يبدو الكلام راقيًا وجميلًا
عندما تقول المرأة: يا سيّدي
يبدو الكلام خانعًا وذليلًا.
2- لسعةُ بعوضة واحدة قادرة على حرمانك
من المنظر الطبيعيّ الرائع الذي كنت غارقًا فيه.
هذا ما تفعله كلمة واحدة أحيانًا.
3- أُغمض عينيّ وأمدّ يدي لألمس وجهك الغائب.
تمرّ أصابعي عبر السهول والجبال والمياه لتصل إليك.
وحين تقترب أناملي وتكاد تلتقي بك
يتصاعد، كضباب كثيف، حزن خريفيّ ثقيل
فتختفي يدي ويبقى وجهك.
4- نظرتُ إلى قبّة قميصك قبل أن أضعه مع كومة الغسيل.
وتركت أناملي تمرّ ببطء على آثار جلدك الأسمر المطبوعة على الياقة البيضاء.
خطوط متوازية رسمتها مسام جسمك بالعرق والعطر والدفء.
أيّ عشق ذاك الذي يجعل اللوحة نفسها تتحوّل
من قطعة قماش معدّة لمعدة الغسّالة
إلى رغبة عارمة في تقبيل العنق الفنّان؟
5- حين رأيتك للمرّة الأولى
أحببتك لأنّك جميل وذكيّ وكريم وخفيف الظلّ.
وما زلت أحبّك بعد كلّ هذا الوقت
لأنّك جعلتني أكتشف كم أنا جميلة وذكيّة وكريمة وخفيفة الظلّ.
6- كتبتُ عنك لتكون الكلمة هي البيت الذي لا تستطيع مغادرته مهما فعلت.
كلمة حلوة أم قاسية؟ لا يهمّ.
كلمة تلبسك حلّة المجد أم تعرّيك؟ لا يهمّ.
المهمّ أن تكون موجودًا أمامي
وحيدًا على الورقة
مجرّدًا من الناس الذي يحيطون بك
محرومًا من لذّات جعلتك ما أنت عليه
عاجزًا عن السفر
محكومًا باشتياقي النَهم
قابلًا هداياي
رافضًا سواي
منتظرًا إيّاي
محتاجًا إليّ.
فبالكلمات أنت هنا يا من لا تجيد التعامل بالكلمات.
وفي الكلمات أنتَ باقٍ، يا من يقيم "على قلقٍ كأنّ الريح تحته".
7- أغضبُ منه بشدّة.
لا لأنّ إعجابه بنفسه يفوق إعجابه بي
ولا لأنّه ينسى عيد ميلادي ويريدني أن أتذكّر أبسط مناسبة في حياته
ولا لأنّه يريدني أن أحبّه من دون أن أقول له ذلك
ولا لأنّه لا يفهم سبب غضبي...
أغضب منه بشدّة لأنّه يتركني أشتاق إليه
وأنا التي صار اشتياقي إليه لونًا لعينيّ...
8- قال لي: لن تحبّيني فعلًا ما لم تحبّي نفسك أوّلًا!
قلت له: لو أحببتني كما أحببتَ نفسك لكنت أحببت نفسي!
9- أنا
كزينة الميلاد
بعد الأعياد
أهملها عامل البلديّة
ونسيها الناس
ومزّقتها الريح.
10- يستيقظ الموتى الذين أعرفهم ما أن أفتح عينيّ.
يلتفّون حولي ويرافقونني في صمت.
يمشون حين أمشي ولكنّي لا أسمع وقع خطواتهم،
ويجلسون حين أجلس ثمّ يختفون حين تمتلئ الغرفة بسواهم.
يحتفظون بأشكالهم الأليفة وروائحهم الخاصّة
بيدَ أنّهم لا يفتحون أفواههم ولا يتكلّمون
فلا أعرف كيف أصبحت أصواتهم.
السكينة على وجوههم صفراء باهتة
ونظرات عيونهم عميقة هادئة.
عندما أنظر في المرآة صباحًا
أرى الموتى الذين أعرفهم متحلّقين حولي
اردّ على ابتساماتهم وأطمئنّ إلى أنّ النهار سيكون جميلًا.
