) أو من ارتباطها بجماعات تملك المستقبل (المعارضة)".
ويرى أنّ هذه الطبقة – عدا القليل – كانت في خدمة السلطة لا السلطان، لأنّ أفرادها لا يخجلون من التصفيق للحاكم الجديد، بعد لحظات من زوال عهد الحاكم القديم.
فإذا كانت هذه هي حال الطبقة المثقّفة، والمفترض أنّها المثال الذي يحتذى، فكيف تكون حال المجتمع وهو ينظر إلى هذه القدوة، ويحاول أن يمشي على خطاها؟
إنّ المشاهد "الثقافيّة" التي أشرنا إليها تفضح بطريقة مؤلمة الحال التي وصلت إليها طبقة المثقّفين، وشعارها – أي شعار تلك المرحلة – التخبّط والتناقض وانعدام الرؤية والرؤيا. فالمثقّف المتوقّع منه أن يكون خارج إطار أيّ سلطة زمنيّة أو دينيّة، نقابيّة أو وظيفيّة، على ما يقول إدوارد سعيد، نجه صورة طبق الأصل عن هذه السلطة، يحمل سلاحها ويقول كلامها، ويمارس إرهابها ويرفض، على مثالها، أي معارضة، بل ينفّذ في معارضيه ما يرفض أن تفعله السلطة به.
ثمّة مفارقة في ما يفعله هؤلاء المثقّفون. يهرب أحدهم من السلطة في بلاده إلى سلطة أخرى في بلد آخر. وفي المقابل، فإنّ بعض مثقّفي البلد المضيف قد تركوه أيضًا هربًا ولجأوا إلى حماية سلطة أخرى. وهكذا تستمرّ اللعبة بحثًا عن مكان أكثر أمانًا وتتاح فيه حريّة التعبير والإبداع. حتّى إنّ بعض المثقّفين لا يتورّع عن الهرب من سلطة عسكريّة ليحتمي بسلطة دينيّة مثلًا، أو العكس، فيبدو كالمستجير من الرمضاء بالنار.
لن يلوم أحد الكتّاب الأردنيّين على احتجاجهم، لكنّ الدولة – أي دولة – لا تعترف بالهيمنة، بل لا تعتبر أنّ ما تقوم به هيمنة، وهي على كلّ حال لا تعرف إلّا أن تكون كذلك. ومحاولة الكتّاب الأردنيّين، كمحاولة أيّ إضراب لفئة "غير منتجة" على حدّ تعبير أصحاب السلطة، ستجد طريقها إلى الحلّ بالوعود والتمييع والتناسي والتأجيل. وإذا وعدت السلطة هؤلاء الكتّاب بفرص عمل فهذا يعني زوال صفة المثقّف، المفترض أنّه معارض، عن هذه الجماعة المتراجعة عن إضرابها. وهكذا تبدو الأزمة كأنّها بلا حلّ. فالدولة لن تتنازل عمّا يسمّيه المعترضون هيمنة، وإن أشركت المعترضين في سياستها فذلك يعني انتهاء دورهم الرياديّ. ولذلك وصل هؤلاء المضربون عن الطعام إلى النقطة التي يبدو فيها التراجع مشكلة والاستمرار مشكلة أخرى.
في المشهد العبثيّ الذي وصفناه، تبدو الأزمة على مفترق طرق. فالمثقّفون ما عادوا قادرين على الاضطلاع بدور الموجِّه والمصحّح. وحين يعجز هؤلاء عن التمييز بين ما يريدونه من السلطة أو ما يرفضونها فيها فذلك يعني أنّ ثمّة خللًا خطيرًا في فهم المثقّف دورَه الصارخ في وجه من هم في مراكز النفوذ والسلطة.
إنّ الصورة ونقيضها هما ما يحكمان عالم الثقافة اليوم. فالكاتب الجائع العاطل عن العمل تقابله مذيعة مغرية الجمال، تسأله بحركة من يدها التي تحمل ساعة خياليّة الثمن، عن سبب إضرابه عن الطعام. وتتابع عينا الكاتب الجائع الساعة الثمينة، قبل أن يجيب – مجّانًا – في حين ترتفع قيمة رصيدها في المصرف ثمنًا لسؤالها الذكيّ وبرنامجها الثقافيّ.
وموت الشعراء يقابله فرح السلطة التي ارتاحت من لسان وقلم ومسدّس كان من الممكن أن توجّه إليها.
بين هذه الثنائيّات، تفقد الثقافة يومًا بعد يوم موقعها، ويصير موت الشعراء خبرًا في صحيفة تُهمل مساء، ويتحوّل العالم مكانًا أكثر وحشة وحزنًا.



صلاة لإله الغضب (2013)

المسيح يطرد الباعة من الهيكل



تتساقطون
رمادَ سيكارة في يد عجوز
سنونواتٍ طالتها رصاصات الطيش
شعراتٍ من رأس طفل يصلبه العلاج الكيميائيّ
ثمراتٍ مهترئة استعصت على القاطف
وريقات ذابلة نفضتها الريح عن الأشجار
قطرات عرق عن جبين كنّاس آسيويّ غريب
تتساقط أجسادكم
عضوًا بعد آخر
وأنتم عاجزون عن لملمة أشلاء بعثرها الخوف،
فتذروكم نسائم مشبعة بالنتن فوق ركام المدينة المنخورة!

لا يسقط الحكّام فقط
لا تهتزّ العروش فقط
فالله نفسه يسقط مع كلّ دمعة!
نعم، نعم،
تتساقطون كلّكم:
الأمّهات والآباء
الشقيقات والأشقّاء
العائلات والقبائل
الزملاء والأصدقاء
الجيران والأقرباء
العشّاق والمعجبون
كلّكم تسقطون
وتتساقطون
فلقد تعبت منكم الحياة
وخجلت منكم الإنسانيّة
وتركتم المحبّة إلى غير رجعة!

لو كان للكلمات أن تختار
لاختارت أن تنبذكم من قاموسها!
لو كان للهواء أن يختار
لاختار ألّا يتلوّث بكم!
لو كان للشمس أن تختار
لاختارت أن تنطفئ
قبل أن تلامس جلودكم الدبقة
وعواطفكم الدبقة
وأفكاركم الدبقة!
كم أنتم قبيحون وأنانيّون وأغبياء
كم أنتم مغرورون وفارغون وجبناء
كم أنتم أشباه رجال وشبيهات نساء
أتريدون أن تمحوا الأوطان يا حكّامًا محكومين بالجشع والعهر؟
أتريدون أن تسقطوا أنظمةً يا شعوبًا لا تعرف كيف ترفع الفاعل؟
أتحلمون بنشر الإيمان يا قطعانًا آلهتها تمرٌ وكلأ وفخذا امرأة وجيب رجل؟
أتبشّرون بربيع يا كهول الفكر وعجائز الشعر؟
كيف يكون كلّ ذلك والأمّ ترضع طفلها خوفها وعبوديّتها؟
كيف يتحقّق كلّ ذلك والأب حيوان منويّ روّضه الفقر والجهل؟
كيف يمكن كلّ ذلك وقايين العاجز عن قتل الله يقتل أخاه هابيل؟
كيف نتوقّع تحقيق كلّ ذلك والطفلة تغري العجوز والكاهن يتحرّش بالطفلة؟
كيف نحلم بأيّ شيء من ذلك والابنة تضرب أباها، والشقيق يغتصب شقيقته، والأم تقتل أطفالها؟
كيف نرجو أيّ شيء من ذلك والحبّ عبور، والصداقة وهْم، والأخوّة مصلحة، والزمالة غدر، والجيرة اعتداء؟

يا إله الغضب في الهيكل الرخام اجعلني رحيمة في لعنتي:
فلتسقط الابتسامات عن وجوه عارضات الأزياء الغبيّات
ولتسقط اللوحات النادرة عن جدران المتاحف الآمنة
ولتسقط الجدران على رؤوس الأموال المجمّدة
ولتسقط الأقنعة عن وجوه العشّاق الحائرين
ولتسقط الأبراج المزروعة في الرمل الحاقد
ولتسقط النيازك والنجوم والكواكب والأقمار
ولتندم السماء على ما فعلته حين لم تدفن آدم وحوّاء تحت شجرة التفّاح
ولينفجر قلب الأرض الذي ناء بريائكم
ولتجفّ الأنهار التي لوّثتموها بأقذاركم
ولترمَ هذه الكرة الزرقاء الدائرة حول نفسها كالمجنونة
إلى جوف الجحيم
فيركلها الشيطان إلى نار حقده
تحت أنظار إلهٍ ندم
لأنّه استراح في اليوم السابع
ولم يمحُ مسودّة الخلق التي خربشها في لحظة شعر!

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.