- انتهى الأمر ولم أعد أرغب في أن أكون رجل أحلامك!
· لماذا تقول ذلك وكلّ الأدوار التي رسمتها لك جميلة ونهاياتها سعيدة؟
- لكنّها متشابهة. لا فرق بين الدور والآخر إلّا في بعض التفاصيل، كمكان السكن والوظيفة. حتّى اسمي لا تغيّرينه بين حلم وآخر. وفيها كلّها لا عائلة لكلينا ولا أصدقاء. أنا وأنت فقط كأنّنا في مسرحيّة عبثيّة.
· ألا يعجبك أن تكون الشخص الوحيد الذي أريده في أحلامي؟ الشخص الذي ألغيت من أجله الآخرين، والذي أبتعد عن الآخرين لأنفرد به.
- أشعر بالضجر، ألا تلاحظين ذلك؟ لا أتكلّم إلّا معك، ولا أرى إلّاك. ألا يستطيع خيالك أن يضيف إلى القصّة بعض المشاهد وبعض الناس؟
· أنت وليد خيالي وعليك أن تقبل الأدوار التي أعطيك إيّاها كما هي. وإلّا فكيف تكون الأحلام؟ أنا صنعتك هكذا، على قياس رغباتي، وعليك أن ترضى.
- لو تفصّلينني على قياس عمرك؟
· ماذا تتمتم؟ ماذا قلت؟
- لقد سمعتني جيّدًا. فأنت على كلّ حال صاحبة الكلام.
· لا يمكن أن أكون أنا من وضع على لسانك هذه العبارة. ماذا تقصد بـ"قياس عمري"؟
- ألم تلاحظي أنّك في أحلامك ما زلت في العشرين من عمرك، ولم يتقدّم بك العمر ولو قليلًا؟
· إنّها أحلامي، مساحتي الخاصّة، حديقتي السريّة، حيث أستطيع أن أكون من أريد ومع من أريد وبالشكل الذي أريد. وهل يجب على أحلامي أن تكون صورة طبق الأصل عن واقعي الذي أهرب منه؟
- لكنّ خيالك يعجز عن تطوير القصص التي تتخيّلينها. ولهذا بدأت تدورين في حلقة مفرغة. وغالبًا ما تستعيدين المشهد نفسه مرارًا وتكرارًا كأنّك في دوّامة لا تجدين طريقك للخروج منها. ولأكن صريحًا بدأ الأمر يتعبني ويثير حنقي.
· لهذا أستعيد المشهد في رأسي مرارًا. فأنت لا تساعدني على دفع الحوار بيننا نحو معان جديدة وأبعاد أخرى. صرتَ بطلًا عجوزًا، تعجز عن حفظ كلماتك وأداء دورك. يبدو عليك التعب والملل.
- وأين بدا ذلك؟ وهل لي وجه ليبدو عليه التعب والملل؟ لماذا لم ترسمي لي وجهًا حتّى الآن؟
· الأشخاص الحقيقيّون لهم وجوه واضحة المعالم. أمّا أنت، الشخص المتخيّل، فلا وجه لك ولا ملامح.
- الأشخاص "الحقيقيّون" لهم أقنعة كثيفة، أمّا أنا الشخص المتخيّل فقد أكون - ولو بلا وجه – الشخص الحقيقيّ الوحيد في حياتك.
· لماذا إذًا لم يعد الأمر يعجبك؟
- عليك أن تعيدي صياغة السؤال: لماذا الأمر لم يعد يعجبك أنت؟
· لم أفهم!
- بل فهمت. تعبك هو سبب تعبي. ضجرك هو سبب ضجري. أنتِ التي بتّ تعجزين عن تتمّة حلم بدأته في لحظة شوق ووحدة. وإلّا فلماذا تنتفضين وتهربين ونحن في مشهد حميم، أو حين أطرح عليك سؤالًا ما، أو حين أذكّرك بشخص معيّن، أو حين يبدو وجهي واضح المعالم على غير إرادة منك؟
· لأنّك عندما تفعل ذلك أعجز عن إدارة دورك وتوجيهه. أنت صنيعتي فكيف أتركك تستقلّ عنّي؟
- أنا لست إذًا رجل أحلامك بل أسيرها. لذلك أثور، وأرفض المشاركة بعد الآن في هذه المسرحيّات السخيفة.
· ذلك يعني موتك. فعندما تتوقّف أحلامي ستذوي أنت وتذوب كرجل ثلج أمام وجه الشمس. لن أسمح لك بالثورة أو الاعتراض.
- ماذا تستطيعين أن تفعلي برجل أحلام متمرّد؟ هل تعاقبينه؟ أنت الخاسرة. هل تقتلينه؟ أنت الخاسرة.
· بدأ خيالي يخونني. كنت أمسك بزمام الأمور جيّدًا ولم تستطع شخصيّة واحدة أن تتفلّت من قبضتي. ماذا يحصل لي الآن؟
- أنت تتقدّمين في العمر وتريدين أن تبقي مراهقة. أنت تعبة ولا تعالجين تعبك إلّا بالهرب إليّ، فتنقلين إليّ همومك ويأسك ولذلك أعجز عن مداواتك.
· ماذا أفعل إذا لم يعد عندي أحلام؟ أشعر كأنّني سأموت.
- ربّما عليك أن تفكّري في الحياة لا في الموت. فقد يكون فيها رجل أفضل منّي لأنّه أكثر حريّة. يحضنك لأنّه يريد ذلك لا لأنّك تفرضين عليه ذلك. يقبّلك لأنّه يرغب في تقبيلك لا لأنّ الدور يجبره على ذلك. ويخاف عليك ولا يخاف منك مثلي حين تنهين الحلم وتقفلين عليّ باب مخيّلتك ساعة تريدين.
· الموت أسهل من هذه المواجهة!
- الحياة أصعب بلا هذه المواجهة!
· لا أريد.
- بل لا تجرؤين.
· لن يكون أحد مثلك.
- إنّهم حقيقيّون.
· هم يحسدونك لأنّك رجل أحلامي.
- أنا أحسدهم لأنّهم يستطيعون لمسك.
· هل سترحل فعلًا؟
- ما كنت لأفكّر في رحيلي لو لم يخطر على بالك. أفكاري هي صورة طبق الأصل عن أفكارك. أنت تريدين أن أرحل غير أنّك خائفة.
· هل سيكون لي أحد بعدك؟
- من يدري؟ المهمّ أنّ المكان صار خاليًا.