‏إظهار الرسائل ذات التسميات يوميّات الأرض. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات يوميّات الأرض. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 1 يناير 2019

بصبّحك بالخير يا عين




     في أوّل يوم من السنة كانت "بربارة" جدّة أمّي تنطلق مع الفجر إلى عين المياه المتفجّرة بسخاء في وسط الضيعة. تحمل المرأة المنتصبة القامة كالألف في يدها اليسرى الجرّة الفارغة وفي اليمنى صحنًا من الفخّار فيه كمشة من أصناف الحبوب التي أنتجتها الأرض كالعدس والحمّص والفاصولياء والقمح، وحين تصل إلى العين تبادرها قائلة: "صبّحك بالخير يا عين، ينعاد عليك وتضلّك تعطينا مي". تتابع العجوز الحكيمة تحيّاتها وتمنيّاتها وشكرها وهي ترمي الحبوب من الصحن الفخّار في حضن العين هديّة لها في مناسبة السنة الجديدة.
     النساء اللواتي يحاولن كلّ سنة أن يسبقن "بربارة" يصلن متأخّرات دائمًا ويردّدن اللازمة نفسها: إم يوسف سبقتنا وعيّدت العين قبلنا.
     وكانت العين تخجل من المرأة العجوز التي تقدّر معنى العطاء، فتتدفّق مياهها طيلة السنة إكرامًا لأمّ يوسف المعترفة بجميل الأرض وخير السماء وكرم الطبيعة. ومن أجل عين "بربارة" تسقي عين المياه المقيمين وعابري السبيل، الناس والحيوانات والزرع، فتكتمل حلقة الأخذ والردّ وتتناغم الكائنات وتنسجم، ولم يكن أحد يفكّر في أنّ أمّ يوسف مجنونة أو خرفة تتكلّم مع العين وتقدّم لها التهنئة بالعيد ولو كان الطقس عاصفًا مثلجًا لا حرارة تذيب الصقيع فيه لولا تلك التي في قلوب الناس.
     في ليلة العيد، تجتمع العائلة في بيت المرأة. خلال النهار أخرجت ابنتها "هنديّة" الحصر ونفضت عنها الغبار وما تساقط من رماد الموقد، و"مرحت" أرض الدار الترابية بالتراب الممزوج بالماء (دلغان). تعرف خالة أمّي كيف تداوي التراب بالتراب، مع أنّها لم تسمع بأبي نوّاس. ابنة أمّ يوسف الثانية "حنينة" نتفت ريش الدجاجة وحضّرتها للعشاء، جدّتي "هند" والدة أمّي ترتّب المكان، فالليلة سيأتي أفراد العائلة في الحيّ الفوقاني ليسهروا في بيت عميدتهم أمّ يوسف، أمّا عائلة الحيّ التحتاني فتجتمع في بيت آخر، الطريق الوحيدة التي تشقّ القرية هي الحدود بين الحيّين. في تلك الليلة يتوقّف القتال على جميع الجبهات، ويحمل جميع أهل الحيّ أطباق القشّ وعليها ما حضّروه ويجتمعون في بيت واحد، ليسلّموا على السنة الجديدة ويسلّموها أمنياتهم وأحلامهم.
     تتابع أمّي وصف مجريات السهرة وهي تعلن شوقها إلى تلك الأيّام، فأفكّر في أنّ المياه شحّت في لبنان لأنّ النساء نسين كيف يشكرن الطبيعة ويستدررن عطاءها. جفّت الصدور والغيوم والينابيع. فصار الحليب مجفّفًا والمطر كبريتيًّا والمياه ملوّثة. وحين تمتلئ الصدور بالسيليكون لا بدّ أن تكون الأجيال الجديدة من النايلون.

الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

في وداع ريحانيّة الجبل - أيار 2010


بين أشجار السرو والريحان والأكي دنيا

       لا أعرف إن كانت البلدة التي ولدت فيها لا تزال موجودة، لا أعرف إن وُجدت أصلاً. فالأمكنة ابنة الحكايات، ولعلّ حكاية قديمة أنجبت بلدتي التي أنجبتني. اسمها الريحانيّة، ولم يعد فيها من الريحان إلاّ شجرة يتيمة أمام باب بيتنا، تحيي العابرين على الطريق وتغريهم فيمدّون أيديهم ليقطفوا بعض الحبّات الصفراء الممتلئة فتتساقط الأخريات الكثيرات زخّات من العطر وكرات شمس تتدحرج على التراب القليل الباقي في بلدة تجتاحها الأبنية التي تنبت على جنبات الطرق حيث كان التين والزيتون والعنّاب.
       يوم امتدّت الطريق السوداء فوق دروب التراب وتلوّت كالأفعى بين البيوت القليلة تهدّد أطفالها اللاعبين بأمان، هرب الأمان ورحلت العصافير واختفت أشجار الريحان وهاجر الذين كانوا أطفالاً، وصارت الريحانية مجرّد أرض مرتفعة الثمن تصلح للتجارة وتقضم أطرافَها الخضراء البلداتُ المحيطة بها: فتأخذ الفياضيّة من الشرق مستشفى السان شارل، وتأخذ الحازمية بساتينها الشماليّة، وتستعمر برازيليا التي أنشأها مغترب لبناني عاد من البرازيل جانبَها الغربيّ، وتكتسح اليرزة بطبقاتها الاجتماعيّة الراقية حقولَ زيتونها الغنيّة، ولا أعود أعرف أين أقيم. وحين قال لي سائق التاكسي الذي أقلّني ذات عشيّة: إذا كنت ذاهبة إلى بعبدا لا إلى الحازميّة زادت التسعيرة ألفي ليرة، فكّرت في أن أبيع بلدتي بألفين من الليرات، لولا أنّه تابع وقال لي: ضيعان هالضيعة أكلها العمار.
       لو عاد الذين ماتوا منذ سنين لما اهتدوا إلى القرية الصغيرة التي كانت مصيفًا لأهل الحدث وارتفع فيها في العامين الأخيرين عشرون بناء من الحجم الهائل لن يعرف المقيمون فيها من الخليجيّين الأثرياء والمغتربين العابرين أيّ شيء عن تاريخها. إم عزيز المنتصبة القامة رغم أعوامها التسعين تمشي ويداها على خاصرتيها، الستّ شفيقة تبلّل كفّيها بالمياه وتربّت على أطراف شتلات الحبق الكبيرة لتنمو مستديرة كأنّها مرسومة رسمًا، العمّ إسكندر يتأبّط ذراع زوجته الستّ هيلين ويعودان معًا مريضًا ليرفّها عنه بأخبارهما الطريفة الذكيّة، الستّ نيني ممرّضة القرية تنقل وصفاتها عن زوجها الذي كان يعمل في الطبيّة ويسمع أحاديث الأطبّاء ويتعلّم منها، العمّ جريس بشرواله العربيّ وزوجته الستّ رشيدة يجلسان أمام بيتهما الذي اختفى ويستعدّان لاستقبال زائري العصر لشرب القهوة، إم كلود التي أتت من الشمال وصارت ابنة الحيّ، العمّ طانيوس الذي حضن السنديانة مودّعًا باكيًّا حين هاجر وهو يناهز الثمانين من عمره إلى أوستراليا حيث أولاده، وغيرهم وغيرهم من الوجوه التي لم تعرف غير الابتسامات تتحدّى بها الفقر لا العوز، وتستقبل بها الضيوف بلا خبث أو رياء، وتروي الأرض حنانًا ودفئًا.
      اليوم، غارت عين الريحانيّة تحت هدير الحفر والبناء، وباع الأحفاد البيوت القديمة لتجّار الإعمار، وصارت أشجار الزيتون والتين والعنّاب وقودًا في مدفأة الذاكرة. كلّ ذلك لأنّ الريحانيّة ليس فيها مكان للموتى، ليس فيها مدافن. فأهل الريحانيّة الذين يعتبرون أنفسهم أبناء بعبدا لم ينقلوا مدافنهم الخاصّة إلى جانب الكنيسة التي بنوها منذ خمسين سنة، كأنّهم أرادوا أن يبقوا على انتمائهم إلى البلدة الكبيرة خصوصاً عند الغياب وفي مناسبات الحزن حين يحتاج الإنسان إلى من يحتضن خوفه أمام العبور والفناء. ولأن لا مدافن عندنا زالت هالة القدسيّة عن أرضنا التي لم تجد من يحمي تربتها وأشجارها وذكرياتها، فالموتى مدفونون بعيداً، وليس غير الموتى من يقدر على المواجهة لأنّهم لا يخافون.
       هذا الصيف ستمتلئ الأبنية التي شيدت حديثًا بالغرباء الذين لا يعرفون أين يقيمون: هل هم في بعبدا أم الحازميّة أم برازيليا أم الفياضيّة، ولن يبقى من الريحانيّة إلاّ بضع كلمات تحاول أن تصف عطرًا يفوح من شجرة الريحان الوحيدة الباقية أمام بيتنا، ووجوهًا تبتسم للكاميرا في ألبومات عتيقة منسية في زوايا الخزانات، وعقد خرز أزرق تتباهى به مراهقة اكتشفته بين أغراض عتيقة لجدّتها ولم يجرؤ أحد على إخبارها بأنّه كان لـ"عيّوقة" البقرة التي غذّت أهل الحيّ بحليبها الصافي وحين ماتت بكاها الجميع كأنّها فرد من العائلة.


النهار - الثلاثاء 11 أيّار 2010

الأحد، 21 أكتوبر 2018

ساحات البلدات في موسم الشتاء (2009)



بحمدون - تصوير يارا الهبر

لا أعرف إن كان أحد منكم زار ساحات البلدات في مواسم الشتاء والأمطار والعواصف وتنزّه في فراغ الأمكنة التي خلت من ازدحام الناس وصخب الحفلات وصراخ الأولاد. فراغٌ ممتلئٌ نعمةَ الخيال، هو ذلك الفراغُ المخادع الذي يبدو لغير الرائين خاليًا وميتًا وباردًا.
ساحات دير القمر وبحمدون وعاليه وإهدن وبشرّي وبعلبكّ وبرمّانا وجزّين، تركها زائروها وأهلها والعابرون في ساحاتها الميادين، وخلّفوا وراءهم أغنيات الأعياد والمهرجانات ونكهات الأراكيل وطلبات الزبائن وأصوات الباعة ووجوه الصبايا الموعودات بالعشق والجنون. ومع ذلك لا يزال كلّ شيء هنا لمن يحسن الإصغاء والتقاط ما علق في الهواء من تنهّدات وما انطبع في الذاكرة/ المصيدة من ملامح.
لذلك يحلو لي في الشتاء، حين يرحل الجميع، كلّ إلى بلده ودفء مكانه، أن أزور هذه الأمكنة، أن أستغلّ خلوّها من الناس لأقترب من الأمكنة والناس، كأنّ الأمكنة التي وجدت للناس تفقد صفاءها متى كثُر الناس، وكأنّ الناس متى ملأوا الأمكنة فقدوا خصوصيّةً هي ملك لكلّ واحد منهم.
يتغيّر الناس متى التقوا بالناس، يضعون أقنعة تخفي حقائقهم ليصيروا كلّهم أشخاصًا آخرين لا يعرفون أنفسهم، وهكذا تسكن الغربة في ثرثرة لا بدّ منها أو في فرحة مصطنعة لا بدّ من ادّعائها في ساحات البلدات خلال صيف يأتي فيه الجميع لينسوا أنفسهم.
في تلك البلدات حيث أوراق الأشجار ترقص رقصتها المجنونة على إيقاع الريح، يقيم في الشتاء الصمت ودخان المواقد. وفي البيوت التي تركها أصحابها من العرب أو اللبنانيّين يحلو لي أن أُسكن الناس الذين لا منازل لهم. أو أن أرسم نفسي حارسة البيوت فأتنقّل من واحد منها إلى آخر لأعبث بأدراج الخزانات وأجلس على المقاعد الباردة وأقف إلى النوافذ لأرى مِن خلف الستائر المسدلة ما لن يراه أصحاب البيوت في الصيف. خيالات الذين كانوا هنا لا تزال هنا، تنتظر شمسًا وصيفًا ونهارات طويلة من الكسل.
أين ذهبت طاولات المقاهي من الساحات وأين خبّئت المظلاّت الكبيرة البيضاء؟ قال لي صاحب مقهى في دير القمر: في الشتاء نرحل إلى أميركا. كان ذلك في أواخر الصيف حين لم يبق إلّا أصناف قليلة تُقدّم لزبائن قليلين مع الاعتذار بأنّ الصيف انتهى. كنت وصديقي العابر زائرين ثقيلين لا نريد أميركا ولا نريد أن يرحل أصحاب المكان كي يبقى لنا المكان مفتوحًا ورحبًا لا تحكمه الفصول ولا تغلق أبوابه رفوف الناس الراحلين. ومع ذلك، نامت المقاهي الجبليّة في انتظار قبلة الشمس، وعادت الساحات ميادين للكلمات، يزورها الشعراء والفنّانون ويتنزّهون في فراغ ليس فراغًا إلاّ لمن لا يعرف. يحنون رؤوسهم تحت قبّعات صوفيّة، يغرقون أيديهم في جيوبهم الخالية إلّا من كمشة أحلام، ويمشون وهم يبحثون عن خطوات تركوها من الشتاء الماضي ويخشون أن تكون اختفت تحت ركام الفرح العابر وبقايا المواعيد المخذولة.
يعرف هؤلاء أنّ الأمكنة اشتاقت إليهم، ومن هذا الاشتياق تمتلئ صدورهم هواءً باردًا ونظيفًا وطاهرًا ومنعشًا يشبه ما عرفه العالم لحظة التكوين الأولى، ولا يشبهه.
ومن هناك، يبدأ الشعر.

