الخميس، 19 سبتمبر 2019

قراءة الأستاذ يوسف طراد لكتبي السبعة - أيلول 2019



أدبٌ بين ورودِ الحبر ومآسي الارتحال
يوسف طراد
سبعة أناشيد أهي أناشيد للأدب أم من الأدب؟ إنها مؤلفات الأديبة ماري القصيفي، مؤلفات تحضر على طاولتك فترتل ملائكة الأرض والسماء أجمل صلاة دون اعتمار (طابيات).
كاتبة انتحارية، نقلت الحقائق ونشرتها بحكمة راهب مؤمن في خضم كرنفال الغباء. قراؤها لا يبتهلون أمام "سيليكون عابر" ولا يخضعون أمام "بوتوكس شامخ"، لأنها عبرت شقوق الذاكرة من دون تجميل الواقع على جدران الأزمنة الغاصبة، وما زالت الأمكنة قلوبًا يسكنها الخواء طالما تنبض بأحبة هجروا إلى المقلب الثاني للوطن بمواعيد عودة مؤجلة. تطوف حول مؤلفاتها آلام في قلب عاصفة تراقص الأماني الضالة من انتداب ورحيل مشتت فكان (كلّ الحقّ عَ فرنسا). سيدة كاتبة توثق أنين انكسارات دون حدود، وتمضي في سبيلها متأبطةً عنادها الأنيق نحو حلم الفرح والخير في ديوانين (لأنك أحيانًا لا تكون) و(أحببتك فصرت الرسولة).
أصبحت ابنة القصيفي نسمةً لا تنكسر الأ أمام شهداء ووطنية حقَّة بانتظار عناق مستحيل بين أقسام الوطن و الطائفة الواحدة. كلماتها رثاء دائم بعنوان ومجد مرتجل كالسنبلة التي رممت حنطتها بعد زمهرير الشتاء لكن الوطن هدم حلم الحصاد في جبل لديه (خمسة فصول) وفعلة قليلون.
هل زارت وطننا إمرأةٌ غجرية في المنام ومسَّته بلعنة عاشق طائشٍ يهوى الهزائم؟، أين أنت يا ماري لا تفككي الطلاسم المبهمة؟ لماذا لا تلتزمين الحيطة فتبوحين بكاءً وألمًا من الظلم المنشور في فضاء الأثير الإلكتروني؟ دائمًا ودومًا تمطر سطورك ابتسامات تنثر التهكم الهادف لتسقي لامبالاة الحكام ورجال الدين. نحتاج الكثير من جنونك وعقلانيتك لكننا نستحق القليل من جرأتك لندرك فسحة الحياة في متاهات وطن غادرته الوطنية وذرفت رموزه دموعًا من تهكمٍ لم تلتقطها مناديل ندمٍ أو حسابٍ أو اعتذارٍ صادق.
إنبلج الوقت وهربت الطرقات، وحده صمت الشمس المتوارية خلف كلماتك المسحورة تعطي الأرجوان لشفق ساحل الفينيق عبر (رسائل العبور) إلى (نساء بلا أسماء). تعَلَّمنا الإصغاء بدهشةٍ لكل كلام عبر قلمك، علِمنا علم اليقين أنك لا تتقنين قواعد (الإتيكات)، فدفعتي ثمن مقالاتك المنشورة في كتاب (الموارنة مروا من هنا) لأن أَحدٌ لم يقرأ بمحبة ولم تلامس كلماتك قلبه البعيد عن الحقائق الثابتة، كان ذلك قبل إتفاقية تخصيب الحبر التي لم تتم بين دول الطوائف الحائرة وبقيت حرية التعبير تحلم بحبر سليم اللوزي وسمير قصير.
ماري القصيفي أفكارٌ مقدسة على مذبح الفضاء الأدبي الشاسع، أسطورة مزركشة وَصَفَت التهجير، المآسي، رحيل سفن الوطنية من موانىء غير شرعية، العشق وغرام القمصان الزرقاء.
يوسف طراد. موقع mon liban.
الثلاثاء 16 تموز 2019
نعم هذا هو أدب Marie Kossaifi.


الأحد، 8 سبتمبر 2019

عن العرب والفرس والأتراك - 2011


ليلى: فتاة عربيّة بريشة أحد المستشرقين


إليزابيت تايلور في كاميرا مصوّرة إيرانيّة
الأرض بتتكلّم عربي والشعب بيحكي إنكليزي والصراع تركي فارسي

تناقلت وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي هذا الخبر:
"تجرّأ شاعر إيراني على الله في قصيدة يشتم فيها العرب سمّاها "إله العرب" في احتجاح على ما أورده برنامج تلفزيونيّ قال فيه أحد المشاركين إنّ اللغة العربية هي لغة أهل الجنّة، فقال الشاعر مصطفى بادكوبه وسط تصفيق مشاركين في أثناء إلقائه قصيدة في مؤسسة حكوميّة مخاطباً الله، "خذني إلى أسفل السافلين أيّها الإله العربي شرط أن لا أجد عربيّاً هناك".

مواقع إيرانيّة تناقلت الثلاثاء الماضي فيديو للشاعر الإيراني بادكوبه وهو يلقي قصيدة باللغة الفارسيّة تحت عنوان "إله العرب" يحتجّ فيها على برنامج تلفزيونيّ حكوميّ قال فيه أحد المشاركين إنّ العربيّة هي لغة أهل الجنّة، ثم نعت الشاعر الإيرانيّ العرب بأسوأ التعابير والألفاظ في وقت أكّد أنّه لا يفرّق بين قوميّة وأخرى.
ولئلاّ يثير غضب العرب الإيرانيّين أو الأهوازيّين في جنوب غرب إيران، قال إنّ هؤلاء "خوزيّون تعلّموا اللغة العربيّة وهم يعرفون أنّهم إيرانيّون وليسوا عرباً".
ويستخفّ بادكوبه بالجنّة قائلاً: "أنا لست بحاجة إلى جنّة الفردوس لأنّني وليد الحبّ فجنّة الحور العين والغلمان هديّة للعرب".
واعتبر الشاعر الإيرانيّ أنّ ظلم السلالة الساسانيّة هو الذي دفع الفرس إلى قبول الإسلام، وامتدح شعراء ايرانيين مثل حافظ وجلال الدين الرومي معتبراً كلامه ناضجاً مقارنة بـ"القصص العربيّة" في إشارة مبطّنة إلى الطعن بالقصص المذكورة في القرآن، مفضّلاً رباعيّات الخيام على "الحدائق العربيّة"، يريد الجنّة.
ولم يقف الشاعر الذي كان يلقي قصيدته من على منبر ثقافيّ حكوميّ إيرانيّ عند هذا الحدّ، بل قال إنّ "كلام غاندي وأشعار هوغو أشرف من المزاعم العربية".
وقال بادكوبه وسط تصفيق وتشجيع حضور وصفه أحدهم بأسد الأدب الإيراني "أسألك يا إلهي يا ربّ الحبّ أن تنقذ بلادي من البلاء العربي".
يُذكر أن مواقع إيرانيّة عديدة تناقلت فيديو القصيدة المذكورة وأشهرها موقع "بالاترين" الذي يتصفحه الملايين من الإيرانيين شهرياً".

