James Ensor Skelrtons Warmiing Themselves- 1888 |
رجاء أيّها الموتى لا
تموتوا الآن!
لا تموتوا في الشتاء، تحت العواصف والثلوج، ولا تجعلونا ننهض من أسرّتنا الدافئة لكي ندفنكم على عجل، ولا تدفعونا للابتعاد عن المواقد المشتعلةِ نارُها لكي تتجمّد أطرافنا تحت الصقيع ونحن ننظر إلى ساعات أيدينا في انتظار أن ينتهي مأتمكم، لنعود في سرعة إلى بيوتنا وصغارنا الذين يلهون في أمان وفرح.
ولا تموتوا في الصيف، في موسم البحر والحرّ والنزهات الجبليّة والسفر والرحلات السياحيّة، ولا تعطّلوا مشاريع نخطّط لها طوال أيّام السنة. الموت والصيف يتناقضان ولا يليق أحدهما بالآخر، ونحن ننتظر الشمس والرمل لنتذكّر أنّنا أحياء وها أنتم تشوّهون الحقائق وتعلنون لنا موتكم وتنذروننا بموت لا بدّ منه.
ولا تموتوا أيّام الأعياد والعطل الرسميّة، ولا تجبرونا على الاحتفال بشرب نخب رحيلكم، والرقص على لحن جنائزكم، والغناء على وقع دموع أمّهاتكم. فالأعياد محدّدة سلفًا ولا تستطيعون أن تقولوا أنّكم لم تكونوا تعرفون. الأعياد الدينيّة مقدّسة والوطنيّة محترمة، وهناك عيد الشجرة وعيد المعلّم وعيد الأمّ وعيد الأب وعيد الجدّ وعيد التفّاح وعيد دواليب الهوا، فهل يعقل أن "تخربطوا" أجواء الأعياد وتعكّروا مزاج التجّار والناس بموتكم غير المعلن عنه سابقًا كأنّكم لم تسمعوا بالحجز المسبق.
لا تموتوا ساعة تريدون، كأن ليس في الدنيا إلاّكم، كأنْ لا برامج نتتظرها، ومسلسلات نتابعها وسهرات نتشوّق إليها، وفناجين قهوة نشربها في الصباح لنصحو وأراكيل ننفث دخانها في الليل لننعس، وأحلام سعيدة لا نريد أن تحوّلوها كوابيس.
بربّكم، لا تموتوا كأنْ لا عمل لكم سوى الموت، وكأنْ لا عمل لنا سوى دفنكم. هل نسيتم أنّ عندنا التزامات أخرى، وهموم كثيرة، ومواعيد عمل لا تؤجّل، فكيف نترك كلّ شيء لنحزن عليكم، وندفنكم، ونتقبّل التعازي بعد ذلك؟ هل تعلمون أيّ هدر سيكون في الاقتصاد وأيّ تأخير سيعرقل عجلة الإنتاج؟ وماذا نفعل بالثياب الجديدة التي اشتريناها للحفلات الصاخبة حيث لا نسمع ملحقات الأخبار وأخبار الملحقات؟
أنتم أنانيّون أيّها الموتى! ترتاحون وتتركون لنا عبء مواراتكم الثرى وكتابة المراثي وخطب التنديد والتهديد في كلّ احتفال أو مهرجان أو سهرة عرس.
فيا سادتي الموتى، صار الموت أرخص من الفجل، ولا تظنّوا أنّكم بموتكم تفرضون شروطكم. فلا الحداد بات واجبًا، ولا الحزن على الموضة. أمّا التعازي ففرصة مناسبة للهرب من العمل. وبالتالي، موتوا ساعة تريدون، فالصفقات يجب أن تتمّ في مواعيدها، ونحن أبناء الحياة التي لم تعودوا من أربابها، وللأمّة البقاء ولو من دونكم، ونحن شعب يتحدّى القتل الجماعيّ بالاجتماعات، وطائرات القصف بالطائرات الورقيّة، ودقّة أنظمة المخابرات بتوقّعات الفلك والرؤى، وإذا كان من حسنة واحدة لموتكم، فهي في دقيقة الصمت التي يقفها زعماؤنا قبل كلّ لقاء. هي وحدها تجعلنا نسامحكم على سوء توقيت موتكم وتكاد تدفعنا لنطلب منكم أن تموتوا بعد ...وكثيرًا.
