كنيسة بيت لحم في أصفهان - إيران
أيا صوفيا: الكنيسة المسجد
قبل الإسلام، كانت شبه الجزيرة العربيّة على خطوط تماس مع دولتين عظميين هما الأمبراطوريّة الفارسيّة الزرادشتيّة، والأمبراطوريّة البيزنطيّة المسيحيّة. ولو قال أحدهم عهد ذاك أنّ العرب الصاعدين من تلك الأرض القاحلة الجدباء سينتصرون على هاتين الأمبراطوريّتين لسخر منه الناس واتّهموه بالجنون، لكنّنا لا نستطيع في هذه العجالة التذكير بأسباب كثيرة كانت وراء هذا الانتصار في معركتي القادسيّة واليرموك يختلط فيها العامل الدينيّ بعوامل الاقتصاد والمصالح والفساد والاستعمار. غير أنّنا نذكّر بعشيّة ظهور الإسلام حين كان الفرس والبيزنطيّون يصلون بصراعاتهم إلى اليمن في أقصى الجنوب، حيث كانت الحبشة المسيحيّة تحاول في الوقت نفسه أن تجد لها موطئ قدم في منطقة عرفت مجدًا كبيرًا قبل أن ينهار سدّ مأرب ويهرب الناس نحو الشمال حيث بدأوا عهدًا جديدًا، وإن سمّته الديانة الإسلاميّة لاحقًا العصر الجاهليّ.
لا يمكننا تجاهل هذه الصورة التاريخيّة ونحن نراقب ما يجري اليوم على صعيد التقهقر العربيّ وعودة سطوع النجم الفارسيّ وإن صارت ديانته الإسلام الشيعيّ وانفتاح الباب العالي مشرعًا من تركيا وإن صارت الديانة هناك هي الإسلام السنيّ. ما يدلّ بشكل واضح على أنّ مصالح الدول ورغبتها في الاستعمار والاحتلال لا تتوقّف عند الموضوع الدينيّ وإن اتّخذته ذريعة، فها هي المنطقة نفسها تتعرّض لصراع إسلاميّ إسلاميّ بعدما كانت محطّ نزاع وثنيّ مسيحيّ. وإذا كانت الأهداف الاقتصاديّة عهدذاك متمثّلة بطريق الحرير والاتصال بالمحيط الهنديّ ومنه إلى آسيا، فالأهداف اليوم تتبدّى في الصراع على مصادر الطاقة وتأمين سوق للسلاح الذي يحتاج إليه المتصارعون، ثمّ تأمين الأرضيّة المناسبة لشركات تعيد بناء ما هدمه المتحاربون ما يضمن استمرار دورة الحركة الاقتصاديّة ويؤمّن مصالح الشعوب المنتصرة وحكومات الدول المشاركة.
لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه القراءة هو عن التغيّرات التي لا بدّ أن تفرض نفسها على بنية المجتمعات العربيّة متى صارت أسيرة الصراع الحضاريّ بين الفرس والأتراك. خصوصًا مع تناقص أعداد المسيحيّين في هذه البقعة وتراجع دورهم الفاعل على مختلف الصعد. ولعلّ مشهدَي استقبال الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء التركي في لبنان يعبّران عن انتقام لا واعٍ ( أو ربّما واع جدًّا) للغة الفارسيّة التي أجبر أبناؤها على التنكّر لها أمام هيمنة اللغة العربيّة، وللغة التركيّة التي حاربها العرب واللبنانيّون بشكل خاص عهد الأتراك في ما عرف بمقاومة التتريك. فصراع هاتين الدولتين اليوم حضاريّ أكثر ممّا هو دينيّ، واقتصاديّ أكثر ممّا هو مذهبيّ، وهو ثأر من التاريخ عبر استعادة الجغرافيا، وتصحيح الماضي بواسطة التحكّم بالمستقبل. وقد كانت البداية مع المسلسلات المدبلجة، ففي وقت كان تلفزيون المنار التابع لحزب الله يستورد المسلسلات الدينيّة والتاريخيّة من إيران كانت الشاشات العربيّة الأخرى تستورد المسلسلات التركيّة.
تاريخ العرب موجود في شعرهم، لكن يبدو أنّ الإيقاع الموسيقيّ لهذا الشعر أكثر رسوخًا في الوجدان العربيّ من معاني الكلمات، وإلاّ لكان العرب أحسنوا قراءة متغيّرات الأزمنة وتبدّل التحالفات وعرفوا كيف يشاركون في لعبة الأمم وصراع الحضارات وكيف يحمون أنفسهم من دورة الحياة التي تضمن البقاء للأصلح. والعرب على ما صار محسومًا لم يعودوا كذلك.
هناك تعليقان (2):
أي بالله يالقصيفية، إنّ لفي قصف قلمك موسيقى المعنى ، صوت العقل.
وإنّ في ريحانك حقيقة لطالما قرأتها في كتب مارون عبود وإيليا حاوي ورئيف خوري وهي أن "العربي تستهويه الموسيقى أكثر من البيان". هو الأمر كما ذهبتي ننطرب لموسيقى الشعر لا لمعانيه.
منهاجية عرضك وسعة إطلاعك بارزة مفرحة.
بوسة على رأسك. عافاك
MARIE bonsoir
est ce que les libanais lisent dans l histoire de leur pays ???????je ne pense pas ...sinon ...on ne serait pas arrivé à ce stade là...keno t3allamo mn al tarikh ... merci pour MARIE l'historienne ....
إرسال تعليق