فاريّا
فقرا
فقرا
جبيل
المسيحيّون المشرقيّون راجعون/ راجعون، وإن رحلوا أفراداً وجماعات/ راجعون، وإن تشتّتوا في شتّى أصقاع الأرض/ راجعون، وإن شرّدتهم خلافاتهم وانقساماتهم أو مزقتهم رصاصات الغدر وقنابل الحقد/ راجعون، وإن حوصروا في المدارس والبيوت أو بيعوا في أسواق المكاسب الدوليّة/ راجعون، وإن أخرس الظلاميّون أجراس كنائسهم وأحرقوا أيقوناتهم ومزّقوا أناجيلهم/ راجعون، مهما طال الزمن وبعدت المسافات وطُمست أمامهم معالم الطريق وسُدّت في وجوههم البحار وأُغلقت السماء/ راجعون، إلى فلسطين ولبنان والعراق وسوريا ومصر والأردن، ليملأوا الأرض غنًى وتنوّعاً بعدما حلّ عليها رماد الجهل.
مسيحيّو الشرق راجعون/ لأنّ المشرق العربيّ من دونهم سيغرق في رتابة اللون الواحد، وسينزف حتّى الموت من جرّاء صراعات مذهبيّة لن تصل إلى ذروتها إلاّ في غيابهم/ فمتى زال الوجود المسيحيّ تقاتلت المذاهب الإسلاميّة حتّى آخر مسلم/ فبعد المسيحيّين سيأتي حتمًا (سبق أن راح مسلمون كثر ضحايا أفكارهم التقدميّة) دور المسلمين الحقيقيّين، والمسلمين المنفتحين، والمسلمين المتعلّمين، والمسلمين المثقّفين، والمسلمين الواعين، والمسلمين المتحرّرين، والمسلمين المحبّين/ وبعدهم سيكون دور المسلمين الأقلّ تعصّباً والأقلّ تطرّفاً والأقلّ أصوليّة والأقلّ إجرامًا والأقلّ شراسة والأقلّ حقداً والأقلّ جهلاً/. وبعد المسيحيّين وكلّ هؤلاء المسلمين، سيكون دور الأطفال المسلمين إن ضحكوا، والنساء المسلمات أن تكلّمن، والعصافير إن زقزقت، والأزهار إن تفتّحت، والشمس إن أشرقت، والأمطار إن سقطت، والكواكب إن أنارت السماء/. بعد المسيحيّين وكلّ هؤلاء المسلمين ستنتحر الحجارة برمي نفسها من أعالي الجبال خجلاً، وستغرق الرمال في البحار قرفًا، وستخشى وريقات الأغصان من الإتيان بحركة ولو تسلّلت الريح خلسة لتسألها عن حالها، وسيذوب الثلج حزنًا، ولن تجرؤ أعشاب الأرض على أن تطلّ برأسها فوق التراب، وستجهض الأشجار ثمارها قبل أن تطالها يد الإجرام، وستغور مياه الأنهار كي لا تبرّد غليل الحقد.
بعد المسيحيّين/ ستضيق السجون بأصحاب الأحلام، وحملة الأقلام، وطارحي الأسئلة وجامعي الكتب/ وستكون الموسيقى الوحيدة المسموح بها هي عويل الثكالى ونواح الأرامل وبكاء الرضّع، وسيشكّل الناس القابعون أمام بيوتهم المخلّعة الأبواب في انتظار الخلاص لوحاتٍ لم تخطر على بال فنّان، بعيونهم المطفأة وأيديهم المبتورة وأفواههم التي خلت من الألسنة والأسنان. بعد المسيحيّين سيأتي دور المرضى والعجزة والمعوّقين والمثليي الجنسيّة والزوجات اللواتي يمارسن الجنس مع أزواجهن، وستصدر فتاوى وفتاوى مضادة، وسيسجّل المشرق العربيّ أرقامًا قياسيّة في أطول لحية وأسمك برقع وأقوى تفجير وأكبر عدد من القتلى وأسرع انهيار وأسوأ مصير وأضخم محرقة لكتب وشرائط أفلام وموسيقى وأشرس معارك بين أبناء طائفة واحدة/. فبعد المسيحيّين لن يكون هناك شعر ورواية ومسرح وسينما ورسم ونحت ورقص وموسيقى. لن يكون هناك إلاّ أفلام إعلانيّة تدعو إلى القتل وأفلام توثيقيّة يودّع فيها الانتحاريّون إخوة السلاح.
المسيحيّون راجعون لا في حروب صليبيّة أساءت إليهم أكثر ممّا أساءت إلى سواهم، ولا بدعم خارجيّ من دول تستغلّهم لتحقيق مطامعها، بل لأنّ رسالتهم هي أن يكونوا ملح هذه الأرض، ولأنّ الناجين من المسلمين الحقيقيّين والمنفتحين والمتعلّمين المتنوّرين والمثقّفين والواعين والمتحرّرين سيرحلون خلفهم إلى حيث يجدون مكانًا لفكرهم، ولأنّهم يعرفون أنّ المسيحيّين العرب ليسوا طارئين وليسوا غرباء وليسوا ضيوفًا وليسوا عابرين وليسوا محتّلين وليسوا كافرين، ولأنّهم معاً سيعودون نحو الشرق ليحرّروه من المغتصبين والأصوليّين والطغاة. المسيحيّون الحقيقيّون والمسلمون الحقيقيّون راجعون، لا ليتحاوروا في الدين، لأنّهم تعلّموا أنّ الحوار في الفكر هو الأهمّ، ولا ليقيموا مهرجانات العودة، لأنّهم تعلّموا أنّ الزرع يسبق الاحتفال بمواسم القطاف والحصاد، ولا ليؤسّسوا دويلات طائفيّة، فهم تعلّموا أنّ العيش الكريم هو الهدف وليس التعايش الخبيث، ولا ليقرّروا نسيان الماضي بل ليتذكّروه ويتعلّموا منه ويعلّموا أبناءهم أهمّ دروسه، وهو أنّ الفقر والجهل عرّابا الأصوليّة والعمالة.
المسيحيّون راجعون راجعون راجعون لأنّ حركة التاريخ لا تهدأ ولا تعرف الثبات، ولأنّ المجتمعات قادرة على مداواة جراحها لا الاكتفاء بلعقها، وعلى تجديد مياه الحياة فيها لا الغرق في أسن أقذارها، وعلى نفض الغبار عن مشاريع إنمائها لا الوقوف على أطلال مجدها الغابر. نعم، المسيحيّون المشرقيّون راجعون إلى إيمانهم وأصالتهم وتراثهم ودورهم وحريّتهم ومعتقدهم الواحد وإلى الأرض التي تنتظرهم وإن كان المخاض عسيراً.
المسيحيّون راجعون وكنت أتمنّى أن أكتب: المسيحيّون هنا حيث حضارتهم وفكرهم ولغتهم، إلاّ أنّ الوقت حان لنسمّي الأشياء بأسمائها.
مسيحيّو الشرق راجعون/ لأنّ المشرق العربيّ من دونهم سيغرق في رتابة اللون الواحد، وسينزف حتّى الموت من جرّاء صراعات مذهبيّة لن تصل إلى ذروتها إلاّ في غيابهم/ فمتى زال الوجود المسيحيّ تقاتلت المذاهب الإسلاميّة حتّى آخر مسلم/ فبعد المسيحيّين سيأتي حتمًا (سبق أن راح مسلمون كثر ضحايا أفكارهم التقدميّة) دور المسلمين الحقيقيّين، والمسلمين المنفتحين، والمسلمين المتعلّمين، والمسلمين المثقّفين، والمسلمين الواعين، والمسلمين المتحرّرين، والمسلمين المحبّين/ وبعدهم سيكون دور المسلمين الأقلّ تعصّباً والأقلّ تطرّفاً والأقلّ أصوليّة والأقلّ إجرامًا والأقلّ شراسة والأقلّ حقداً والأقلّ جهلاً/. وبعد المسيحيّين وكلّ هؤلاء المسلمين، سيكون دور الأطفال المسلمين إن ضحكوا، والنساء المسلمات أن تكلّمن، والعصافير إن زقزقت، والأزهار إن تفتّحت، والشمس إن أشرقت، والأمطار إن سقطت، والكواكب إن أنارت السماء/. بعد المسيحيّين وكلّ هؤلاء المسلمين ستنتحر الحجارة برمي نفسها من أعالي الجبال خجلاً، وستغرق الرمال في البحار قرفًا، وستخشى وريقات الأغصان من الإتيان بحركة ولو تسلّلت الريح خلسة لتسألها عن حالها، وسيذوب الثلج حزنًا، ولن تجرؤ أعشاب الأرض على أن تطلّ برأسها فوق التراب، وستجهض الأشجار ثمارها قبل أن تطالها يد الإجرام، وستغور مياه الأنهار كي لا تبرّد غليل الحقد.
بعد المسيحيّين/ ستضيق السجون بأصحاب الأحلام، وحملة الأقلام، وطارحي الأسئلة وجامعي الكتب/ وستكون الموسيقى الوحيدة المسموح بها هي عويل الثكالى ونواح الأرامل وبكاء الرضّع، وسيشكّل الناس القابعون أمام بيوتهم المخلّعة الأبواب في انتظار الخلاص لوحاتٍ لم تخطر على بال فنّان، بعيونهم المطفأة وأيديهم المبتورة وأفواههم التي خلت من الألسنة والأسنان. بعد المسيحيّين سيأتي دور المرضى والعجزة والمعوّقين والمثليي الجنسيّة والزوجات اللواتي يمارسن الجنس مع أزواجهن، وستصدر فتاوى وفتاوى مضادة، وسيسجّل المشرق العربيّ أرقامًا قياسيّة في أطول لحية وأسمك برقع وأقوى تفجير وأكبر عدد من القتلى وأسرع انهيار وأسوأ مصير وأضخم محرقة لكتب وشرائط أفلام وموسيقى وأشرس معارك بين أبناء طائفة واحدة/. فبعد المسيحيّين لن يكون هناك شعر ورواية ومسرح وسينما ورسم ونحت ورقص وموسيقى. لن يكون هناك إلاّ أفلام إعلانيّة تدعو إلى القتل وأفلام توثيقيّة يودّع فيها الانتحاريّون إخوة السلاح.
المسيحيّون راجعون لا في حروب صليبيّة أساءت إليهم أكثر ممّا أساءت إلى سواهم، ولا بدعم خارجيّ من دول تستغلّهم لتحقيق مطامعها، بل لأنّ رسالتهم هي أن يكونوا ملح هذه الأرض، ولأنّ الناجين من المسلمين الحقيقيّين والمنفتحين والمتعلّمين المتنوّرين والمثقّفين والواعين والمتحرّرين سيرحلون خلفهم إلى حيث يجدون مكانًا لفكرهم، ولأنّهم يعرفون أنّ المسيحيّين العرب ليسوا طارئين وليسوا غرباء وليسوا ضيوفًا وليسوا عابرين وليسوا محتّلين وليسوا كافرين، ولأنّهم معاً سيعودون نحو الشرق ليحرّروه من المغتصبين والأصوليّين والطغاة. المسيحيّون الحقيقيّون والمسلمون الحقيقيّون راجعون، لا ليتحاوروا في الدين، لأنّهم تعلّموا أنّ الحوار في الفكر هو الأهمّ، ولا ليقيموا مهرجانات العودة، لأنّهم تعلّموا أنّ الزرع يسبق الاحتفال بمواسم القطاف والحصاد، ولا ليؤسّسوا دويلات طائفيّة، فهم تعلّموا أنّ العيش الكريم هو الهدف وليس التعايش الخبيث، ولا ليقرّروا نسيان الماضي بل ليتذكّروه ويتعلّموا منه ويعلّموا أبناءهم أهمّ دروسه، وهو أنّ الفقر والجهل عرّابا الأصوليّة والعمالة.
المسيحيّون راجعون راجعون راجعون لأنّ حركة التاريخ لا تهدأ ولا تعرف الثبات، ولأنّ المجتمعات قادرة على مداواة جراحها لا الاكتفاء بلعقها، وعلى تجديد مياه الحياة فيها لا الغرق في أسن أقذارها، وعلى نفض الغبار عن مشاريع إنمائها لا الوقوف على أطلال مجدها الغابر. نعم، المسيحيّون المشرقيّون راجعون إلى إيمانهم وأصالتهم وتراثهم ودورهم وحريّتهم ومعتقدهم الواحد وإلى الأرض التي تنتظرهم وإن كان المخاض عسيراً.
المسيحيّون راجعون وكنت أتمنّى أن أكتب: المسيحيّون هنا حيث حضارتهم وفكرهم ولغتهم، إلاّ أنّ الوقت حان لنسمّي الأشياء بأسمائها.
*****
جريدة النهار - الثلاثاء - 9 تشرين الثاني 2010
هناك 3 تعليقات:
ياريت
بجد هما مش حاسيين بده
هم هنا واضعين مسيحى الشرق و الغرب فى كفة واحدة
عارفة بقولوا علينا فى مصر خواجات
يعنى أجانب
يعنى اللى جى عليا هى اللى بيقولى يا خواجة
أنا طبعاً كنت معارض الأنبا بيشوى لما انهم ضيوف
لأن خلاص بعد 1200 سنة صعب تقول كدة
الموضوع كبييير قوى
تحياتى
RAJIOUN ILA AL TOURAB LIANANA MIN AL TOURAB .....
معك حقّ يا رامي الموضوع كبير وخطير
وإلى غير المعروف أقول نحن من السماء وإليها راجعون
إرسال تعليق