لا تموتوا في الشتاء، تحت العواصف والثلوج، ولا تجعلونا ننهض من أسرّتنا الدافئة لكي ندفنكم على عجل، ولا تدفعونا للابتعاد عن المواقد المشتعلةِ نارُها لكي تتجمّد أطرافنا تحت الصقيع ونحن ننظر إلى ساعات أيدينا في انتظار أن ينتهي مأتمكم، لنعود في سرعة إلى بيوتنا وصغارنا الذين يلهون في أمان وفرح.
ولا تموتوا في الصيف، في موسم البحر والحرّ والنزهات الجبليّة والسفر والرحلات السياحيّة، ولا تعطّلوا مشاريع نخطّط لها طوال أيّام السنة. الموت والصيف يتناقضان ولا يليق أحدهما بالآخر، ونحن ننتظر الشمس والرمل لنتذكّر أنّنا أحياء وها أنتم تشوّهون الحقائق وتعلنون لنا موتكم وتنذروننا بموت لا بدّ منه.
ولا تموتوا أيّام الأعياد والعطل الرسميّة، ولا تجبرونا على الاحتفال بشرب نخب رحيلكم، والرقص على لحن جنائزكم، والغناء على وقع دموع أمّهاتكم. فالأعياد محدّدة سلفًا ولا تستطيعون أن تقولوا أنّكم لم تكونوا تعرفون. الأعياد الدينيّة مقدّسة والوطنيّة محترمة، وهناك عيد الشجرة وعيد المعلّم وعيد الأمّ وعيد الأب وعيد الجدّ وعيد التفّاح وعيد دواليب الهوا، فهل يعقل أن "تخربطوا" أجواء الأعياد وتعكّروا مزاج التجّار والناس بموتكم غير المعلن عنه سابقًا كأنّكم لم تسمعوا بالحجز المسبق.
لا تموتوا ساعة تريدون، كأن ليس في الدنيا إلاّكم، كأنْ لا برامج نتتظرها، ومسلسلات نتابعها وسهرات نتشوّق إليها، وفناجين قهوة نشربها في الصباح لنصحو وأراكيل ننفث دخانها في الليل لننعس، وأحلام سعيدة لا نريد أن تحوّلوها كوابيس.
بربّكم، لا تموتوا كأنْ لا عمل لكم سوى الموت، وكأنْ لا عمل لنا سوى دفنكم. هل نسيتم أنّ عندنا التزامات أخرى، وهموم كثيرة، ومواعيد عمل لا تؤجّل، فكيف نترك كلّ شيء لنحزن عليكم، وندفنكم، ونتقبّل التعازي بعد ذلك؟ هل تعلمون أيّ هدر سيكون في الاقتصاد وأيّ تأخير سيعرقل عجلة الإنتاج؟ وماذا نفعل بالثياب الجديدة التي اشتريناها للحفلات الصاخبة حيث لا نسمع ملحقات الأخبار وأخبار الملحقات؟
أنتم أنانيّون أيّها الموتى! ترتاحون وتتركون لنا عبء مواراتكم الثرى وكتابة المراثي وخطب التنديد والتهديد في كلّ احتفال أو مهرجان أو سهرة عرس.
فيا سادتي الموتى، صار الموت أرخص من الفجل، ولا تظنّوا أنّكم بموتكم تفرضون شروطكم. فلا الحداد بات واجبًا، ولا الحزن على الموضة. أمّا التعازي ففرصة مناسبة للهرب من العمل. وبالتالي، موتوا ساعة تريدون، فالصفقات يجب أن تتمّ في مواعيدها، ونحن أبناء الحياة التي لم تعودوا من أربابها، وللأمّة البقاء ولو من دونكم، ونحن شعب يتحدّى القتل الجماعيّ بالاجتماعات، وطائرات القصف بالطائرات الورقيّة، ودقّة أنظمة المخابرات بتوقّعات الفلك والرؤى، وإذا كان من حسنة واحدة لموتكم، فهي في دقيقة الصمت التي يقفها زعماؤنا قبل كلّ لقاء. هي وحدها تجعلنا نسامحكم على سوء توقيت موتكم وتكاد تدفعنا لنطلب منكم أن تموتوا بعد ...وكثيرًا.
***
صحيفة البلاد البحرينيّة
- الأحد 4 كانون الثاني 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق