يكاد العمل في البناء الجديد المجاور لبيتنا ينتهي. أربعة أعوام من الضجيج والصخب وصراخ العمّال ونحن ننتظر عودة الهدوء، مراهنين على أنّ سكّان البناية الفخمة من طبقة قد لا تزعج سكينة الجيران. وزاد من اطمئناننا الشرفات التي أحيطت بالستائر الزجاجيّة العازلة، ما يعني أن لا صوت يصل إلينا من الناس الذين لا نعرف عنهم شيئًا.
البناية فخمة جدًّا، يقارب سعر الشقّة فيها المليون دولار، (جيرتنا مكلفة؟؟؟)، سمح لنا التصاقها ببيتنا العتيق أن نعاين جمالها الذي يتشكّل يومًا بعد يوم وإن كان جمالاً باردًا لا يستهويني شخصيًّا، وكنت أتمنّى لو بقيت الأرض ملعبًا للعصافير تقفز بين شجرات التوت والتين والزيتون والرمّان والعنّاب، وبعض فراشات ملوّنة تراقص شتلات الورد والحبق والياسمين.
(ربّما لو كنت أملك مليون دولار ثمن الشقّة لتغيّر مفهومي للجمال!!!)
لفت انتباهي مشهد العمّال الذين لا يزالون يبيتون في الطبقة السفلى من المبنى وهم يتجوّلون بين الشقق ويسهرون على شرفاتها حين يكون الطقس دافئًا، وأتخيّلهم وهم يفكّرون بأنّهم يبنون بيوتًا فخمة لا يستطيعون امتلاك ما يشبهها، ثمّ أتخيّل أصحاب الشقق الأثرياء وهم يستلمون بيوتهم التي سبقهم إلى السهر فيها والتجوّل في أنحائها واستخدام حمّاماتها عمّال غرباء.
قديمًا، كان الذي يبني هو الذي يدّشن بيته، اليوم، الذي يبني "يدشّر" البيت لسواه.
فيا أصحاب الشقق الفخمة، يا جيراننا الغرباء، بيوتكم ليست جديدة، لقد كنت شاهدة طيلة أربعة أعوام على أنّها كانت مسكونة بأحلام العمّال، ورغبات العمّال، وحسرات العمّال، وأحاديث العمّال. وستبقى كذلك إلى أن تمتلئ الأرض عدلاً.
هناك تعليقان (2):
تعجبني التفاتتك/انتباهتك هذه:
(ربّما لو كنت أملك مليون دولار ثمن الشقّة لتغيّر مفهومي للجمال!!!)
أما العنوان ففيه فن حالي كسندريللاه:
(البيت المسكون ــ The Haunted House)
للموضوع مذاق ونكهة القهوة المعمولة بالقرنفل والعناب:
اسقني اسقني قهوة قرنفل وعنّاب/ بعد ماء الكزاب
اسقني اسقني مَن أنكر العشق كذّاب/ اسقني والصحاب
عافاك يا مي
ya alllaahhhh ya MARIE COMME C EST BEAU CE QUE TU DIS ... وكنت أتمنّى لو بقيت الأرض ملعبًا للعصافير تقفز بين شجرات التوت والتين والزيتون والرمّان والعنّاب، وبعض فراشات ملوّنة تراقص شتلات الورد والحبق
إرسال تعليق