الإعلام الوطنيّ... من قال أنّه غامض؟!
الإعلام... الوطنيّ
الإعلام.. رسالة سامية وشهادة حياة، ومدرسة الإنسانيّة
والوطنيّة والحضارة.
أليس هذا هو الإعلام أساسًا؟ أليست وظيفته أن يُعلِم
النّاس ـ كلّ النّاس ـ ويعلّمهم حبّ الوطن والفخر ببنيه والتّشبث بأرضه؟
ولكن الإعلام عندنا مختلف بلا شكّ، فنحن في هذا البلد،
وبواسطة إعلامنا، نُعلِم النّاس عن بلدان العالم كلّها، وعن حضارات وإنجازات
الشّعوب كلّها... ولا يتّسع الوقت للوصول إلى ذكر لبنان... فاعذرونا...
ويقولون إنّ وسائل إعلامنا متنافرة الأهواء، ومتضاربة
الاتّجاهات... العكس صحيح...
ففي أسبوع واحد، وعلى قناتين مختلفتيّ الاتّجاه
السّياسيّ ـ أو هكذا يُقال لنا ـ عرض التّلفزيون برنامجين أميركيّ الصّنع.
في أحدهما، نرى مهاجرًا روسيًّا إلى أميركا في بداية
تكوّن مجتمعها، وهذا المهاجر الرّوسيّ، والموسيقيّ "البارع" وذو النّزعة
التّجديديّة، يقوم بثورة على الصّعيدين الفنيّ والإجتماعيّ متحدّيًا التّقاليد،
فيوصل مغنّية "سوداء" إلى مسرح "برودواي"، وذلك للمرّة الأولى
في تاريخ هذا المسرح. وطبعًا، هذا المهاجر الثّائر والمتحرّر والبارع... يهوديّ...
وطبعًا، نجحت المغنّية، ونجحت المسرحيّة... وكيف لا، والمخرج يهوديّ...
أمّا في الفيلم الثّاني، فنرى مرشدًا عمّاليًّا يقوم
بعمل رسوليّ، هدفه نشر فكرة النّقابات في معامل أميركا ومصانعها.
ويُظهر لنا الفيلم هذا "الرّسول" مثقّفًا
ومتقشّفًا، مخلصًا ووفيًّا وعفيف القلب واللّسان. يعمل بضمير حيّ لخدمة المجتمع
ولرفع الغبن اللاّحق بالعمّال، دون مقابل... هكذا، مجانًا ولوجه الله... وطبعًا
هذا الرّسول الثّائر والمتحرّر والبارع... يهوديّ... وطبعًا... نجح النّقابيّ...
كيف لا ووراءه يهودي...
وتقولون بعد ذلك أنّ هناك خلافًا في الإعلام؟
وتقولون أنّ الرّسالة الإعلاميّة في لبنان غامضة الوسائل
والأهداف؟
أليست الوسائل الأميركيّة والأهداف الصّهيونيّة...
لبنانيّة ووطنيّة... برأي التّلفزيون على الأقل؟
ميّ م. الرّيحاني
جريدة "الدّيار" الجمعة 18 أيّار 1990
"عيون بالمرصاد"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق