الأحد، 8 ديسمبر 2019

وأنا أيضًا معارضة - جريدة النهار - الاثنين 7 نيسان 2005



بلى، أنا أيضًا معارضة ورافضة وثائرة.
أنا أعارض الفوضى والغوغائيّة وانعدام الرؤية،
وأرفض لغة الشارع والخطابات الهوجاء وإثارة الغرائز،
وأثور على الادّعاء والكذب والخبث،
أنا أعارض الكسل والاتّكاليّة والتراخي،
وأرفض حرمان المرء من أبسط حقوقه، والتعدّي عليه بالكلمة والنظرة واللمسة،
وأثور على المنادين بالمثَلَين القائلَين: الفاجر بياكل مال التاجر، والشاطر بشطارتو،
أنا أعارض الوقاحة والدعارة والفحش،
وأرفض حديث العاهرات في التربية والأخلاق، وكلام السياسيّين في نظافة الكفّ، وعظات رجال الدين عن الصبر والحرمان،
وأثور على سارقي الأفكار، ومغتصبي المناصب، ومستغلّي السلطة،
أنا أعارض التغيّب عن العمل تكاسلًا وتمارضًا،
وأرفض غياب الثواب والعقاب،
وأثور عندما يموت الضمير المهنيّ،
أنا أعارض أن تبثّ الشاشات كلّ شيء بحجّة إرضاء كلّ الأذواق، وأرفض أن يتساوى الغثّ والسمين،
وأثور عندما يموت فنّان جائعًا ومريضًا ومحرومًا من أبسط حقوقه كإنسان مبدع،
أنا أعارض الاحتلال والاعتداء على السيادة،
وأرفض غياب التخطيط،
وأثور عندما يذهب "الشبعان" ويأتي "الجوعان"،
بلى، أنا معارضة ورافضة وثائرة... وخائفة.
أخاف من موجات التفاؤل التي أراها حولي، وأخشى الأحلام والوعود، وأموت رعبًا من احتمال التغيير لأنّه قد يكون نحو الأسوأ.
وأخاف من الشعارات الكبيرة لأنّها تشبه موجات التسونامي السيّئة الذكر، تجرف معها كلّ شيء، ولا تنفع أمامها سدود الفكر أو حدود المنطق.

السبت، 7 ديسمبر 2019

من سيشتري كتابًا عن الفقراء؟ الجمعة 19 كانون الأول 2008



حين دعا أنسي الحاج إلى الحريّة الجنسيّة، فهم الناس كلامه خطأً، وانطلقت ثورة هي أقرب إلى العهر منها إلى المصالحة مع الجسد، فتحرّرت النساء من ملابسهنّ وتخلّص الرجال من رجولتهم، وبدأ عصر الأجساد العارية في أماكن، والمحجّبة في أماكن أخرى. أمّا الحريّة الحقيقيّة، أكانت في الفكر أم السياسة أم الجنس أم الدين، فلا تزال تبحث عن مكان لها في عالم اعتاد استيراد الأفكار وترجمة الشعر ونسخ الروايات وتقزيم الله.
منذ أن كان في صحيفة «النهار»، وأنسي الحاج يدعو إلى الكتابة عن الفقر، وحين كنت لا أزال أعمل في المجال التربويّ، استفدت من هذه الكتابات واستعنت بما اختاره من أقوال عن الفقر، وصنعت منها لوحة جداريّة كبيرة مع صور عن الفقراء في لبنان والعالم، وعلقتها على أحد جدران المدرسة كي يراها التلاميذ. فما كان من المرشد الروحيّ في تلك المدرسة الكاثوليكيّة وهو كاهن لم يسمع باسم أنسي الحاج ولا بسواه من الشعراء والأدباء إلا أن طلب نزعها لأنّها تؤلم النفوس البريئة وتسرق منها فرح الأعياد. 
ما أخشاه من دعوة أنسي الحاج إلى كتابة روايات عن الفقر تحوّل الأمر إلى عكس ما أراده، فتبدأ المتاجرة بآلام الناس وأوجاعهم وأمراضهم وفقرهم، ويتحوّل الفقراء إلى سلعة في مزاد علنيّ كبير يتنافس الشعراء والأدباء في تسجيل أعلى نسبة ربح فيه.
أليس هذا ما حصل مع موضة الحريّة الجنسيّة، فصارت الروايات مشرحة ملأى بالأعضاء الجنسيّة بلا جمال أو حياة؟
أوليس هذا ما حصل مع موضة الأغاني الوطنيّة حين كتب الشعراء للبنان وعن لبنان كميات من القصائد والأغنيات يفوق عددها عدد سكّان لبنان؟ 
أوليس هذا ما حصل للجنوب المسكين حين انهالت عليه الأناشيد والتحيّات والدواوين والروايات حتّى فاق عددها عدد القنابل التي رمتها إسرائيل على ترابه؟وفلسطين، ألم يحوّلها بعض تجّار الكلمة إلى موضة على الجميع ارتداء كوفيّتها وإلا كانوا أعداء العروبة والقضيّة؟
الحرب اللبنانيّة نفسها لم تستفزّ الشعراء والأدباء بعد لكي يكتبوا عنها من الناحية الإنسانيّة العميقة بدل تلك اليوميّات والمذكّرات والبيانات الحزبيّة، وكلّها يشير إلى مواقف متّخذة سلفاً من ذلك الحزب أو تلك الطائفة، ولا تقبل النقاش أو النقد أو وجهة النظر الأخرى.
منذ فترة وأنا أحاول «إهداء» مجموعة نصوص تصلح للغناء وتدور حول مواضيع الفقر والأمراض والوحدة والطفولة المشرّدة والهجرة، ولم تجد هذه النصوص أذناً صاغية، ولو كانت تقدمة منّي ولا تبغي ربحاً سوى الانتقال بالأغنية إلى مكان آخر غير الذي صارت إليه اليوم.
من سيشتري كتاباً عن الفقراء يا أستاذ أنسي؟ الأغنياء؟ بالطبع لا. الفقراء؟سيفضّلون عليه الرغيف. الفقر لا يجذب الأموال أو الشهرة أو الترجمة إلى لغات الأرض، السياسة قد تفعل والجنس بالتأكيد يفعل، والاقتتال الطائفيّ موضوع مربح، أمّا الفقر فلا يجلب إلاّ الفقر كما المال يجرّ المال.
في مقالة لي في صحيفة «البلاد» البحرينيّة، تحدّثت عن الفقر في بلاد لا أعرف إن كان فيها متسوّلون أو فقراء، وقلت تحت عنوان «من ليس له يطلب منه» ما معناه أنّ وسائل الإعلام تطلب من الفقراء احترام البيئة وعدم الهدر في المياه والطاقة الكهربائيّة. ولكن الفقراء لا يقرأون الصحف، والكتابة عن الفقر للمرتاحين إلى أوضاعهم وفي أوضاعهم، قد تجعل صاحب المؤسسة يقول لك: توقّف عن هذا «النقّ»، الجمهور مش عايز كده، وإن لم تصدّقني تذكّر كيف ماتت ليلى كرم.

الأحد، 10 نوفمبر 2019

الثورة نهر وما قبلها مستنقع



بهالوضع الدقيق، ودايمًا كان وضعنا دقيق بهالبلد، شو ما كتبنا رح يكون الحدث سبقنا وصار في شي جديد، لأنّو بين لحظة والتانيه بيصير فيه متغيّرات ومواقف وأفعال وردود فعل، وبيصير يللي انكتب عتيق ومارق عليه الزمن، عدا عن هيك، الأكيد ما في ولا كتابة رح ترضي الكلّ، لأنّو الانفعالات هيي المسيطرة وكلّنا عم نكتب تحت تأثير ماضينا المجروح، وحاضرنا الثائر، ومستقبلنا الغامض. ومع هيدا كلّو، ع بالي قول كم شغلة:
1- مش هلأ الوقت أبدًا ت ينحكى عن تصفيات حسابات خاصّة وحزبيّة ونبش الماضي ومحاسبة بعضنا كأفراد، لأنّو هالشي بيضيّع الجهود وبيقسّم الآراء.
يعني مش وقتها ينحكى عن الكوفية ورمزيتها وتحدّي الآخر فيا، ولا ضروري هالآخر ما يشوف بالثورة غير الكوفية،
ومش وقتها تنفرض مسألة إزالة الصور للزعماء، يعني خلّيها تكون الشغلة عفوية ومش تحدي، ومش وقتها كمان كلّ حدا يقول: إلّا زعيمي، وزعيمي خطّ أحمر...
ومش وقتها الاحتفالات الدينيّة يللي معقول تعمل حساسيّات ومش ضروري من ناس من غير طايفة ولكن يمكن من ناس مش متديّنين، وكمان مش وقتها نحاسب ع النقطة والفاصلة...
ومش وقتها ينحكى عن سلاح حزب الله وتياب الجنوبيات (ع فكرة في مسيحيات بالجنوب وتيابن مختلفة...)،  
هودي كلّن أمور بيأخّروا الثورة وبيعرقلوا مسيرتها، المهم التركيز ع الفساد واسترداد الأموال المنهوبة ومعالجة الأوضاع الاقتصاديّة والبيئيّة والصحيّة... غير هيك تضييع وقت وجهد وطاقة، وبيخلّي كلّ إنسان أسير ماضيه وع سلاحو، حتّى لو كان سلاحو طنجرة! أمّا باقي الأمور فبعتقد بتسقط لحالها لمّا البلد يعبر لما بعد بناء الدولة.
2- الفنّانين يللي عم ياخدوا موقف من الثورة رفضًا أو حيادًا ما بعرف شو هوّي مفهومن للثورة وشو شروطها بالنسبة إلهن: ولاد الرحباني، مرسيل خليفة، شربل روحانا، جورج خبّاز، ماجدة الرومي، جوليا، جاهدة وهبه، عبير نعمه، وغيرن كتار... بفهم الواحد يقول أنا ما بدّي إحكي سياسة، بس هيدي مش سياسة، هيدا مصير وعم يتقرّر، يمكن ما رح تظبط مع الثورة، ولكن الأكيد إنّو الوضع ما كان أحسن، والفقر كان رح يطال كتار وما خصّ الثورة...
فكتير مهم ينعرف موقف كل شخص بهالمرحلة. بفهم القرف يللي صايبنا كلّنا، وبفهم اليأس من أي تغيير، وبفهم الغموض يللي عم يخلّينا نقول الله يستر مدري شو ناطرنا... ولكن قلت مرّة وبرجع بقول: النهر أجمل من المستنقع، ولو كان هالنهر بدّو يجرف كلّ شي...
وبالنسبة لأسامة الرحباني تحديدًا، وبعيدًا عن الجانب الفنيّ طبعًا، انتبهت لشغلة بتميّز ولاد الرحباني عن الأخوين رحباني... عاصي ومنصور عرفوا الفقر وعاشوه واختبروه... وهالشي ما عرفوه ولادن، يمكن كرمال هيك ما فينا ننطر من الولاد يللي شفنا بمسرح الأهل.
3- بخصوص موقف بكركي الرماديّ، على عكس مواقف المطران عودة: بعتقد إنّو البطريرك الراعي عندو تلات مشاكل كبار بهالخصوص، أول شي الفضايح يللي رافقت بداية عهدو وارتباطها بشخص وليد غيّاض، وهالشي بيخلّيه يبتعد عن الحكي العنيف عن الفساد، لأنّو رح يلتقى مين ينبش هالملفّات وغيرها (مش معنى هالشي إنّو ما في ناس بتحكي عن الفساد بمطرانية بيروت للروم الأرثوذكس). تاني شي مطران بيروت بولس عبد الساتر المحسوب على العهد ويللي ضدّ الثورة بحسب كتير من الكهنة، ويللي بتقول بعض المصادر إنّو إلو تأثير ع موقف البطريرك من الثورة. تالت شي وأهمّ شي موقف الراعي الحرج بين القوّات من جهة يللي عم يقولوا إنّن مع الثورة، والعونيين يللي هني أكيد ضد الثورة. يعني مش سهل ع البطريرك الراعي ياخد موقف يمكن يأدّي لمواجهة خطرة مع أحد الفريقين المسيحيّين.
4- بخصوص الأفلام والأقلام يللي عم تحكي عن فقير مزيّف ومريض محتال ومتسوّل معو مصاري عم تنشر الثورة أخبارن وصورن وتستغلن... يمكن يكون مظبوط في محتالين (وكلّنا منعرف محتالين ونصّابين)، ولكن مش يعني ما في مرضى أو فقرا أو محتاجين... ما ضروري نشوف هودي الناس ع الكاميرا، ولكن هني نحنا ومعنا وبيناتنا... لأنّو كلّنا فقرا ومرضى ومحتاجين، ويللي مش هيك لازم نسألو من أين لك هذا؟ مين ما كان يكون...

الأحد، 3 نوفمبر 2019

الثورة أنثى تنجب ثورات



لا يمكن الثورة أن تكون ذات وجه واحد وتطمح إلى تحقيق هدف واحد. هي ليست حراكًا شعبيًّا ينتهي بتحقيق مطلب معيّن كتأمين الطحين مثلًا، ولا انقلابًا يطيح بأركان الدولة ويبقي على النظام، ولا مظاهرة مرخّصة محدودة الأهداف، الثورة هي هذه كلّها في شخص امرأة خصبة الرحم، تنجب ثورات ولا تبقى الأمور بعدها كما كانت عليه قبلها.
ثورة 17 تشرين الأوّل 2019 أمّ الثورات:
1-  ثورة على الفساد (عنوان عريض)
2- ثورة على الإقطاع
3- ثورة على النظام الأبويّ وتقديس الأجداد والعجزة
4- ثورة على الأرث العائليّ
5- ثورة على منظومة الإعلام
6- ثورة على مقدّسات اللغة وقواعدها
7- ثورة على تهذيب مصطنع يثور بسبب شتيمة ويطأطئ الرأس أمام أزعر مسلّح
8- ثورة على شتائم تطال المرأة
9- ثورة على المنظومة الدينيّة في مختلف وجوهها وأنواعها
10-   ثورة على الجهل والنظام التربويّ
11-    ثورة على الفقر
12-     ثورة على ذكورة وهميّة وأنوثة مائعة
13-    ثورة على رموز الأغنية الوطنيّة الذين لفظتهم الساحات
14-   ثورة على ثقل الدم والسماجة
15-   ثورة على عنجهية البطل المخلّص المرجع المنقذ
16-  ثورة على العنف الأسريّ وجرائم الشرف
17-  ثورة على مركزيّة بيروت وتهميش الأطراف والريف والجبل

لماذا أنا مع ثورة 17 تشرين الأوّل 2019: لأنّ لبنان عاد حلمًا



أوّل شي خلّيني أكّد إنّها ثورة، لا حراك ولا انتفاضة ولا مظاهرات، هيي ثورة، يمكن من نوع جديد، يمكن بلا قيادة، لكنّها ثورة لبنانيّة ميّة بالميّة، وإن كان ما بيغيب عن بالي إنّو كتار من غير اللبنانيّي بدّن يستفيدوا منها.
فليش أنا مع هالثورة؟
1- أنا مع الثورة لأنّو كتار شباب وصبايا مراهنين عليا ومشاركين فيا حتّى ما ياخدوا قرار الهجرة،
2- لأنّي كلّ عمري مع الثورة: أنا وعم علّم كنت ثائرة ع المناهج والأنظمة والقوانين ودفعت ثمن مواقفي الثائرة، أنا وعم بكتب كنت ثائرة ونصوصي بتشهد ع هالشي وكمان دفعت ثمن هالمواقف،
3- لأنّو هيدي الثورة تجسيد لكلّ الأغنيات الوطنيّة والأناشيد الثوريّة يللي ربينا عليها، وهيي تجسيد لفكر جبران ونعيمة والريحاني وكتار غيرن دعيوا للتغيير الحقيقيّ، وهيي تجسيد لكلّ مسرحيّة دعيت للثورة، فما فيك تحبّ المسرح الرحباني ومسرح روميو لحّود ومسرح يعقوب الشدراوي وعصام محفوظ وروجيه عسّاف وشوشو ونضال الأشقر وكميل سلامة ويحيى جابر، وما تحبّ الثورة
4- لأنّو هيدي الثورة لبنانيّة وعفويّة، ورح تاخد وقت ت تلاقي شكلها وقيادتها، وهيدا شي طبيعي بوضع تعوّدوا الناس فيه ع عدم التفكير وع استلام الزعما بالوراثة عن أهلن
5- لأنّو هالثورة متل النهر الجارف كلّها حياة وعود ومش مستنقع كلّو برغش وحشرات،
6- لأنّها شبابيّة عصريّة نضيفة، كلّها فرح وعفويّة وهضامة (ما بيخلا الأمر من شواذات وهيدا أمر طبيعي ومتوقّع)
7- لأنّها تركت مطرح للفقير والطفل والختيار، للفنّان والعامل والموظّف والمدير والمعلّم وست البيت...للشتيمة والنكتة، للغنيّة والرقصة والفيلم والصورة... والكلّ فيا زعما وأبطال ورموز وقادة ونجوم
8- لأنّها جمعت بين الجامعات كلّها، وما قالت هيدا خرّيج أهمّ من خرّيج،
9- لأنّها بلا أحزاب وتيّارات وطوائف ولو كانت الأحزاب والتيّارات والطوائف بدن يقطفوها،
10- لأنّها فضحت الناس وكشفت كميّة الغباء المنتشر، وكميّة التبعيّة الجارفة، وكميّة الجهل برغم الشهادات الجامعيّة، والنسبة العالية من العنجهيّة وشوفة الحال عند يللي ضدّها
11- أنا مع هالثورة لأنّها ممكن تخلّصني أنا شخصيًّا من وجوه سياسيّة وحزبيّة وعسكريّة وإعلاميّة وفنيّة صارت تكرّهني بلبنان كلّ ما طلّت وحكيت وغنّت: من كلّ زعيم ورئيس حزب وريس كتلة ورئيس تجمّع ونائب ونائبة وضابط متقاعد...(كلّن يعني كلّن)، من ديما صادق وجمانه حدّاد ومرسيل غانم وهشام حدّاد وعادل كرم وغادة عيد وسالم زهران ومالك مكتبي وجو معلوف وتيتا لطيفة وأرزة... من ماجدة الرومي وجوليا بطرس ونجوى كرم وزين العمر ومرسيل خليفة وزياد الرحباني...
12-   أنا مع هالثورة، لأنّي بدّي أعرف يللي علّمتن وين مطرحن، وشو صار فين وكيف صاروا يفكروا وكيف صار يحكوا، ولأي مطرح وصّلتن المناهج المهتريّة والأحزاب يللي عم تربى وتكبر وتغتني ع كتافن وتاخد من درب ولادن.
13- أنا مع هالثورة لأنّي مش خايفة من المثليين متل ما خايفة منن الكنيسة يللي فيها كتير مثليين ومتحرّشين وسرّاقين ومغتصبين، والشي نفسو بغير طوايف، ولا خايفة من الفوضى لأنّو النظام يللي كان مش أحسن، ولا خايفة من الملحدين لأنّو شفنا الإيمان الأعمى لوين وصّلنا، ولا خايفة ع الوضع الاقتصادي لأنّو من زمان المصريات بإيد طبقة معيّنة
14-  أنا مع هالثورة لأنّها مش هيي يللي بتخوّفني ع وضعي كمسيحيّة مارونيّة، ع أساس العهد القوي ورئيسو المارونيّ ضمانه لوجودي بهالشرق، ولكن يللي مخوّفني العنجهيّة والصنميّة والأنانيّة يللي بيخبّوا وراهن طائفيّة وعنصريّة ومذهبيّة وانعزاليّة، وبيخوّفني سرقة اسم الله يللي هوّي وحدو بيّ الكل متل ما منقول بالصلاة الربانيّة: أبانا الذي في السموات...
15-  أنا مع هالثورة لأنّها أوّل ثورة لبنانية جامعة، فيها من عاميّة أنطلياس (1820)،  وفيها من ثورة الفلّاحين (1860)، وفيها من مقاومة جبل عامل (...1920،...) وفيها من الاحتجاجات الطلّابيّة بالسبعينات، وفيها من تظاهرة الصيّادين في صيدا (شباط 1975)، وفيها من ثورة الأرز (2005)، وفيها من ثورة المحرومين في طرابلس (آب 2018).. فيها منن كلّن ضدّن كلّن، كلّ يللي سرقوا الوطن
16-  أنا مع هالثورة لأنّها فرصتي الأخيرة ت قول لحالي شو كنت غلطانه وشو ظلمت الناس لمّا حكيت عن خوفن وعجزن، ولأنّو الناس صاروا قادرين يقولوا للكبير والزغير من أين لك هذا وكيف وليش: يا ضابط منين معك تبني فيلا من تلات طوابق وليش العسكري عندك عم يمدّ السجّاد؟ يا مسؤول بالضمان منين معك ثمن هالبيت والسيّارة؟ يا موظّف بالبنك كيف فجأة صرت غني؟ يا تاجرة الإدوية وين دوا السرطان؟ يا إستاذ المدرسة ليش بدك تعلّم دروس خصوصي وتغتني؟... 
17-  أنا مع ثورة 17 تشرين الأوّل ع القليلة ت إخلص من يللي مش معها... ما بقا العمر يحمل مسايرة، ولا لون رمادي، ولا يقطع الزعل ما في شي بيستاهل، أنا مع هالثورة لأنّها آخر راتب بقبضو ولازم يضاين لآخر العمر...
يمكن الثورة ما توصل لمطرح برأي كتار؟!!! يمكن ترجع الوجوه هيي زاتا؟ يمكن يجي جبران باسيل رئيس جمهورية ورح ينتقم من الكلّ لأنّو كلّ كلمة مسجّلة وكلّ مشهد مصوّر؟ يمكن. 
ولكن الثورة حقّقت أهدافها، لأنّو في ولاد راح يوعوا كلّ يوم هني وعم يسألوا أهلن: نازلين اليوم ع المظاهرة؟ وفي ولاد رح يكونوا بالصف وسهيانين عم يتذكّروا وقت نزلوا ع الشارع وغنّوا وكنّسوا، وفي شباب وصبايا حفظوا النشيد ورفعوا العلم بصدق... هودي يللي بعرفن ما قبضوا من حدا، ورح يضلوا يأكدولي يوم بعد يوم إنو لبنان يللي بدنا ياه يمكن ما يتحقّق بس ع القليلة رجع حلم وبطّل كابوس... وهيدا شي ما قدر العهد القوي يعملو، ولا القوات اللبنانية ولا المردة ولا الكتائب ولا حركة أمل ولا تيار المستقبل ولا المقاومة الإسلامية وغيرن من وجوه العهد القديم.

السبت، 2 نوفمبر 2019

عن محيطي المسيحيّ الزغير 2 تشرين الثاني 2019



الحكي يللي بدّي إكتبو هلأ مستوحى من محيطي المسيحيّ الزغير، وما ضروري يكون حالة عامّة فالرجاء أخذ العلم والخبر وما حدا ينزل فيي وعظ إنّو لأ مش صحيح ومش هيك الوضع:
محيطي المسيحي الزغير مقسوم بالإجمال بين جماعة عون وجماعة جعجع، وما في قوّة ع وجّ الأرض بتقدر تقنّعن إنّو بيقدر الواحد يكون ضد الاتنين، علمًا إنّو هودي المتحزّبين مقسّمين على الشكل التالي: الربع الأوّل مقتنع بزعيمو وبيعرف أفكارو ومبادئو، الربع التاني ما بيعرف شي من شي ولا حامل كتاب سياسة بحياتو ولا مكمّل خطاب ع الآخر ومش عارف هوّي ليش مع هيدا الزعيم بالتحديد، الربع التالت محزّب نكاية بالفريق التاني، الربع الرابع عاطل عن العمل وبياخد موقف الزعيم يللي بيلاقيلو شغل.
هيك كان الوضع قبل الثورة، ولكن كان مضبوط بالاحترام قدر الإمكان، والمسايرة، وطولة البال. هلأ انفجرت الأوضاع أكتر، وصار الزغير يقلّل من احترام الكبير، وما عاد حدا يسكت لحدا، ولا عادوا الولاد يردّوا ع أهلن، على اعتبار إنّو العونيّين ضدّ الثورة، والقوّات معها، وما حدا راضي بشعار كلّن يعني كلّن... وهون صارت الأمور مضحكة مبكية، لأنّو بحسابات هيدا المجتمع الزغير ما في شي إسمو مجتمع مدني، ولا في أي حزب تالت...
وازدادت حدّة الشرخ مع انقسام الخوارنة والرهبان، فصار كلّ فريق يستقوي بخوري ضيعتو، وينشر شو كاتب ع الفيسبوك، أو شو قال بالوعظة.
اليوم، وبمناسبة تذكار الموتى، انتبهت لشغلة، بما إنّو ما عاد حدا عم يحكي مع حدا، لذلك، ومنعًا لمزيد من التشرذم، ولأنّو الوضع ما بيحمل خناقات، وحتّى إذا لا سمح الله مات حدا وانجبر الكلّ يشاركوا بالدفن، أقترح ما يلي:
1- يتمّ نعي الكاهن بحسب ميول الميت السياسيّة، وإذا كان لا بدّ من نعي كهنة الجوار، يجلس فريق الكهنة العوني إلى يمين المذبح في حال كان الميت عونيًّا، وفريق الكهنة القوّاتي إلى يسار المذبح، ويُعمل بالعكس في حال كان الراحل قوّاتيًّا.
2- على ورقة النعي، يتمّ تحديد الميول السياسيّة لكلّ شخص: مثلًا الزوجة عونية... الابن قوّات، الصهر عوني، وهكذا
3- ينقسم أهل الفقيد في صالون الكنيسة يوم الدفن فريقين، منعًا للاحتكاك بين المعزّين، وبعد ذلك يخصّص يوم لكلّ فريق
4- تُستبدل الأكاليل وباقات الزهر بالتبرّع للتيار أو الحزب كي لا تتدخّل السفارات في تمويل أي حراك أو مظاهرة
5- تتمّ التعازي "مشالحة" أي من دون مصافجة كي لا يضطر القوّاتي مثلا إلى مصافحة العوني
6- يرافق الميت إلى مثواه الأخير من هم من حزبه أو تيّاره كي لا تهتزّ عضامو بقبرو غضبًا ونقمة
7- يُعمل بهذه التدابير وسواها ممّا تقتضيه الظروف حتّى آخر مسيحي بلبنان... وبهمّة هالفريقين مش مطوّلين
رحم الله من استشهد ومات كي يبقى هؤلاء

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

عن سيمون أسمر وطلال حيدر واجتياح القمم


القرنة السوداء - لبنان

   في خلال الحرب اللبنانيّة (الأهليّة أو حروب الآخرين...) ارتبط اسم سعيد عقل بحرّاس الأرز، وعند وفاته، حصرت مقالاتٌ كثيرة الحديث عنه بمواقفه السياسيّة من الفلسطينيّين وإسرائيل، ونزعت عنه صفة الشعر.
    فهل سعيد عقل شاعر أم خائن؟
   في ذكرى أربعين الرئيس حافظ الأسد عام 2000 ألقى الشاعر جوزف حرب قصيدة عُرفت باسم النشيد الدمشقي ومطلعها: بالأسود اتّشحتْ من بعدك المقل/ وما الكلام؟ عصت أقلامَها الجُمَلُ
إلى أن يقول: قلّ الرجالُ إلى حدّ لغيرك ما/ أشرتُ يومًا إذا ناديتُ يا رجلُ!
فهل كان جوزف حرب عميلًا للسورييّين؟
    وفي عام 2010، نال الشاعر شوقي بزيع جائزة قدرها ثمانون ألف دولار، وبُردة من الحرير والذهب، وذلك في مهرجان سوق عكاظ الشعريّ في السعودية، عن قصيدته "مرثيّة الغبار". وأوضح مصمّم البردة يحيى البشري أنّها خيطت من قماش الحرير والكريب، كما طرزت بنحو 3 كيلوغرامات من القصب الذهبي، وزيّنت بزخارف لكلمات متناثرة رسمت عليها عبارة سوق عكاظ، إضافة إلى مزيج مما قدمه الشاعر، حيث تم رسمها بالخط العربي الحر، بينما كانت الزخرفة العامة للبردة عربية مستوحاة من منطقة الحجاز، وبلغ مجموع ما استخدم من الأقمشة 8 مترات.
فهل ميّز شوقي بزيع بين راعي المهرجان الأمير الشاعر خالد الفيصل والنظام السعوديّ الوهّابي؟
    وفي العام 2019، ألقى الشاعر طلال حيدر قصيدة مدح فيها العاهل السعوديّ ووليّ عهده، في مناسبة العيد الوطنيّ للمملكة العربيّة السعوديّة، الذي احتُفل به في المتحف الوطنيّ اللبنانيّ. فعاد كثر إلى ينابيع شعره ورموا فيها حجارة التشكيك.
فهل طلال حيدر شاعر أم لا؟
   وهناك الياس خوري وحركة فتح، وزياد الرحباني والحزب الشيوعيّ، وحبيب يونس والتيّار الوطنيّ الحرّ، وجوليا بطرس والمقاومة، وماجدة الرومي و14 آذار، وموريس عوّاد واليمين اللبنانيّ، وكثر لا مجال لحصرهم من الذين ارتبط شعرهم بمواقف سياسية، بعضها صادق واضح، وأكثرها هادف مقصود...
    هذا في العلن...
    أمّا في السرّ،
   فثمّة شاعر "مقاوم" (ومترجم وناقد وصحافيّ) يستدين مبلغ خمسة ملايين ليرة لبنانيّة ليخرج والدته من المستشفى، لأنّ شقيقه المحامي الثريّ يرفض المساعدة، والصحيفة لا تدفع له راتبه... ثمّ يتبيّن أنّ الوالدة في البيت، وأنّ الشاعر سافر إلى قبرص ليرتبط مدنيًّا بصديقته الإعلاميّة.
    وثمّة كاتب "ثائر" يحتال على الناس بحجّة مرض السرطان وضعف عضلة القلب واضطهاد الإخوة، فيجمع المال من هنا وهناك، ثمّ يكتب عن رجال الدين المحتالين النصّابين.
   وثمّة شاعر "وطنيّ" يحصّل لقمة عيشه من تحبير الخطب لسياسيّين من أحزاب متناحرة، وحين يكتب شعرًا تكون الحريّة حوريّته والسيادة أميرةَ أحلامه والاستقلال حلمَه المنشود.
وهناك شاعر يخشى زوجته ويكتب عن الشجاعة، وشاعرة تريد تحرير الوطن في حين يوجعها أنّ الشيب طال شعر عانتها، وصحافيّ يقبض من إيران ويهاجم أذناب الخليج، وشاعر يهاجم شاعرًا لأنّ هذا الشاعر يهاجم شاعرًا آخر هو صديق الشاعر الأوّل...
   أين النقد من كلّ ذلك؟ ومن يحسم في مسألة الحريّة والوطنيّة والإبداع؟ وكيف نفصل كلّ ذلك عن انتماءات الطائفة والسياسة والحاجة الماديّة والرغبة في الظهور؟ وكيف ننظر إلى جوائز عربيّة يمنحها سلاطين وملوك وأمراء عرب يتغاضون عمّا يجري في اليمن؟
   فلنأخذ مثلًا ما كُتب عن سيمون أسمر غداة رحيله. فبمعزل عن التقديس والتدنيس، غاب عن كثر من الناقدين والمنتقدين أنّ تجربة الأسمر تزامنت مع الحرب اللبنانيّة التي اختلط فيها حابل الإبداع بنابل التجارة، وبيعت في خلالها الدماء البريئة والقضايا المصيريّة، وبالتالي لا يمكن عزلها عن تأثيرات الانحدار الذي سحب كلّ ما في البلد نحو مصير قاتم. كما غاب عنهم أنّ اتّهام الاسمر بإفساد الذوق الفنيّ العام هو اتّهام تصل نصاله إلى زكي ناصيف وروميو وبابو لحّود ووليد غلميه وناهدة فضلي الدجّاني وصونيا بيروتي ونضال الأشقر وغيرهم وغيرهم من الذين كانوا في عداد لجان التحكيم. فضلًا عن أنّ اتّهامه بأنّه أبعد عددًا من الموهوبين ما أدّى إلى انطفاء نجم بروزهم دليل على أنّ هؤلاء "المغيّبين" فشلوا في إثبات وجودهم من دون راع ومدير أعمال. من دون أن ننسى أنّ مدراء الأعمال حاجة صارت تفرضها الحاجة إلى صناعة النجوم وتسويقها في عالم يفرز يوميًّا آلاف الوجوه والأسماء والأجسام (عارضات الأزياء مثلًا)، وهذا ما تقوم عليه صناعة السينما والأغنية إليه في دول الغرب.
    أمام سلسلة المقالات والتغريدات والبوستات التي اجتاحت فضاء "حريّتنا"، عند وفاة سيمون أسمر وإعلان "وفاة" طلال حيدر الشعريّة، بدا اجتياح القرنة السوداء، وجرف الأشجار والغابات أمام سدّ بسري، وارتفاع جبال النفايات، مشاهد طبيعيّة تمرّ عابرة، كأنّ هذا الوطن المنتحر يكتب ورقة نعيه بيد غير راجفة أو متردّدة.
   ما أبرعنا في الرجم وما أسرعنا في النسيان، حتّى أنّنا نتغنّى بحريّة الصحافة ونتناسى أموال العراق وليبيا وسوريا وأميركا والمنظّمات الفلسطينيّة والسعوديّة والخليج وإيران، أموال حين أُقفلت منابعها أو شحّت احتجبت صحف وأقفلت دور نشر وجاع شعراء. ونحتفل بأعراس أولاد الزعماء ونتعامى عن أدوار أهليهم في السياسة، وننبهر بنجمات هوليود يرتدين فساتين بتواقيع مصمّمين لبنانيّين ونجهل أنّ وزارة التصميم التي أنشئت عام 1954، عهد الرئيس كميل شمعون، ألغيت عام 1977 لصالح مجلس الإنماء والإعمار!!!

الخميس، 19 سبتمبر 2019

قراءة الأستاذ يوسف طراد لكتبي السبعة - أيلول 2019



أدبٌ بين ورودِ الحبر ومآسي الارتحال
يوسف طراد
سبعة أناشيد أهي أناشيد للأدب أم من الأدب؟ إنها مؤلفات الأديبة ماري القصيفي، مؤلفات تحضر على طاولتك فترتل ملائكة الأرض والسماء أجمل صلاة دون اعتمار (طابيات).
كاتبة انتحارية، نقلت الحقائق ونشرتها بحكمة راهب مؤمن في خضم كرنفال الغباء. قراؤها لا يبتهلون أمام "سيليكون عابر" ولا يخضعون أمام "بوتوكس شامخ"، لأنها عبرت شقوق الذاكرة من دون تجميل الواقع على جدران الأزمنة الغاصبة، وما زالت الأمكنة قلوبًا يسكنها الخواء طالما تنبض بأحبة هجروا إلى المقلب الثاني للوطن بمواعيد عودة مؤجلة. تطوف حول مؤلفاتها آلام في قلب عاصفة تراقص الأماني الضالة من انتداب ورحيل مشتت فكان (كلّ الحقّ عَ فرنسا). سيدة كاتبة توثق أنين انكسارات دون حدود، وتمضي في سبيلها متأبطةً عنادها الأنيق نحو حلم الفرح والخير في ديوانين (لأنك أحيانًا لا تكون) و(أحببتك فصرت الرسولة).
أصبحت ابنة القصيفي نسمةً لا تنكسر الأ أمام شهداء ووطنية حقَّة بانتظار عناق مستحيل بين أقسام الوطن و الطائفة الواحدة. كلماتها رثاء دائم بعنوان ومجد مرتجل كالسنبلة التي رممت حنطتها بعد زمهرير الشتاء لكن الوطن هدم حلم الحصاد في جبل لديه (خمسة فصول) وفعلة قليلون.
هل زارت وطننا إمرأةٌ غجرية في المنام ومسَّته بلعنة عاشق طائشٍ يهوى الهزائم؟، أين أنت يا ماري لا تفككي الطلاسم المبهمة؟ لماذا لا تلتزمين الحيطة فتبوحين بكاءً وألمًا من الظلم المنشور في فضاء الأثير الإلكتروني؟ دائمًا ودومًا تمطر سطورك ابتسامات تنثر التهكم الهادف لتسقي لامبالاة الحكام ورجال الدين. نحتاج الكثير من جنونك وعقلانيتك لكننا نستحق القليل من جرأتك لندرك فسحة الحياة في متاهات وطن غادرته الوطنية وذرفت رموزه دموعًا من تهكمٍ لم تلتقطها مناديل ندمٍ أو حسابٍ أو اعتذارٍ صادق.
إنبلج الوقت وهربت الطرقات، وحده صمت الشمس المتوارية خلف كلماتك المسحورة تعطي الأرجوان لشفق ساحل الفينيق عبر (رسائل العبور) إلى (نساء بلا أسماء). تعَلَّمنا الإصغاء بدهشةٍ لكل كلام عبر قلمك، علِمنا علم اليقين أنك لا تتقنين قواعد (الإتيكات)، فدفعتي ثمن مقالاتك المنشورة في كتاب (الموارنة مروا من هنا) لأن أَحدٌ لم يقرأ بمحبة ولم تلامس كلماتك قلبه البعيد عن الحقائق الثابتة، كان ذلك قبل إتفاقية تخصيب الحبر التي لم تتم بين دول الطوائف الحائرة وبقيت حرية التعبير تحلم بحبر سليم اللوزي وسمير قصير.
ماري القصيفي أفكارٌ مقدسة على مذبح الفضاء الأدبي الشاسع، أسطورة مزركشة وَصَفَت التهجير، المآسي، رحيل سفن الوطنية من موانىء غير شرعية، العشق وغرام القمصان الزرقاء.
يوسف طراد. موقع mon liban.
الثلاثاء 16 تموز 2019
نعم هذا هو أدب Marie Kossaifi.


الأحد، 8 سبتمبر 2019

عن العرب والفرس والأتراك - 2011


ليلى: فتاة عربيّة بريشة أحد المستشرقين


إليزابيت تايلور في كاميرا مصوّرة إيرانيّة
الأرض بتتكلّم عربي والشعب بيحكي إنكليزي والصراع تركي فارسي

تناقلت وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي هذا الخبر:
"تجرّأ شاعر إيراني على الله في قصيدة يشتم فيها العرب سمّاها "إله العرب" في احتجاح على ما أورده برنامج تلفزيونيّ قال فيه أحد المشاركين إنّ اللغة العربية هي لغة أهل الجنّة، فقال الشاعر مصطفى بادكوبه وسط تصفيق مشاركين في أثناء إلقائه قصيدة في مؤسسة حكوميّة مخاطباً الله، "خذني إلى أسفل السافلين أيّها الإله العربي شرط أن لا أجد عربيّاً هناك".

مواقع إيرانيّة تناقلت الثلاثاء الماضي فيديو للشاعر الإيراني بادكوبه وهو يلقي قصيدة باللغة الفارسيّة تحت عنوان "إله العرب" يحتجّ فيها على برنامج تلفزيونيّ حكوميّ قال فيه أحد المشاركين إنّ العربيّة هي لغة أهل الجنّة، ثم نعت الشاعر الإيرانيّ العرب بأسوأ التعابير والألفاظ في وقت أكّد أنّه لا يفرّق بين قوميّة وأخرى.
ولئلاّ يثير غضب العرب الإيرانيّين أو الأهوازيّين في جنوب غرب إيران، قال إنّ هؤلاء "خوزيّون تعلّموا اللغة العربيّة وهم يعرفون أنّهم إيرانيّون وليسوا عرباً".
ويستخفّ بادكوبه بالجنّة قائلاً: "أنا لست بحاجة إلى جنّة الفردوس لأنّني وليد الحبّ فجنّة الحور العين والغلمان هديّة للعرب".
واعتبر الشاعر الإيرانيّ أنّ ظلم السلالة الساسانيّة هو الذي دفع الفرس إلى قبول الإسلام، وامتدح شعراء ايرانيين مثل حافظ وجلال الدين الرومي معتبراً كلامه ناضجاً مقارنة بـ"القصص العربيّة" في إشارة مبطّنة إلى الطعن بالقصص المذكورة في القرآن، مفضّلاً رباعيّات الخيام على "الحدائق العربيّة"، يريد الجنّة.
ولم يقف الشاعر الذي كان يلقي قصيدته من على منبر ثقافيّ حكوميّ إيرانيّ عند هذا الحدّ، بل قال إنّ "كلام غاندي وأشعار هوغو أشرف من المزاعم العربية".
وقال بادكوبه وسط تصفيق وتشجيع حضور وصفه أحدهم بأسد الأدب الإيراني "أسألك يا إلهي يا ربّ الحبّ أن تنقذ بلادي من البلاء العربي".
يُذكر أن مواقع إيرانيّة عديدة تناقلت فيديو القصيدة المذكورة وأشهرها موقع "بالاترين" الذي يتصفحه الملايين من الإيرانيين شهرياً".

********
وكنت في 4 شباط نشرت على مدوّنتي هذه المقالة تحت عنوان:
الفرس والأتراك وانتقام التاريخ
قبل الإسلام، كانت شبه الجزيرة العربيّة على خطوط تماس مع دولتين عظميين هما الأمبراطوريّة الفارسيّة الزرادشتيّة، والأمبراطوريّة البيزنطيّة المسيحيّة. ولو قال أحدهم عهد ذاك أنّ العرب الصاعدين من تلك الأرض القاحلة الجدباء سينتصرون على هاتين الأمبراطوريّتين لسخر منه الناس واتّهموه بالجنون، لكنّنا لا نستطيع في هذه العجالة التذكير بأسباب كثيرة كانت وراء هذا الانتصار في معركتي القادسيّة واليرموك يختلط فيها العامل الدينيّ بعوامل الاقتصاد والمصالح والفساد والاستعمار. غير أنّنا نذكّر بعشيّة ظهور الإسلام حين كان الفرس والبيزنطيّون يصلون بصراعاتهم إلى اليمن في أقصى الجنوب، حيث كانت الحبشة المسيحيّة تحاول في الوقت نفسه أن تجد لها موطئ قدم في منطقة عرفت مجدًا كبيرًا قبل أن ينهار سدّ مأرب ويهرب الناس نحو الشمال حيث بدأوا عهدًا جديدًا، وإن سمّته الديانة الإسلاميّة لاحقًا العصر الجاهليّ.
لا يمكننا تجاهل هذه الصورة التاريخيّة ونحن نراقب ما يجري اليوم على صعيد التقهقر العربيّ وعودة سطوع النجم الفارسيّ وإن صارت ديانته الإسلام الشيعيّ وانفتاح الباب العالي مشرعًا من تركيا وإن صارت الديانة هناك هي الإسلام السنيّ. ما يدلّ بشكل واضح على أنّ مصالح الدول ورغبتها في الاستعمار والاحتلال لا تتوقّف عند الموضوع الدينيّ وإن اتّخذته ذريعة، فها هي المنطقة نفسها تتعرّض لصراع إسلاميّ إسلاميّ بعدما كانت محطّ نزاع وثنيّ مسيحيّ. وإذا كانت الأهداف الاقتصاديّة عهدذاك متمثّلة بطريق الحرير والاتصال بالمحيط الهنديّ ومنه إلى آسيا، فالأهداف اليوم تتبدّى في الصراع على مصادر الطاقة وتأمين سوق للسلاح الذي يحتاج إليه المتصارعون، ثمّ تأمين الأرضيّة المناسبة لشركات تعيد بناء ما هدمه المتحاربون ما يضمن استمرار دورة الحركة الاقتصاديّة ويؤمّن مصالح الشعوب المنتصرة وحكومات الدول المشاركة.
لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه القراءة هو عن التغيّرات التي لا بدّ أن تفرض نفسها على بنية المجتمعات العربيّة متى صارت أسيرة الصراع الحضاريّ بين الفرس والأتراك. خصوصًا مع تناقص أعداد المسيحيّين في هذه البقعة وتراجع دورهم الفاعل على مختلف الصعد. ولعلّ مشهدَي استقبال الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء التركي في لبنان يعبّران عن انتقام لا واعٍ ( أو ربّما واع جدًّا) للغة الفارسيّة التي أجبر أبناؤها على التنكّر لها أمام هيمنة اللغة العربيّة، وللغة التركيّة التي حاربها العرب واللبنانيّون بشكل خاص عهد الأتراك في ما عرف بمقاومة التتريك. فصراع هاتين الدولتين اليوم حضاريّ أكثر ممّا هو دينيّ، واقتصاديّ أكثر ممّا هو مذهبيّ، وهو ثأر من التاريخ عبر استعادة الجغرافيا، وتصحيح الماضي بواسطة التحكّم بالمستقبل. وقد كانت البداية مع المسلسلات المدبلجة، ففي وقت كان تلفزيون المنار التابع لحزب الله يستورد المسلسلات الدينيّة والتاريخيّة من إيران كانت الشاشات العربيّة الأخرى تستورد المسلسلات التركيّة.
تاريخ العرب موجود في شعرهم، لكن يبدو أنّ الإيقاع الموسيقيّ لهذا الشعر أكثر رسوخًا في الوجدان العربيّ من معاني الكلمات، وإلاّ لكان العرب أحسنوا قراءة متغيّرات الأزمنة وتبدّل التحالفات وعرفوا كيف يشاركون في لعبة الأمم وصراع الحضارات وكيف يحمون أنفسهم من دورة الحياة التي تضمن البقاء للأصلح. والعرب على ما صار محسومًا لم يعودوا كذلك.
**********
الردود التي علّقت على كلام الشاعر الإيرانيّ نحت في طبيعة الحال في اتّجاه الصراع السنيّ الشيعيّ في المنطقة، على اعتبار أنّ الشاعر الإيرانيّ في حديثه عن العرب يقصد أهل السنّة تحديدًا. ويغيب مرّة أخرى عن الاهتمام أنّ الصراعات القوميّة تتزيّا غالبًا بزيّ الدين والمذهب. وأغلب الظنّ أنّ كلام الشاعر الإيرانيّ خطوة استكشافيّة ترصد ردود الأفعال إن في إيران أو في بلاد العرب، تمهيدًا لرسم خارطة طريق في ما المنطقة مقدمة عليه. وبعيدًا عن وقوعنا تحت تأثير "المؤامرات" التي نشعر أنّنا في تعرّض دائم لها، من المفيد أن نحسن ربط الأمور في عالمنا العربيّ/ الفارسيّ/ التركيّ. فشعوب هذا المثلّث تمضي الوقت في تحليل الغيبيّات والتقاط إشارات السماء وتهمل قراءة المتغيرات على الأرض أو التفتيش عن العلاقة بين ما يجري في مختلف السساحات العربيّة ومدى ارتباطه بالوجودين الفارسيّ والتركي وعلاقة كلّ منهما بإسرائيل والنفط والمياه ومصادر الطاقة الأخرى. قلّة من المحلّلين والمفكّرين والمتابعين تعرف ذلك، أمّا سائر العرب فيتكلّمون باللغة الإنكليزيّة كي يتفاهموا وهم مؤمنون بأنّ اللغة العربيّة هي لغة أهل الجنّة، وحين يمرضون يسافرون طلبًا للعلاج إلى دول أوروبا أو أميركا حيث يسلمون أنفسهم للأطبّاء الـ"كفّار".

نحن مشاريع الموتى



من ذاكرة الفيسبوك في مثل هذا اليوم من العام 2017 يوم شيّع لبنان الشهداء العسكريّين الذين قضوا في جرود عرسال... ولا تزال سارية المفعول:
***
فلنبكِ اليوم طويلًا وكثيرًا
فلنبكِ بسبب خيباتنا، وخنوعنا، وغبائنا، وكبريائنا
فلنبكِ لعلّ البكاء ينظّف وجوهنا من وسائل الزينة، وطرقاتنا من تلال النفايات
فلنبكِ لعلّ التراب يزهر من جديد
فلنبكِ على كلّ شهيد وجريح ومعوّق ويتيم وثكلى ومهجّر ومخطوف ومهاجر ونازح
فلنبكِ حتّى تنتفخ أجفاننا وتحرق عيوننا دموع القهر والشوق والغضب
فلنصمت اليوم قليلًا ولنبكِ كثيرًا
فلنبك أمام شاشات التلفزيون، ولننحنِ أمام الموت والحزن خجلًا وندمًا واعتذارًا
فلنخجل اليوم من تخاذلنا في كلّ ما نقوم به في حياتنا الخاصّة والعامّة وفي عملنا... فذلك ما تسبّب بموت من مات
فلنندم لأنّنا حيث كان يجب أن نصرخ في وجه الظلم سكتنا وصفّقنا، وحين كان يجب أن ننتفض على الشرّ تواطأنا معه، وحين كان يجب أن ننادي بالحريّة والعدالة والجمال سرنا في مواكب التبعيّة وزحفنا خلف الزعماء واحتفلنا بالبشاعة
ولنعتذر من كلّ الذين ماتوا تعذيبًا في السجون ومعاناة في الأسر وإهمالًا في المستشفيات ودهسًا على الطرقات ووحدة في دور العجزة، لأنّنا تركناهم يموتون حين نسيناهم
لنبكِ اليوم لأنّ القبح غزا فنوننا، وغياب الضمير يعلّم في مدارسنا، والفساد يعشّش في نفوسنا، والفقر يقيم في بيوتنا،
لنبك، ليس على العسكريّين الشهداء الذين يمشون اليوم بفخر صوب تراب قراهم فحسب، بل علينا نحن مشاريع الموتى، أصدقاء اليأس، أبناء الوطن المقهور، ضحايا العهر السياسيّ والمال الملوّث والدين المشوّه.
لنبكِ اليوم طويلًا وكثيرًا... لعلّ الدمع يغسل نفوسنا فنرى من بين خيوط الدمع عجوزًا تحمل سبحتها وتقصد الكنيسة في يوم ميلاد العذراء مريم لتصلّي من أجل أهالي الشهداء، فنطمئنّ إلى أنّ بعضنا لا يزال بنقاء الطبيعة قبل أن نقطع أشجارها ونسمّم مياهها ونلوّث هواءها...
#ماري_القصّيفي
#شهداء_الجيش_عرسال

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.