السبت، 21 يوليو 2018

ما استشرى بغاء الطائفيّين لولا غباء العلمانيّين (2018- من سلسلة الموارنة مرّوا من هنا)

بيكاسو
لوحة غرنيكا

      كتير بيهمّني بالبداية وضّح إنّو سبب الكتابة باللبنانيّ هي إنّو الوضع يللي عم بحكي عنّو لبنانيّ، يمكن يكون هوّي نفسو بأيّا بلد عربيّ تاني، بس أنا عم بحكي انطلاقًا من مشاهداتي وتجربتي، فضلًا عن إنّو القرّاء اللبنانيّين يللي ما بيحبّوا كتير يقروا، عم يزيد عددن بس إكتب باللهجة اللبنانيّة، فكيف إذا كان الحكي عن الدين؟؟؟؟ 
     كتبت من كم يوم نصّ عن زوّار القدّيس شربل بمناسبة عيدو (نصّ شربل مش موضة وعنّايا مش مول)، ونال هالنصّ عدد مشاركات وقرّاء أكتر من أيّا نصّ كتبتو، وزادت طلبات الراغبين بصداقتي ع الفيسبوك/ طبعًا من المسيحيّين، وبالمقابل انسحب عدد من غير المتديّنين. شكرت طبعًا كلّ يللي شاركوا النصّ وحبّوه لإنّن لاقوا وقت يقروا نصّ طويل، ولكن هالشي ما خلّاني فكّر إنّي حققت نجاح بل العكس...(570 مشاركة ع الفيسبوك/ أكتر من ميّة ألف قارئ ع المدوّنة، ما إلي ولا نصّ أدبيّ أخد هالشهرة).
      بالوقت نفسو كانت القدّيسة مارينا واصلة ع بيروت، وشبّ إسمو شربل خوري عم يكتب بوست عن مار شربل وعجايبو، بطريقة فيا مزح، خلّا الناس تنقسم بين مؤيّد إلو ومهاجم.
    شو بيعني كلّ هالشي؟ بيعني إنّو الحالة الدينيّة بحالتا الغريزيّة الأدنى هيي يللي مسيطرة علينا، وبس قول علينا، ما بستثني حالي أكيد.
    ليش كتبت عن زوّار مار شربل (وبينقال نفس الشي عن زوّار مارينا وحريصا ورفقا والحرديني وغيرن، هيدا حتّى ما إدخل بغير طوايف)؟ كتبت مش لأنّي ضدّ الفرح يللي من صلب المسيحيّة، ولا ضدّ الناس تحتفل أو تزور الأماكن الدينيّة، ولكن لأنّي شخصيًّا ما بحبّ الحركات يللي مبالغ فيا وبتدلّ ع قلّة تهذيب ونقص باللياقة عدا عن الجهل بأصول الواجبات الدينيّة بأبسط مظاهرها وأنقاها (ما بحبّ العري بالأماكن يللي بيعتبروها أصحابا مقدّسة وما بحبّ الحجاب ع البحر)، ولأني ما بحبّ التناقضات بالتصرّف بين عنّايا وقنّوبين ومغدوشة وحريصا من جهة، ومديغوريه ولورد وفاطيما والفاتيكان والقدس من جهة تانيه، وما بحبّ الإيمان الغبيّ يعني لمّا حدا يخبّرني إنّو إحدى المؤمنات يللي ما قدرت تلمس ذحائر مارينا، طلبت من صاحبتا تاخد مفاتيح سيارتا الجديدة وتمرّقن ع الزجاج ت مارينا تبارك السيّارة، شو بدّكن فكّر أو قول غير متل ما قال زياد الرحباني: الله يساعد، الله يعين...
    بالمقابل، أنا ضدّ البوستات يللي بتمزح وبتتمسخر ع الرموز الدينيّة متل ما أنا ضدّ السخريّة ع ذوي الحاجات الخاصّة أو المصابين بتشوّهات باللفظ والشكل، أو أيّ أنواع التمييز العنصريّ والجنسيّ وغيرن... لأنّو بعتبر التمسخر أدنى أنواع الانحطاط البشريّ ويللي ساهمت مع الأسف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ (اللإنسانيّ) بنشرو وتسهيلو. انتبهوا المزح والنكتة مش تمسخر. وما بوافق على إنّو البوست ع الفيسبوك أو التغريدة ع تويتر مش جريمة (المتعصّبين والمتحرشين بالأطفال كمان عندن وسائل تواصل)، بالعكس بيقدر يكون محرّض ع جريمة أو نزاع. مثلًا إذا حدا كتب بوست بيدعي فيه لقتل حدا، أو اغتصاب حدا، أو تفجير بيت حدا، بيكون هيدا الحكي جريمة ونصّ... فإذن ما منقدر نتعبر بوست شربل خوري وردود الفعل الموافقة معو مش جريمة، بينما يللي شتموهن وهدّدوهن مجرمين. فإمّا البوست مش جريمة وهوّي من ضمن حريّة الرأي، أو جريمة وما بيقدر أيّا حدا منّا يتمسخر ويهدّد ويتوعّد ويدعي للقتل والاغتصاب...
    ولكن هالشي ما بيمنع إنّي إعتبر يللي قالوا شربل مزحة، ويللي بيقرا حياة القدّيس شربل بيعرف إنّو كان يمزح، وكانت أجوبتو بس يقرّر يحكي مش هيّنة، بل لاذعة، ولكن بس ينتشر هالنوع من الحكي بين عموم الناس (مش بجلسة خاصّة بين ناس من مستوى فكريّ وحضاريّ واحد) بيصير فيه نوع من الاستفزاز والتحدّي وهيدا الشي لا بيعلّم ولا بيربّي، فلكلّ مقام مقال يا جماعة التواصل!!!
    فكركن عاصي ومنصور الرحباني وأنسي الحاج ويوسف حبشي الأشقر وإميلي نصرالله وإيلي صليبي وكميل سلامة ويحيى جابر وإيلي الحاج وعماد موسى وزياد الرحباني ونضال الأشقر ورضا خوري وريمون جبارة وميشال أبو جودة ومهدي عامل وأنطون سعادة والمطران غريغوار حدّاد والمونسنيور ميشال الحايك وكتار غيرن ما كان عندن مواقف مشكّكة وآراء تعيد النظر بالشأن الدينيّ كلّو ع بعضو؟ ولكن السؤال هوّي كيف عرضوها ووين وقدّام مين.
     أنا وزغيرة حضرت حلقة ع تلفزيون لبنان بين المطران جورج خضر وغسّان تويني وأنسي الحاج عن الإيمان وعن الله وكانت الأحاديث فيا كتير حكي فلسفيّ ولاهوتيّ وشعريّ، بين الإيمان والشكّ، ولكن كلّو كان بإطار راقي وجادّ وما بيجرح حدا. يعني التساؤلات والشكوك والرفض والقبول أمور مشروعة بل مطلوبة ولكن الاستفزاز المجّاني بيزيد الاحتقان وبيصير يللي بحياتو ما فتح الإنجيل (أو أيّا كتاب مقدّس) يعتبر حالو مرجع دينيّ وبدّو يقود حملة صليبيّة أو حرب جهاد.
    والأهضم من هيك (أو الأضرب ما بعرف) لمّا بعض المسلمين يتضامنوا مع شربل خوري وجوي سليم وهنّي ما بيتجرأوا يجيبوا سيرة النبي محمد أو الإمام عليّ أو السيّد نصرالله، فصار فين متل النكتة يللي بتقول إنّو رئيس أميركا قال لرئيس روسيا: نحنا عنّا حريّة بتخلّي المواطن الأميركيّ يوقف قدّام القصر الرئاسيّ ويسبّ أميركا، فجاوب الرئيس الروسي: ونحنا كمان عنّا هيدي الحريّة، بيقدر المواطن الروسي يوقف قدّام القصر الرئاسيّ ويسبّ أميركا. فضلًا عن إنو شربل وجوي اعتذروا من عيلن وأهلن... يعني هنّي ما رفضوا المنظومة العائليّة وبقيوا محترمينا حتى ولو طلعوا منها!!!
      والأهضم بعد أكتر هنّي العلمانيّين وصولًا إلى الملحدين يللي هالقد عم يراقبوا الحالة الدينيّة وينتقدوها ويسخروا منها. فيا جماعة فصل الدين عن الدولة ورفض الله، صرتوا كاتبين عن الدين والله أكتر ما كتبوا الملتزمين والمتطرّفين والمتدينين. يعني صرتو طايفة جديدة متعصّبة بانية مواقفا ع تصرّفات أشخاص وما عندا إنتاج فكريّ أو أدبيّ أو ثقافيّ مقنع.
       اعطوني ملحد متل يوسف حبشي الأشقر وخذوا ما يدهش العالم.
     من وقت ما كتبت النصّ عن زوّار شربل وأنا عم راقب هالحالة الدينيّة يللي انفجرت، دفاعًا وهجومًا، وبخاف، فعلًا بخاف. لأنّو نشر النص وتوزيعو ما بيعني إنّو المسيحيّين عمومًا بخير، وخصوصًا كتار من الموارنة وإنّو إيمانن قوي وقويم، ولأنّو إذا الناس يللي وافقوا ع النصّ هالقدّ كتار، فمين هنّي يللي كانوا بعنّايا؟ 
    وبخاف أكتر لمّا إقرا الهجوم ع شربل وجوي متل ما بخاف علين من يللي كتبوه، لأنّو إذا هيك رح يكون التنبيه من المبالغة بعجائب شربل (ويجب التنبّه والحذر كي لا يصير الأمر مدعاة شكوك وتساؤلات)، وإذا هيك رح يكون الدفاع عن المسيحيّة ورموزا ومقدّساتا، فهالشي بيعني لا المسيحيّة بخير ولا العلمنة بخير... فالمسيحيّة مش حركة صليبيّة متطرّفة ولا شتائم وتهديد، والعلمنة مش تمسخر ع حالات دينيّة معيّنة، ولا انتقائيّة بهجوما ومزحا وسخريتا.
    وفي انتظار صحوة دينيّة حقيقيّة جوهريّة خاصّة بالإنسان وكيانو الداخليّ مش بالمظاهر والعروض، وفي انتظار تصويب الاتّجاه عند علمانيّين ت يطلع منن كتب ومسرحيّات ومحاضرات وأغنيات وأفلام ومسلسلات ومجلّات وصحف (مش مجرّد بوستات مثيرة وعابرة) تخلّي حتّى الملتزم بإيمانو يحسّ إنّو واحد منن (نصّ عن موت رضوان حمزة الذي يميتني خوفًا)، بانتظار كلّ هالأعجايب... الله يساعد، الله يعين... والله يستر!

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.