فان غوغ
حين أقرأ مقالات الاقتتال الثقافيّ والسياسيّ المعلّقة في ساحات الوغى (ولن تكون في يوم ما من المعلّقات) وكلّها يدّعي الدفاع عن الفكر والحريّة، أتمنّى لو كنت من الذين لم يتعلّموا القراءة.
فكأنّ الصراعات المذهبيّة لا تكفينا، والخصومات الطائفيّة لم تقض على ما تبقى من وحدتنا، أو كأنّ المشاكل الاقتصاديّة والمخاوف من الإرهاب لم ترهق كاهل بلادنا، حتّى ينحدر "المثقّفون" إلى درك الشتائم المقذعة وأساليب الهجاء البذيئة، لتكتمل بذلك حلقة انهيارنا ونفقد الرهان على ما كنّا نعتقد أنّه حبل خلاصنا.
ويصحّ في هذه الحال أن نستعمل لغة الحرب التي بتنا نحن اللبنانيين نجيدها ونضع المعاجم في أصول استخدامها، ونقول إنّ المحاور مشتعلة والطرقات غير سالكة وغير آمنة وينصح بعدم التجوّل بين صفحات الصحف لئلاّ يصاب أحد العابرين بكلمة من هنا وصفة من هناك، ويذهب ضحيّة رغبته في المطالعة والاطّلاع على أحوال الثقافة والشعر والفكر والسياسة.
حين كنت أعمل في مجال التربية، كنت وكثيرين سواي نعترض على إقحام قصائد الهجاء في مناهج تعليم اللغة العربيّة ونسأل: ما الهدف من تعليم سيل من الشتائم لتلاميذ أغرار في أوّل سلّم الحياة؟ غير أنّ ما يجري على صفحات الجرائد هذه الأيّام ينذرنا بأنّ ما كنّا نحذّر منه ونعترض عليه صار اللغة اليوميّة، ليس فقط في البرامج السياسيّة، أو خلال برامج التوك شو الفنيّة والاجتماعيّة، بل بين شعراء ومفكّرين نتوقّع أن تكون نصوصهم في القريب العاجل مادة دراسيّة يتعلّم تلاميذنا من خلالها التحليل والنقد البنّاء والحسّ الجماليّ والسمو وقبول الآخر. وإذا كنّا لم نعد ننتظر من أكثر العاملين في المجال الفنّي أو السياسيّ (مع الأسف الشديد) أن يرتقوا بالتخاطب إلى مستوى حضاريّ يحترم رأي الآخر ويقارعه الحجّة بالحجّة، فلا يمكننا في المقابل إلاّ أن ننتظر ذلك من الشعراء والدارسين والنقّاد والمحلّلين.
ومن المؤسف أن يصل هؤلاء المتحاورون المتقاتلون إلى مرحلة التشهير ونبش القبور والتعريض بالحالة الاجتماعيّة والخلفيّة الثقافيّة وتبادل الاتهامات بالسرقة الأدبيّة كأنّ كلّ واحد منهم مصرّ على إلغاء الآخر مهما كان الثمن، وبكلّ الأسلحة غير المشروعة. لا بل مؤسف أن يتمّ كلّ ذلك باسم حريّة التعبير والرأي وفي صحف نتوقّع منها ألاّ تكون صفراء إلاّ من أثر الزمن الذي عتّق أطرافها ومع ذلك نرفض التخلّي عنها.
ولّت أيّام بيوت الحجر المنحوت وبات الجميع يقيم في منازل من زجاج، سهل كسرها وسهل أن نرى ما في داخلها، لذلك على المتراشقين بالاتهامات أن يتذكّروا في كلّ مرّة يرفعون فيها حجرًا ليرموا به الآخرين أنّهم انتزعوه من أساسات صروحهم التي باتت مهدّدة.
فكأنّ الصراعات المذهبيّة لا تكفينا، والخصومات الطائفيّة لم تقض على ما تبقى من وحدتنا، أو كأنّ المشاكل الاقتصاديّة والمخاوف من الإرهاب لم ترهق كاهل بلادنا، حتّى ينحدر "المثقّفون" إلى درك الشتائم المقذعة وأساليب الهجاء البذيئة، لتكتمل بذلك حلقة انهيارنا ونفقد الرهان على ما كنّا نعتقد أنّه حبل خلاصنا.
ويصحّ في هذه الحال أن نستعمل لغة الحرب التي بتنا نحن اللبنانيين نجيدها ونضع المعاجم في أصول استخدامها، ونقول إنّ المحاور مشتعلة والطرقات غير سالكة وغير آمنة وينصح بعدم التجوّل بين صفحات الصحف لئلاّ يصاب أحد العابرين بكلمة من هنا وصفة من هناك، ويذهب ضحيّة رغبته في المطالعة والاطّلاع على أحوال الثقافة والشعر والفكر والسياسة.
حين كنت أعمل في مجال التربية، كنت وكثيرين سواي نعترض على إقحام قصائد الهجاء في مناهج تعليم اللغة العربيّة ونسأل: ما الهدف من تعليم سيل من الشتائم لتلاميذ أغرار في أوّل سلّم الحياة؟ غير أنّ ما يجري على صفحات الجرائد هذه الأيّام ينذرنا بأنّ ما كنّا نحذّر منه ونعترض عليه صار اللغة اليوميّة، ليس فقط في البرامج السياسيّة، أو خلال برامج التوك شو الفنيّة والاجتماعيّة، بل بين شعراء ومفكّرين نتوقّع أن تكون نصوصهم في القريب العاجل مادة دراسيّة يتعلّم تلاميذنا من خلالها التحليل والنقد البنّاء والحسّ الجماليّ والسمو وقبول الآخر. وإذا كنّا لم نعد ننتظر من أكثر العاملين في المجال الفنّي أو السياسيّ (مع الأسف الشديد) أن يرتقوا بالتخاطب إلى مستوى حضاريّ يحترم رأي الآخر ويقارعه الحجّة بالحجّة، فلا يمكننا في المقابل إلاّ أن ننتظر ذلك من الشعراء والدارسين والنقّاد والمحلّلين.
ومن المؤسف أن يصل هؤلاء المتحاورون المتقاتلون إلى مرحلة التشهير ونبش القبور والتعريض بالحالة الاجتماعيّة والخلفيّة الثقافيّة وتبادل الاتهامات بالسرقة الأدبيّة كأنّ كلّ واحد منهم مصرّ على إلغاء الآخر مهما كان الثمن، وبكلّ الأسلحة غير المشروعة. لا بل مؤسف أن يتمّ كلّ ذلك باسم حريّة التعبير والرأي وفي صحف نتوقّع منها ألاّ تكون صفراء إلاّ من أثر الزمن الذي عتّق أطرافها ومع ذلك نرفض التخلّي عنها.
ولّت أيّام بيوت الحجر المنحوت وبات الجميع يقيم في منازل من زجاج، سهل كسرها وسهل أن نرى ما في داخلها، لذلك على المتراشقين بالاتهامات أن يتذكّروا في كلّ مرّة يرفعون فيها حجرًا ليرموا به الآخرين أنّهم انتزعوه من أساسات صروحهم التي باتت مهدّدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق