بالإذن من كثير من الرجال!
في بلادنا لا نحتاج أبطالاً أو قدّيسين أو نجومًا لامعة أو شخصيّات بارزة. نحن نحتاج رجالاً، لا أشباه رجال، وإلاّ فكلّ حسناء سترفع سترها وعند ذلك "لن يبقى ستر مغطّى".
يظنّ كثيرون أنّ النساء حين يتبرّجن ويتزينّ ويتعرّين، إنّما يفعلن ذلك لإغراء الرجال. ولكنّ الصحيح أنّه لو كان في مجتمعاتنا رجال لما جرؤت امرأة على الظهور في مظهر فاضح. إذ لا يمكن أن أصدّق أنّ هناك رجلاً حقيقيًّا يسمح لأمّه أو شقيقته أو زوجته أو ابنته أو حفيدته بالظهور في لباس غير لائق (لكلّ مكان لباسه، أليس كذلك؟ على كلّ حال اللباس المحتشم لا يعني حكمًا امرأة لائقة). ولكنّ الغباء الذي يكلّل هامّة مجتمعنا سيجعل كثيرين منكم يستنتجون من هذا الكلام أنّني ضدّ الحداثة وأنّني رجعيّة وأنّني ضدّ الحركات النسائيّة ومع حزام العفّة لأنّني متزمتة أو لأنّ اللباس المثير لا يليق بي.
صدّقوا أو لا تصدّقوا: أنا مع حريّة المرأة (والرجل) ولكنّي لست مع "الحركات" التي تقوم بها بعض النساء (الله يخلّيكن بلا هالحركات)، وأنا مع الأناقة واللياقة ولكنّي بالتأكيد لست مع العهر على مختلف وجوهه. ومن ترغب منكنّ في أن تكون كذلك فمبروك عليها هذا الاسم ولن أنافسها عليه.
صدّقوا أو لا تصدّقوا أنا أرفض أن "تخضع" المرأة لأيّ شيء حتّى لرغباتها الخاصّة (لا أحبّ هذا الفعل أساسًا: خضع = رضخ) فكيف أرضى للمرأة، أي امرأة، ولي ولوالدتي وشقيقتيّ وبنات أختي أن نخضع لسلطة رجل (خصوصًا إذا كان غبيًّا) يفرض علينا أفكاره وأزياءه وطعامه وشروطه في العمل.
"إذا مش مع عون أكيد مع جعجع وإذا مش مع جعجع أكيد مع عون". هذه الخيارات المحدودة والضيّقة هي التي جعلت شعبنا العظيم يرفض التفكير في احتمال وجود خيار آخر. الأسود أو الأبيض أو في أسوأ الأحوال أو أحسنها الرماديّ. وماذا عن سائر الألوان؟ هل زالت تحت تأثير مسحوق الغسيل لأنّها غير أصليّة؟
لماذا مطالبتي الرجال بأن يكونوا رجالاً ستعني في أذهانكم أحد هذه الأمور: أنا محرومة من الرجال وأريد رجلاً، أو أنا عاجزة عن مجاراة المتحرّرات من النساء فأحاربهنّ، أو أنا أقبل بالتعنيف والسلطة الذكوريّة الأبويّة. ألا يوجد احتمالات أخرى؟ أم صارت الآفاق ضيّقة إلى هذه الدرجة من المحدوديّة والتقوقع والاجترار؟ ألا يمكن أن تكون المرأة شيطانًا جنسيًّا في سرير الحبّ وملاكًا خارجه؟ ألا يمكنها أن تكون حرّة لا متحرّرة، وجريئة لا وقحة؟
وكيف تريدون أن أصدّق أنّ الرجل رجل و"ميوعته" الأنثويّة تثير الغثيان؟ أو أنّه رجل وزوجته في هذه اللحظة بالذات وببركة زوجيّة منه بين ساقي رجل، عفوًا بين ذراعيّ رجل، من أجل أن تؤمّن لعائلتها الكريمة الوظيفة والسيّارة والشقّة والشاليه؟ أو أنّه رجل وصور ابنته العارية تتنقّل من موقع إلكترونيّ إلى آخر (ما شاء الله حولها احتلّت من المواقع عددًا أكبر من تلك التي احتلّتها إسرائيل في كلّ حروبها علينا)؟
كيف يكون الرجل رجلاً وهو يتزيّن كالأنثى، ويمشي كالأنثى، ويطيل شعره ويلوّنه كالأنثى، وينتف شعر جسمه كالأنثى، ويلبس كالأنثى، وفي المقابل يرفض أن يرتّب سريره (لأنّه ليس امرأة)، أو ينظّف الحمّام بعد استعماله (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يحمل صحنه إلى المطبخ (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يجلس إلى جانب أبيه المريض (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يبكي تأثّرًا (لأنّه ليس امرأة)؟
وكيف يكون الرجل رجلاً والرجولة الوحيدة التي يفهمها هي في التحرّش والاغتصاب والشتائم والضرب والصراخ والغضب وتحطيم الأثاث ورفض الحوار مع المرأة وفرض الحصار عليها؟ أو كيف يكون الرجل رجلاً متغنيًّا بالوطن ويداه الناعمتان لم تلمسا تراب الوطن وأظافره الأنيقة أرقّ من أن تحكّا جلده فيستعين بأظافر غيره؟ وكيف يكون الرجل رجلاً وهو محكوم بمثلث برمودا الذي يبدأ عند باب المعدة ويمتدّ طرفاه إلى جيبي سرواله وما بينهما؟
أشباه الرجال عندنا قوّادون يرسلون بناتهم المراهقات للعمل في الملاهي الليليّة من أجل تأمين ثمن الهاتف المحمول، وعندما يرى الواحد منهم نظرة الاستهجان على وجهك يقول لك في سرعة: يا أخي كلّ رفاقها عم يشتغلو! وأشباه الرجال عندنا يقولون لبنات أعمامهم اللواتي يتعرّضن لمضايقات في العمل: طوّلوا بالكن، ما فيكن تتركوا الشغل في هذا الغلاء، سايروا قدر المستطاع. وأشباه الرجال عندنا لا يسألون بناتهم ونساءهم: من أين لكنّ هذا؟ لأنّ الجهل "أريح" من العلم. وأشباه الرجال عندنا يتصرّفون مع نسائهم كما يتصرّفون مع العاهرات، ومع أخواتهم كما يتصرّفون مع الخادمات، ومع أمّهاتهم كما يتصرّفون مع الحبيبات.
رحمك الله يا خليل يا مطران! منذ قصيدتك تلك عن مقتل الوزير الفارسيّ بزرجمهر والنساء يرفعن الغطاء تلو الغطاء وهنّ مطمئنّات إلى أن لا وجود للرجال في مجتمعنا لأنّ الرجال خافوا من أن يكون مصيرهم كمصير بزرجمهر (في السياسة وسواها من شؤون الحياة) فتحوّلوا نسخًا مشوّهة عن النساء!
في بلادنا لا نحتاج أبطالاً أو قدّيسين أو نجومًا لامعة أو شخصيّات بارزة. نحن نحتاج رجالاً، لا أشباه رجال، وإلاّ فكلّ حسناء سترفع سترها وعند ذلك "لن يبقى ستر مغطّى".
يظنّ كثيرون أنّ النساء حين يتبرّجن ويتزينّ ويتعرّين، إنّما يفعلن ذلك لإغراء الرجال. ولكنّ الصحيح أنّه لو كان في مجتمعاتنا رجال لما جرؤت امرأة على الظهور في مظهر فاضح. إذ لا يمكن أن أصدّق أنّ هناك رجلاً حقيقيًّا يسمح لأمّه أو شقيقته أو زوجته أو ابنته أو حفيدته بالظهور في لباس غير لائق (لكلّ مكان لباسه، أليس كذلك؟ على كلّ حال اللباس المحتشم لا يعني حكمًا امرأة لائقة). ولكنّ الغباء الذي يكلّل هامّة مجتمعنا سيجعل كثيرين منكم يستنتجون من هذا الكلام أنّني ضدّ الحداثة وأنّني رجعيّة وأنّني ضدّ الحركات النسائيّة ومع حزام العفّة لأنّني متزمتة أو لأنّ اللباس المثير لا يليق بي.
صدّقوا أو لا تصدّقوا: أنا مع حريّة المرأة (والرجل) ولكنّي لست مع "الحركات" التي تقوم بها بعض النساء (الله يخلّيكن بلا هالحركات)، وأنا مع الأناقة واللياقة ولكنّي بالتأكيد لست مع العهر على مختلف وجوهه. ومن ترغب منكنّ في أن تكون كذلك فمبروك عليها هذا الاسم ولن أنافسها عليه.
صدّقوا أو لا تصدّقوا أنا أرفض أن "تخضع" المرأة لأيّ شيء حتّى لرغباتها الخاصّة (لا أحبّ هذا الفعل أساسًا: خضع = رضخ) فكيف أرضى للمرأة، أي امرأة، ولي ولوالدتي وشقيقتيّ وبنات أختي أن نخضع لسلطة رجل (خصوصًا إذا كان غبيًّا) يفرض علينا أفكاره وأزياءه وطعامه وشروطه في العمل.
"إذا مش مع عون أكيد مع جعجع وإذا مش مع جعجع أكيد مع عون". هذه الخيارات المحدودة والضيّقة هي التي جعلت شعبنا العظيم يرفض التفكير في احتمال وجود خيار آخر. الأسود أو الأبيض أو في أسوأ الأحوال أو أحسنها الرماديّ. وماذا عن سائر الألوان؟ هل زالت تحت تأثير مسحوق الغسيل لأنّها غير أصليّة؟
لماذا مطالبتي الرجال بأن يكونوا رجالاً ستعني في أذهانكم أحد هذه الأمور: أنا محرومة من الرجال وأريد رجلاً، أو أنا عاجزة عن مجاراة المتحرّرات من النساء فأحاربهنّ، أو أنا أقبل بالتعنيف والسلطة الذكوريّة الأبويّة. ألا يوجد احتمالات أخرى؟ أم صارت الآفاق ضيّقة إلى هذه الدرجة من المحدوديّة والتقوقع والاجترار؟ ألا يمكن أن تكون المرأة شيطانًا جنسيًّا في سرير الحبّ وملاكًا خارجه؟ ألا يمكنها أن تكون حرّة لا متحرّرة، وجريئة لا وقحة؟
وكيف تريدون أن أصدّق أنّ الرجل رجل و"ميوعته" الأنثويّة تثير الغثيان؟ أو أنّه رجل وزوجته في هذه اللحظة بالذات وببركة زوجيّة منه بين ساقي رجل، عفوًا بين ذراعيّ رجل، من أجل أن تؤمّن لعائلتها الكريمة الوظيفة والسيّارة والشقّة والشاليه؟ أو أنّه رجل وصور ابنته العارية تتنقّل من موقع إلكترونيّ إلى آخر (ما شاء الله حولها احتلّت من المواقع عددًا أكبر من تلك التي احتلّتها إسرائيل في كلّ حروبها علينا)؟
كيف يكون الرجل رجلاً وهو يتزيّن كالأنثى، ويمشي كالأنثى، ويطيل شعره ويلوّنه كالأنثى، وينتف شعر جسمه كالأنثى، ويلبس كالأنثى، وفي المقابل يرفض أن يرتّب سريره (لأنّه ليس امرأة)، أو ينظّف الحمّام بعد استعماله (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يحمل صحنه إلى المطبخ (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يجلس إلى جانب أبيه المريض (لأنّه ليس امرأة)، أو أن يبكي تأثّرًا (لأنّه ليس امرأة)؟
وكيف يكون الرجل رجلاً والرجولة الوحيدة التي يفهمها هي في التحرّش والاغتصاب والشتائم والضرب والصراخ والغضب وتحطيم الأثاث ورفض الحوار مع المرأة وفرض الحصار عليها؟ أو كيف يكون الرجل رجلاً متغنيًّا بالوطن ويداه الناعمتان لم تلمسا تراب الوطن وأظافره الأنيقة أرقّ من أن تحكّا جلده فيستعين بأظافر غيره؟ وكيف يكون الرجل رجلاً وهو محكوم بمثلث برمودا الذي يبدأ عند باب المعدة ويمتدّ طرفاه إلى جيبي سرواله وما بينهما؟
أشباه الرجال عندنا قوّادون يرسلون بناتهم المراهقات للعمل في الملاهي الليليّة من أجل تأمين ثمن الهاتف المحمول، وعندما يرى الواحد منهم نظرة الاستهجان على وجهك يقول لك في سرعة: يا أخي كلّ رفاقها عم يشتغلو! وأشباه الرجال عندنا يقولون لبنات أعمامهم اللواتي يتعرّضن لمضايقات في العمل: طوّلوا بالكن، ما فيكن تتركوا الشغل في هذا الغلاء، سايروا قدر المستطاع. وأشباه الرجال عندنا لا يسألون بناتهم ونساءهم: من أين لكنّ هذا؟ لأنّ الجهل "أريح" من العلم. وأشباه الرجال عندنا يتصرّفون مع نسائهم كما يتصرّفون مع العاهرات، ومع أخواتهم كما يتصرّفون مع الخادمات، ومع أمّهاتهم كما يتصرّفون مع الحبيبات.
رحمك الله يا خليل يا مطران! منذ قصيدتك تلك عن مقتل الوزير الفارسيّ بزرجمهر والنساء يرفعن الغطاء تلو الغطاء وهنّ مطمئنّات إلى أن لا وجود للرجال في مجتمعنا لأنّ الرجال خافوا من أن يكون مصيرهم كمصير بزرجمهر (في السياسة وسواها من شؤون الحياة) فتحوّلوا نسخًا مشوّهة عن النساء!
هناك تعليق واحد:
Bonsoir Marie
Malheureusement ,tout ce que tu dis est tout a fait vrai.nous vivons daans une société où tout est permis ...tout se dérègle ...plus de valeurs ...
إرسال تعليق