الموتى الذين أعرفهم سعداء!
11- "لا تهدني ساعة سويسريّة
لأنّني أخشى أن يلهيني النظر إليها عن التقاط إطلالتك الأولى!
لا تشتر لي وشاحًا ملوّنًا لن يقدّم إليّ الدفء الذي وجدته بين ذراعيك!
ولا تقدّم إليّ قلمًا نادرًا، لأنّني أحبّ أن أكتب تاريخي بأصابعي على جلدك العاري!
ولا تفاجئني بمنديل حريريّ، لأنّني أعتدت أن أمسح دموعي بيديك!
ولا تبحث لي عن مرآة صقيلة، فأنا أحبّ أن أرى وجهي في عينيك!
ولا تضع في حقيبتي عطرًا ثمينًا، فأنا لا أريد أن تفوح منّي إلّا رائحة لقاءاتنا!
ولا تهدني حقيبة ثمينة لأضع فيها أوراقي الثبوتيّة،
لأنّك هويّتي وجواز مروري إلى خارج هذا العالم"...
هذا ما كنت أقوله لك زمن البراءة...
لكنّي اليوم أتمنّى لو كنت أملك تلك الهدايا كي أردّد
كلّما نظرت إليها
ما كانت تقوله جدّتي:
"كلّ شي خير من بني آدم"
12- بهدوء تقف السيّارة أمام البيت، فتتأهّب حواسي كلّها.
بهدوء تنطفئ المصابيح الكاشفة، فتشتعل رغبة ظننتها كانت نائمة.
بهدوء تُغلِقُ باب السيّارة، فتنفتح أحاسيسي على مختلف الاحتمالات.
بهدوء تمشي نحو الباب، فيئنّ السرير تحتّي لعلّك تسمع نداءه.
بهدوء تضع المفتاح في ثقب الباب وتحرّكه، فأتململ من وطأة الانتظار.
بهدوء تقفل الباب خلفك، فيشرّع جسمي أبوابه لاستقبالك.
بهدوء تدخل إلى المطبخ وتسكب كوب ماء بارد ثمّ تجلس أمام التلفزيون.
أنتظرك قليلًا، ثمّ أطفئ مصابيح رغبتي واحدًا تلو آخر
وأنام وأنا أحلم برجل يشبهك ولا يكون أنت.
13- إذا أردت الاحتفاظ بصديق فاحفظ هذه الوصايا:
1- لا تشر إلى سيّئاته لأنّك لست وليّ أمره، ولستَ أكثر فهمًا منه.
2- لا تشر إلى سيّئات الذين يحبّهم، لأنّك بذلك تشكّك في حسن خياراته.
3- لا تسأله عن صحّته، لئلّا يظنّ أنّك فضوليّ وتتدخّل في ما لا يعنيك.
4- لا تطلب منه خدمة أيًّا يكن نوعها، لئلّا يعتقد أنّك متطلّب ولجوج.
5- لا تختره من محيط عملك لئلّا تتداخل المشاعر والواجبات.
6- لا تُصبْ بالمرض عندما يكون مدعوًّا إلى العشاء لئلّا ترغمه على الاختيار.
7- لا تقدّم له هديّة كي لا يظنّ أنّك تلزمه بهديّة في المقابل.
8- لا تخبره أسرارك، وادّعِ أنّك لم تسمع أسراره لأنّه سيندم لاحقًا على إظهار عواطفه.
9- لا تعارضه حين يقرّر أمرًا، ولو كنت مقتنعًا بأنّ هذا الأمر ليس في مصلحته.
10- لا تنسى أن تسأله كيف يريد أن تهتمّ به، لئلّا يتّهمك بأنّك تخنق حريّته.
لو فعلت كلّ ذلك، لوجدت حولك الكثير من الناس، والكثير من البرودة، والكثير من الصمت، والقليل من المشاكل. فبين الاهتمام والاتّهام تبدو خيوط الصداقات واهية، هشّة، باهتة، لا تحتمل ثقل الهموم وسوء الفهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق