من أطرف ما يُقال اليوم في التصريحات السياسيّة وجوب احترام مقرّرات الجامعة العربيّة أو ضرورة تنفيذ ما اتفق عليه الزعماء العرب أو أهميّة الالتزام بالشرعيّة العربيّة. والسؤال البديهيّ الذي يفرض نفسه هنا: أين الجامعة العربيّة ممّا يجري في الساحات العربيّة؟ وأين الزعماء العرب وكلّ واحد منهم يحاول أن ينجو بنفسه وماله؟ وأين الشرعيّة العربيّة في وقت تغرق الشوارع العربيّة بالمظاهرات الغاضبة؟
العالم العربيّ أمام تغيّرات جذريّة تطاول كلّ شيء فيه، لكنّها تغيّرات سريعة وفوضويّة ويُخشى أن يكون عقل الفرد غير مؤهّل للتعامل معها، والوعي الجماعيّ غير مستعد لفهمها والسير بحسب مقتضياتها. ومن المؤسف أنّ وسائل الإعلام تغرق في تفاصيل المشهد الآنيّ ولا تعمل على تحليل الأبعاد النفسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة إلاّ من باب رفع العتب. لذلك كان من المثير للسخريّة أن تسأل إحدى مذيعات الأخبار أحد المراسلين الصحافييّن في ميدان التحرير عن الحجارة التي تمّ التراشق بها ونوعها ومن أين أتى بها المتظاهرون.
لعلّ الجامعة العربيّة مدعوّة لحلّ نفسها في انتظار تغيّر المشهد بعد تنحّي الزعماء واحدًا تلو الآخر، ولعجزها منذ تأسيسها عن الحلّ والربط والتأثير في مجريات الأمور في أيّ بلد عربيّ، أو في الصراعات بين الأنظمة. ولكن كيف تحلّ الجامعة نفسها وهي غير موجودة بفعل الواقع المفروض في أكثر من دولة ومملكة؟
لعلّ "جامعة" الدول العربيّة الوحيدة هي اللغة الإنكليزيّة. هذا ما قلته لتلاميذ في القسم الداخليّ في مدرسة لبنانيّة، وهم من مختلف الأقطار العربيّة. فحين خاطبتهم باللغة العربيّة اعترضوا لأنّهم لا يفهمون اللغة الفصحى ولا يفهمون اللهجة اللبنانيّة، واتّفقوا، وهم نادرًا ما يتّفقون، على أن أتحدّث معهم باللغة الإنكليزيّة.
هناك تعليق واحد:
We stand hapless helpless hopeless
With eyes praying God to bless
S.Aziz, Couple 135
إرسال تعليق