ليس الفقر عيبًا وإن كان ليس هدفًا يطمح الإنسان إلى الوصول إليه؛ وستبقى حكمة الإمام علي بن أبي طالب ماثلة في أذهاننا حين نرى إلى الفقراء: لو كان الفقر رجلاً لقتلته... ستبقى ما دامت الأرض لمّا تمتلئ بعد محبّة وعدلاً وسلامًا وحقًّا. وليس فنّ التمثيل عيبًا بل هو من الفنون الراقية ما دمنا لا نتكلّم عن التمثيل بعقلنا ونظرنا وسمعنا، كما يمثّل المجرمون السفّاحون بجثث ضحاياهم. وليس الثراء مجرّد ملعقة من ذهب يأكل بها الأثرياء ما يعجز الفقراء عن شرائه، بل هو مستوى حياة وطريقة تصرّف وكلام ولياقة وجمال وذوق.
أمّا ما العلاقة بين الفقر والتمثيل والثراء فهذا ما سأحاول شرحه في أقلّ قدر ممكن من الكلمات المباشرة. فحين يكون الممثّل فقيرًا ويطلب منه أن يؤدّي دور ثريّ، فاحش الثراء، في مسلسل أو مسرحيّة أو فيلم، فعلى القيّمين على العمل الفنيّ أن يقوموا بإعداده خير إعداد ليؤدّي هذا الدور حتّى ينسى المشاهد أنّ هذا الممثّل الفقير الحال لم يدخل قصرًا في حياته، ولم يعرف أنّ الأثرياء يتصرّفون في قصورهم كما يتصرّف كلّ إنسان في بيته وليس كضيف يخشى أن يوقع الإناء فيكسره.
أنا لست من المدمنين على متابعة المسلسلات أيّا تكن جنسيّتها ما لم أكتشف من الحلقة الأولى أنّ هذا العمل يستحقّ أن أرهق نظري بمشاهِدِه وسمعي بحواره. ولأنني لست من الخبراء في البرامج التلفزيونيّة وخصوصًا بعد عصر الفضائيّات وازدحام المسلسلات الدراميّة على شاشاتنا، لا أستطيع أن أقول أنّ ما أكتبه عن المسلسل اللبنانيّ "بين بيروت ودبيّ" هو نقد متخصّص بل مجرّد انطباعات عاديّة لمشاهدة عاديّة لم تستطع أن تشاهد إلاّ بضع حلقات وبشكل متقطّع، خشية أن تفقد ما تبقّى من أعصابها وهي تتابع قصّة ليس فيها شيء من المنطق.
ولكن إذا وضعنا تمثيل كارمن لبّس وفادي ابراهيم وكارلوس عازار على حدة، لن يبقى في ذاكرتي عن هذا المسلسل إلاّ أنّ ابنة رجل الأعمال الملياردير كانت ترتدي منامة بعشرة دولارات، وقميصًا تائيّة (ت شيرت) بخمسة دولارات، وتحمل حقيبة يد من النايلون، وتتنقّل في قصر(ها) بحذاء يطقطق لأنّه يحتاج إلى كعبين جديدين، وليس لها، ولسواها من الممثّلين علاقة لا من قريب ولا من يعيد بحياة الأثرياء ولا بحياة أهل دبي.
إذا كان الإنتاج لا يستطيع تحمّل كلفة الحياة في القصور، فليكتب المؤلّفون قصصًا عن الفقراء والمرضى والمتسوّلين والمقيمين في العراء، فذلك أكثر احترامًا للفقراء والأثرياء وللمشاهدين على اختلاف طبقاتهم وفهمهم. خصوصًا أنّ ما يقال عن الملابس غير الملائمة لأدوار الممثّلين، يصحّ على المجوهرات والسيكار والسيّارات الفخمة والمطاعم الفاخرة والمشاهد الحميمة وإدمان المخدّرات.
يا جماعة، نحن نعلم أنّ الممثّلين والممثلاّت الذين تخرّجوا من الجامعات حديثًا لا يستطيعون تأمين الملابس والإكسوارات المناسبة لأدوارهم، عدا عن أنّهم لا يعرفون كيف تكون حياة من يطلب منهم تقليد حياتهم. فعلّموهم وثقّفوهم واسخوا عليهم وإلاّ فتوقّفوا عن إنتاج أعمال لا يملك المنتج المال الكافي لتنفيذها ولا يملك مخرجها السلطة الكافية لإدارتها ولا يملك أبطالها إلاّ النصوص التي بين أيديهم.
كان لمسلسلاتنا الدراميّة عهد ذهبيّ، وكان الممثّلون يقنعوننا بفقرهم ولو كانوا أثرياء ويقنعوننا بثرائهم ولو كانوا فقراء ويقنعوننا بإجرامهم ولو كانوا في براءة الأطفال، فرجاء لا تمثّلوا علينا بعد اليوم لأنّ المشاهد الذكيّ يعرف كيف يميّز بين ذهَب الموهبة الأصيلة وبين من ذهبت موهبته مع الريح، ولا تتبجّحوا بسيل الإعلانات، لأنّ المعلن الذكيّ هو الذي يعرف المستوى الحقيقيّ للمشاهدين.
أمّا ما العلاقة بين الفقر والتمثيل والثراء فهذا ما سأحاول شرحه في أقلّ قدر ممكن من الكلمات المباشرة. فحين يكون الممثّل فقيرًا ويطلب منه أن يؤدّي دور ثريّ، فاحش الثراء، في مسلسل أو مسرحيّة أو فيلم، فعلى القيّمين على العمل الفنيّ أن يقوموا بإعداده خير إعداد ليؤدّي هذا الدور حتّى ينسى المشاهد أنّ هذا الممثّل الفقير الحال لم يدخل قصرًا في حياته، ولم يعرف أنّ الأثرياء يتصرّفون في قصورهم كما يتصرّف كلّ إنسان في بيته وليس كضيف يخشى أن يوقع الإناء فيكسره.
أنا لست من المدمنين على متابعة المسلسلات أيّا تكن جنسيّتها ما لم أكتشف من الحلقة الأولى أنّ هذا العمل يستحقّ أن أرهق نظري بمشاهِدِه وسمعي بحواره. ولأنني لست من الخبراء في البرامج التلفزيونيّة وخصوصًا بعد عصر الفضائيّات وازدحام المسلسلات الدراميّة على شاشاتنا، لا أستطيع أن أقول أنّ ما أكتبه عن المسلسل اللبنانيّ "بين بيروت ودبيّ" هو نقد متخصّص بل مجرّد انطباعات عاديّة لمشاهدة عاديّة لم تستطع أن تشاهد إلاّ بضع حلقات وبشكل متقطّع، خشية أن تفقد ما تبقّى من أعصابها وهي تتابع قصّة ليس فيها شيء من المنطق.
ولكن إذا وضعنا تمثيل كارمن لبّس وفادي ابراهيم وكارلوس عازار على حدة، لن يبقى في ذاكرتي عن هذا المسلسل إلاّ أنّ ابنة رجل الأعمال الملياردير كانت ترتدي منامة بعشرة دولارات، وقميصًا تائيّة (ت شيرت) بخمسة دولارات، وتحمل حقيبة يد من النايلون، وتتنقّل في قصر(ها) بحذاء يطقطق لأنّه يحتاج إلى كعبين جديدين، وليس لها، ولسواها من الممثّلين علاقة لا من قريب ولا من يعيد بحياة الأثرياء ولا بحياة أهل دبي.
إذا كان الإنتاج لا يستطيع تحمّل كلفة الحياة في القصور، فليكتب المؤلّفون قصصًا عن الفقراء والمرضى والمتسوّلين والمقيمين في العراء، فذلك أكثر احترامًا للفقراء والأثرياء وللمشاهدين على اختلاف طبقاتهم وفهمهم. خصوصًا أنّ ما يقال عن الملابس غير الملائمة لأدوار الممثّلين، يصحّ على المجوهرات والسيكار والسيّارات الفخمة والمطاعم الفاخرة والمشاهد الحميمة وإدمان المخدّرات.
يا جماعة، نحن نعلم أنّ الممثّلين والممثلاّت الذين تخرّجوا من الجامعات حديثًا لا يستطيعون تأمين الملابس والإكسوارات المناسبة لأدوارهم، عدا عن أنّهم لا يعرفون كيف تكون حياة من يطلب منهم تقليد حياتهم. فعلّموهم وثقّفوهم واسخوا عليهم وإلاّ فتوقّفوا عن إنتاج أعمال لا يملك المنتج المال الكافي لتنفيذها ولا يملك مخرجها السلطة الكافية لإدارتها ولا يملك أبطالها إلاّ النصوص التي بين أيديهم.
كان لمسلسلاتنا الدراميّة عهد ذهبيّ، وكان الممثّلون يقنعوننا بفقرهم ولو كانوا أثرياء ويقنعوننا بثرائهم ولو كانوا فقراء ويقنعوننا بإجرامهم ولو كانوا في براءة الأطفال، فرجاء لا تمثّلوا علينا بعد اليوم لأنّ المشاهد الذكيّ يعرف كيف يميّز بين ذهَب الموهبة الأصيلة وبين من ذهبت موهبته مع الريح، ولا تتبجّحوا بسيل الإعلانات، لأنّ المعلن الذكيّ هو الذي يعرف المستوى الحقيقيّ للمشاهدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق