اللوحة لـ: آن كلود أوليفاري
كتبتُ مرّة ساخرة: "المرأة الذكيّة المعاصرة هي التي تعاشر رجلاً متزوّجًا، لا يأتي إليها إلاّ معافى ونظيفًا ونشيطًا وأنيقًا وكريمًا، وتترك لزوجته غسل الجوارب والشخير وصفير الأمعاء بعد عشاء دسم. والطريف في الموضوع أنّني لست ذكيّة إلى هذا الحدّ، ولست معاصرة من هذا النوع، وبالتأكيد لا أصلح لأن أكون زوجة".
حين تروي لي بعض النساء قصص علاقاتهنّ مع الرجال المتزوّجين، أحاول أن أعطي الأمر طابع المزاح كي أخفّف من وطأة المعاناة عند المرأة العاشقة عشقًا لا نهاية سعيدة له في أغلب الحكايات، إذ بطبيعة الحال لن يترك كلّ الرجال زوجاتهم من أجل الحبيبات. وفي جميع الحالات والحلول سيكون هناك ضحايا. ومع أنّ هذا النوع من العلاقات يوحي في المفهوم السائد بالجنس أكثر ممّا يوحي بالحبّ، ويتحوّل مادة دسمة للطرائف والنكات والتعليقات في المسرحيّات الهزليّة والبرامج التلفزيونيّة الساخرة، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع وجود حالات عشق صادقة تجعل الكلام على هذا الموضوع دقيقًا ومقاربته حسّاسة.
لماذا يحبّ الرجل امرأة أخرى غير زوجته وهو يعرف أنّ التزامه العائليّ أقوى من أيّ حبّ؟ ولماذا تعشق المرأة رجلاً متزوّجًا وهي تعرف يقينًا أنّ هذا العشق محكوم بالألم والمعاناة وإن تخلّلته أيّام من وهم السعادة؟
يقدّم الرجال أجوبة كثيرة على السؤال الأوّل: نحن لا نتحكّم بالحبّ ومواعيده، تزوّجت وأنا يافع فلم أعرف الحبّ الحقيقيّ، تزوّجت في الغربة لأنّني كنت في حاجة إلى رفيقة حياة ولم أعرف العشق، تزوّجت خلال الحرب ومن دون معرفة عميقة بالشخص الآخر، المرأة التي تزوّجتها لم تستطع أن تواكب تغيّرات شخصيّتي وطموحي فبقيت حيث كانت منذ زواجنا...
والمرأة التي تجيب على السؤال الثاني تقول: اعتقدت أنّه سيترك زوجته من أجلي، لو لم يكن في حاجة إليّ لما أغرم بي، وجدت فيه الخبرة والحنان اللذين لم أجدهما عند سواه، لم أستطع التحكّم بمشاعري، أنا في عمر لا أستطيع أن أكون فيه إلاّ مع متزوّج أو أرمل أو مطلّق...
هذه الأجوبة التي يقدّمها طرفا العلاقة تشي بهشاشة العلاقة نفسها وبآنيّتها وارتباطها بظروف معينة تنتهي مع نهايتها. لذلك نادرًا ما تؤول هذه العلاقات، ولو قائمة على عاطفة صادقة، إلى ارتباط غير ارتباط المعاناة لكلا العاشقين، فالرجل الذي أحبّ فعلاً امرأة غير زوجته يملك مستوى عاليًا من الالتزام والوعي يجعلانه رافضًا فكرة التخلّي عن زواجه والإساءة إلى عائلته. ولو لم يكن كذلك لما عشق ولما تألّم ولكانت علاقته مغامرة عابرة قائمة على الجنس وسببها أزمة منتصف العمر وهدفها استعادة الثقة بجذب الآخر وبقدرات الجسد على ممارسة دوره. وفي هذا النوع من العلاقات تكون المرأة العاشقة والمعشوقة على جانب كبير من الوعي يجعلها تعرف أنّ هذه العلاقة مكثّفة عمقًا وقصيرة عمرًا، لأنّها لن تطلب من الرجل أن يترك كلّ شيء ويتبعها، ولأنّ احترامها نفسها والآخر أكبر من عشقها، ولا ترضى لنفسها بدور "خاربة البيوت" كما يحلو للمجتمع أن يسمّيها.
يحلو لي حين أفكّر بهذا النوع من العلاقات التي نسجها الحبّ وحبكتها الحاجة إلى الآخر المختلف، أن أتخيّل أنّ كلّ امرأة من اللتين تتجاذبان رجلاً واحدًا تقول للثانية: شكرًا لك. فالزوجة تقول للحبيبة: شكرًا لك لأنّك لم تأخذيه منّي ومن أولاده، وأبقيته معنا ولو رجلاً آخر، والحبيبة تقول للزوجة: شكرًا لك على ما لم تكوني عليه خلال بعض الوقت ما أتاح وجودي ولو نيزكًا عابرًا في سماء أمنياته.
ومع ذلك يبقى السؤال عالقًا بلا جواب: هل يستحق رجل واحد أيًّا تكن صفاته امرأتين مميّزتين: زوجة للواقع الآمن وحبيبة للخيال الجامح؟
هناك 5 تعليقات:
ما رأيك أن لي صديق متزوج، يخبرني أنه كل مرة يزور لبنان يلتقي بصديقة قديمة جمعتهما علاقة روحية ليبكي فقط على كتفها?
" تلطش" زوجة زوجها أمامي أن عليه أن يقوم "بواجباته"
ما رأيك بالحب يتحول إلى علاقة ميكانيكية لها توقيتها?
عابر سبيل يؤمن بالإختلاف أيمانه بالتوافق.
لا تريدين أن تكوني زوجة ولا عشيقة.
يمنعك التزامك من أن تخربي البيوت، وربما فارس الأحلام لم يترجل بعد.
أخالك تركبين أجنحة الأحلام، هنا ستكونين سعيدة لا ترين في الأمور إلا أجملها. الواقع مختلف.
أكثر من تردد علي لإصلاح ذات البين هما مَن وعدا نفسيهما أمامي وربما أمام الله بالتفاهم والوئام.
عابر سبيل بدون زوجة ولا عشيقة.
بعض الرجال وهم قله يستحقون
إلى عابر سبيل يؤمن بالاختلاف: ما رأيك بالحبيبة التي يبكي الرجل المتزوّج على كتفها حين لا تجد كتفه لتبكي عليها؟
إلى تيماء: هل تسمحين للنساء بذلك؟
أعجبني سؤالك، إذا لم تجد ذلك الكتف فلتذهب إلى كتف الوادي لعل الصدى يردد بعض تنهداتها.
هل احتجتي يوما إلى ذلك الكتف ولم تجديه?
عابر سبيل قد يرتاح برهة على كتف
إرسال تعليق