(رأيي حول واقع المرأة اللبنانيّة بناء على طلب المجلّة الإلكترونيّة نسوة كافيه www.neswacafe.com)
***
لا أؤمن بما يسمّى "امرأة لبنانيّة"، فما دمنا شعبًا متعدّد الطوائف والانتماءات واللغات، وما دمنا لم نتّفق في عمق وجداننا على هويّة لبنانيّة واحدة، وبما أنّ عدد النساء أكثر من عدد الرجال في لبنان، فلا يمكن بالتالي الكلام على امرأة لبنانيّة واحدة. ويكفي أن ننقّل نظرنا من محطّة تلفزيونيّة لبنانيّة إلى أخرى لنكتشف أنّنا أمام مجموعة نساء لبنانيّات، يختلفن اختلافًا فاضحًا، شكلاً ومضمونًا، زيًّا ولغة، تعبيرًا وتفكيرًا. وينسحب الأمر نفسه على هذا التنوّع النسائيّ في الطائفة نفسها وذلك تبعًا للمستويات الاجتماعيّة التي تنتمي إليها النساء أو للمؤسّسات التربويّة التي درسن فيها، وسنكون أكثر الناس خبثًا إن ادّعينا عكس ذلك.
أمّا الخبث الأكبر فحين تتحدّث "المرأة اللبنانيّة" عن حريّة النساء وفي الوقت نفسه تعامِل السيّدة التي تساعدها في أعمال المنزل معاملة الجواري والإماء كأنّها اشترتها للتوّ من سوق النِخاسة. فأيّة حريّة نسائيّة هي تلك التي جعلت إحدى الأديبات من ذوات العلاقات العامّة تعرض في حفلة توقيع كتابها "مجموعة" خادماتها الآسيويّات وهن يقفن كالأصنام حاملات صواني الحلوى والمشروبات، حتّى آخر مدعوّ...وآخر نَفَس؟ وأيّة حريّة هي التي تجعل الفتاة اللبنانيّة تطالب بالاستقلال عن والدها والانصياع لرغبات صديقها؟ وأيّة حريّة هي التي تحرّر الأجساد من الملابس وتبقي العقول تحت طيّات البراقع؟
لعلّ النساء اللبنانيّات مدعوّات إلى نوعين من الاستقلال: الاستقلال الماديّ والاستقلال الفكريّ. فلا شيء يهين كرامة المرأة كحاجتها إلى من يذكّرها بأنّه "يصرف" عليها، مهما كانت الأعباء المنزليّة التي تقوم بها كبيرة وحيويّة، ولا شيء يؤذي إنسانيّتها كقول أحدهم، عند الانتخابات البلديّة أو الاختياريّة أو النيابيّة: "المرشّح فلان يريد الاجتماع بـ"رجال" البلدة"، حتّى ولو كان بين نساء البلدة صحافيّات وأديبات وطبيبات.
هناك تعليقان (2):
ليست لبنان واحدها
بل كُل الدول العربية
مشكلة المجتمع ككل
مشكلة أفكار مُسيطرة تماماً
معك حقّ، لكنّي لا أستطيع إلاّ أن أكتب عن المجتمع الذي أعرفه أكثر من غيره
إرسال تعليق