السّيّدة، بلى، ستقف لنا وليلة الخرائب لن تتكرّر
لا في بعلبكّ، ولا في الأرز، ولا في جبيل، ولا في كازينو
لبنان، حيث كانت الحفلات تقام، ولا حتّى في قلعة بيت مري ـ كما روّج البعض ـ بل في
بيروت، وفوق أنقاض الذّاكرة والذّكريات.
على الأرض الّتي حضنت أشلاء الأبنية القديمة، ستقف
السّيّدة وتغنّي.
على الأرض الّتي نشهد على خرابها، ولا نثق بأنّنا سنشاهد
بناءها. ستقف السّيّدة لتغنّي.
نعم، ستغنّي السّيّدة... وسيدفع النّاس أموالهم لسماعها.
وستمتلئ الصّناديق. وستفرغ الصّناديق. وسترتفع المدينة الجديدة لتستقبل ناسًا
آخرين، قد لا يحبّون الاستماع إلى صوت السّيّدة. ولكن هذا بحث آخر.
ستغنّي السّيّدة... وقد لا يتسّع المكان للسّيّارات
الآتية من كلّ مكان. لا بأس، سيفجّرون بناء مرهقًا، ويحوّلون أرضه إلى موقف
للسّيّارات، تعود أمواله إلى مشاريع إعادة الإعمار.
ستغنّي السّيّدة، ويلتقي جناحا البلد المتباعدين، ويفرح
أصحاب "الأسهم" النّاريّة، ويستغلّون المناسبة، لأنّ ليلة العيد قد لا
تتكرّر.
ستغنّي السّيّدة، وقد يعترض الكثيرون، ويقرّرون الامتناع
عن حضور الحفلة. ولكنّهم سيكونون الخاسرين الوحيدين. فالحفلة قائمة، وحركة بيع
البطاقات ناشطة، ولن يعكّر المهرجان امتناع مجموعة صغيرة، عن المساهمة في هذا
الواجب الوطنيّ.
ستغنّي السّيّدة وهي واقفة على البقيّة المردومة من
تاريخ مدينتنا الّتي نعرفها، على الحجارة الّتي لن تنطق تلك اللّيلة لأنّ المدينة
ال"راجعون" إليها لن تكون لنا.
ستغنّي السّيّدة في وسط العاصمة؟
آه! ما أصعب أن تقسو على من تحبّ، وما أقسى أن تجد صعوبة
في فهم ما يجري.
ميّ م. الرّيحاني
جريدة "النّهار" الخميس 4 آب 1994
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق