بين عامي 1949 و1951،
كتب فؤاد سليمان في جريدة النهار سلسلة مقالات بعنوان "صباح الخير"،
جُمعت في كتاب بعنوان "القناديل الحمراء" وضع مقدمته الشاعر أنسي الحاج.
اخترت هذه المقالة التي
تحاكي تساؤلاتي عن دور الكتابة، بقدر ما تتشابه ظروف كتابتها مع ظروفنا التي لا
يبدو أنّها ستتغيّر... مع الإشارة إلى اعتراضي على عنوان المقالة "بلد
الأقزام" إذ أرفض، ولو من باب المجاز، الإشارة إلى الاختلافات الجسديّة
والأمراض في معرض كلام لا يتناول الحالة الجسديّة أو المرض.
كتب فؤاد سليمان المعروف
ب "تمّوز":
"يوم
غيّبت صوتي في قلبي، وقلمي في جيبي، كنت أعني تمامًا ما أفعل... فأنا يومذاك طلّقت
هذه المحنة التي تنرفز الأعصاب وتنشّف الدم في العروق...
قلت: لماذا أكتب؟ ولمن
أكتب؟ وما نفع أن أكتب؟ ها أنذا منذ سنوات أكتب الحرف من دمي ومن أعصابي، لهيبًا،
وأخال أنّ حروفي تذهب في الناس صواعق، فترجف طغاة السياسة في كراسيهم، وطغاة
التجارة وراء مكاتبهم، وطغاة الدين في هياكل أصنامهم!!
كنت أخال أنّ صوتًا يصرخ
في الأمّة، يتجمّع في ساعة من الزمن غيومًا سوداء تحمل الرجوم...
وما كنت أظنّ أنّ صوتي،
وصوت العشرات من أمثالي سيذهب في الفضاء دخانًا...
ما أقسى أن تصرخ في
الفضاء... وحدك، في بلد يسدّ أذنه وقلبه وعينه، ويمشي على العمى...
إنّ حرفًا، نكتبه في هذا
البلد، من دمائنا، نريده حقًّا وخيرًا، ونريده لهيب نار، قد يكون له قيمة وثمن في
غير هذا البلد... هذا بلد يريد أن يفتح بطنه وتمتلئ معدته ويصغر راسه وتزمّ قامته...
وليس للحرف قيمة ولا ثمن
في بلاد الأقزام".
***
الأقزام أنقذوا الأميرة
النائمة يا تمّوز، وبلادنا لا تجد من ينقذها، لا بين العمالقة ولا بين الأقزام...
لأنّ المشكلة ليست في أجسادنا بل في أرواحنا وعقولنا وجيناتنا... وإذا كنت تساءلت
في مقالتك عن جدوى الكتابة في مرحلة يصفها كثر اليوم بالعصر الذهبيّ للبنان، فماذا
نقول نحن اليوم حين نجلس للكتابة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق