الأربعاء، 27 فبراير 2019

أربعة وستّين: أكثر من خشبة وممثّلين (2/2)



الخشبة
يعتبر عبيدو باشا أنّ المسرح/ المسارح ممالك من خشب (عنوان كتاب له). والأخوان رحباني يقولان في مسرحيّة هالة والملك: منيح يللي دولتنا خشب (من وحي مشهد الختم الذي لم يغرق في البئر)، ويرى يحيى جابر مبتهجًا أنّه مصلوب على خشبة وأنّ مسرحه خشبة جديدة للمصلوبين.
اليوم، ممالكنا الخشبيّة مهدّدة بالزوال، في دولتنا الخشب التي نخرها السوس، فهل قدر المسرح أن يبقى صليبًا تُرفع فوقه آلام الناس، ويرزح تحت ثقله مسرحيّون كبار؟
لو كان لنا أن نبني مسرحًا من خشب الأرز، في بلد لا يعرف ناسه من هو مارون النقّاش (ولو لم يكن النقّاش مسرحيًّا بالمعنى الاحترافيّ للكلمة) ، لكانت القيامة ولقام لبنان.
الممثّلون
قد يبدو النصّ الذي كتبه كميل سلامة هو البطل الأساس، لكنّ مراقبة دقيقة للممثّلين على خشبة المسرح تظهر كيف ذاب هذا النصّ فيهم حتى صاروه وصارهم.
الممثّلون الأربعة، على اختلاف خبرتهم وأعمارهم وفترات ظهورهم على المسرح، يؤدّون الأدوار بلا ادّعاء ولا فذلكة ولا عرض مواهب ولا صراخ. وبذلك فهم لا يشبهون موضة سائدة في بعض مسرحيّات اليوم يجترّ فيها الممثّل/ة نفسه وأداءه وصوته وحركاته: صراخ أقرب إلى الزعيق، حركات أقرب إلى التهريج، احتكاك جسديّ أقرب إلى ممارسة الجنس. نعم، ثمّة ممثّلات وممثّلون تعرف أنّهم إن أدّوا أدوار القداسة أو العهر، فلن تختلف النظرة أو الحركة أو النبرة.
ممثّلو أربعة وستّين متواضعون في أداء أدوارهم، لا يستجدون تصفيقًا، ولا ينتظرون ضحكة، ولا يستعرضون مواهب يثقون بأنّهم يملكونها لكنّهم لا يتاجرون بها. إن بقي أحدهم على المسرح طيلة العمل ككميل سلامة، أو أطلّ مرّتين سريعتين كأدون خوري، فلا فرق، وإن ظهرت إحدى الممثّلتين في زيّ واحد كرولا بقسماتي، أو غيّرت الزيّ والدور كهبة نجم، فأيضًا لا فرق، لأنّ كلًّا منهم يترك الأثر المطلوب. ولكلّ منهم أثره وتأثيره.
صحيح أنّ كميل سلامة لم يسبق له أن أدّى دورًا من إخراجه، لكنّه أحسن الإمساك بخيوط الإخراج فلم تفلت من يده ولو كان على المسرح. واتّكل على ممثّليه يؤدّون أدوارهم، بلا مؤثّرات صوتيّة تقضم أعصاب النصّ، أو مؤثّرات مرئيّة تسرق الأضواء من وجوه الممثّلين، وبلا ديكور صاخب أو أزياء مبالغ فيها. بل نحن أمام مشهديّة نقيّة صافية كافية ووافية تقدّس المسرح في أصالته، وتحترم عين المشاهد وسمعه، وتجسّد النصّ في العين والصوت والحركة.
***

رولا بقسماتي/ العدالة
القانون الذي تمثّله رولا لا علاقة له بالعدالة. فالنبرة الساخرة، والنظرة الجامدة، والصوت الجافّ عناصر لا علاقة لها بالعدالة التي من المفروض أن تطلب رحمة لا ذبيحة. العدالة التي كانت كرتونًا مع الأخوين رحباني أمست صخرة لا تتأثّر بدموع المظلومين. يرتدي القانون دم الضحايا لونًا أحمر فوق أسود الحياد الأشبه بقبر. فقانون يفتح ملفّات الضحايا ولا يلتفت إلى المجرمين لا علاقة له بالعدالة لا من قريب ولا من بعيد. فالرقّ كان قانونيًّا، والعبوديّة كانت شرعيّة.
ولقد نجحت رولا في تغييب أنوثة العدالة تحت ذكوريّة القانون الذي يسأل ولا يُسأل، الذي يحمي الأذكياء ولا يحمي الأغبياء (يا غافل إلك الله)!
***

هبة نجم/ الأمّ- الحبيبة
كلتاهما تخلّت عن الرجل (راضي). الأمّ بالموت والحبيبة بالغدر. ولكن أليس الموت غادرًا غدّارًا بالنسبة إلى الأبناء بغضّ النظر عن أعمارهم؟ ألهذا أعطيت اسمًا قريبًا من العدالة (الأمّ عدلا والحبيبة آديل). المرأة هنا تُحاكم أيضًا، يحاكمها الرجل والقانون، يسألها عن دورها في "صناعة" الضحيّة؛ الأمّ كوّنته على صورتها ومثالها: هادئًا قانعًا راضيًا، والحبيبة كوته بغدرها فصار ناقمًا حانقًا غاضبًا لكنّه بقي عند مستوى الانفعال الصامت من دون أن يصل إلى مستوى الفعل.
ولقد نجحت هبة في إظهار المرأة الراضية المغادرة ذات العينين البريئتين، والمرأة الطمّاعة الغادرة ذات النظّارتين السوداوين.
***

أدون خوري/ الحرب - القانون
لا تسأل العدالة الحربَ عمّا ارتكبته، بل تحاكم الضحايا وتحكم عليهم. لذلك يبقى المقاتل شرسًا في وقفته، عالي النبرة، يتكلّم بثقة المنتصر، لا يخشى مطرقة المحكمة ولا قضبان السجن، ولا تأنيب الضمير. لا يندم ولا يعتذر. لا يخجل ولا يأسف.
حتّى حين ينتقل من زي القتال ولونه الزيتيّ إلى أسود المحاماة تبقى الحرب حاضرة: الحرب على الإنسان وحقوقه باسم الحقّ والقانون.
ولقد استطاع أدون في دقائق قليلة على المسرح أن يستحضر هذه الأجواء الثقيلة لحربنا الطويلة ونظامنا المجحف.
***

كميل سلامة/ الضحيّة
ارتدت العدالة دم الضحايا لونًا أحمر، وارتدت الضحية الثورة لونًا أحمر مخنوقًا تحت رماديّة المواقف. "راضي" ثائر في داخله، لكنّه يخمد نار ثورته، يطفئها، ينثر عليها غبار الأيّام ورماد الحرب. أكثر ما يمكن أن يفعله هو أن "يعربش" على سلّم يوصله إلى ساعة توقّف عقرباها قبل دقائق من موعد العرض المسرحيّ (الثامنة والنصف إلّا خمس دقائق). يقفز مجروحًا من الألم في رقصة عبثيّة بين قفص المتّهمين ومقاعد الحاضرين وقوس المحكمة. يحمل خرقة صفراء بلون العمر الذابل، ويبحث عن موت لا يأتي، وعن ثورة طال انتظارها.
ولقد نجح كميل سلامة في إدارة نفسه، فلم يقع ضحيّة جمعه بين الإخراج والتمثيل، ولمساعدته في الإخراج، زوجته لينا سلامة، دورٌ في ذلك بلا أدنى شكّ.


الاثنين، 25 فبراير 2019

أربعة وستّين مسرحيّة تدين أجيال الحرب






أنت لا تذهب إلى مسرحيّة لكميل سلامة، لترى كم هي جميلة من الناحية الفنيّة، بل لتكتشف إلى أيّ حدّ هي جميلة؛ ولا تقصد مشاهدتها لتداوي جراح نفسك، بل لتنكأ جراحًا التأمت على قيحها، ولا تخرج منها إلى الشارع وأنت تملك أجوبة في جيبك، بل وأنت معلّق من رأسك الذي يؤلمك بعلامة استفهام كبيرة فوق صفحة وجودك في وطن اسمه لبنان وفي كتاب الحياة التي يشبّهها بطل المسرحيّة بالحفاض.
***
64
هو عمر التقاعد في لبنان. يوقّع الموظّف عند بلوغ هذه السنّ على ورقة تفيد بأنّه قد نال حقوقه. والسؤال الذي نطرحه نحن الذين اقتربنا ونقترب من هذه المرحلة: ما هي هذه الحقوق التي نلناها؟
***
غبار
كيف يثور شعب يجد للغبار مكانًا في تعابيره اليوميّة: غبرة رضاك، غبرة صبّاطك، غبرة الحرب، بنفضو متل الغبرة؟ وهل تصلح خرقة القماش (بطلة المسرحيّة) التي يمسح بها راضي (بطل المسرحيّة) الغبار عن أثاث قاعة المحكمة أن تكون راية يرفعها الثائرون إن ثاروا؟
***
راضي
راضي رضي بالهمّ، والهمّ لم يرضَ به. هو نحن، بفقرنا، بصمتنا، بتخاذلنا، بخوفنا من خسارة ما نملكه إن قلنا لا، ونحن في الحقيقة لا نملك شيئًا.
***
حفاض
حياة راضي مشدودة بين حفاضه طفلًا وحفاض أبيه العاجز في دار العجزة. بل هي حياة كلّ منّا، يلتصق بنا خراؤنا فننتظر من ينظّف لنا مؤخّراتنا/ خصوصًا حين تكون مدّخراتنا قطعة قماش لمسح الغبار؟
***
 جيل الحرب
المسرحيّة تديننا، نحن الذين ولدنا عشيّة الحرب، لأنّنا سكتنا: عن الظلم والقتل والقصف والفساد والفقر والتجارة بالأطفال والتفكّك العائليّ... وإن لم يكن لنا حيلة في اختيار أسمائنا وأهلنا وطائفتنا، فلماذا عجزنا عن عدم الانجراف خلف الصمت فلم نثر على أمراء حروبنا الصغيرة ولم ننتفض على الذين جرّونا إلى أتون مصالحهم، ولم نرفض الزحف خلف زعماء يمسحون الأرض بنا كما يمسح راضي الغبار؟
***
الموت
لا يغيب الموت عن الخشبة: والدة راضي، والده، ضحايا الحرب، محاولة انتحاره الأولى في خلال الحرب حين سخر منه المقاتلون وحمّلوه مسدسًا بلا رصاص وطلبوا منه أن يقتل الشخص الذي أساء إليه، فصوّب راضي الفوهة إلى رأسه معترفًا بأنّه أكثر من أساء إلى نفسه... ومحاولة انتحاره الثانية قبل أقفال الستارة. ولكن كيف وصل المسدس إلى جيب راضي وهو في المحكمة؟ كيف خرج المسدس من يد المقاتل/ الشاهد في محاكمته الوهميّة إلى واقعه عند التقاعد؟ هل عرف راضي أنّ الوقت حان، وأنّه سيواجه اليوم حكم العمر والتقاعد، وأنّ مواجهته نفسه الفاشلة ستقضي عليه؟
راضي، بطل المسرحيّة المهزوم، لم يمت في نهاية المسرحيّة. فنحن لم نسمع الطلقة ولم نر سقوط الرجل على الخشبة. على كل حال، كيف ينتحر رجل بمسدس لا رصاص فيه؟ وكيف ينتحر رجل مات مذ صادق الغبار وسكت عن الظلم ورضخ لمصير كتبه له الآخرون؟
فهل يبقى راضي على قيد الحياة ليرى الثورة آتية؟
***
الساعة
عقارب الزمن متوقّفة في حياتنا نحن أبناء جيل الحرب: ذكرياتنا عن الحرب لا تأخذ هدنة، نستعيدها في كلامنا، في تهديداتنا (إذا بترجع الحرب والله لأعمل كذا وكذا) في كوابيسنا، في أفلامنا ومسرحنا ورواياتنا... لكنّ الساعة المتوقّفة نفسها لا تنسى أن تسجّل أنّنا كبرنا وهرمنا وحان الوقت كي نتقاعد وننسحب، وأنّ المعارك التي فرضت علينا، أعطت قادتها وقوّادها الغنائم وتركت لنا الغبار.
***
كميل سلامة
تبقى المعلّم!


الأربعاء، 20 فبراير 2019

كلمة الأستاذ جوزف مغامس المرحّبة بي في احتفال الشعر والحبّ في مدرسة سيّدة اللويزة - زوق مصبح




قولوا لجوزف مغامس
إنّ رأسي لا ينحني إلّا احترامًا لمن يحسن قراءتي وكتابتي
ولا أشعر بالارتباك إلّا في حضرة الشعر
ولا تحلّق روحي عالية إلّا على جناحَي قصيدة
وجوزف مغامس فعل كلّ ذلك وأكثر...
أنت يا صديق الكلمة، وضعتني أمام مرآة كبيرة، في حضرة جمهور راقٍ، فرأيتُني، بفعل كلمتك، جميلة وراقية وعاشقة... شكرًا على المحبّة التي وحدها تجترح معجزة كهذه!
****

ماري القصّيفي، وبعد...
قرأتُك سيّدتي، نعم قرأتك طرداً و عكساً
عموديّاً وأفقيّاً
في هدأتي وفي جنوني
في صباحاتي وفي مساءاتي
وفيها كلها، خرجتُ من
بين سطورِك
متعباً، مكبلاً بقيود الضياع
مثقلاً بعشرات علامات الاستفهام، 
ومئات علامات التعجُّب، 
أما علامات الحذفِ فبلا عدد... 
وكلّها شغلت كياني
وها أنا في حضرتك أسألك 
في زمن الحب والعشق وأمام كلّ النّاس
وبشجاعة وشغف أسألك:
من أنت يا سيدة؟ 
ما سرّك؟ بل ما لغزك؟ 
ما شأنك في خواطر الرجال 
عفوا الرجال الرجال
وما لك في عوالم النّساء؟ 
تحلمين بما لا يمتلك القابلية لأن يكون
واذا كان يوماً، فمختلف مثلك 
وغريب ومُبهم... 
تُرى ما الأمر سيّدتي؟ 
الله! لو أعلم على اسم مَن مِن الآلهة حُبِلَ بكِ!! 
حتّى كنت كيانا بعضه امرأة سيّدة 
بعضُه أنثى بعضُه حوّاء
وفي هذا المزيج يتراءى لمن يغوصُ في كُنْه سرّك
طُهر نفسٍ يدنو من قداسة
وعهر فكر يدنو من خطيئة
وجرأة على مواجهة قبيلة من ذكور
و تعمّد للكذب أحيانا خوفاً على قرّاء من عدم إحتمال حقيقة
من أنت يا غريبة؟ 
حُلُما، فكراً و تعبيرا؟ 
على اسم أيّ جنيّ رصدت قلمك؟ 
فرحت تكتبين بمزاج أنثويّ راقٍ
بهوىً خريفيٍّ
عرّى الأصفر من كآبته
وجعله لوناً صارخاً في قوسك القزحيّ الذي يرتسم في سماء كلماتك الثائرة الهائجة المتصارعة بين وعي الفضيلة ولا وعي الرذيلة
من أنتِ يا امرأة، بصمتها تفرض مهابة و بثرثرتها تُشعل ناراً وبألم جسدها تعلِّم التحدّي... 
من أنتِ يا أيّتها المتطرفة في مواقفك، في أحكامك وفي مفاهيمك؟ حتى في خجلك وفي تواضعك، وفي كِبَرك أنت متطرّفة... 
وما هم... فمعك نحن أيضاً سئمنا الوسط والعاديّ وبتنا نميل الى التطرّف حتى في الحبّ والعشق والهيام
ماري القصّيفي،
منذ اللحظة، نحن متورطون فيك في جريمة الحبّ المختلف.. 
وكلما قرأناك سنكون في عداد المرتكبين... 
مرّة جديدة... ما همّ
يلذّ لنا الدخول الى سجنك المتحرّر
ماري القصّيفي،
قبلك كنا نقول لمن نحبّ:
نحن نحبُّكَ وربما نحُبّكَ كثيراً 
بعدك سنقول له:
نحن نحبُّكَ أكثر و سنحبُّكَ أكثر... 
ماري القصّيفي لأننا نحبّك ندعوك الى المنصة ولعلك تقبلين عربون محبّة أنت يا من قلت ذات يوم : أنا أكبر من الحبّ وأصغر من المحبّة.
الأستاذ جوزيف مغامس
١٥ شباط ٢٠١٩ - مدرسة سيدة اللويزة - زوق مصبح

الأربعاء، 13 فبراير 2019

الكلمة التي ألقيتها خلال تسلّم جائزة حنّا واكيم للرواية اللبنانيّة 2012




مع وزير الإعلام وليد الداعوق والوزيرة السابقة منى عفيش
والدكتور إلهام كلّاب البساط والسيّد إيلي واكيم

أيّها الأصدقاء
أمضيتُ ثلاثين عامًا في التعليم والتربية منتظرةً أن تكرّمَني مؤّسساتٌ عَمِلت فيها ولها، فجاءني التكريمُ من مؤسّسةٍ لم تسمعْ باسمي قبل اليوم، ولم تكن هي موجودةً في قاموسي إلى أعوامٍ ثلاثةٍ خلت، هي مؤسّسةُ حنا واكيم. فشكرًا للقيّمين على هذه المؤسّسة، بشخص رئيسِها الأستاذ إيلي واكيم، ابنِ العائلة التي أرادت للوالد (حنّا واكيم) أن يرتبطَ ذكرُه بالرواية اللبنانيّة عبرَ تكريم الروائيّين من خلال التلاميذ. والشكرُ الخاص لنائبة رئيس المؤسّسة الدكتورة إلهام كلاّب البساط، السيّدةِ المثقّفة، العاملةِ بهدوء مثمر ومهنيّةٍ لا تُبارى، في حقلِ التربية المزروعِ ألغامًا طائفيّةً وحزبيّة، وفي حقلِ الثقافة حيث العملُ كثيرٌ، والفعلةُ مشغولون بالمحاصصة والمحسوبيّات.

