صحيفة النهار - 19 شباط 2015
نقاش متأخر بعد 32 عاماً على حرب الجبل العام 1983 بين الدروز والمسيحيين في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، وذلك تحت عنوان تقديم كتاب الروائية ماري القصيفي "للجبل عندنا خمسة فصول" والذي يروي سيرة ما كان من حرب وويلات وما تخللها من شر وخير وقتال ومصالحة وتهجير وعودة وحب للارض وانفعالات لا تنتهي، اختصرتها الكاتبة في صفحات عدة ارادتها الى شقيقها المهاجر الى لندن في نفي طوعي بعيداً من القتال.
الندوة - النقاش شارك فيها الباحث مكرم رباح الذي يعد اطروحة دكتوراه عن حرب الجبل، والكاتب بول عنداري الذي كان مسؤولاً عن "جبهة بحمدون"، وادارت الندوة الزميلة محاسن حدارة وجمع "تعددي" ضم دروزاً ومسيحيين وشيعة ومقاتلين سابقين وضحايا ابرزهم أنطوني خيرالله الذي أتى من سويسرا لحضور الندوة وهو فقد كل عائلته المسيحية في مجازر بحمدون، كما فقدت عائلات درزية اخرى في جبهات أخرى. ورباح العضو في الحزب التقدمي بدا اكثر واقعية وشجاعة في مقاربة حوادث 1983 وفي الخلاصات التي توصل اليها، وطرح السؤال عمن هو الجلاد ومن هو الضحية في ما جرى، مشدداً على ان الجميع، مسيحيين ودروزاً، دفعوا ثمن ذلك الصراع. كما ناقش فكرة الذاكرة الجماعية اللبنانية وفكرة التعايش الدرزي – المسيحي وامكان تعميمها على كل لبنان. وكانت خلاصة مراجعته ان كتاب تاريخ واحد لا بصنع وطناً بل الاجدى الاهتمام بفكرة تعدد الهويات لقيام الدولة وتجاوز الماضي.
أما عنداري فقال: أن المسيحيين اذا لم يكونوا في الجبل بخير لن يكونوا في اي مكان من لبنان بخير، وتالياً فهم ليسوا بخير حالياً هم وكل اللبنانيين. ومضى في مقاربته "بأن احداً لا يريد ان يتحمل مسؤولية أننا لسنا بخير". وشدد عنداري مستعيناً بتوصيات الارشاد الرسولي على أهمية المساهمة في صنع الخير والسلام. واعطى أهمية ان تكون كل طوائف لبنان بخير، بعيداً من الحرب التي "لا يرتجى منها شيء".
واعتبر ان حرب الجبل اظهرت أسوأ ما لدى الدروز والمسيحيين ومن شاركوا فيها يشبهون بعضهم بعضاً. لكنه لم ينكر أن اطرافاً من الجانبين قاموا بعمل الخير مستشهداً بنموذج "عذراء الجبل" الوارد في الرواية، عن سيدة درزية متدينة كانت تنقل الطعام الى المسيحيين المختبئين في برية الجبل ابان التهجير. وخلص عنداري الذي استذكر من سقطوا في الحرب وفي مقدمهم شقيقه، ان الدولة لو كانت موجودة لما وقعت الحرب وان لا سبب يدعو الى الانتحار، والحروب نتيجة الاختلاف، وان التعدد والتنوع يجب ان يكون نعمة. وخص البطريرك الماروني السابق مار نصرالله صفير والنائب وليد جنبلاط بالتحية على أعادتهما الجبل الى الحياة. وختمت قصيفي باهمية ان لا يكتب التاريخ اصحاب الذاكرة المريضة، وعدم نقل الذكريات الاليمة الى الاجيال القادمة لأن الغلطة والحرب يتحمل مسؤوليتها الجميع من دون استثناء.
وكانت مداخلات للحضور واجماع على تنقية الذاكرة وعدم الوقوع في فخ الحروب الصغيرة مرة جديدة.
هناك تعليق واحد:
أتمنّى لكِ التوفيق والإشراق دائمًا ... وأعتقد أنّ أجيالاً تأتي لتفي روايتك حقّها - فلي نظرة مختلفة عن الباقين ... فلو توقف الباحثون عند "محطات السخرية والتهكم الهادف إلى إصلاح في الرواية ... لبلغوا الهدف المنشود"...وهي لوحات كافية ليشعر المرء "كم هو غير ما يجب أن يكون"...
إرسال تعليق