بالإذن من نزار قبّاني، الذي تهمس امرأة قصيدته في حزن: وأعود إلى طاولتي لا شيء معي إلاّ كلمات.
ومع الاعتذار من شكسبير، ومن بطله هاملت الذي صرخ في لوعة من اكتشف هباء كلّ شيء وهشاشته: كلمات...كلمات...كلمات.
ولتسمح لنا داليدا التي تصرخ في وجه الحبيب الذي يغدق عليها كلماته: ما تقوله ليس إلاّ كلمات مزروعة في الريح!
ما الذي قد نريده يمكن أن يفوق الكلمات أهميّة؟
ألا يكفي أن نعود إلى أماكننا وبيوتنا وغرفنا ومعنا كلمات ليست كالكلمات؟ أوليس نزار نفسه هو من وضع على لسان المرأة قوله:
قل لي ولو كذبًا كلامًا ناعمًا / قد كاد يقتلني بك التمثال
فيجيبها هو:
كلماتنا في الحبّ تقتل حبّنا / إنّ الحروف تموت حين تقال
أمّا الكتابة فتحصّنها ضدّ الموت.
أليست كلمات شكسبير هي التي تعيد إحياء شخصيّاته كلّ يوم وفي كلّ مكان في العالم؟ أليست هي التي خلّدت اسمه وأدبه وحمت جثمانه من عبث العابثين حين طلب أن يكتب على مدفنه عبارة تقول: البَرَكة لمن يتركني مرتاحًا في مدفني واللعنة على من يزعجني؟
أليست داليد نفسها هي التي غنّت أنّها تريد الموت على المسرح، تحت الأضواء، وهي توزّع كلمات تحملها الريح إلى كلّ عاشق في الأرض؟
******
حين يرسل إليّ صديقي البعيد كلماته القليلة أكتشف كيف يصعب على كثيرين أن يجدوا كلماتهم. وإن وجدوها واجهوا صعوبة في رؤيتها مرسومة أمامهم على الورقة أو الشاشة. ولذلك يحلو له أحيانًا أن يستعير كلماتي، أو أن يقول لي وهو يمزج ما بين المزاح والجدّ: اكتبي بالنيابة عنّي فأنت تعرفين ماذا أريد أن أقول لك. أو يقول لي وهو يبدي دهشة تبدو جديدة كلّ مرّة: كم يسهل عليك أن تكتبي عن مشاعرك، أو تتحدّثي عنها.
وكنت دائمًا أجيبه كأنّني أستمع إليه للمرّة الأولى: عري النفس أصعب على الإنسان من أيّ شيء آخر، ولكن إن لم يفعل ذلك فسيبقى مختبئًا تحت ألف قناع وقناع ولو خلع عنه كلّ ملابسه.
******
شكرًا لكلّ الذين يكتبون، فكلماتهم تنقذنا من عجزنا عن الكلام أو الكتابة. وهل يستطيع أحدنا أن يقول لتوأم روحه أجمل من قول "هاملت" لصديقه حين خاطبه؟
هوراشيو إنّك لرجل شريف، لن ألتقي بمثيله.... أنت الذي اختارته نفسي منذ أن بدأت تميّز بين الناس، لأنّك كالذي عانى كلّ شيء فأصبح بذلك لا يعاني شيئًا، يتلقّى من الأقدار الخير والشر بامتنان واحد، وطوبى لهؤلاء الذين يتوازن عندهم العقل والعاطفة، فلا يصبحون مزمارًا في يد الحظ يعزف عليه ما يشاء، اعطني هذا الرجل الذي يرفض أن يكون عبدًا لأهوائه وسوف أضعه في قلب قلبي.
ولتسمح لنا داليدا التي تصرخ في وجه الحبيب الذي يغدق عليها كلماته: ما تقوله ليس إلاّ كلمات مزروعة في الريح!
ما الذي قد نريده يمكن أن يفوق الكلمات أهميّة؟
ألا يكفي أن نعود إلى أماكننا وبيوتنا وغرفنا ومعنا كلمات ليست كالكلمات؟ أوليس نزار نفسه هو من وضع على لسان المرأة قوله:
قل لي ولو كذبًا كلامًا ناعمًا / قد كاد يقتلني بك التمثال
فيجيبها هو:
كلماتنا في الحبّ تقتل حبّنا / إنّ الحروف تموت حين تقال
أمّا الكتابة فتحصّنها ضدّ الموت.
أليست كلمات شكسبير هي التي تعيد إحياء شخصيّاته كلّ يوم وفي كلّ مكان في العالم؟ أليست هي التي خلّدت اسمه وأدبه وحمت جثمانه من عبث العابثين حين طلب أن يكتب على مدفنه عبارة تقول: البَرَكة لمن يتركني مرتاحًا في مدفني واللعنة على من يزعجني؟
أليست داليد نفسها هي التي غنّت أنّها تريد الموت على المسرح، تحت الأضواء، وهي توزّع كلمات تحملها الريح إلى كلّ عاشق في الأرض؟
******
حين يرسل إليّ صديقي البعيد كلماته القليلة أكتشف كيف يصعب على كثيرين أن يجدوا كلماتهم. وإن وجدوها واجهوا صعوبة في رؤيتها مرسومة أمامهم على الورقة أو الشاشة. ولذلك يحلو له أحيانًا أن يستعير كلماتي، أو أن يقول لي وهو يمزج ما بين المزاح والجدّ: اكتبي بالنيابة عنّي فأنت تعرفين ماذا أريد أن أقول لك. أو يقول لي وهو يبدي دهشة تبدو جديدة كلّ مرّة: كم يسهل عليك أن تكتبي عن مشاعرك، أو تتحدّثي عنها.
وكنت دائمًا أجيبه كأنّني أستمع إليه للمرّة الأولى: عري النفس أصعب على الإنسان من أيّ شيء آخر، ولكن إن لم يفعل ذلك فسيبقى مختبئًا تحت ألف قناع وقناع ولو خلع عنه كلّ ملابسه.
******
شكرًا لكلّ الذين يكتبون، فكلماتهم تنقذنا من عجزنا عن الكلام أو الكتابة. وهل يستطيع أحدنا أن يقول لتوأم روحه أجمل من قول "هاملت" لصديقه حين خاطبه؟
هوراشيو إنّك لرجل شريف، لن ألتقي بمثيله.... أنت الذي اختارته نفسي منذ أن بدأت تميّز بين الناس، لأنّك كالذي عانى كلّ شيء فأصبح بذلك لا يعاني شيئًا، يتلقّى من الأقدار الخير والشر بامتنان واحد، وطوبى لهؤلاء الذين يتوازن عندهم العقل والعاطفة، فلا يصبحون مزمارًا في يد الحظ يعزف عليه ما يشاء، اعطني هذا الرجل الذي يرفض أن يكون عبدًا لأهوائه وسوف أضعه في قلب قلبي.
هناك تعليقان (2):
في أحلك ساعات القرف وعدم الرغبة في جعل القول محصّناًن لا تعدم مريم الطريقة لتوصيل رسالتها فتؤدي اللوحة/الصورة الغاية. عافيها يا الله
يا صديقي جمال، كلانا لا يملك غير الشعر والموسيقى لمقاومة القرف
إرسال تعليق