كتاب قد لا يعرفه من يعلّم اللغة العربيّة في بلاد الاغتراب |
لن نعجب إذا كره أبناءُ المغتربين العرب دروسَ اللغة العربيّة متى علمنا كيف يتمّ تعليمهم إيّاها. بل نتساءل كيف ترضى الحكومات التي من المفترض أنّها سبقتنا في أساليب التدريس والتربية بممارسة هذا النوع من التعليم وبالطرق البدائيّة التي تستعمل نوعي العنف: الجسديّ والكلاميّ مع التلاميذ، ناهيك عن اختيار نصوص لا تقرّب اللغة العربيّة من ذائقة تلميذ يتعلّم في مدارس أجنبيّة. هذا في المدارس التي أنشأها المغتربون العرب، أمّا في تلك التابعة للحكومات، كلّ حيث هي، فيتمّ تعليم العرب اللغة العربيّة ولكن باللغة...الأجنبيّة.
تعليم اللغة العربيّة مرتبط في الغرب بالمؤسّسات الدينيّة في أكثر البلدان، فللمسلمين مدارس تربط اللغة بالدين، وللمسيحيّين مدارس مرتبطة بالكنائس، وهكذا يتمّ التمييز الدينيّ بين تلاميذ يقيمون في أحياء واحدة ويتعلّمون في مدارس تتبع منهجًا تعليميًّا واحدًا، غير أنّ اللغة العربيّة تفصل بينهم ويعود كلّ تلميذ إلى مجتمعه الدينيّ، وتتحوّل اللغة العربيّة حاجزًا بين الأطفال بدل أن تكون رابطًا.
أمّا اختيار المعلّمين فأمر أقلّ ما يقال فيه أنّه معيب ومهين، فكلّ من يعرف القراءة والكتابة باللغة العربيّة مؤهّل لتعليمها ومرحّب به في تلك المدارس بغضّ النظر عن مستواه الثقافيّ أو معرفته أساليب التربية الحديثة أو حتّى أبسط قواعد اللغة. ففي إحدى العواصم الأوروبيّة مثلًا، مدرّس لغة عربيّة تذكّرنا أخباره بمعلّمي القرى في القرون الماضية: عنف وهزء وسخرية وعقاب ووعظ وخطابات وأمثلة لا يفقه الطفل المسكين شيئًا من معناها، وهل نعجب بعد ذلك إن كره التلاميذ يوم السبت ودروس اللغة العربيّة وهم الذين يكتشفون في مدارسهم مهاراتهم ومواهبهم ولا يجرؤ مدرّس على توجيه ملاحظة في غير محلّها أو بشكل غير لائق وإلاّ تعرّض لمساءلة الإدارة والوزارة والأهل؟ وهل تتخيّلون مشهد طفل يرغمه والداه على ارتياد هذه المدرسة ليبقى على صلة بتراث الآباء والأجداد ثمّ تكون المكافأة أن يسمع من المعلّم كلمات نابية وشتائم وإهانات؟ وعندما يرفع أولياء الأمر شكاوى إلى المعنيين تكون الإجابة واحدة: ومن أين نأتي بمدرّسين متخصّصين فالميزانيّة محدودة ونحن لا نستطيع أن ندفع لذوي الشهادات والكفاءة!
وفي المدارس التي لا يشرف عليها العرب، أمسيحيين كانوا أم مسلمين، يكون النصّ باللغة العربيّة غير أنّ الشرح والتحليل والتعليق والأسئلة فتكون بلغة البلد، ويختار التلميذ الإجابة باللغة التي يجيدها أكثر، وبالطبع سيجيب التلميذ بلغة البلد حيث هو، لأنّها اللغة التي يتعلّمها خلال النهار الدراسيّ كلّه، ويخاطب بها زملاءه ويسمعها عبر وسائل الإعلام ولأنّها شئنا أم أبينا صارت لغته. والصعوبة القصوى في الموضوع أنّ التلميذ مجبر على حفظ مصطلحات وضعت خصّيصًا في اللغة الأجنبيّة لتعبّر مثلاً عن اسم الفاعل أو اسم المفعول أو المصدر، وهكذا يجد التلميذ أمامه مجموعة كلمات هجينة وخليطًا من اللغات والمصطلحات والعبارات وكلّها لا فائدة منها إلّا لمن يرغب في التخصّص في اللغة العربيّة وآدابها وهذا طبعًا ليس حال هؤلاء المساكين المهاجرين المغتربين، وهل ننتظر مستشرقًا من أصل عربيّ يتعلّم بهذه الطريقة البربريّة؟
حين أرسلت إليّ إحدى الصديقات اختبارًا في اللغة العربيّة أعطي في مدرسة كنديّة لتلاميذ المرحلة المتوسّطة فهمت جيّدًا لماذا يكرهنا العالم الغربيّ، ولماذا يكرهنا أبناء شعبنا العربيّ المقيمون في الخارج: نصّ لا جماليّة فيه ولا إبداع، لغة صعبة ليست في متناول تلاميذ لا يتخاطبون بعاميّتها فكيف بفصيحها، أسئلة في الفهم واللغة تحتاج إلى خبراء ولجان تحقيق دوليّة ومجمع عربيّ، ومع ذلك أجزم بأنّ جميع هؤلاء لن يعرفوا كيف يجيبون على هذه الأسئلة وسيرسبون في الامتحان.
سؤال للسفراء العرب في دول الغرب: ماذا تفعلون في الخارج؟ وآخر إلى وزراء التعليم والثقافة في أمّتنا العربيّة العظيمة: عمّ تتحدّثون حين تلتقون نظراءكم الغربيّين؟
وفي المدارس التي لا يشرف عليها العرب، أمسيحيين كانوا أم مسلمين، يكون النصّ باللغة العربيّة غير أنّ الشرح والتحليل والتعليق والأسئلة فتكون بلغة البلد، ويختار التلميذ الإجابة باللغة التي يجيدها أكثر، وبالطبع سيجيب التلميذ بلغة البلد حيث هو، لأنّها اللغة التي يتعلّمها خلال النهار الدراسيّ كلّه، ويخاطب بها زملاءه ويسمعها عبر وسائل الإعلام ولأنّها شئنا أم أبينا صارت لغته. والصعوبة القصوى في الموضوع أنّ التلميذ مجبر على حفظ مصطلحات وضعت خصّيصًا في اللغة الأجنبيّة لتعبّر مثلاً عن اسم الفاعل أو اسم المفعول أو المصدر، وهكذا يجد التلميذ أمامه مجموعة كلمات هجينة وخليطًا من اللغات والمصطلحات والعبارات وكلّها لا فائدة منها إلّا لمن يرغب في التخصّص في اللغة العربيّة وآدابها وهذا طبعًا ليس حال هؤلاء المساكين المهاجرين المغتربين، وهل ننتظر مستشرقًا من أصل عربيّ يتعلّم بهذه الطريقة البربريّة؟
حين أرسلت إليّ إحدى الصديقات اختبارًا في اللغة العربيّة أعطي في مدرسة كنديّة لتلاميذ المرحلة المتوسّطة فهمت جيّدًا لماذا يكرهنا العالم الغربيّ، ولماذا يكرهنا أبناء شعبنا العربيّ المقيمون في الخارج: نصّ لا جماليّة فيه ولا إبداع، لغة صعبة ليست في متناول تلاميذ لا يتخاطبون بعاميّتها فكيف بفصيحها، أسئلة في الفهم واللغة تحتاج إلى خبراء ولجان تحقيق دوليّة ومجمع عربيّ، ومع ذلك أجزم بأنّ جميع هؤلاء لن يعرفوا كيف يجيبون على هذه الأسئلة وسيرسبون في الامتحان.
سؤال للسفراء العرب في دول الغرب: ماذا تفعلون في الخارج؟ وآخر إلى وزراء التعليم والثقافة في أمّتنا العربيّة العظيمة: عمّ تتحدّثون حين تلتقون نظراءكم الغربيّين؟
هناك تعليقان (2):
KANAT MOU3ALIMA TACHRAH MA3NA " AL SAKIA " ( JADWAL )BI = BARWOMAN
هذا نموذج عن تعليم اللغة العربيّة في لندن:
الساقية تعني المرأة التي تقدّم الخمر لا الجدول
شكرًا على المثل الساطع
إرسال تعليق