الأستاذ ميشال مرقص في حفل توقيعي مجموعتي "أحببتك فصرت الرسولة" |
لا يريد الكاتب سوى أن يُقرأ...
شكرًا أستاذ ميشال مرقص على وقتك ودراستك القيّمة.
***
قصصُ ماري القصّيفي نباهة كاملة متكاملة
تُقاربُ أمراض المجتمع وفساده بجُرأةٍ وسموٍّ
أشدُّ ما يُلفت في أدب ماري القصّيفي، النباهة الكاملة، واقتحامها للتفاصيل بل الجّزئيّات في عصر "النانو"، هي البارعة في تصوير البيئة المحليّة بريشة الرسّام العبقريّ، والكاميرا الإلكترونيّة ... حيثُ تُبرزُ مسرح الأحداث وسلوكيّات الأبطال – في قصصها- حيّة تعيشُ معنا، بل تلمسنا...
في أقصوصتها، "عاهرة باب أوّل"، نعيشُ هذا المُحيط المتميّز، تنقلنا بصدقٍ إلى أجوائه، لكن يتقدّم الغوصُ في إبراز المكامن البشريّة، إنطلاقًا من الإنتباه إلى النفسيّات... والالتفات إلى واقعٍ إجتماعي لم يَعُد يُثيرُ ريبةً ولا رفضًا، بل صار "الجنسُ الراقي"، مصدرً مالٍ وثراء، ومهنَة حُرّةً من بين مهن الهندسة والمحاماة وطب الأسنان وغيرها...
وللمهنّة – ليس فقط أصول الممارسة المباشرة – بل أصول المهنة الراقيّة، في مقاربة التحليل النفسيّ... المرأةُ في المكتب لا توحي ببيع الجنس، بل هي تُضاهي في منطق كلامها مفاهيم "عالِم الاجتماع" الهارب للمرّة الأولى نحو تجربة مختلفة، كأنما هو الإنسانُ الأوّل، أمام إغراء حوّاء... تتنازعه رغبتان: رغبة الاستطلاع، ورغبة الجنس السرّي...
وبقدر ما هو عالِمٌ في أصول البحث الاجتماعيّ، فإنّه لا يُضاهي "مديرة" مكتب الخدمات الجنسيّة، المثّقفة كعالمة نفسٍ تحليليّ، أو عالمة اجتماع، هو لا يضاهيها معرفة، كلُّ موضوعٍ لديها، له إطاره الخاص وأبعاده لتحقيق النشوة المرتقبة مثل حُلمٍ هاربٍ من ملمس الجوهر...
ماري القصّيفي، تبرعُ في الرسم والتصوير والتحليل والتفصيل والتقصّي والغور إلى عُمق الذات البشرية، برهافة ريشةٍ تنقلها رياحٌ ناعمة... تسوقُ الأحداثَ، لتنتهي إلى كون "عالِم الاجتماع"، المعنيّ بدرس سلوكيّات الآخرين أفرادًا ومجتمعات وتطورات أو ماضيًا وإتنيات وأديانًا وتطورًا تاريخيًّا وغيرها، لا يرى ما هو قربه، يهتمّ بالآخر، يكشف عن تصرّفاته وسلوكيّاته، يسعى إلى تحقيق لذّة عابرة، ولو هي "تجربة أولى"... لدى الآخر...
فيما الدعارةُ الباب أوّل، هي لديه قربه...
وقد تنتقل الثنائيّة إلى "زوجة العالِم"... قد لا تكون مقدّمة جنس باب أوّل مع زوجها، بل مع غيره... من هنا فإنَّ أهميّة تقصّي مكتب الخدمات الجنسيّة، في الكفّة الثانيّة من ميزان التقصّي الاجتماعيّ، في كونها تسبق عالم الاجتماع إلى فراشه الزوجيّ ... وتُنوّه بخدمات زوجته الجنسيّة...
وتهدفُ الكاتبة ماري القصّيفي إلى لفت عالِم الاجتماع، وما يُحيطُ به، من كون العُهر لا يكون في تقديم المرأة أو الرجل خدمات جنسيّة، بل هو "بعد البحث والتدقيق" وجدنا أنَّ زوجتك "بلسانها السلّيط وأخلاقها السيّئة وعقدها النفسيّة وأقاويلها الكاذبة وتمسكنها المخادع ونميمتها الغبيّة، تمثّل العهر الحقيقيّ الذي يخرب البيوت والعلاقات!" بشهادة أهله وأهلها وجيرانهما ومعارفهما وزملائهما، ولا شهادةَ أثبتُ من شهادة الأقربين...
وتفتح ماري القصّيفي، الباب على فساد المجتمع والأخلاق، وفي هذه الأقصوصة تُلفت إلى الاغتياب، وألسنة السوء، والدعارة القياسيّة في البلد، وزبائنها، فماذا لو "تكتبُ عاهرةٌ مذكراتها"؟ ألا يُغرقها كبارُ القومِ بالمالِ لتصمت ويجندون الاستخبارات ليضيّقوا الخناقَ عليها...
ويبقى في ميزان العهر رئيس جمهورية، مثل فرنسا – والفرزدق في هجاء جرير...
ماري القصيّفي – موهبتُكِ تاجُ هذا الشرق ...
ميشال مرقص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق