الأربعاء، 2 مايو 2012

جسمكِ صار جسمي (من كتابي: أحببتك فصرت الرسولة)


Hemlut Newton
(Isabella Rossellini - David Lynch)
همس لها:

"جسمُكِ صار جسمي
أضبط نظام حياتي على إيقاعه
أحفظ تقلّبات مزاجه
أرصد دورات دمه ونبضاتِ قلبه
أسجّل مواعيد العناية به
أحفظ أدقّ تفاصيله
أتنزّه على تعرّجات الدروب إلى مذبح الشهوة فيه
أنتظر مواسم حرارة أعضائه وبرودة أطرافه ورطوبة جلده
أحصي شعراته وشعيراته
أراقب تغيّرات لونه
من زهريّ الخجل
إلى أصفر الانفعال
إلى تأجّج أحمر رغبته
ألاحق فراشاتٍ ملوّنةً في حقل ألغامه
أقطف ثمرتين عند إطلالتي عليه
وثمرتين عند انحداري إلى منبسط سهله
وثمرتين من غابة عذراء صغيرة فيها ساقية لا تنضب
يسقسق ماؤها طربًا حين يخطر ظنّي على بالها
جسمكِ واحتي في صحراء الحياة
أرتمي على عشبها الغجريّ تعِبًا تائهًا
وآكل من عسل فاكهتها وأمتصّ رحيق أزاهرها
قبل أن يناديني صوت الرحيل من جديد
لأتابع تجوالي الدائريّ عائدًا إلى مشارف انتظارك
جسمُكِ الصغير سمائي الشاسعة
أرسم عليها بأقلام الغيم مشاهدَ من عمري
كانت تقودني إليك
يا امرأتي البعيدة القريبة
يا امرأتي الطفلة الحكيمة
تسلّلي إلى ماضي حياتي
كي أعرفك منذ أن كوّنتُ جنينًا، أو فكرة، أو حلمًا
ورافقيني لأصير الرجل الذي أردتُ أن أكونه
لو عرفتك قبل اليوم"
***
تابعَ وهو يُغرق وجهَه في دفء عنقها:

"أنت امرأتي السريّة
وأنا أميرك المغمور تحت ليل شعرك
أنت ملكتي الجميلة
وأنا رأسك المرفوع تحت إكليل مجدك
أنت فتاتي الذكيّة
وأنا رجلك المتدفّق في دم قلبك
مذ عرفتك ذاتَ حزن وخريف
وأنا أعشق انتظاري لك
وأرسم للّقاء بك ألف مشهد ومشهد
وحين نلتقي يتكوّن الفردوس الذي لا يجيد تكوينه إلّا فكرُ الآلهة
يا عروسي البيضاء ككأس حليب
يا دمعتي الكحليّة في مرآة عينيك
أغلقي جفنيك عليّ
وأنقذيني من وقاحة العالم
ضمّيني بين أهدابك كي لا أتيه
أطبقي شفتيك على حزن كلماتي فتطربَ روحي
واعطيني جسدك ليصير جسدي الجديد
أرتديه يوم الشعانين...
وأتباهى
كالطفل البكر
كالصبيّ الأوّل
كالمسيح الذي يريد أن ينسى أنه سيصلب بعد أيّام"
***
ثمّ أخذَ وجهَها بين يديه
وابتسمت شفتاه
ودمعت عيناه
وقال:

كيف لامرأة صغيرة مثلك أن تفعل كلّ ذلك؟
من علّمك أن تثوري كبركان
وأن تنهمري رذاذًا كشتاء حنون؟
من علّمك الشعر والعشق والغضب والضحك والبكاء
بالطريقة التي بها تقولين الشعر
وتمارسين الحبّ
وتتألّقين بالغضب
وتنفجرين بالضحك
وتتلألئين تحت خيوط دمعك الآسرة؟
من علّمك أن تكوني طفلةً في جسم امرأة
وامرأةً بين يدَيْ رجل
ورجلاً في فكر امرأة
وامرأةً في حلم طفلة؟
من علّمكِ كيف تحوّلين جسدي خبزًا ودمي خمرًا؟
من علّمك كيف تمسحين جراحي السبعة ببلسم شفتيك؟
من علّمك أن تكوني أنت؟
لا تخبريني
بل كوني السرّ الذي إن جاوز جسمينا شاع"

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

excellent,excellent,excellent

ماري القصيفي يقول...

شكرًا لك!

Unknown يقول...

رائعة عزيزتى
تحياتى لقلمك الريحاني ~

غير معرف يقول...

certainement pas excellent. le delire habituel de gossaifi

ماري القصيفي يقول...

نيللي/ شكرًا لك عزيزتي

غير معرّف/ شكرًا على وقتك يبدو أنك تتابعني دائمًا كي تعرف أنّني أكرّر هذياني، لا أدري لماذا تصرّ على ذلك؟ على كلّ حال شكرًا على الوقت الذي تخصّصه لي. ولكن الرجاء أن تصحّح اسم عائلتي فأنا حريصة على كتابته بحرف K

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.