الأحد، 10 ديسمبر 2017

يوم تكلّم يوسف زوج مريم


يوم تكلّم يوسف زوج مريم

لماذا أنا؟
لماذا اخترتَ المرأة التي أحبّ من بين كلّ النساء لتكون أمًّا لابنك الوحيد؟
لماذا طلبت منّي أن أسهر عليها وعليه كزوج وأب من دون حقوق الزوج أو سلطة الأب؟
هل تعرف ماذا يعني أن تكون قريبًا إلى هذا الحد من المرأة التي تحبّها، وتعشق رائحة ثيابها، وحركة يديها وهي تحضّر الطعام، وكلامها وهي تحادث الجارات، ولا تملك الحقّ في الاقتراب منها؟
هل تعرف ماذا يعني أن أكون أنا الرجل العاشق المنتظر ليلة لقاء عروسه محرومًا من لمسة يدها، ممنوعًا من التفكير بذلك؟
مذ عرفتها وأنا أحلم بها، فإذا بك تقتحم أحلامي لتحدّثني عن أنّك اخترتها واخترتني لدورين آخرين، حتّى صرت أخشى أن أنام. مذ أحببتها وأنا أخطّط لزواجي منها، فإذا بك تعرقل خططي وتجعلها عروسًا سماويّة، وهيكلاً مقدّسًا لوحيدك.
يدعوني الناس البار والبتول، ولا يعرفون كم عانيت لأقنع نفسي أنّي يجب أن أكون كذلك. وهل يمكن أحدًا أن يتصوّر ماذا يعني أن تحبّ المرأة الوحيدة في العالم التي يريدها الله؟
أنا منذور لها وهي منذورة لابنها.
أنا أتألّم لحرماني منها، وهي تتألّم من خوفها على وحيدها.
أنا رجل العائلة والكلمة ليست لي، بل لمن يقول عن نفسه أنّه الكلمة وأنّه سيصير الجسد.
من أين لك هذه الثقة بي لتأتمنني على من تحبّ؟
وهل تعرف ماذا يعني أن تحمّلني هذه الثقة؟ هذه المسؤوليّة؟
أنا أفكّر فيها كامرأة، وهي تصلّي لك كإله.
هي تحضّر لي الطعام، وابنها يحضّر نفسه ليكون طعامًا لسواه.
أنا أنظر إليها وهي تغسل ملابسي، وهي تنظر إلى ابنها وهو يغسل أرجل تلاميذه.
لا ترسل إليّ ملاكك الرسول في الحلم، ولا تتعبه في نقل أوامرك. لقد قبلت منذ زمن وانتهى الأمر. ولكن لا تطلب منّي أن أنسى كيف أحببتها. لا تطلب منّي أن أنظر إليها كأمّ ولا أرى المرأة التي فيها. لا تطلب منّي أن أغمض عينيّ عندما نكون في بيتنا الصغير. لا تطلب منّي أن أمتنع عن التقاط نغمات صوتها وهي تتحدّث عن ابنها. لا تطلب منّي أن أحتمل كلام الناس وهم يسخرون من ابنها الذي ولد قبل أن تمضي تسعة أشهر على زواجنا. لا تطلب منّي أن أكون قدّيسًا في وقت كنت أريد أن أكون رجلاً متزوّجًا وسعيدًا.
كيف اخترنا أنا وأنت المرأة نفسها؟ فأنا اخترتها منذ بداية وعيي على الدنيا وأنت اخترتها منذ البداية البداية. وما دمت قد سبقتني فلماذا سمحت لي بالوقوع في هواها؟ فلو كنت أعلم أيّ مخطّط رسمته لنا لمنعت نفسي ربّما عن هذا الحبّ. غير أنّك تعرف ماذا تفعل. لا شكّ في ذلك. تركتني كي أقع في غرامها، ثمّ أعلنت لها عن اختيارك لها، وكنت تعلم أنّها ستوافق لأنّها تحبّك، ثمّ طلبت منّي أن آتي بها إلى بيتي وأحميها من ألسنة السوء وكنت تعلم أنّي سأقبل لأنّي أحبّها.
أيّ مخطّط ذكي هو ذاك الذي تمّ؟
باسم الحبّ وبسببه، قبل كلّ منّا تنفيذ المهمّة التي أعطيت له، ولم يتراجع حتّى اللحظة الأخيرة، متحديًّا الألم والرغبة والحرمان.
أيّ حبّ أعظم من هذا؟

    

هناك تعليق واحد:

ميشال مرقص يقول...

باسم الحبّ وبسببه، قبل كلّ منّا تنفيذ المهمّة التي أعطيت له، ولم يتراجع حتّى اللحظة الأخيرة، متحديًّا الألم والرغبة والحرمان.
أيّ حبّ أعظم من هذا؟

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.