********
وكنت في 4 شباط نشرت على مدوّنتي هذه المقالة تحت عنوان:
الفرس والأتراك وانتقام التاريخ
قبل الإسلام، كانت شبه الجزيرة العربيّة على خطوط تماس مع دولتين عظميين هما الأمبراطوريّة الفارسيّة الزرادشتيّة، والأمبراطوريّة البيزنطيّة المسيحيّة. ولو قال أحدهم عهد ذاك أنّ العرب الصاعدين من تلك الأرض القاحلة الجدباء سينتصرون على هاتين الأمبراطوريّتين لسخر منه الناس واتّهموه بالجنون، لكنّنا لا نستطيع في هذه العجالة التذكير بأسباب كثيرة كانت وراء هذا الانتصار في معركتي القادسيّة واليرموك يختلط فيها العامل الدينيّ بعوامل الاقتصاد والمصالح والفساد والاستعمار. غير أنّنا نذكّر بعشيّة ظهور الإسلام حين كان الفرس والبيزنطيّون يصلون بصراعاتهم إلى اليمن في أقصى الجنوب، حيث كانت الحبشة المسيحيّة تحاول في الوقت نفسه أن تجد لها موطئ قدم في منطقة عرفت مجدًا كبيرًا قبل أن ينهار سدّ مأرب ويهرب الناس نحو الشمال حيث بدأوا عهدًا جديدًا، وإن سمّته الديانة الإسلاميّة لاحقًا العصر الجاهليّ.
لا يمكننا تجاهل هذه الصورة التاريخيّة ونحن نراقب ما يجري اليوم على صعيد التقهقر العربيّ وعودة سطوع النجم الفارسيّ وإن صارت ديانته الإسلام الشيعيّ وانفتاح الباب العالي مشرعًا من تركيا وإن صارت الديانة هناك هي الإسلام السنيّ. ما يدلّ بشكل واضح على أنّ مصالح الدول ورغبتها في الاستعمار والاحتلال لا تتوقّف عند الموضوع الدينيّ وإن اتّخذته ذريعة، فها هي المنطقة نفسها تتعرّض لصراع إسلاميّ إسلاميّ بعدما كانت محطّ نزاع وثنيّ مسيحيّ. وإذا كانت الأهداف الاقتصاديّة عهدذاك متمثّلة بطريق الحرير والاتصال بالمحيط الهنديّ ومنه إلى آسيا، فالأهداف اليوم تتبدّى في الصراع على مصادر الطاقة وتأمين سوق للسلاح الذي يحتاج إليه المتصارعون، ثمّ تأمين الأرضيّة المناسبة لشركات تعيد بناء ما هدمه المتحاربون ما يضمن استمرار دورة الحركة الاقتصاديّة ويؤمّن مصالح الشعوب المنتصرة وحكومات الدول المشاركة.
لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه القراءة هو عن التغيّرات التي لا بدّ أن تفرض نفسها على بنية المجتمعات العربيّة متى صارت أسيرة الصراع الحضاريّ بين الفرس والأتراك. خصوصًا مع تناقص أعداد المسيحيّين في هذه البقعة وتراجع دورهم الفاعل على مختلف الصعد. ولعلّ مشهدَي استقبال الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء التركي في لبنان يعبّران عن انتقام لا واعٍ ( أو ربّما واع جدًّا) للغة الفارسيّة التي أجبر أبناؤها على التنكّر لها أمام هيمنة اللغة العربيّة، وللغة التركيّة التي حاربها العرب واللبنانيّون بشكل خاص عهد الأتراك في ما عرف بمقاومة التتريك. فصراع هاتين الدولتين اليوم حضاريّ أكثر ممّا هو دينيّ، واقتصاديّ أكثر ممّا هو مذهبيّ، وهو ثأر من التاريخ عبر استعادة الجغرافيا، وتصحيح الماضي بواسطة التحكّم بالمستقبل. وقد كانت البداية مع المسلسلات المدبلجة، ففي وقت كان تلفزيون المنار التابع لحزب الله يستورد المسلسلات الدينيّة والتاريخيّة من إيران كانت الشاشات العربيّة الأخرى تستورد المسلسلات التركيّة.
تاريخ العرب موجود في شعرهم، لكن يبدو أنّ الإيقاع الموسيقيّ لهذا الشعر أكثر رسوخًا في الوجدان العربيّ من معاني الكلمات، وإلاّ لكان العرب أحسنوا قراءة متغيّرات الأزمنة وتبدّل التحالفات وعرفوا كيف يشاركون في لعبة الأمم وصراع الحضارات وكيف يحمون أنفسهم من دورة الحياة التي تضمن البقاء للأصلح. والعرب على ما صار محسومًا لم يعودوا كذلك.
**********
الردود التي علّقت على كلام الشاعر الإيرانيّ نحت في طبيعة الحال في اتّجاه الصراع السنيّ الشيعيّ في المنطقة، على اعتبار أنّ الشاعر الإيرانيّ في حديثه عن العرب يقصد أهل السنّة تحديدًا. ويغيب مرّة أخرى عن الاهتمام أنّ الصراعات القوميّة تتزيّا غالبًا بزيّ الدين والمذهب. وأغلب الظنّ أنّ كلام الشاعر الإيرانيّ خطوة استكشافيّة ترصد ردود الأفعال إن في إيران أو في بلاد العرب، تمهيدًا لرسم خارطة طريق في ما المنطقة مقدمة عليه. وبعيدًا عن وقوعنا تحت تأثير "المؤامرات" التي نشعر أنّنا في تعرّض دائم لها، من المفيد أن نحسن ربط الأمور في عالمنا العربيّ/ الفارسيّ/ التركيّ. فشعوب هذا المثلّث تمضي الوقت في تحليل الغيبيّات والتقاط إشارات السماء وتهمل قراءة المتغيرات على الأرض أو التفتيش عن العلاقة بين ما يجري في مختلف السساحات العربيّة ومدى ارتباطه بالوجودين الفارسيّ والتركي وعلاقة كلّ منهما بإسرائيل والنفط والمياه ومصادر الطاقة الأخرى. قلّة من المحلّلين والمفكّرين والمتابعين تعرف ذلك، أمّا سائر العرب فيتكلّمون باللغة الإنكليزيّة كي يتفاهموا وهم مؤمنون بأنّ اللغة العربيّة هي لغة أهل الجنّة، وحين يمرضون يسافرون طلبًا للعلاج إلى دول أوروبا أو أميركا حيث يسلمون أنفسهم للأطبّاء الـ"كفّار".

