الثلاثاء، 31 يوليو 2018

أنطوان القوّال يبحث ويرى أنّ القديس شربل مؤلّف قصيدة تدور على "الطوفة"

أنطوان القوّال


أنطوان القوّال يبحث ويرى أنّها من تأليفه
القدّيس شربل زجليّ في ريعانه: مؤلّف قصيدة تدور على "الطوفة"

زغرتا – صحيفة النهار
طوني جبرايل فرنجيه – الجمعة 7 آذار 1997

الشاعر أنطوان القوّال الباحث المنقّب بين كتبه والدواوين معيدًا إلى الأذهان ما نسي من تراث شعريّ وأدبيّ أفاد من كونه منسّق برنامج "ذاكرة البيوت المتوسّطيّة" في بقاعكفرا لينصرف عدا الاهتمام بالوفود الأجنبيّة والدراسات لإعادة الترميم إلى البحث والتنقيب فالتجميع، ساعيًا إلى كتاب ينفض الغبار عن المنسيّ من تاريخ وتراث ومآثر وهجرات لدى أبناء بقاعكفرا، وأهمّ الأحداث التي شهدتها أعلى قرية متوسّطية مأهولة في في حوض شرق البحر الأبيض المتوسّط، كما سيضمّ الكتاب دراسات الأوروبيّين والتصاميم للترميم وإحياء التراث.
ولأنّ الكمال سعي كلّ مؤلّف وكاتب وشاعر، أمضى القوّال بعضًا من الربيع والصيف الماضيين بحثًا عن زجليّة سمع بعض المعمّرين يردّدون أبياتًا منها، هي لابن بقاعكفرا القدّيس شربل مخلوف، وكان له من العمر اثنتا عشرة سنة. وحاول القوّال جمع شتات الزجليّة، ولم يوفّق لأنّ المحفوظ عن الآباء والأجداد غالبًا هو نفسه. ثمّ انصرف محاولًا العثور عليها مكتوبة بعدما قيل له إنّها في حوزة أحد أبناء البلدة. وسعى القوّال وراءها، وكان هذه المرّة موفّقًا "لأنّنا في بقاعكفرا نقدّر كثيرًا الجهود التي تقومون بها لإعادة إحياء بلدتنا مسقط شرب الذي نأمل أن يكافئكم ويساعدكم".
ومنذ علمنا بحصول القوّال على الزجليّة جهدنا لنسخة إلى أن تمكّنا من إقناعه بالإفراج عن سجينته لتتربّع على صفحات "النهار" قبل نشرها في كتابه العتيد. أمّا الإثباتات أنّ شربل مخلوف القدّيس اللبنانيّ هو من نظم هذه الزجليّة فيقول القوّال:
أوّلًا: إنّ المعمّرين في بقاعكفرا يؤكّدون أنّ القدّيس شربل وكان له من العمر اثنتا عشرة سنة هو الذي نظمها ونحن نردّد هذا الكلام عن الآباء والأجداد.
ثانيًا: مقدّمة الزجليّة المطبوعة التي وصلتني تؤكّد ذلك بلا أيّ شكّ.
ثالثًا: يقول الشاعر القوّال إذا تتبّعنا تطوّر الزجل في لبنن نجد أنّ هذه الزجليّة تعود إلى التاريخ المحكي عنه نظرًا إلى الأسباب الآتية:
أ‌-     الوزن وهو القرّادي غير محبوك وغير مستقيم.
ب‌-القوافي غير كاملة وغير مضبوطة وهي تراعي اللفظ لا الكتابة مثلًا حدشيت – تهبط (الياء مكسورة).
ج- ركاكة اللغة التي كانت سائدة في تلك الحقبة (التحوّل في المنطقة من السريانيّة إلى العربيّة).
د- مقارنة هذه الزجليّة بما بعدها تدلّ على أنّها نظمت في طور لم تكن ضبطت فيه أصول الزجل بعد.
ه- بداية انتشار الزجل في تلك الحقبة بين رجال الدين الموارنة، وكانوا ينظمون أساسًا بحسب الأوزان السريانيّة.
و- تعلّق الشاعر الزجليّ – شربل، بإيمانه جعله يردّ أسباب "الطوفة" إلى القدرة الإلهيّة، داعيًا إلى الاتّعاظ والرجوع إلى الإيمان الحقيقيّ.
ز- شربل تتلمذ على الخوري مبارك مخلوف، وكانت الدروس في دير مار حوشب في بقاعكفرا.
ح- كان شربل في بدايات عمره يرتاد الحقول زارعًا، وخلف القطعان. وذكر الأمكنة التي وردت في الزجليّة دلالة منه على ارتياده لها.

