1- رجلي المشلولة أكثر شجاعة وإخلاصًا من كثير من الذين التقيت بهم وظننت أنّهم يستطيعون الوقوف على أقدام ثابتة في وجه التحديّات.
2- من الأمور المفيدة في كوني عرجاء هو أنّني أرى العالم من نقطتين مختلفتين: فإن وقفت على الرجل السليمة رأيت شيئًا وإن نزلت إلى الرجل المشلولة رأيت شيئًا آخر مختلفًا تمامًا.
3- كان درس الممنوع من الصرف في حصّة القواعد من أهمّ الدروس عندي إذ كان الأستاذ يعطي مثلاً على وزن أفعل الذي يدلّ على عيب ومؤنّثه فعلاء فيقول دائمًا أعرج: عرجاء. عند هذه اللحظة كنت أعلم أنّ جميع التلاميذ يفكّرون فيّ.
4- عندما كان المعجبون بكتاباتي يتّصلون بي لتهنئتي على "ذكائي" و"إبداعي" كانوا يلحّون على لقائي ودعوتي إلى فنجان قهوة. وعندما كنت أرضخ أحيانًا خجلاً أو فضولاً كان صاحب الدعوة يظنّ، عندما يراني أمشي، أنّه فهم كلّ كتاباتي دفعة واحدة، واكتشف سرّ "معاناتي" و"نقمتي" فيتحوّل فجأة محلّلاً نفسيًّا ومرشدًا "عاطفيًّا"، ثمّ يختفي نهائيًّا.
الآن وفي هذه اللحظة بالذات وفّرت على نفسي الكثير من فناجين القهوة.
5- جمْع الأصدقاء قد يشحن العاطفة بطاقة هائلة، أمّا جمع الأعداء فيشحذ الذهن بشكل حادّ. المرحلة الثانية أكثر إبداعًا.
6- أطرف ما صادفني في علاقاتي مع الرجال (وهم على عدد الندوب المدروزة في رجلي المشلولة من آثار العمليّات الجراحيّة) أنّ الواحد منهم يدّعي دائمًا، إذا سألته، أنّه لا يعرف أيّ رِجل هي المصابة بشلل الأطفال. يبدو أنّه دائمًا مشغول بـ"شعري وبعينيّ ومش شايف غير شي فيي" على ما يقول زياد الرحباني في إحدى الأغنيات التي أدّتها سلمى.
7- عرفت ثلاثة أنواع من الرجال: النوع الأوّل (حسب الترتيب الزمنيّ) أراد عاطفتي أي أن أحبّه وأصمت، وفي المقابل سيتذكّرني طوال عمره؛ والنوع الثاني أراد جسدي أي أن يلهو به بلا حساب أو مساءلة وفي المقابل سيتصرّف كأنّي "طبيعيّة"؛ والنوع الثالث أراد عقلي أي أن أعطيه أفكاري وآرائي وفي المقابل سيدعوني إلى الغداء في أفخر المطاعم.
مع رجال النوع الأوّل تعاملت كما كنت أتعامل مع جدّتي في آخر أيّامها: أوافق على كلّ ما تقوله من دون نقاش.
مع رجال النوع الثاني تعاملت كما كنت أتعامل مع الآلام والأوجاع بعد العمليّات الجراحيّة: أنفصل عن جسدي وأراقب وأفكّر.
مع رجال النوع الثالث تعاملت كما كنت أتعامل مع التلاميذ المراهقين حين كنت معلّمة: أعطي فكرة جديدة ثمّ أندم لأنّها لا تناسب مستواهم الثقافيّ.
8- عندما كان بعض الرجال يعرض عليّ دعمه العاطفيّ كنت أجد نفسي أمام خيارين: إن قبلت سأسمع يومًا: شو! الهيئة كنتِ مصدّقة حالك؟ وإن رفضت سأسمع مباشرة: شو! مين مفكّرة حالك؟
فعلاً، الليل حالك!
9- قد تكون مشيتي عرجاء غير أنّي أرفض أن أجعلها ملتوية.
10- لا أستطيع أن أخبّئ علاقتي بأيّ رجل، مهما كان نوع العلاقة، لأنّ علامتي الفارقة ستفضح الأمر، ولذلك كنت مطمئنّة إلى أنّي لن أكون غير مرئيّة وبالتالي سيقول الناس دائمًا: لقد رأينا فلانًا مع واحدة تعرج.
11- "أهضم" الأمور تحصل معي عندما أكون على الشاطئ في لباس البحر: يرتبك الذين يرافقونني للمرّة الأولى، يراقبني الناس من تحت النظّارات الشمسيّة، يسألني الأولاد لماذا أمشي هكذا، ويستعيد الثقةَ بالنفس أصحاب البطون المندلقة أو الأفخاذ الشحميّة أو الصدور المترهّلة.
12- عرجاء؟ أكيد. ولكن... من السهل جدًّا أن أركل برجلي المشلولة الرؤوس الفارغة.
13- لا آخذ إلاّ....من رجلي!
هناك 4 تعليقات:
من كان منّا بلا عرج ..
كم هو هيّن على العارف عرج الجسد مع سلامة التفكير وسواء التدبير .. وما أوجع وأقبح عرج الروح والعقل
C'est un article de grande valeur littéraire , artistique et psychique ! Il m'apprend de nombreuses leçons dans la vie ! Mes respects , Chère madame Marie !
شكرًا دكتور مروان، الألم يعلّمنا جميعا ...لك خالص المودّة والتقدير
الله يسامحك,,كنت انتظر امل اني ممكن في يوم انحب,حطمتي هالامل ياماري..
حاليا لا اعرف اكرهك ام اشكرك
اعتذر
عرجاء
إرسال تعليق