"أعرب فنانون أميركيون عن رغبتهم في رعاية إبنتي الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقالت الممثلة آن هاذاوي إنها مستعدة لتكون الحاضنة الأميركية الأولى، في حين أعلن الممثل كوربين بلو رغبته في الترفيه عن ابنتي الرئيس،وقال المغني ديفيد آرشوليتا إنه يرغب في إعطائهما دروساً في الموسيقى. ونقل موقع "بيبول" الأميركي عن هاذاواي إنها "ستقبل موقعاً في فريق موظفي البيت الأبيض يسمح لها بالاعتناء بابنتي أوباما ساشا (7 سنوات) وماليا (10 سنوات)"، قائلة "أرغب في أن أكون الحاضنة الأساسية، الحاضنة الأميركية الأولى". وليست هاذاواي الشخصية الشهيرة الوحيدة التي أعربت عن اهتمامها بالعائلة الرئاسية، فالممثل كوربين بلو قال إنه "مستعد للترفيه عن ابنتي الرئيس طوال اليوم من خلال تأديته عروضاً فنية لهما"، مضيفا "تبدوان فتاتين في غاية العذوبة". ومن جانبه قال المشارك السابق في برنامج "أميركان آيدل" ديفيد آرشوليتا انه "يرغب في مشاركة ابنتي الرئيس في مواهبه الغنائية إذا سمح له برعايتهما"، معربا "عن رغبته في أنه يكون حاضن الطفلتين وأن يعطيهما دروساً في الموسيقى".
هذه الرغبات الفنيّة التي أعرب عنها فنّانون أميركيّون طبيعيّة وطريفة ولا مشكلة لنا معها، ولن نطلب في طبيعة الحال من الفنّانين الأميركيّين وسواهم أن يأتوا للترفيه عن أطفالنا أو أن يرغبوا حتّى في المجيء إلى بلادنا، ما دمنا نحن نحلم في تركها لا بل الهرب منها. ولا شكّ في أنّ عددًا كبيرًا من فنّانينا كان سيعلن عن رغبته في الإقامة في البيت الأبيض للترفيه عن طفلتي الرئيس الأميركيّ لولا الخشية من الاتّهام بالإمبرياليّة والعمالة والخيانة. ما المشكلة إذًا مع هذا الخبر الذي أوردته صحفنا نقلاً عن وكالات أجنبيّة؟ العدالة على هذه الأرض هي المشكلة الجوهريّة. خلال الحرب على غزّة، قضى نجل الممثّل الأميركيّ جون ترافولتا وهو شاب في السادسة عشرة من عمره، فاحتلّت وفاته حيّزًا واسعًا من اهتمام الرأي العامّ العالميّ ونشرات الأخبار. الموت موت، والحزن حزن، سواء كان ذلك في أميركا أو في فلسطين أو في أيّ مكان في العالم والدمعة لها طعم الملح نفسه على شفاه الأمّهات مهما كانت أزياؤهنّ أو لغات ندبهنّ. فهل هي خيانة أن تحزننا وفاة هذا الشاب المريض وهو في إجازة، في وقت يقتل فيه أطفال بالآلاف، ويقضي غيرهم في أسرّة المرض أو دنقًا أو جوعًا؟ وهل هي خطيئة أن نحسد طفلتي أوباما على تنافس نجوم الفنّ على من سيضعهما في السرير، ومن سيغني لهما تهويدة النوم الآمن؟ ألا يستحقّ أطفال لبنان وفلسطين والعراق نجوميّة ليوم واحد تؤهّلهم لاحتلال عناوين الأخبار؟ أليسوا هم كذلك في غاية العذوبة؟ " بحرب الكبار شو ذنب الطفولة؟" يتساءل الأخوان رحباني اللذان قالا في مسرحيّة أخرى: العدالة كرتون.
الإشكاليّة التي تطرحها هذه الأسئلة هي كيف نستطيع أن نحافظ على إنسانيّتنا ونحن محاصرون بالغضب والحقد والغباء؟ كيف أستطيع أنا كلبنانيّة قلقة على مصيرها في هذا البلد، في هذا الشرق، أن أتناسى خبرًا عن طفلتين يتنافس الكبار على خدمتهما؟ ليس المقصود طبعًا هاتين الطفلتين بالتحديد، ونحن نعرف مسيرة المعاناة التي فرضت على الشعب الأميركي الإفريقيّ قبل أن يحقّق حلمه بإيصال رئيس أسود إلى البيت الأبيض، ونعرف كذلك المبالغ التي يهدرها أثرياء بلادنا على ملذّاتهم وهي كافية لتطعم ملايين وتداوي ملايين. ولكن ثمّة ما يحيّر العقل في مسيرات الشعوب ومصائرها ونحن نرى إلى زعمائنا يتقاتلون على محبّة طفلة اسمها فلسطين، وبدل أن يقدّم لها كلّ منهم ما يستطيع تقديمه لإنقاذها، نجدهم يخنقونها بادّعاءات المساعدة والحماية ويمطرونها بالتبرّعات التي ستعيد إعمار ما دمّر غير أنّها عاجزة حتمًا عن إحياء من مات، وعن محو أصوات القصف وصور الجثث من ذاكرة من بقي من الأطفال شاهدًا على الموت في انتظار دورة عنف جديدة.
هذه الرغبات الفنيّة التي أعرب عنها فنّانون أميركيّون طبيعيّة وطريفة ولا مشكلة لنا معها، ولن نطلب في طبيعة الحال من الفنّانين الأميركيّين وسواهم أن يأتوا للترفيه عن أطفالنا أو أن يرغبوا حتّى في المجيء إلى بلادنا، ما دمنا نحن نحلم في تركها لا بل الهرب منها. ولا شكّ في أنّ عددًا كبيرًا من فنّانينا كان سيعلن عن رغبته في الإقامة في البيت الأبيض للترفيه عن طفلتي الرئيس الأميركيّ لولا الخشية من الاتّهام بالإمبرياليّة والعمالة والخيانة. ما المشكلة إذًا مع هذا الخبر الذي أوردته صحفنا نقلاً عن وكالات أجنبيّة؟ العدالة على هذه الأرض هي المشكلة الجوهريّة. خلال الحرب على غزّة، قضى نجل الممثّل الأميركيّ جون ترافولتا وهو شاب في السادسة عشرة من عمره، فاحتلّت وفاته حيّزًا واسعًا من اهتمام الرأي العامّ العالميّ ونشرات الأخبار. الموت موت، والحزن حزن، سواء كان ذلك في أميركا أو في فلسطين أو في أيّ مكان في العالم والدمعة لها طعم الملح نفسه على شفاه الأمّهات مهما كانت أزياؤهنّ أو لغات ندبهنّ. فهل هي خيانة أن تحزننا وفاة هذا الشاب المريض وهو في إجازة، في وقت يقتل فيه أطفال بالآلاف، ويقضي غيرهم في أسرّة المرض أو دنقًا أو جوعًا؟ وهل هي خطيئة أن نحسد طفلتي أوباما على تنافس نجوم الفنّ على من سيضعهما في السرير، ومن سيغني لهما تهويدة النوم الآمن؟ ألا يستحقّ أطفال لبنان وفلسطين والعراق نجوميّة ليوم واحد تؤهّلهم لاحتلال عناوين الأخبار؟ أليسوا هم كذلك في غاية العذوبة؟ " بحرب الكبار شو ذنب الطفولة؟" يتساءل الأخوان رحباني اللذان قالا في مسرحيّة أخرى: العدالة كرتون.
الإشكاليّة التي تطرحها هذه الأسئلة هي كيف نستطيع أن نحافظ على إنسانيّتنا ونحن محاصرون بالغضب والحقد والغباء؟ كيف أستطيع أنا كلبنانيّة قلقة على مصيرها في هذا البلد، في هذا الشرق، أن أتناسى خبرًا عن طفلتين يتنافس الكبار على خدمتهما؟ ليس المقصود طبعًا هاتين الطفلتين بالتحديد، ونحن نعرف مسيرة المعاناة التي فرضت على الشعب الأميركي الإفريقيّ قبل أن يحقّق حلمه بإيصال رئيس أسود إلى البيت الأبيض، ونعرف كذلك المبالغ التي يهدرها أثرياء بلادنا على ملذّاتهم وهي كافية لتطعم ملايين وتداوي ملايين. ولكن ثمّة ما يحيّر العقل في مسيرات الشعوب ومصائرها ونحن نرى إلى زعمائنا يتقاتلون على محبّة طفلة اسمها فلسطين، وبدل أن يقدّم لها كلّ منهم ما يستطيع تقديمه لإنقاذها، نجدهم يخنقونها بادّعاءات المساعدة والحماية ويمطرونها بالتبرّعات التي ستعيد إعمار ما دمّر غير أنّها عاجزة حتمًا عن إحياء من مات، وعن محو أصوات القصف وصور الجثث من ذاكرة من بقي من الأطفال شاهدًا على الموت في انتظار دورة عنف جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق