كلّ الخطايا المميتة التي ارتكبتها تلك المرأة لم تشعرها بالذلّ والمهانة اللتين شعرت بهما يومذاك:
فلو أساءت إلى المحبّة وهي الوصيّة الأولى لقالت إنّها تستحقّ تلك النظرات الغاضبة، لكنّها مذ بدأت بتناول الحبوب المهدّئة وهي تشعر بسلام داخليّ وحبّ غريب لكلّ الناس والكائنات والحياة.
ولو استسلمت لرغبات الجسد ومالت مع ميوله لقالت إنّ ما يصيبها الآن قليل بالنسبة إلى ذنبها، غير أنّها منذ زمن لا تذكر أوّله تحمل جسدها عبئًا ثقيلاً كحمار ينوء تحت ثقل ما يحمله وينتظر بفارغ الصبر أن يريحه صاحبه منه.
ولو تسبّبت بأذيّة أحد الناس عمدًا وعن سابق تصوّر وتصميم لهان عليها الأمر، ولقالت إنّها تستحقّ العقاب مهما كان قاسيًا وشديدًا.
إلاّ أنّ كلّ ما فعلته هو أنّها تكلّمت مع ابنة أختها المراهقة باللغة العربيّة في معرض الكتاب الفرنسيّ.
جملة واحدة لا غير في خضمّ الازدحام والضجيج كانت كافية ليحلّ صمت تام يشبه ذاك الذي سيطر على بعض المناطق اللبنانيّة يوم تحدّثت فيروز باللغة العربيّة مع مقدّم البرامج، الفرنسيّ الشهير فردريك ميتران، وهو صمت يشبه تمامًا السكوت الرهيب الذي يسبق لحظة الدينونة.
جملة واحدة سمعها الجميع فسكتوا وهزّوا الرؤوس استنكارًا ثمّ أحنوها خجلاً وهم يتساءلون عن سرّ تلك المرأة الغريبة الدخيلة. لكنّ ابنة أختها أنقذتها من كلّ ذلك، أو هكذا ظنّت، حين شدّتها بثوبها إلى الخارج لتنهال عليها لومًا وتأنيبًا. وعبثًا حاولت الخالة الخاطئة أن تدافع عن نفسها، فالفتاة المحرجة لم ترض بالعودة إلى المعرض وصمّت أذنيها عن سماع خالتها وهي تقول: صحيح يا صغيرتي أنّ هؤلاء يتكلّمون باللغة الفرنسيّة ولكنّ اللغة الفرنسيّة لم تجعل منهم أشخاصًا أقلّ جهلاً ولم تحرّرهم من العصبيّات العائليّة والطائفيّة والمذهبيّة والعنصريّة، ولم تجعلهم يحملون الكتب في الباصات والحمّامات والمنتزهات والمطاعم، ولم تمنعهم عن رمي النفايات على الطرقات أو عن مراقبة الآخرين وإزعاجهم، ولم تعلّمهم احترام حريّة الآخرين والقبول بالاختلاف والتنوّع، ولم تنقل إليهم عدوى الانفتاح والثقافة والجديّة في العمل واحترام الأنظمة والقوانين، ولم تدفعهم إلى التعلّق ببلادهم ولغتها كما يتعلّق الفرنسيّ ببلاده ولغتها.
كانت المرأة تتكلّم باللغة العربيّة وابنة أختها الغاضبة تقاطعها باللغة الفرنسيّة طالبة منها الابتعاد عن هذا المكان قبل أن يراهما ويسمعهما أحد أصدقائها.
فلو أساءت إلى المحبّة وهي الوصيّة الأولى لقالت إنّها تستحقّ تلك النظرات الغاضبة، لكنّها مذ بدأت بتناول الحبوب المهدّئة وهي تشعر بسلام داخليّ وحبّ غريب لكلّ الناس والكائنات والحياة.
ولو استسلمت لرغبات الجسد ومالت مع ميوله لقالت إنّ ما يصيبها الآن قليل بالنسبة إلى ذنبها، غير أنّها منذ زمن لا تذكر أوّله تحمل جسدها عبئًا ثقيلاً كحمار ينوء تحت ثقل ما يحمله وينتظر بفارغ الصبر أن يريحه صاحبه منه.
ولو تسبّبت بأذيّة أحد الناس عمدًا وعن سابق تصوّر وتصميم لهان عليها الأمر، ولقالت إنّها تستحقّ العقاب مهما كان قاسيًا وشديدًا.
إلاّ أنّ كلّ ما فعلته هو أنّها تكلّمت مع ابنة أختها المراهقة باللغة العربيّة في معرض الكتاب الفرنسيّ.
جملة واحدة لا غير في خضمّ الازدحام والضجيج كانت كافية ليحلّ صمت تام يشبه ذاك الذي سيطر على بعض المناطق اللبنانيّة يوم تحدّثت فيروز باللغة العربيّة مع مقدّم البرامج، الفرنسيّ الشهير فردريك ميتران، وهو صمت يشبه تمامًا السكوت الرهيب الذي يسبق لحظة الدينونة.
جملة واحدة سمعها الجميع فسكتوا وهزّوا الرؤوس استنكارًا ثمّ أحنوها خجلاً وهم يتساءلون عن سرّ تلك المرأة الغريبة الدخيلة. لكنّ ابنة أختها أنقذتها من كلّ ذلك، أو هكذا ظنّت، حين شدّتها بثوبها إلى الخارج لتنهال عليها لومًا وتأنيبًا. وعبثًا حاولت الخالة الخاطئة أن تدافع عن نفسها، فالفتاة المحرجة لم ترض بالعودة إلى المعرض وصمّت أذنيها عن سماع خالتها وهي تقول: صحيح يا صغيرتي أنّ هؤلاء يتكلّمون باللغة الفرنسيّة ولكنّ اللغة الفرنسيّة لم تجعل منهم أشخاصًا أقلّ جهلاً ولم تحرّرهم من العصبيّات العائليّة والطائفيّة والمذهبيّة والعنصريّة، ولم تجعلهم يحملون الكتب في الباصات والحمّامات والمنتزهات والمطاعم، ولم تمنعهم عن رمي النفايات على الطرقات أو عن مراقبة الآخرين وإزعاجهم، ولم تعلّمهم احترام حريّة الآخرين والقبول بالاختلاف والتنوّع، ولم تنقل إليهم عدوى الانفتاح والثقافة والجديّة في العمل واحترام الأنظمة والقوانين، ولم تدفعهم إلى التعلّق ببلادهم ولغتها كما يتعلّق الفرنسيّ ببلاده ولغتها.
كانت المرأة تتكلّم باللغة العربيّة وابنة أختها الغاضبة تقاطعها باللغة الفرنسيّة طالبة منها الابتعاد عن هذا المكان قبل أن يراهما ويسمعهما أحد أصدقائها.
هناك 7 تعليقات:
يااااااه معقول
فى كدة
عندك حق لو كانوا يتحدثون الفرنسية
هل غيرت فيهم شيئاً هه
التغير مش باللغة
بس دى قصة حقيقية ؟؟!!!!!!!!
أعتقد أنني عرفت مَن هي تلك المرأة، ولو كنت مكانها لأخترعت حديثا ما لا ينتهي وكله باللغة العربية، والمو عاجبو يروح يبلط البحر.
HAZIHI AL KHALA TASTAHIK AL RAJIM
نفس اللى خلانا نعمل يوم التويتر العربى ...
تحياتى
رامي: يحدث مثل هذه القصّة عشرات في اليوم الواحد وإن في ظروف مختلفة
أبونا حنّا: في كلّ قصّة جزء من الواقع وكثير كثير من الخيال
غير معرّف: النظرات رجمت المرأة بأقوى من الحجارة
آخر أيّام الخريف: نحتاج إلى عمل كثير ومتواصل
That's what happens when our own countries treat us like prisoners, de-humanize us and create these feelings of embarrassment and shame. That's what happens when the government officials in our countries care more about their pockets than the average person. We are left with feelings of desperation that forces us to immigrate to places we think we are going to be better off! But people will respect you as much as we respect ourselves. We have to raise our kids to be proud of their history and their identity, however I see the opposite everyday; parents that don't teach their kids their mother tongue "to protect them" from being dicriminated agaist! In fact that only asserts in their minds that theyneed to hide who they really are which makes them an easier target for discrimination. Don't teach your kids fear and they'll grow strong, don't teach them to hide and they'll grow proud, and if you teach them their history, they'll learn from it.
حضرة السيّد سلامة، الحريّة التي تتبرّأ من الالتزام هي سبب مآسينا، فباسم الحريّة نتخلّى عن هويّتنا ووطننا وأهلنا والتزاماتنا. أنا أؤمن بالالتزام لا بالإلزام. والالتزام يتطلّب شجاعة ومعرفة ومحبّة واعية وفكرًا نقديًّا. وكلّ ذلك غائب.
اشكرك على رأيك الذي أضاف إلى مدوّنتي ما أتمنّى أن يقرأه سواي.
إرسال تعليق