الأربعاء، 28 يونيو 2017

سمير غصن و REAL HIKERS TEAM



    
  الصداقة الفيسبوكيّة التي جمعتني بأستاذ الفلسفة سمير غصن، لم يكن الدافع إليها الزمالة في مهنة التعليم، ولا لايكات يضعها كلّ منّا على شذرات وتعليقات يكتبها الآخر، لكنّي أفترض أنّ الدافع إليها والإصرار عليها هو علاقة تربطنا معًا بطبيعة لبنان عمومًا، وبوادي قنّوبين تحديدًا، الوادي المقدّس الذي سمع كلّ واحد منّا، أنا والأستاذ سمير، أصوات ناسه ونسّاكه، فأصغى إليها وتبعها: هو على دروب الوادي، وأنا فوق الأسطر.
     أسباب كثيرة أعاقت انضمامي إلى سمير غصن ورفاق دربه، وأكثرهم من تلاميذه، فلم تسمح لي الفرصة لمرافقتهم، لكن مشوارهم الأخير من "شربل بقاعكفرا إلى شربل عنّايا" جعلت في الإمكان أن نلتقي أمام دير مار مارون. قبل ذلك، لم أحسم قراري بالكتابة عن مغامرة المشي والتسلّق هذه، كنت أنتظر الفرصة كي أرى وجوه هؤلاء المغامرين، وأستمع إلى أصواتهم الهازجة وهم يحقّقون الهدف، ويصلون إلى مبتاغهم؛ كي أشهد على تعبهم وفرحهم، على روابط تجمعهم، لا علاقة لها بدين أو طائفة أو عمر. وهذا ما حصل حين انضممنا إليهم، أنا وأفراد عائلتي، مع اقتراب وصولهم إلى محبسة القدّيس شربل.
    بعيدًا عن المنحى الروحيّ لرحلة الحجّ هذه، المنطلقة من أعلى قرية مأهولة في لبنان، بقاعكفرا مسقط رأس قدّيس لبنان، أجد في ما يقوم به سمير غصن وفريقه ما يتخطّى الزيارات الدينيّة التي يقوم بها آخرون: سيرًا على الأقدام أو بالحافلات. ثمّة في عملهم ما يعيد تجذّر الشباب بالتراب، وما يمنح أجنحتهم هواء نقيًّا، وما يغسل عيونهم وآذانهم وأرواحهم من بشاعات تغرّب الإنسان عن الإله فيه.
     وأكاد أجزم بأنّ سمير غصن الذي أخرج دروس الفلسفة من بين جدران الصفّ، يريد لهؤلاء الشبان والصبايا أن يعودوا إلى الأرض ولو لأيّام قليلة أو ساعات معدودات، وهو يعي تمامًا أنّ من سيختبر متعة هذه الرحلات لن ترتاح روحه بعد ذلك إلّا متى حمل جعبته على ظهره، وعصاه في يده، ومضى إلى حيث تناديه أصوات الذين عاشوا فوق هذه الأرض، وصارت خلاياهم حبّات من ترابها.
      حين وصل الفريق إلى عنّايا، بعد أيّام ثلاثة من المشي في الأحراش والجلول، بدت القيامة متوهّجة، وصخرة الموت تتدحرج ليولد مجتمع واعد، إذ بدا أعضاء الفريق، وهم يظهرون تباعًا بين جموع المصلّين والزائرين، رسلًا جددًا يحملون البشرى لهذه الأرض، أو فرسانًا غادروا مقاعدهم حول الطاولة المستديرة، ليعودوا بالكأس المقدّسة إليها.

     ولمّا ارتموا منهكين في باحة الدير، بدا شربل القدّيس بينهم، واحدًا منهم، تفوح منه رائحة عرقهم، وتختلج مشاعر فخرهم بإنجازهم في عروقه والشرايين، فيتجدّد عهد قداسته، بعدما سار مرّة ثانية على دربٍ قادته من قريته إلى صومعته.

     قد لا يعرف هؤلاء ماذا يفعلون، وقد لا يقدّرون أهميّة عبورهم في قرى وساحات يستقبلهم أهلها ويقدّمون لهم القهوة والماء، وقد لا يقرأ الناظرون إليهم هذه القراءة لمسيرتهم، لكنّ الأرض التي يثبون فوق شوكها وصخورها، ويقفزون فوق بركها، أو يخوضون في أنهارها، وينامون فوق ترابها، ويستظلّون بأشجارها من شمسها، ويسامرون قمرها، ويتدفأون من يباس حطبها، ويتسلّقون قممها، ويغوصون في روحانيّة وديانها... هذه الأرض تبارك خطواتهم، وتفرح لخبطات أقدامهم، وتسكر بنقاط عرقهم تروي عطشها.
     يوم الأحد، وبعد مسيرة ثلاثة أيّام، أنهى سمير غصن وفريقه رحلة الـ 60 كلم، في بلد لا يقدّم التسهيلات اللوجستيّة لأنشطة كهذه، ولا يدعمها، ولا يشجّع عليها، وهم يستعدّون اليوم لرحلة الأحد المقبل 2 تمّوز، على درب المحابس: حدث الجبّه، نيحا، حردين... وثمّة آحاد كثيرة مقبلة، وثمّة وجوه جديدة ستلوّحها شمس لبنان، وثمّة دروب لن تضجر من انتظار شبّاب غير عابئين بثلوج الشتاء وحرّ الصيف... ومع كلّ رحلة ينتصر أدونيس الحضارة والخصب على خنزير التخلّف والعجز...
     قد لا تسمح لي الظروف بالسير مع هذا الفريق، لكنّي أتمنّى لمن يرافقهم وينضمّ إليهم أن يحمل خطواتي معه ليزرعها في ذلك الوعر، وأن يقطف لي باقة من أزهار براريها، وأن يتزوّد لي وله بكمشة عطر وضوء.
     سمير غصن وفريق REAL HIKERS TEAM ، لأمثالكم كانت هذه الأرض وستبقى...

لمزيد من المعلومات، زوروا هذه المواقع:









 

الخميس، 26 يناير 2017

أمطري واعصفي (2010)





أمطري واعصُفي
وارقصي واعزفي
واخلُقي الجمالْ
وانسجي الخيالْ
القمح في أعدالنا
والزيت في قلالنا
والتين في السلال
وكلّها حلالْ من جبالنا
***
كان ذلك من زمان. كان ذلك أيّام الياس أبو شبكة.
اليوم، لا تمطري ولا تعصفي لأنّ طرقات الإسفلت ستغرق بالمياه بعدما كانت دروب التراب تشرب حتّى الاخضرار.
اليوم، لا تمطري ولا تعصفي، فبيوتنا تزنّرها الستائر الزجاجيّة بعدما زال عصر الحجر من البيوت وبقي في العقول.
اليوم، لا تمطري ولا تعصفي، لأنّ علينا أن نذهب إلى المجمّع التجاريّ لنأكل لأنّ الثلاجة فارغة.
القمح والزيت والتين كلمات في كتاب القراءة. والحلال للذبح بعدما أحنت الجبال رأسَها تحت ضربات آلات الحفر.
***
ولكن لا. فليقصف الرعد عمر الجفاف، وليمزّق البرق ثوب السماء، ولينزل المطر عشبًا وقمحًا وزيتًا وخمرًا.
***
نعم!
أمطري، عطّري
بالدم الأخضر
بُرْعُم الزهَر
واملائي الثمرْ
***
أمطري واعصفي لعلّ الشتاء يطول فيعجز الراغبون في الحرب عن تحقيق أحلامهم/ كوابيسنا.

الجمعة، 6 مايو 2016

الريحانيّة: حسم الصراع بين الديك والكلب

من بيتنا كنّا نرى السماء والبحر

من بيتنا صرنا نرى غابة الباطون

 (نشر هذا النصّ على مدوّنة الريحانيّة السبت 27 كانون الأوّل 2014)

    كنّا نستيقظ عند الفجر على صوت الديكة، فصرنا ننام آخر الليل على نباح الكلاب المرفّهة من على شرفات الشقق الفخمة... هذا ما كانت عليه الريحانيّة وهذا ما صارت إليه... ولكن لا تحسبوا أنّ قاطني هذه الشقق الأثرياء ارتفعوا مقدار سنتيمرات عن مزبلة ديكتنا... فحين تصدح من شققهم، بين نباح كلب وجواب آخر عليه، أغنيات فارس كرم ومحمد اسكندر ومن يشبههما في مستوى الشعر في أغنياتهما، نعرف أنّ ارتفاع أسعار الشقق حولنا إلى ما يقارب المليون دولار لا يعني أنّنا صرنا في بلاد الحضارة...
     كانت الجغرافية عندنا تتوزّع بين هذه الأمكنة:
جَلّ العودة، وجلّ الصرصور، وجلّ الخندق، وجلّ البيدر، وجلّ الطريق، وجلّ الحنّوش، ...
دوّيرة الحدّاد، دوّيرة العرايش، دوّيرة التين، دوّيرة المقصبيّة، دوّيرة ليمون البردقان،...
نقبة وديع، نقبة الخلّة، نقبة تامر، نقية المِئسَيْس، نقب الشمالي، نقبة الدكلة، نقب الجديد،...
خندق فندي، خندق المصريّ، ...
حرج رفقا، كرم الشيخ، زيتونة الأوتيل، نبعة بو رشيد، ...
     أمّا اليوم فأسماء المباني أجنبيّة، كأسماء الكلاب التي تنزّهها العاملات الأجنبيّات، يتسوّل المقيمون فيها شجرة عندنا، عندنا نحن أبناء البلدة الأصيلين، ليلعب في فيئها أولادهم...
     تقيم بلدتي في الغربة، وكلّما ارتفع بناء جديد فيها قصُر النهار، وصارت الشمس تغيب عن بيتنا خلف الطبقات العليا التي سرقت منّا الضوء وأغرقتنا في عتمة مبكرة...
     كان لكلّ بيت في بلدتي ديك يصدح فتولد الشمس من حنجرته، فصار في كلّ منها كلبٌ يخاف من الليل، فينبح ليستأنس بصوته...
     كان في كلّ بيت امرأة ترى أنّ أوراق الأشجار اليابسة طعام الأرض، فصار فيها سيّدات يأمرن بقطع الأشجار حفاظًا على النظافة...
     كان في كلّ بيت رجلٌ يقرأ في السماء علامات المطر وفي الأرض مواعيد العطاء، فصار فيها وجوه تقيم في إطار الغياب...

    كان في بلدتي دروب، وحين شقّت صدرها طريق الإسفلت العريضة، اسودّت عيشتنا وصدورنا وقلوبنا وأفكارنا... وصارت البلدة مدينة غرباء لا نعرف وجوههم ولا أسماءهم... نعرف فقط أنّهم أثرياء ويربّون كلابًا...

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

بعبدا: فراغ رئاسيّ وتخمة نفايات (2015)

الريحانيّة - بعبدا وكنيسة مار الياس

كرتون وبلاستيك... ولا فرز

الطريق غير الرسميّ لقصر الرئاسة




فلأوضح أوّلًا أنّ اختياري طريق النفايات الموصلة إلى كنيسة بلدتي مجرّد صدفة، فلستُ أنا من اختار المكان ليكون مكبًّا لأهل المنطقة وسكّانها والعابرين، ولست مواظبة على القيام بالواجبات الدينيّة أو ممارسة لها، وبالتالي أكتب فقط عن مكبّ نفايات صودف وجوده على الطريق إلى الكنيسة. فاقتضى لفت الانتباه.

النفايات والقصر الرئاسيّ:
في مرحلة تاريخيّة واحدة تتزامن مع الذكرى المئويّة الأولى للحرب الكونيّة الأولى، بدت بعبدا عاجزة عن التعامل مع أمور لافتة كثيرة: إقفال مدرسة الراهبات، خلوّ القصر الجمهوريّ فيها من رئيس "مارونيّ"، انحلال مجلس بلديّتها، أزمة نفايات غير مسبوقة في تاريخ لبنان. كلّ ذلك والجمعيّات الأهليّة والمدنيّة فيها مغيّبة بعدما صيّروها ضحيّة صراعات عائليّة/ حزبيّة.
كانت الريحانيّة على هامش الحياة البعبدويّة بسبب عدم وجود طريق مباشر يصل بينهما. لكن الرئيس أمين الجميّل ارتأى شقّ طريق رديف وبديل عن طريق القصر الجمهوريّ الرسميّ. وقيل لنا عهدذاك أنّه يريد استخدامها لتنقلّاته السريّة من القصر وإليه، لذلك أقيم حاجز حديديّ وسط الطريق المستحدثة يبقي العبور عليها محصورًا بسكّان القصر وزائريه. مع انتهاء عهد الجميّل، صارت الطريق عامّة وصارت قريتنا الجبليّة الغارقة في بساتين الزيتون والتين والسمّاق والخرنوب مدينة صاخبة لا تهدأ حركة المرور فيها... ونفايات المدينة طبعًا غير نفايات القرية.

النفايات والمجلس النيابيّ:
ثمّة في مشهد النفايات المتراكمة على الطريق ما يحرّرني شخصيًّا من أيّ التزام وطنيّ أو اهتمام سياسيّ أو شعور بوجوب المشاركة في انتخابات نيابيّة قد تحصل يومًا ما، وبخاصّة أنّني مقتنعة بأنّ الوجوه والأسماء لن تتغيّر. فأن يكون نائب منطقتي "المسيحيّ" مثلًا هنري الحلو أو حكمت ديب أو ناجي غاريوّس، شاهدًا على هذا المشهد ولا يحرّك ساكنًا مسألة تدعوني للهزء من الذين لا يزالون يؤمنون بزعيم أو سياسيّ. فشكرًا لهذه الأكياس ولكلّ الزبالة التي فيها لأنّها أكّدت إيماني بالابتعاد عن صندوق الاقتراع.

النفايات والمجلس البلديّ:
يعرف المتابعون أن لا مجلس بلديًّا في بلدة بعبدا. وبالتالي ليس هناك من يلام مباشرة على إهمال مسألة بيئيّة صحيّة على هذا القدر من الخطورة. فرائحة الفضائح والدعوى والرشاوى غطّت بنَتَنِها على رائحة النفايات الممتدّة من اللويزة إلى اليرزة إلى الريحانيّة إلى الأنطونيّه وبرازيليا وسبنيه وسائر أحياء بعبدا... ما عدا القصر الرئاسيّ طبعًا حيث النظافة التامّة...
لذلك، حرّرني كيس النفايات أيضًا من أيّ واجب قد يناديني لانتخاب مجلس بلديّ جديد أو التعاون معه. فأن يكون الراغبون في الوصول إلى المجلس البلديّ الجديد متعامين عن النفايات، متغاضين عن التفكير (ولو مجرّد التفكير) في مسألة معالجتها عبر الفرز على الأقلّ، وأن يكونوا شهود زور لأنّهم ليسوا في موقع القرار، فذلك كلّه يعني أنّ مسؤوليّاتهم مرتبطة بالموقع لا بالضمير. وليست المبادرات الفرديّة المشكورة سوى دليل على عجز جماعيّ، ولن تكون كافية لتؤسّس لحركة شعبيّة فكأنّ النخب العائليّة في المنطقة أعلى شأنًا من أمر مشين كالنفايات. لذلك سأقول لمن يدعوني لانتخابه: لم يكن القرار في يدك، لكن قراري في يدي.

النفايات والكنيسة:
ليس تفصيلًا ألّا تكون الطريق إلى الكنيسة في الريحانيّة طريق نحل بل طريق ذباب وبعوض، لكأنّ دعوة البابا فرنسيس إلى إيلاء البيئة الأهميّة القصوى لم تصل بعد إلى صندوق بريد كهنة الرعيّة. لذلك لن أفهم كيف أنّ العونيّين في البلدة يصفقّون لجنرالهم وصهره المحافظَين على حقوق المسيحيّين ويقبلون في الوقت نفسه أن يكون حرم الكنيسة مزبلة، ولن أفهم كيف أنّ القوّاتيين في البلدة معجبون بالحكيم ومغرمون بزوجته الحكيمة لأنّهما يضعان أمن المجتمع المسيحيّ فوق كلّ اعتبار، ومع ذلك يسكت هؤلاء القوّاتيّون أمام مشهد الزبالة تصل إلى عتبة الكنيسة. ولن أفهم كيف تسكت الكنيسة الجامعة الرسوليّة المقدّسة عن تحويل درب الكنيسة دربَ أوساخ وقاذورات تقود مباشرة إلى جهنّم لا إلى السماء...
ولكن من قال أنّ المطلوب أن نفهم؟...

النفايات والفرز:
تظهر الصور الثلاث التي التقطتها اليوم لطريق النفايات كميّة كبيرة وواضحة من العبوات البلاستيكيّة والزجاج والعلب الكرتون. ما يعني أنّ الفرز كان ممكنًا، خصوصًا أن طبيعة الأرض المحيطة كانت ستسمح إلى حدٍّ ما بالتخلّص من النفايات العضويّة. لكن ماذا تفعل البلدة، في غياب مرجعيّات فاعلة، مع العابرين الذين يرمون نفاياتهم ومع العمّال الذين تعجّ بهم ورش البناء ومع العناصر العسكريّة التي تحيط بالبلدة وتقيم فيها وليس عندها مكبّات خاصّة بها؟

أنا والنفايات:
شعرت اليوم وأنا أمام مكبّ النفايات، والعاصفة الرمليّة تضفي طابعًا ساخرًا على المشهد برمّته، برغبة شديدة في أن أرى التلّة ترتفع أكثر وأكثر. أردت أن تخفيَ عنّي الأبنية الحديثة، والأشجار القليلة الناجية من مجزرة الإعمار بلا وعي أو مسؤوليّة. أردت أن تصير القمامة أهمّ من أيّ لقاء قمّة جرى في القصر الرئاسيّ، وأن تصير أكياس الزبالة أكثر عددًا من أكياس الفضّة والذهب التي بيعت بها المنطقة، وأن تصبح للجرذان والفئران والذباب والبعوض والصراصير أصوات انتخابيّة لها تأثيرها، وأن يعمّ الدمار وتنتشر الفوضى، وأن يصير النقاء مجرّد ذكرى في صورة قديمة، وأن تخنقَ رائحةُ العفن والاهتراء عطر البخور، وأن تُخرس أصواتُ الشاحنات رنينَ الجرس، وأن يعميَ دخانُ الحرائق ورمل الصحراء العيونَ التي تعامت عن مسيرة الفساد والتعتير.
اليوم، رأيت الخراب الآتي وكان مغريًا وجميلًا ونظيفًا وواعدًا.

الجمعة، 8 يونيو 2012

مفكّرة المشي على الطرقات


ساحة الريحانيّة كما تبدو من بيتنا 


في أكثر الأيّام التي أنوي فيها البدء بنزهتي المعتادة أتردّد، لأنّ الفكرة الأولى التي تخطر على بالي هي: سيمضي النهار ولن أفعل شيئًا آخر. فأنا متى بدأت في المشي أعرف أنّ النزهة ستطول وتطول إلى حدّ أنّني أخشى أن أتأخر عن إنجاز أمور أخرى مطلوبة منّي.
ولكنّي على عكس أكثر الذين يمارسون رياضة المشي لا أفعل ذلك طمعًا بنعيم النحافة والليونة والرشاقة ولا خوفًا من جحيم ترقّق العظام وترهّل العضلات وكآبة النفس، بل رغبة في التقاط مشاهد لا بدّ أن تختلف وإن مشيت على الطريق نفسها، فكيف إذا دخلت في دروب وخرجت من أزّقة. فكما أنّ من غير الممكن أن نشرب من مياه النهر مرّتين فكذلك لا يمكن أن نرى المشهد نفسه مرّتين: لتغيّر في المشهد نفسه أوّلاً ولو في تفصيل واحد أو لتغيّر في مزاجي أو لتطوّر في أفكاري ولأنّ ما كنت أعرفه البارحة أضيفت إليه أمور جديدة اليوم.
ما من طرقات عندنا مخصّصة للمشي، ولكن بلدتي (بعبدا) لا تزال تحتفظ ببضع تجمّعات للأشجار يحلو للمحافظين على البيئة أن يسمّوها غابات، ولذلك أسرق في غفلة عن منشار الزمن وحفّارة الإعمار ساعات أتنقّل فيها بين طرقات البلدة الرئيسيّة والفرعيّة، هذا إن لم أرغب في التوجّه إلى الجبال أو القرى والبلدات البعيدة عن العاصمة بيروت. والمشي على الطرقات غير المخصّصة للمشي له ميزاته إذ لا يمكن ألاّ ألتقي بعشرات الناس سواي من المشاة أو السائقين الذين سيتوقفونني للتحيّة أو للدعوة إلى فنجان قهوة أو للسؤال عن الصحّة والعمل والأهل. فأنا متى اخترت المشي في البلدة عليّ القبول بشروطها الاجتماعيّة فأعود إلى المنزل محمّلة بتحيّات للأهل ووعود قطعتها بزيارة فلانة من الجارات أو فلانة من القريبات العجوزات.
ولكنّ الطبيعة شيء آخر، الأشجار وتغيّرات الفصول على أوراقها وأغصانها وأزهارها وثمارها، الهرر النائمة في كسل أمام المنازل الغارقة في الشمس والسكينة، نواطير الفيلاّت والقصور والبنايات الفخمة يتبادلون الأحاديث مستغلّين غياب أصحاب البيوت، حبال الغسيل على الشرفات والسطوح تشي بمستويات أصحابها الاجتماعيّة، مستوعبات النفايات التي عبثت الهررة والكلاب الشاردة بمحتوياتها ونشرتها على الطرقات ففضحت أسرار من تخلّص منها، أعقاب السجائر المرميّة من السيّارات، النباتات العنيدة التي شقّت طريقها إلى النور من فتحات ضيّقة في الحيطان والسلالم الحجريّة العتيقة، بقع خضراء من العشب البريّ اشرأبّت من بين أوراقها زهرات صغيرة ربيعيّة في فصل الشتاء، فأفكّر في قطافها ثمّ أتراجع وأقول في نفسي: إلامَ سأنظر غدًا إن مررت من هنا ولم يكن في المكان زهور؟
في طريق العودة من نزهتي التي غالبًا ما تحتلّ ساعات ما قبل الظهر، أفكّر في أنّ العالم صغير إلى درجة أنِ اختصرته أمامي بقعة من العشب والأزهار، وكبير بحيث أنّ البقعة الصغيرة نفسها قادرة على أن تفتح أمام عينيّ آفاقًا لا حدود لها.