نحن مشاريع الموتى



من ذاكرة الفيسبوك في مثل هذا اليوم من العام 2017 يوم شيّع لبنان الشهداء العسكريّين الذين قضوا في جرود عرسال... ولا تزال سارية المفعول:
***
فلنبكِ اليوم طويلًا وكثيرًا
فلنبكِ بسبب خيباتنا، وخنوعنا، وغبائنا، وكبريائنا
فلنبكِ لعلّ البكاء ينظّف وجوهنا من وسائل الزينة، وطرقاتنا من تلال النفايات
فلنبكِ لعلّ التراب يزهر من جديد
فلنبكِ على كلّ شهيد وجريح ومعوّق ويتيم وثكلى ومهجّر ومخطوف ومهاجر ونازح
فلنبكِ حتّى تنتفخ أجفاننا وتحرق عيوننا دموع القهر والشوق والغضب
فلنصمت اليوم قليلًا ولنبكِ كثيرًا
فلنبك أمام شاشات التلفزيون، ولننحنِ أمام الموت والحزن خجلًا وندمًا واعتذارًا
فلنخجل اليوم من تخاذلنا في كلّ ما نقوم به في حياتنا الخاصّة والعامّة وفي عملنا... فذلك ما تسبّب بموت من مات
فلنندم لأنّنا حيث كان يجب أن نصرخ في وجه الظلم سكتنا وصفّقنا، وحين كان يجب أن ننتفض على الشرّ تواطأنا معه، وحين كان يجب أن ننادي بالحريّة والعدالة والجمال سرنا في مواكب التبعيّة وزحفنا خلف الزعماء واحتفلنا بالبشاعة
ولنعتذر من كلّ الذين ماتوا تعذيبًا في السجون ومعاناة في الأسر وإهمالًا في المستشفيات ودهسًا على الطرقات ووحدة في دور العجزة، لأنّنا تركناهم يموتون حين نسيناهم
لنبكِ اليوم لأنّ القبح غزا فنوننا، وغياب الضمير يعلّم في مدارسنا، والفساد يعشّش في نفوسنا، والفقر يقيم في بيوتنا،
لنبك، ليس على العسكريّين الشهداء الذين يمشون اليوم بفخر صوب تراب قراهم فحسب، بل علينا نحن مشاريع الموتى، أصدقاء اليأس، أبناء الوطن المقهور، ضحايا العهر السياسيّ والمال الملوّث والدين المشوّه.
لنبكِ اليوم طويلًا وكثيرًا... لعلّ الدمع يغسل نفوسنا فنرى من بين خيوط الدمع عجوزًا تحمل سبحتها وتقصد الكنيسة في يوم ميلاد العذراء مريم لتصلّي من أجل أهالي الشهداء، فنطمئنّ إلى أنّ بعضنا لا يزال بنقاء الطبيعة قبل أن نقطع أشجارها ونسمّم مياهها ونلوّث هواءها...
#ماري_القصّيفي
#شهداء_الجيش_عرسال

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.