ويورد القوّال في موضوع بدايات الزجل الآتي:
يعود الزجل اللبنانيّ في أصوله إلى مصادر سريانيّة وعربيّة مشرقيّة وعربيّة أندلسيّة. وأوّل الزجليّات المعروفة زجليّة الخوري سليمان الأشلوحي (1270 – 1335) من أشلوح عكّار، نظمها في خراب طرابلس وسقوطها بيد المماليك سنة 1289. يقول في مطلعها:
يا حزن قلبي وما يخلّي من أحزان
والقلب من الحزن شاعل بنيران
في طرابلس كان بدء القول يا حزين
والقول من قبل هذا الشرح قد خان
كان النصارى في كلّ الأرض خيرهم
وما بقي لهم ذكر ولا شان...

والبعض، ومنهم مارون عبّود، يقول إنّ الزجل ولد في لبنان مع المطران جبرائيل القلاعي (1440 – 1516) الذي نظم زجليّات تاريخيّة عديدة، أهمّها التي ذكر فيها حروب المقدّمين الموارنة.
الزجليّة
أمّا زجليّة القدّيس شربل مخلوف كما وردت على لسان القوّال فهي كالآتي:
كان حنّا زعرور ابن عمّ القدّيس يفلح حقلًا اسمه البحيص، وإلى الآن فيه الصخرة وكأنّها مغارة صغيرة. وكان شربل ينام فيها ويصلّي منذ صغره ويشعل السراج.
مرّة طلع ابن عمّه حنّا زعرور لكي يفلح الرض ويزرعها حمصًا والقدّيس شربل (أي يوسف) يلتقط الحمص وراءه، وإذا بغيمة سوداء كبيرة فوق تمّ الميزاب فوق أرز الربّ وعملت طوفة قوية من الشتاء.
ونزلت على وادي قنّوبين وصارت تجرف البيوت والبساتين.
ثاني يوم كان عمّه يفلح أيضًا وهو يلقط وراءة الحمّص وله من العمر 12 سنة، وصار يمشي وراء عمّه وهو يقول:
حوميلة تم المزراب   هالنزله عا شاغوره
لمّن وصلت لبشرّي   العالم صارت مخبري
هات مجارف ت نسري       ونسدّ بنا تاغوره
طوفه جرفت الوادي     وما خلّت حيط هادي
العالم تصرخ وتنادي         يا الله شو هالصورة
لمن وصلت لحدشيت    أخدت عزّ وأكبر صيت
حيطانا رح تهبط    هدمت أكبر معموره
وصلت لوادي الفراديس      صار عندا قوة وتحمي
حملو صورة القدّيس       وقاالوا نجّينا يا هالقوة
وصلت لوادي قنّوبين     تقدف ع شمال ويمين
وصاروا العالم بهتانين      وتخبّوا بالوكوره  
لمن وصلت للجورة     يا لطيف شو هالصورة
أكبر شجره بهاك الأرض     حملتها لأرض الكورا
وصلت بطوورزا بقوّه     أشجارا صارت تتلوى
يا عالم شو منسوّي       ما شفنا متل هالصورة
لمن وصلت لقنات     واحد من الشركة مات
صوتوه من التوتات       عند طواحن حنتوره
لمن وصلت لكسبا      اشتدت وقوي عصبا
أبّعتلا كلّ نصبا     يا لطيف أيش هالصوره
لمن وصلت لرسكيفا      الناس حياتا تعيفا
الأرض قامت بتحريفا     فتحتلا ميتين جوره
لمن وصلت لبصرما   منهوكه ونفسا عرما
ما خلّت جره قرمه     ولا مصفايه ولا دوره
لمن وصلت لكفرقاهل   ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أكبر حيط صار زاحل       ما بقلو قشاير صوره
لمن وصلت لضهر العين      صارت تجرف ع الميلين
قالوا جانا غراب البين      الدعوة صارت محصورة
لمن وصلت بنو علي         كلمانو الموج علي
في ناس سكنو بالبلي        وبيوتن صارت مهجوره
لمن وصلت للمينا      اشتدّت وقوي عنينا
تقدف ع شمالا ويمينا     وضربة الله مظهوره
البحر صفّا معكور     وموجو يعلا ع الفصول
لو تبقى مدّي وتطول      ما بقي ولا شختوره

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.