وكنت أنتظِرُ المكافأةَ من زملاءَ وتلاميذَ عمِلت معهم خلال كلِّ تلك الأعوام، فجاءتِ الجائزةُ من زملاءَ وتلاميذَ لا أعرفهم ولا يعرفونني، يمثّلون مؤسّساتٍ تربويّةً عريقة، ويكوّنون نواةً واعدةً لمشروع تربويّ/ ثقافيّ جامع. فشكرًا لكلٍّ منهم. لقد أثبتم لي، أيّها الأعزّاء، أنّ التعليمَ سيبقى رسالةً مهما حاول الجهلُ والربحُ الماديّ أن يتسلّلا إلى وزارتِه ومناهجِه وإداراتِ مدارسِه، وأنّ التلاميذَ ثورةٌ وثروةٌ شرطَ أن نحسِنَ توجيهَ الثورةِ وأن نجيدَ استثمارَ الثروة.
وأتوجّهُ بالشكر العميق للصديق الإعلاميّ والكاتب أنطوان سعد، الذي غامر، في إطلالةٍ أدبيّة أولى لدار سائر المشرق، في نشر روايةٍ هي الأولى لكاتبتها. وأتقدّمُ كذلك بامتناني من النقّاد والروائيّين والصحافيّين الذين واكبوا عملي الصحافيّ والأدبيّ وأعطَوه الكثيرَ من اهتمامهم ووقتهم، وأخصُّ منهم الشعراء: شوقي أبي شقرا، أنسي الحاج، هنري زغيب، عقل العويط، عبده وازن، يحيى جابر الذي كان أوّل من حثّني على كتابة رواية، واسكندر حبش، صباح زوين، لامع الحر، جوزف أبي ضاهر، عناية جابر، زاهي وهبي، اسمعيل فقيه، والروائيّة السيّدة إملي نصرالله، والروائيَّين السوريّين ياسين رفاعيه ومها حسن. وأحيّي في هذه المناسبة السيّد جورج فغالي صاحبَ دار مختارات التي نشرت كتبي الأربعة الأولى، وأرفعُ تحيّةَ محبّةٍ للأصدقاء المشجّعين ميراي يونس، كاتيا غصن، جورج كعدي، جنى الحسن، غازي قهوجي، إيلي الحاج، جوزف باسيل، سلمان زين الدين، وميشال مرقص.
وأتوجّهُ هنا إليكم أيّها الأعزاء التلامذة لأقولَ لكم: أحسنوا الإصغاء لمن حولَكم، فإنّ هذه الرواية ما كانت لترى النورَ لو لم تولدْ من رحمِ عائلتي التي تحبُّ الحكايات، فلوالديَّ الشكرُ على ذاكرتيهما اللتين أمدّتاني بكثيرٍ من تفاصيلَ واقعيّة وردت بين طيّات المتخيّل، ولشقيقتيّ وشقيقيّ الامتنانُ لكونهم أوّلَ من يقرأُ وينتقد، ولبنات شقيقتي ميرا ويارا ورنا محبّتي واعترافي بدورهنّ في جعلي أرصُد من خلالهنّ نِظرةَ الأجيال الشابّة إلى كتابةٍ تتّكئُ على التاريخ والحرب.
ختامًا أيّها الأصدقاء، يجب أن نعترف "إنّو كلّ الحقّ علينا، لا عَ الطليان ولا عَ فرنسا" ولا على غيرِهما، لأنّنا لم نبحثْ عن هُويّتنا ولم نتمسّك بها. ولقد صار علينا، بدلَ أن نبحثَ عن تاريخِ الحروب التي فرّقتنا، أن نكتُبَ تاريخَ الحضارةِ التي تجمعُنا وتقودُنا إلى مزيدٍ من الإبداعات والنجاحات، وقد تكونُ هذه الجائزة دافعًا شخصيًّا لي لمحاولةِ كتابةِ جُزءٍ من هذا التاريخ ولو عبر الحكاية، إلى جانب روائيّاتٍ وراوئيّين لبنانيّين، كان لي فخرُ الانضمامِ إلى حلقتِهم المضيئة في عتمةِ هذا الشرق الذي لن يعرفَ ميلادًا جديدًا ما لم يقُدْهُ الفكرُ وتحْمهِ الحريّة.

شكرًا لكم جميعًا

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.