1- ألقى العامل "مخايل" رأسه على صدر صديقته وتنهّد في عمق وقال: يا سلام، ما أجمل النوم هنا! داعبت المرأة النحيلة شعر صديقها وطرحت عليه السؤال الذي ينتظره: ما بالك، تبدو تعبًا؟ فأجابها مخايل بعد صمت قصير: لا أجرؤ على النوم، أعمل طوال الليل والنهار كي أهرب من احتمال أن أغفو ولو للحظة، أكاد أجنّ. صمتت المرأة ولم تسأل عن السبب لأنّها تعرف تتمّة الحديث الذي تسمعه للمرّة المليون ربّما، ومع ذلك لم تندم على طرح السؤال لأنّ صديقها سيكرّر الكلام نفسه مهما كان الأمر. وبالفعل تابع الرجل: منذ أن حصلت على الجنسيّة اللبنانيّة وأنا أستيقظ في حال من الرعب لأنّ الكابوس نفسه يطاردني وهو أنّ ثمّة من يريد أن يستردّ الجنسيّة منّي، ويعيدني إلى أصلي. وهذا ما لا أستطيع احتمال التفكير فيه. عملت المستحيل حتّى صرت لبنانيًّا ولكنّي أشعر بأنّ الناس لا يصدّقون ويعاملونني على عكس ذلك. وللمرّة المليون ربّما، لا تجيب المرأة وتترك الرجل مسترسلاً في كلام لا فائدة منه سوى التنفيس عن رعب حقيقيّ من العودة إلى ماض يخجل من أن يتذكّره. ويتابع الرجل: أنا لبنانيّ منذ أكثر من عشر سنوات ويجب أن أعامل على هذا الأساس، أليس كذلك؟ أليس هذا ما ينصّ عليه القانون. لقد شاركت في المظاهرات والاعتصامات وحملت صور الشهداء أمام الجميع بلا تردّد ونشرت الصحف صوري وأنا أتصدّر الصفوف الأماميّة في مسيرات الاحتجاج، لماذا إذًا يسخر منّي الجميع، ويتصرّفون كأنّي غير مؤهّل لهذا الشرف، أو كأنّي أقلّ ذكاء منهم، أو كأنّي أعتدي على ما ليس لي. هم يبحثون عن جنسيّات أجنبيّة ولا أحد يعاتبهم، لماذا يرفضون حقّي في ممارسة لبنانيّتي وحرّيتي، في ممارسة وطنيّتي وقناعاتي، في ممارسة واجبي تجاه وطني الجديد. عند هذه اللحظة بالذات وجدت المرأة الفرصة المناسبة للتدخّل في هذا الخطاب الوطنيّ وقالت في لهفة: عيوني، ما رأيك لو تمارس معي الجنس أوّلاً، وبعد ذلك انصرف إلى ممارسة ما تريد؟
3- سيّدة أمضت طفولتها وشبابها في قطاف الزيتون تنفيذًا لأوامر جدّها المتسلّط، أتيح لها الزواج من أحد موظّفي الدولة. وبعدما تغيّرت حياتها رأسًا على عقب، قالت لخادمتها يوم عيد العمل: اليوم عطلة، أنا والأولاد خارجون في نزهة. انقبري اشتغلي منيح ونظّفي البيت من فوق لتحت. فهمتِ؟ يقصف عمرك أكيد ما فهمت شي، لو كنت بتفهمي ما كنت بتشتغلي تحت إيدين الناس! وخرجت السيّدة وأقفلت الباب بالمفتاح، وذهبت لتحتفل بعيد العمل. وعندما وصلت إلى أسفل المبنى وجدت أمامها خادمتها غارقة في بركة من الدم، فأخذت تولول قائلة: يقصف عمرها أكتر ما انقصف، نزعتلنا نهار الفرصة.
5- يئست الصبيّة المتدرّبة من وصولها إلى مركز في مجلس الإدارة بعد سنتين كاملتين من العمل، وحين نصحوها بالترويّ والصبر غضبت وقرّرت الثورة على الظلم اللاحق بها فانضمّت إلى "الحركة النسائيّة الحديثة لتحرير الشيكات".
7- (لحظة تأمّل): قالت الحماة المارونيّة لكنّتها الحامل بصبيين توأمين: كلي منيح، إنت حاملة اتنين موارنة، واعملي حسابك: واحد رئيس والتاني قدّيس، علينا أن نجمع المجد من طرفيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق