حين عاش بابلو بيكاسو في فرنسا بين عامي 1900 و1904 كان في مرحلة فقر مدقع. ولأن الفنّان لا يعرف إلاّ أن يكون فنّانًا، انصرف إلى الرسم، وكان اللون الطاغي على لوحاته في تلك المرحلة الأزرق، فسمّى النقّاد والدارسون تلك المرحلة بالمرحلة الزرقاء. وإذا كان الرأي الفنيّ يقول إنّ هذا اللون هو من تأثير الحياة في باريس الغارقة في لونها الرماديّ، فإنّ الرأي الاجتماعيّ يقول إن الرسّام لم يكن يملك إلاّ هذا اللون، أو إنّ هذا اللون كان أرخص ثمنًا من سواه. وبما إنّني لست خبيرة في تاريخ الفنّ، فلا يمكنني الجزم في أيّ الرأيين هو الأحقّ. غير أنّني اليوم بالذات أميل إلى الرأي الثاني لسبب شخصيّ لا مانع من الإفصاح عنه.
تذكّرت بيكاسو اليوم وأنا أحاول أن أنجز قطعة فنيّة من طاولة قديمة مهملة في الحديقة. أردت أن أستفيد من الطقس الجميل والشمس الدافئة وأن أحاول إنقاذ الطاولة المسكينة من مصير قاتم، وأن أرفع عنها آثار الشتاء والوحل، ولم أجد بين بقايا مواد الدهان عندي سوى لونين: الأزرق والأحمر. فاخترت الأزرق وبدأت بالعمل. وحين أنهيت دهان الطاولة، وبقي عندي كميّة لا بأس منها من اللون الأزرق، دهنت سلّمًا خشبيًّا صغيرًا يصل إلى الحديقة، وعندما رأيت نفسي محاطة باللون الجميل الذي بدأ ينتشر في المكان، تذكّرت العزيز بيكاسو وابتسمت لفكرة أن أكون في مرحلة زرقاء شبيهة بمرحلته، ولكن في الريحانية المجهولة على خريطة العالم لا في باريس مدينة النور على الرغم من الطقس الغائم في أكثر أيّام السنة. ولكنّ للعقل أنواره التي لا يحجبها غيم أو مطر.
هناك 4 تعليقات:
صالونك جميل وراقى يا مارى
واللون الازرق من الالوان الجميله ولكنه لا يبعث البهجه او الفرح فى المكان
اعتقد ان يميل اكثر لشئ من الحزن خاصه الوانه الغامقه
ولكن لون السماء شأن اخر
كل التحيه
أشكرك على رأيك في مدوّنتي، وأوافقك الرأي في موضوع اللون الأزرق، ولكن اللون الذي عندي صودف أنّه السماوي الذي أشرت إليه. لك تحيّاتي
مدام ماري أشكرك على هذا الصالون الراقي الأدبي و أشكر أمثالك من النساء الذين يهتمون بالقسم الأدبي من المجالات الأجتماعية العديدة فمع الأسف مجتمعنا العربي بات يخنق المرأة و يدثرها خلف هاجس الأهواء دون النظر إليها بفكرها و تاريخها العظيم المناضل في وجه الأستغلال و البطش الذكوري.
و بالنسبة للون الأزرق و إذا سمحتي بمشاركتي أنه يرمز في علم النفس إلى الهدوء و السكينة و حالة الأستقرار النفسي
أما بالنسبة للأديان القديمة فكان اللون الأزرق بأعتقادهم أنه يبعد الأرواح الشريرة و يجلب السلام.
و أتمنى لك المزيد من العطاء و النجاح في مسيرتك الأدبية و أرسل لك تحياتي من بلد لبنان الشقيق سوريا.
أستاذ روجه
مرحبا بك واحدًا من أهل البيت، وإضافتك تغني الموضوع وتضيف إليه وهذا هو الهدف من فتح باب الصالون على مصراعيه لكلّ فنّان وأديب وقارئ ودارس باحث.
تحيّاتي لك في سوريا العزيزة التي أتمنّى لها الحريّة والمنعة والسلام
إرسال تعليق