ماري القصيفي وأحببتك فصرت الرسولة
ميراي يونس – المسيرة – الاثنين 19 آذار 2012
"في لحظة قصيرة/ وهل يمكن اللحظة ألّا تكون قصيرة/ إلّا متى تجاذبها الانتظار والخيبة فتمتدّ وتطول لتلتفّ حول حياتك وتخنقها؟/ في لحظة قصيرة إذًا/ يصير الشعر سُبّة ومهانة/ وينهار العالم الجميل الذي بناه/ ويفرض عليك الآخرون أن تستيقظ من حلمك/ وأن تتوقّف عن هذا الهراء الذي اسمه الشعر/ في لحظة ما/ يصرخ بك أحدهم كأنّه يناديك لتعود من غيبوبتك الجميلة:/"الشعر شي والواقع شي تاني"/".
هذا بعض ما ورد في قصيدة تحت عنوان "من دونك يضجر الله" لماري القصيفي في ديوانها الصادر أخيرًا "أحببتك فصرت الرسولة". ويبدو أنّ القصيفي على رغم الكلام القاسي الذي سمعته ونسجته، لم تتوانَ عن كتابة الشعر...فكانت الرسولة: رسولة الشعر، والكلمة، والحبّ، والأحلام...التي من دونها، لا تحلو الحياة.
وكما عوّدتنا، تصدم القصيفي قارئها منذ الصفحة الأولى. كيف تعرّف بنفسها.
تقول في نصّها الأوّل "هذه أنا يا صديقي": أنا يا صديقي امرأة لبنانيّة:/ عطري من أرز لبنان/ زينة شعري إكليل من بخور مريم/ ...(لتتابع في المقطع الثاني) أنا يا صديقي امرأة مسيحيّة:/ صليبي جسر خشبيّ يحملني لألتقي بك/ وأيقونتي وجهك حين تشعّ منه سكينة التأمّل/...(لتصدم القارئ في المقطع الثالث، ويسأل ما ضرورة هذا التعصّب) أنا يا صديقي امرأة مارونيّة: كنيستي لا تعرف الانحطاط ولا الإحباط/ قومي يبشّرون بالكلمة/ أديرتي لا تعرف إلّا الصلاة/... (لتأتي الخاتمة عكس ما توقّعنا تمامًا) أنا يا صديقي/ لا أنتمي إلى هذا الذي تراه وتسمع عنه في الوطن والطائفة/ أعرف الخوف من الفقر والمرض والموت/ ولكنّني لا أخضع له/ ولذلك لا أبحث بين أرجل الكراسي عن موطئ قدم ومسند رأس/ ومن طلب منّي مقعدًا أخليت له البيت/ ومن طلب منّي البيت تركت له الشارع/...أنا يا صديقي/ أعرف العشق حين ألتقي به ولا أهرب منه/ وأعرف الصداقة الحقيقيّة من النظرة الأولى/ وأهوى جمع الأعداء لأنّ عددهم مقياس إنجازاتي/...أنا يا صديقي أحبّ الشعر/ لأنّني في الشعر وجدتك/ وفيه وجدت وطني الجميل وانتمائي الحضاريّ..." هذه فعلًا ماري القصيفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق