ظهرت المدعوة ش. خ. على شاشة التلفزيون فخورة بإنجاز إنسانيّ مسيحيّ لم يسبقها إليه إلاّ السيّد المسيح، وهو تحضير يوم ترفيهيّ لأطفال العراق المسيحيّين الهاربين إلى لبنان. ولكي تعلم اليد اليسرى بما تفعله اليمنى عملاً بقول الإنجيل، دعت المدعوة المذكورة وسائل الإعلام لتصوّر لقاءها مع الأطفال التعساء ولتنقل تبشيرها الملائكيّ إلى المعمورة: أطفال العراق المسيحيّون مهاجرون إلى أميركا وأستراليا وكندا.
كنت أنتظر أن تتضمّن الإطلالة الإعلاميّة دعوة إلى إبقاء الأطفال في لبنان، ليكونوا قريبين من بلادهم ويعودوا إليها في يوم ليس ببعيد.
كنت أنتظر أن تدعو المدعوة المذكورة الدولة اللبنانيّة والقيادات المسيحيّة لكي يمنحوا الأطفال وأهاليهم الجنسيّة اللبنانيّة فيتحقّق نوع من التوازن الطائفيّ في بلد قام على التوازنات حتّى فقد توازنه بعدما أضاع أبناؤه اتزانهم.
غير أنّ المدعوة ش. خ. فضّلت أن تكون نجمة تقود الأطفال إلى الغرب لينجوا - بحسب ما أوحي إليها - من هيرودوس الذي يريد أن يقتل أطفال بيت لحم. وقبل الرحيل الكبير، نظّمت لهم يومًا ترفيهيًّا في ضيافة عائلات مسيحيّة ليحتفلوا عندهم بعيد الميلاد.
عظيم، فلنر التحقيق المصوّر ولنشاهد ماذا حدث في ذلك النهار:
المكان: بيت عائلة مسيحيّة
الزمان: عيد الميلاد
المضيفات: ثلاث نساء عجائز، واحدة منهنّ تبدو مريضة عاجزة قابعة في سريرها تنتظر من يخدمها، ولا أولاد معهنّ
الضيفات العراقيّات: ثلاث فتيات بالكاد تخطّين مرحلة الطفولة
المغزى من اليوم الترفيهيّ: إن بقيتم في لبنان يا أطفال العراق فسيكون مصيركم كمصير العجائز الثلاث
وعند السؤال: لماذا لم تصطحب المدعوة ش. خ. الأطفال إلى منزلها الكبير ليلعبوا مع أولادها الصغار بدل أن يمضوا العيد في مأوى العجزة، كان الجواب: أولادها لا يجيدون التكلّم باللغة العربيّة لأنّ ثقافتهم أجنبيّة.
ولكن متى علمنا أنّ المدعوة ش. خ. من كبار أهل الفكر والسياسة والعلم في لبنان، أدركنا أنّ ما تفعله ونعجز عن فهمه يفوق إدراكنا ويتخطّى محدوديّة عقلنا البشريّ، ولن يكشف لنا لغز هذا النشاط الروحيّ إلاّ متى رحنا كلّنا إلى الغرب وأفرغنا الشرق من مسيحييه.
هناك 4 تعليقات:
فكرتينى
بأعز أصدقائى من أصدقاء الطفولة فيليب
هو اهله هاجروا من السودان فى فترة الثمانينات و استقروا بمصر
بالرغم ان الوكلات الاجنبية هناك قدمت ليهم سفر لألمانيا و فرنسا و دولة تالتة مش فاكرها
مش اول و لا أخر محاولة لتهجير اهل البلاد
اللى اساساً بيهاجروا منها لوحدهم من غير ما حد يقولهم
انما الموقف من المُذيعة فهو مفهوم تماماً
بس حضرتك طيبة جداً بجد
برغم كل اللى شايفه
بتقولى ان ممكن يديهم الجنسية اللبنانية علشان التوازن
يعنى يرجعوا خطوااات لورا بعد ما اتقدموا خطوات
ربنا معاكى
و ربنا معاهم و يساعدهم فى ايامهم اللى جاية
هذه ماري شاعرة نبيّة، عربية شرقية ،حرة الضمير والفكر، صارمة في الحق، وطنية مجاهدة، تكتب بمداد القلب ..
أقصفي بقلمك العاطر البتّارأفهام الغافلين
أيقظيهم يا ابنة الريحاني..
سلّم قلبك وفهمك.
رامي/ شرّ البليّة ما يضحك/ معك حقّ/ لن يكون من العدل أن نبقي العراقيين هنا في وقت يحلم اللبنانيّون بالرحيل/ لكنّي مصابة بداء هذا الوطن وأحلم بخلاصه/ ولا أمل في شفائي
وادي المعرفة
أخشى أن أكون صوتًا صارخًا بين القبور
أزعج سكينة المائتين ولا يأخذني الأحياء على محمل الجدّ
كتب مارون عبود في "مناوشات" في 23/5/1955 عن كيف صارع الآباء البطاركة القدماء كي يصونوا دستورهم ولا تنعدم شخصيتهم الشرقية في بحر اللاتين:
" إنهم يأبون أن تنصل صبغتهم الشرقية العتيقة. فالماروني الأصيل ينظر إلى الخوري الماروني المتبرنط وكأنه دخل في التجربة".
المتصفحون لمدونتك كثُر وهم من الأحياء يسمعون ويشعرون..
اما انا فيكفيني ان أقرأك وأقرأ لك وأشعر وأفرح معك حتى حِلّ الألم، وادعو لك بالخير والعافية.
"يعطيك العافية".
إرسال تعليق