قنّوبين
"رحب المطارنة الموارنة في بيانهم الشهري بالاستقرار الذي نعم به البلد وقدوم السياح والمصطافين وابناء الوطن الذين يزورون بلدهم خلال موسم الصيف. وتمنوا للبنانيين أن يستفيدوا من فصل الصيف وأن تنتهي موجة الحر التي مرت قريبا".
- لم أكن أعلم أنّ الآباء الأساقفة يعملون في النشرات الجويّة، وأنّ بياناتهم الشهريّة تتطرّق لموضوع الطقس والاصطياف. وهذا أمر جميل وإن مفاجئًا. لذلك كان على البيان أن يستنكر قطع الشجرة في الجنوب لأنّ هذا العمل يسيء إلى البيئة ويمنع السيّاح والمصطافين وأبناء الوطن الذين يزورون بلدهم خلال موسم الصيف من الاستفادة من شجرة كان في الإمكان أن يقيموا تحتها "جلسة غداء وأركيلة". فـ"البيك نيك" من التراث اللبنانيّ، فكيف إذا كانت النزهة إلى الجنوب حيث " في يوم من الأيّام، اصطحبنا أبي في نزهة إلى البريّة، وكان الطقس جميلاً، وكانت العصافير تغنّي"...ثمّ بدأ القصف.
*****
"واستعرض الآباء الاوضاع في لبنان ورحّبوا بأصحاب الجلالة والسيادة والسمو الذي زاروا لبنان. وأشاروا الى ان لزيارتهم وقعًا جيدًا في قلوب اللبنانيين خاصة انهم اظهروا أنّهم يساعدون على تأمين الاستقرار".
- رائع أن نرحّب بالضيوف بعد مغادرتهم، هذا أمر جديد في قاموس الضيافة، ربّما لأنّ من احترق بالحليب بيصير ينفّخ على اللبن، لذلك صرنا نرحّب بالضيوف العرب عندما يغادرون ونطمئنّ إلى أنّهم لن يبقوا في لبنان طويلاً كما حصل مع الفلسطينيّين والسوريّين.
*****
"وعبّر المونسنور يوسف طوق الذي أذاع البيان، عن ألم الآباء لسقوط شهداء في صفوف الجيش والصحافة والمواطنين جراء الأحداث أمس، معتبرا أنّ هذه الأحداث إن دلت على شيء فعلى أن أعداء لبنان يتربّصون به شرا وبات لزامًا على اللبنانيين أن يجمعوا صفوفهم ويواجهوا المحنة يدًا واحدة."
- اليد الواحدة لا تصفّق يا آباء الكنيسة المارونيّة، وليس من المنطق أن تطلبوا من 18 طائفة ضرب 2 على اعتبار أنّ كلّ طائفة منقسمة إلى 8 و14، أن يكونوا يدًا واحدة. هذا أمر يحتاج إلى أعجوبة سماويّة، وإن لم تجترحوا أنتم هذه الأعجوبة فمن سيفعل؟
*****
"ودعا الآباء جميع اللبنانيين الى نسيان الخلافات وما يبعدهم ويركزوا على ما يجمعهم لان استقرار الوطن يرتكز على تقاربهم كما دعوهم الى تمتين أواصر المحبة".
- نسيان الخلافات أم تذكّرها ومعالجتها؟
- تمتين أواصر المحبّة بين من ومن؟
*****
أصحاب السيادة،
من غير المسموح أن ينتظر اللبنانيّون (بقلق أو بلهفة) خطاب السيّد حسن نصرالله، أو توجّهات وليد بك جنبلاط، أو اتصالات الرئيس سعد الدين الحريريّ، ولا يسألون عن موقف مجلس المطارنة لأنّه لا يقدّم ولا يؤخّر، ولأنّه أقلّ مستوى من عظة أيّ كاهن في أقصى الجرد، ولأنّه أضعف من أن يترك أثرًا في ظلّ الظروف الراهنة. ( أين هذا البيان من نداءات بكركي التي خضّت المجتمعين اللبنانيّ والعالميّ؟)
من الواضح يا أصحاب السيادة أنّ الأحداث تتخاطى قدراتكم، فبعضكم غاضب على غبطة البطريرك لأنّه لم يمت بعد ما أبعدَ عنهم مجد لبنان إلى الأبد، وبعضكم ينتظر بفارغ الصبر أن "يتشردق" غبطته بلقمة أكل أو يتعثّر بحجر في وادي القدّيسين، ليكون لبعض هذا البعض حظ الحلم بسيادة بكركي وسائر المشرق.
هذا طبعًا فضلاً عن انشغالكم بموضوع الأمانة العامّة للبطريركيّة وأمينها العام الذي قسم المطارنة بدل أن يجمعهم، ( من حيث تقرير مصير البلد: هل يمكن أن يكون لأمين عام بكركي وأمين عام حزب الله الدور الفاعل نفسه!!!)
عيب يا أصحاب السيادة. الرعيان بالوادي والقطعان عم يسبحوا بالبحر، للبرونزاج أو للرحيل عن هذا الشرق.
أمّا إذا كان الداعي لهذا البيان يأسكم من إصلاح الأمور، وعجزكم عن مجاراة ما يحصل فكان من الأفضل لنا ولكم أن تمتنعوا عن الإدلاء بأيّ بيان أو تصريح نظرًا لدقّة الوضع. فالصمت معبّر أكثر في هذه الظروف. وإذا كانت الرغبة في بثّ نفحة من التفاؤل والأمل كي لا يهرب المصطافون والسيّاح والمغتربون، فلا شكّ أنّكم يا أصحاب السيادة لم تعلموا بأنّ شركات الطيران تعاني من أزمة تغيير مواعيد السفر للمغادرين من لبنان، وأن مكاتب سيّارات الأجرة تستعين بسائقين إضافيّين لإيصال الناس إلى المطار قبل تفاقم الوضع في لبنان، ولأنّ الطقس الحارّ الذي أشرتم إليه لا يطاق في بلد لا كهرباء فيه ولا مياه...بل أزمة سير خانقة، وتصريحات مخيفة، وبيانات لن تدخل التاريخ.
ومع ذلك، فمجد لبنان أبقى من أن تهدّده اهتمامات صغيرة عند بعضكم، والبقاء الحضاريّ للموارنة أكثر منعة من أن تخفي معالمه رغبات دنيويّة زائلة عند كم واحد بينكم، لأنّ هناك من يصلّي، ولأنّ هناك من يعمل. فقط لو تعلمون.
هناك 8 تعليقات:
في موضوعك الشيق والشائك وقعت بعض الأغلاط. إن كان لبنان جزءا لصيقا في مشكلة اقليمية دولية معقدة، فكيف على بكركي أن تصلح الأمور في حين أن أصحابها يعقدونها??!! إن كانت الهجرة نتيجة ظروف سياسية وأمنية واقتصادية متردية هي جزء من أزمة لبنان وأحوال العالم الاقتصادية المستجدة، فهل بكركي هي المسؤولة عن اصلاح ما تعجز أميركا اليوم عن اصلاحه في أميركا??!!
نعود لطرح مغالطة كبرى وقت فيها.
اشكرك لأنّك قرأت ويسعدني أنّك وجدت الموضوع شيّقًا وشائكًا ولو أنّ فيه بعض الأغلاط كما وصفت ما لم يعجبك فيه. كأنّك كاهن لا يرضى بأن ننتقد رجال الدين. على كلّ حال، طالبت بكركي بعدم التصريح في ظلّ الظروف الراهنة وأمام العجز / كما وصفته أنت كذلك/ لا الدعوة إلى الاستجمام والاصطياف.ولم أنس أن أذكر أنّ للبكركي نداءات هزّت الضمائر والأقلام والأعصاب. أم أنّك لا ترى إلاّ ما تريده في نصّي.
ما أنا إلا رجل أعمال ولكن يستهويني المنطق، مغرم بالقراءة غرامي بمن عشقتهم مع أن " وما الحب إلا للحبيب الأول"، أحب السياسية فأكثر من القراءة وأقلل من الكلام فيها. أومن بكلمة رجل أرثوذكسي عرف قيمة ما يملك الموارنة أكثر من الموارنة أنفسهم، لعل من هو خارج البيت يرى غنى البيت أكثر من أهله. قال شارل مالك يوما معددا ما أعطى الله الموارنة من نعم من بينها بكركي " مؤسسة حتم افرازها تاريخ الموارنة، وطبيعتهم، وخبرتهم الكيانية، ومعاناتهم...التي لم تستقر يوما، وقد يكون قدرها أن لا تستقر يوما". لا تلومينني أنني لم أرى الإيجابيات لم أنتهِ تعليقا بعد.
أنا في الانتظار
لا شك سيدة ماري أن أجابيات هي خلف السطور، أو في هدف مشكور، ولكن اللبنانيون يحبون الكلام القوي ككلام أمرء محشور في أزمة استجدت عليه، ويريد لها مخرجا، لأن الأمر محرج، أو آخر يبدل مواقفه، والعتب على مَن يُصدقه. هل نفهم لغة التهدئة في زمن التهويل والتخوين?? هل صدقتي حقا دعايات مغرضة تتمنى تشردق غبطته بلقمة ساعة من وكيل سابق، أو سفير بابوي جديد، فإذا حسابات حقلهم لا توافق حسابات بيدر الواثقين! وأمين عام بكركي موظف عادي فكيف تقارنين بينه وبين أمين عام حزب الله وهو الرئيس بعمامة سوداء لا بيضاء?? ربما تصح المقارنة بين امين عام بكركي وسكرتير السيد!!! ومَن هو هذا الأمين العام ليقسم أو لا يقسم، ودوره صغير ومحدود، وربما يُختصر بتلاوية البيان!!!!
وللحديث صلة
لماذا على اصحاب السيادة أن يمتنعوا عن التصريح، ألأنهم غير قادرين على حل أزمة ترتبط بايران النووية وصراعاتها الإقليمية، وتشابك المصالح من الخليج لفلسطين وجنوب لبنان ودور سوريا وتركيا عدا عن اللاعبين الخليجيين والعالميين??? وإن كان اللبناني لا يجد فرصة عمل في بلد صار اليوم يطالب بهذا الحق للاجئين في مزايدات سياسية واضحة، فهل الحق على بكركي??? وإذا كانت أميركا وأورويا صارت تستعمل المنتجات الزراعية في صناعة البنزين مما ضاعف اسعارها فزادت طين لبنان بلة عدا عن الزيادة الفاحشة في برميل النفط، يكون الحق على بكركي في الهجرة لتأمين لقمة العيش????
نعم الأحداث تتخطى قدرة أصحاب السياسة ومع ذلك هم مصرون على فعل ما أمكن تجاه هذه الأزمات المتراكمة والمستجدة، ألا تتخطى الأزمة الأقتصادية قدرة الإدارة الأميركية بذاتها والتي يفشل فيها الرؤساء من ريغن حتى أوباما في حلها? وهي مشكلة واحدة.
ومع ذلك تحية لخاتمة فيها بعض أمل.
مرّة تكتب أصحاب السيادة ومرّة أصحاب السياسة، هل هو خطأ طباعيّ أم تقصد أمرًا آخر؟
أشكرك على رأيك وعلى مشاركتك التي أغنت النصّ وأضافت عليه
خطأ مطبعي.
إرسال تعليق