"فأعود ولا شيء معي سوى كلمات" تنتظر أن أكتبها
.

الأحد، 22 أبريل 2012

22 نيسان اليوم العالميّ للأرض

كيف تبقى الأرض أرضًا و"التغريد" الذي كان للعصفور على الشجرة صار لهيفا على "تويتر"؟



22 نيسان اليوم العالميّ للأرض

التي يؤمن كلّ عربيّ بأنّها تدور حول زعيمه


22 نيسان اليوم العالميّ للأرض 

والأرض اللي بتتكلّم عربي


تمتنع عن المشاركة في العيد... حدادًا


22 نيسان اليوم العالميّ للأرض التي خسرناها ونحن نتقاتل على السماء

منطقة عمّيق

22 نيسان اليوم العالميّ للأرض

كيف يحتفل به الشعب العربيّ يللي مسحوا فيه الأرض؟




22 نيسان اليوم العالميّ للأرض 

نخّوا بوسوا الأرض إنّو بعد في عنّا كم كمشة تراب صاروا فعلًا أغلى من الذهب

الأحد، 25 مارس 2012

جنّات ع مدّ النظر


سهل البقاع 2012

بحمدون 2012

بزمّار 2012

بشرّي 2012

محميّة الباروك
(2009)
     حين وضع الشاعر اللبنانيّ عبد الجليل وهبي كلمات: جنّات ع مدّ النظر، وغنّاها وديع الصافي، لم يكن أحد في لبنان أو في العالم سمع بالكلمات التالية: التصحّر والجفاف والتغيّر المناخيّ والاحتباس الحراريّ وثقب الأوزون، ولم تكن هذه المصطلحات البيئيّة تعني أيّ شيء، بل كان معجم ألفاظ الطبيعة الذي تختصره الأغنية التي أشرنا إليها يدور حول الكلمات التالية: جنّات، طيور، القمر، أزهار، غصون، وديان، جبال، مروج، أنهار.
في ذلك الزمان الجميل كان عندنا: جنّات ع مدّ النظر/ ما بنشبع منها نظر/ وطيور ع نغماتها/ بينام وبيصحى القمر/ أزهار زيّنها الغوى/ بجفونها سحر الهوى/ وغصون تعبّها الهوا/ من كتر ما بتحمل ثمر...

     حديث الساعة في لبنان، حين يريد الناس الابتعاد عن السياسة، يتمحور حول الشحّ وهدر المياه وانخفاض نسبة الأمطار وتأخّر موسم الثلوج وتغيّر طبيعة لبنان وانحسار الجبال واحتراق المساحات الخضراء وتلوّث البحر وجفاف الأنهار وتحوّلها أنابيب صرف صحيّ وموجات البعوض وتلال النفايات. وينهي الناس أحاديثهم بعبارات من مثل: الله ينجينا من الأعظم، ضيعان هالبلد، ما في موسم سياحيّ هذه السنة. والغريب في هذه الأحاديث أنّ المتحدّثين أنفسهم، وهم لبنانيّون فخورون بالعبقريّة اللبنانيّة (الناجحة على صعيد الأفراد والمدمّرة على صعيد الجماعة)، لا يشعرون ولو للحظة بأنّهم مسؤولون عن أيّ شيء من ذلك. كأنّ من سبّب كلّ هذه الخسائر في الثروات الطبيعيّة والتشوّهات البيئيّة والتغيّرات المناخيّة غزاة من كواكب أخرى، أو وحوش استيقظت من عصور سحيقة القِدم والتهمت كلّ شيء، أو شعوب ترتدي ملابس الإخفاء هاجمت أرضنا وحوّلتها جحيمًا لا من القُبل كما في أغنية لمحمد عبد الوهاب بل من الحرّ والرطوبة والقذارة. فاللبنانيّون أبرياء من الحرب والخطف والفساد والرشوة وبيع الأملاك وتلويث الطبيعة والمتاجرة بالآثار، وبالتالي سُجّلت الدعاوى ضدّ مجهولين ولم نعلم حتّى الساعة من فعل كلّ ذلك بنا.

     كان اللبنانيّون خلال الحرب متى التقوا وأرادوا التهرّب من نقاش موضوعيّ عقلانيّ واضح حول أسباب تقاتلهم يختصرون الأمر بعبارة: لعن الله من كان السبب. وفي بال كلّ واحد منهم مسبّب يختلف عن الآخر. الآن، الجميع يلعن من يحرق الأشجار، ومن يجرف الجبال، ومن يسرق رمال البحر، ومن يبني منشآت غير شرعيّة على الممتلكات البحريّة العامّة، ومن يلوّث المياه، وهم يعلمون بأنّهم مساهمون في طريقة أو أخرى بذلك، كما فعلوا خلال الحرب، إن لم يكن بالتصرّف فبالصمت والتواطؤ. والطريف في أمر اللبنانيّين إقبالهم الشديد على توزيع رسائل إلكترونيّة تتضمّن أفلامًا وصورًا تمثّل أجمل مشاهد طبيعيّة التقطت في العالم، وكثر يحتفظون على أجهزة الكمبيوتر بهذه المشاهد المصحوبة بموسيقى هادئة يلجأون إليها لتخفيف التوتّر والاستمتاع بالطبيعة الخلاّبة، ولم يصلني حتّى اليوم أيّ فيلم فيه مشاهد من لبنان في واقعه الحاليّ أو من أيّ بلد عربيّ. وإذا كان اللبنانيّون صاروا يبحثون عن الخضرة والمياه والطيور على شبكة الإنترنت أو التلفزيون فكيف هو الحال مع شعوب لا تملك ما نملكه من تنوّع طبيعيّ؟
     لا يسع المرء حيال اضمحلال هذه "الجنّات" التي كانت على "مدّ النظر" سوى التساؤل: إلى متى سيمتدّ مسلسل الخسائر العربيّة القريبة زمنيًّا، بعدما امتلأ تاريخنا بدموع الخسائر التاريخيّة: فلسطين أرض الأنبياء، لبنان الوديان والجبال، عراق ما بين النهرين، وهل من الممكن أن تتّعظ شعوب البلدان الأخرى كي لا يصيبها ما أصاب جيرانها؟

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

يوميّات الأرض والزيتون





المشهد الأوّل

عندما عادت أمّي إلى أرض والديها استعادت لهجتها القرويّة وفرحها الداخليّ وفاضت ذاكرتها بأخبار الطفولة والمراهقة. عادت أمّي لتقطف الزيتون من أرض تركتها حين انتقلت مع أهلها إلى مدينة "عالية"، حيث تزوّجت ومن هناك انتقلت إلى بلدة "بعبدا"، وها هي اليوم تعود، بعدما صارت جدّة عجوزًا، وبعدما دمّرت الحرب بيوت قريتها وهجّرت أهلها وأحرقت أشجارها.
كانت أمّي تحلم دائمًا بامتلاك قطعة أرض في قريتها، ومع الحرب التي طالت ظنّت أنّ هذا الحلم لن يتحقّق، وخشيت أن تموت قبل أن تتاح لها فرصة العودة إلى حيث كانت تعيش جدّتها. وأمّي كانت تحبّ جدّتها، ولا تزال تتكلّم عنها بحنان دافئ يشعرنا بأنّ الزمن لم يمض وبأن تلك المرأة العجوز لم تمت منذ أكثر من أربعين عامًا.
على طرف الحقل صخرة مشرفة على واد مهيب وجميل، كانت أمّي تأتي في مراهقتها وتجلس عليها مع صديقتها. كانت الحكاية تتوقّف دائمًا هنا، لأنّ أمّي لم تكن تخبرنا عن أحاديثها مع صديقتها ولا عن أحلامهما ولا عن قصصهما مع الشبّان، ولم نكن نسأل، لا لأنّنا لم نكن نريد أن نعرف بل لأنّنا نعلم بأنّ أمّي البارعة في سرد الحكايات بأدقّ التفاصيل كانت تنأى عن الخوض في بركان المشاعر والانفعالات ومغامرات المراهقة، ففي حكاياتها الكثيرة، لم تكن أمّي تغادر طفولتها أو تبتعد عن جدّتها.
كيف استعادت أمّي صحّتها ونشاطها مع أولى خطواتها البطيئة في حقل الزيتون، مع أنّها كانت تتوكّأ على عصا غليظة التقطتها ما أن ترجّلت من السيّارة؟ ولماذا بدت مختلفة في تصرّفاتها وكلامها؟ وكيف انتعشت في رأسها أسماء النباتات والأعشاب والحقول في أرض لم يصل إليها المسح الجغرافيّ بعد، ولا يزال الناس فيها يضعون الحدود لأراضيهم وهم يحسبون عدد الجلول أو عدد الشجرات؟
كانت أمّي تحكي ونحن نشاكسها بالتعليق على أخبارها، غير أنّها لم تُستفزّ بل اندفعت في قطف الزيتون وملاحقة الحبّات الناضجة بنشاط لا يتناسب مع سنّها وصحّتها، وهي تستعمل مفردات زراعيّة معبّرة. قالت وهي تنبّه حفيداتها اللواتي تركن بضع حبّات من الزيتون على الأرض: لا أريد أن "أعفّر" وراكم. وهي تقصد أنّها لا تريد منهنّ أن يتركن خلفهنّ حبّات زيتون متروكات على الأرض أو على الأشجار. لاحظوا هذه الكلمة: أعفّر، تستعملها امرأة قرويّة من دون أن تعرف أنّ الفعل يعبّر عن فلاّح كان يعفّر جبهته في التراب بحثًا عن حبّة زيتون هي رزقه وثروته وأمان عائلته وضمان المستقبل. وهكذا تحوّل العمل في الأرض معجمًا كبيرًا من المصطلحات المرتبطة بالتعب والجهد، وأخذت أسماء الحقول تشي بحكايات التاريخ والجغرافيا ومسيرة الفصول وسيَر الناس، فهذا الحقل اسمه "العودة"، وذاك "الخندق"، وآخر " المجنونة"، وغيره " الحفّة"، وسواه "الشوار"...
بقيت اللغة وبقيت المعاجم أمّا الأرض فتتحوّل يومًا بعد يوم منازل مرمّمة ومهجورة وأشجارًا مقطوعة أو محروقة، هذه كانت خاتمة المشهد الأوّل من يوميّات قطاف الزيتون في قرية تستقبلك فيها بعض الأشجار وكثير من المدافن قبل أن تلتقي بالبقيّة الباقية من أهلها.






المشهد الثاني
هل كانت أمّي وهي تقطف حبّات الزيتون تفكّر في أمّها؟ وهل تصالحت معها بعدما عرفت حقيقة مقتل والدها وبعدما مضى الاثنان إلى موتهما تاركَين خلفهما أسئلة لا أجوبة عليها؟ ولماذا نصدّق ما يقوله لنا الغرباء ونخاف أن نثق بمن نعرفه؟
حين أتت جدّتي من الجبل أخبرتنا بما تعرفه عن مقتل جدّي، غير أنّنا لم نصدّق الحكاية التي بدت كأنّها من تأليف روائيّ بارع يحسن تصوير الشخصيّات وربط الحوادث. غير أنّ البدويّ الغريب الذي صودف وجوده في سيّارة الأجرة روى الحكاية نفسها بعد مرور خمسة وعشرين عامًا على الجريمة. وعندها صدّقت أمّي أمّها وبكت.
تحدّث البدويّ قال: سمعنا صوت انفجار ثمّ سمعنا ثلاث طلقات رصاص وصراخ المرأة المسيحيّة التي بقيت مع زوجها في البلدة بعدما هرب الجميع. كان الرجل أمام الكنيسة غارقًا في دمائه، حملناه وأخذناه إلى البيت، وهناك غسلته زوجته بعدما أجبرتنا على تأمين تابوت له. قلنا لها: يا امرأة، الدنيا حرب، والقتلى بالمئات فمن أين نأتي بالتابوت في هذه المجزرة؟ غير أنّ المرأة لم ترضخ لاعتراضنا وقالت: أبو سليم يستحقّ أن يدفن بشكل لائق. جمعنا صناديق الخشب التي كان يجمعها العجوز أمام بيته وقودًا للتدفئة، وصنعنا منها تابوتًا، ووضعنا فيه الرجل العجوز بعدما ألبسته امرأته شرواله الأسود ووضعت معه طربوشه الأحمر، وقالت لنا سنأخذه إلى القرية، وندفنه في مدافن العائلة.
ظننا أنّ المرأة جنّت، فالمسلّحون منتشرون على الطرقات، والقرى خالية إلاّ من الراغبين في مزيد من الدم، غير أنّ أمّ سليم أجبرتنا على تأمين سيّارة ربطنا التابوت على سطحها وأخذناها إلى قريتها. قبل أن نصل بقليل، اعترضنا حاجز مسلّحين منعونا وأمرونا بالعودة من حيث أتينا، فالقرية التي نقصدها مهدّمة والنار تتصاعد من بقايا منازلها وحدودها مزروعة بالألغام. بدا على المرأة أنّها لم تسمع كلمة ممّا قيل أو كأنّها لم تفهم أو كأنّها لم تكن تريد أن تفهم، فترجّلت من السيّارة وقالت لنا: انتظروني! ثمّ عادت بعد قليل لتأمرنا بمتابعة الطريق إلى أوّل مدفن في القرية. وهناك، وفي عتمة الغروب والحرب والقبر وضعنا الصندوق الخشبيّ على مدخل المدفن المخلوع الباب، وعدنا مسرعين إلى السيّارة وأصداء الانفجارات تتردّد في ذلك الوادي المخيف المحاط بالتلال الواجمة. التفتنا إلى الخلف فرأينا المرأة راكعة تصلّي ثمّ تمدّ يدها إلى صدرها وتتناول مسبحة من تلك التي يحملها المسيحيّون للصلاة ثم تفتح الصندوق وتضع المسبحة فيه وتلحق بنا.
تابع البدويّ حكايته الغريبة أمام رفاق الطريق الغرباء وقال: لم ترض المرأة بأن نعيدها إلى بيتها لأنّها لم تعد تريد شيئًا من هناك بل أمرتنا بأن نوصلها إلى أقرب مكان محايد تستطيع منه الاتّصال بأقربائها وأولادها.
عندما وصلت جدّتي إلينا حكت الحكاية نفسها، غير أنّ نظرات الشكّ في عيوننا أجبرتها على الصمت بعد ذلك أو على اختصار الحكاية إلى مجموعة من الكلمات غير المترابطة وغير المنطقيّة. وحين ماتت بعد سنوات أيقنت أمّي بأنّها لن تعرف أبدًا المكان الذي دفن فيه والدها لتضع شمعة وزهرة على قبره. لكنّها وهي تقطف حبّات الزيتون بعد خمسة وعشرين عامًا على الحادثة، ومن الحقل الذي تحرس حدوده الجنوبيّة مقبرة والدها، بدت ساكنة هادئة كأنّها عرفت الأجوبة على أسئلتها وليست مضطرة إلى مشاركتنا بها.




المشهد الثالث
الكنيسة التي قتل قربها جدّي لا تزال ركامًا. بناها باني الاستقلال الرئيس بشارة الخوري على اسمه وفي الشارع الذي يحمل اسمه وبالقرب من القصر الذي كان يحمل اسمه. هل هي دلالات الأزمنة وإشارات المصير، تريد أن تقول لنا إنّ الاستقلال لم ينهض بعد من تحت ركام الحرب؟ كنيسة سيّدة البشارة لا تزال على الرغم من السلام الهشّ في بلادنا عاجزة عن تبشيرنا بخلاص قريب، كأنّ زمن الأخبار السارّة لم يحن وقته بعد.
أمّا البيت الذي أمضيت فيه طفولتي ومراهقتي فتقيم فيه عائلة لا ترتبط بماضي البلدة الذي أحفظه غيبًا. لا أثر لأحواض الأزهار الموجودة في ذاكرتنا والصور، ولا للمقاعد العتيقة ولا للعريشة وشجرة التين وقنّ الدجاج. رائحة المكان محايدة لا نكهة لها، جعلتني أبحث بكلّ حواسّي عن عطر الستّ نبيلة، سيّدة المكان التي كنت ألاحق تحرّكاتها الأنيقة وأنا أشعر بـأننّي على مقربة من نجمة سينمائيّة من طراز فاتن حمامة. لم يكن عطر السيّدة يعود إلى ذاكرتي إلاّ برفقة رائحة الخبز الطازج الذي ترفعه جدّتي عن الصاج وتوزّعه على الستّ وعائلتها وحاشيتها وضيوفها. كان ذلك في موسم العزّ، ولم يكن أحد يعرف، حتّى الستّ نفسها، أنّ الخبز والملح لن يقدرا على مقاومة نداء الدم.
في داخل المنزل قطعة أثاث واحدة تعود إلى ذلك الزمان السعيد. اكتشفها أخي وهو يبحث عن شيء ما يؤكّد أنّ حياتنا مرّت فعلاً من هنا، وأنّ الأمر لم يكن مجرّد حلم ليلة صيف في مخدع عروس المصايف التي ترمّلت باكرًا. لماذا لم يأخذ كلّ الذين مرّوا على هذا المنزل منذ خمسة وعشرين عامًا البرّاد العتيق القابع في مكانه المعتاد؟ لماذا لم يرمه أحد؟ وكيف استطاع الاستمرار في عمله بعد كلّ هذا الوقت؟ البرّاد الذي كان عتيقًا حين كنّا صغارًا، وبقي عتيقًا حين عدنا، هل صار المشرحة الباردة التي تحفظ جثث الذين رحلوا؟ حين غادرنا المكان، كنّا نبكي ونضحك. حاولنا أن نمحو بكاء القهر بضحكات بلهاء ونحن ندّعي أنّنا نتذكّر برّاد الجمعيّة الذي غنّى له الأخوان رحباني وكتبوا على شرفه أحد أعمالهم الموسيقيّة الأولى.
أمّي التي تركناها تنتظر الزيت من المعصرة كانت في هذا الوقت تشهد أوّل قطرات من العصير الطازج وهي تنساب برقّة من زيتونات قطفتها من قرب مدفن والدها، ولم تعلم بأمر مرورنا على بيت والديها. لم نخبرها بأنّنا، بعدما عرفنا أين دفن جدّي وكيف قتل، أردنا أن نختم الحكاية على خشبة المسرح نفسه الذي شهد البداية. كان علينا أن ننظر إلى البيت الذي حمّلناه المسؤوليّة عن موت جدّي الذي لم يرغب في تركه، كأنّ بقاءه في البيت، قرب الكنيسة، سيمنع الحرب عن المرور من هنا. مشينا من الكنيسة إلى البيت، كأنّنا نعيد تمثيل مشهد عودته إلى حيث غسلته جدّتي وألبسته ملابسه القرويّة التقليديّة ووضعته في صندوق جمع على عجل.
لا أعرف إن كان أحد منّا سيعود إلى هذا المكان بعد الآن. ولا أعرف إن كان موسم الزيتون الأوّل لنا في قرية أمّي هو المشهد الأوّل من حكاية العودة إلى الجبل. ولا أعرف كذلك إن كان تزامنُ ذلك مع اكتشافنا حكاية البدويّ المتطابقة مع حكاية جدّتي، وفي الشهر الذي قتل فيه جدّي، هو المشهد الأخير من حكايتنا مع ذلك الماضي. غير أنّ ما أعرفه هو أنّني أتمنّى لو كنت أستطيع أن أنسى.

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.