السبت، 24 نوفمبر 2018

النّاقد أصدرت عددها ال 84 والوداع



النّاقد أصدرت عددها ال 84 والوداع
رياض الرّيّس: لا بكائيّة وإقرار بالتّعب

عدد أخير من مجلّة "النّاقد" صدر أمس في بيروت ليطوي سبع سنوات من عمرها، حمل الرّقم 84 (حزيران 1995). وقبل العناوين كتب ناشرها رياض الرّيّس تحت عنوان "وفي السّنة السّابعة استراح" ما نجاريه فيه وهو إن لا رثاء ولا وقوف على تجربة، بل تأمّلات وأمثولة أشياء جميلة حين تموت:
"كلّ الأشياء الجميلة لا بدّ لها من نهاية. و"النّاقد" واحد من هذه الأشياء الجميلة.
بهذا العدد تودّع "النّاقد" قرّاءها وكتّابها، بعد سبع سنوات سمان كاملة، كانت حافلة بكلّ ما هو راق وخلّاق ومثير للقلق، وحافز للمواهب ومستفزّ للعواطف، ومحرّض على الجدل، ومتحدّ لقمع أي قلم، والدّاعي إلى روابط الصّداقة الثّقافيّة بين كلّ مبدع وصاحب رأي، المعادي للحجر على الأقلام والآراء، المتصدّي لأي مصادرة وكلّ رقابة.
و"النّاقد" الّتي صدرت سبع سنوات كاملة، على امتداد 84 شهرًا واتساع 84 عددًا وحملت أسماء 1063 كاتبًا من 19 بلدًا عربيًّا و159 فنّانًا ورسّامًا من كلّ قطر عربيّ وراجعت نقديًّا 623 كتابًا، لم تتوقّف أو تحتجب فيها شهرًا واحدًا أو تتأخّر عددًا واحدًا، حرصت على الصّدور بانتظام لا سابقة له بين المجلّات الثّقافيّة في العالم، وعلى الاستمرار تحت كلّ الظّروف ورغم كلّ الصّعوبات، ماليّة أو سياسيّة أو رقابيّة أو اغترابيّة (...).
بهذا العدد الأخير من سنتها السّابعة، تريد "النّاقد" أن تأخذ نفسًا طويلًا، وتستريح. تريد أن تعيد تنظيم صفوفها وتقييم تجربتها ومراجعة حساباتها، سعيًا وراء صيغة جديدة، في الشّكل الصّحافيّ والمضمون الثّقافيّ والتّوجّه السّياسيّ، تتناسب مع المتغيّرات الثّقافيّة والسّياسيّة والفكريّة الّتي تواجه العالم العربيّ، الّتي تحمل في جوانبها كلّ ما هو مقلق على المصير العربيّ، أمة وثقافة وكيانًا. صيغة تستطيع من خلالها أن تتصدّى وهي على أبواب القرن الحادي والعشرين، لجحافل الظّلام الزّاحفة إليها بألف هويّة مزوّرة وتحت ألف ادّعاء كاذب ومن ألف اتّجاه مغاير، لتلغي شخصيّة هذه الأمّة وتزوّر تاريخها وتشوّه نضالها وتقضي على أحلامها وتئد طموحاتها، تارة بالسّلام وتارة تحت راية التّطبيع، وطورًا باسم النّظام العالميّ الجديد وشرق اوسطيّته – ودائمًا باسم الدّين.
من أجل هذا كلّه، اختارت "النّاقد" عن وعي أن تغيب عن قرّائها وكتّابها. لذا لن تدخل "النّاقد" في بكائيّة على فراقهم. ولن تدخل في لزوم ما لا يلزم في تفسير أسباب هذا التّوقّف، سوى الإقرار إنّ مظاهر التّعب والتّململ قد بدأت تلوح على صفحاتها، وإنّها في حاجة إلى التّواري والانكفاء لفترة زمنيّة قد تطول أو تقصر، تستطيع في غضونها أن ترتّب أوضاع بيتها، حتّى لا تتعرّض للتّشوّه والابتذال، ولتحافظ على أهمّ ما عندها: جرأتها واستقلاليّتها وديموقراطيّتها وعروبتها وعلمانيّتها. وبهذه الأقانيم الخمسة تؤكّد صيرورتها واستمراريتها.
إنّ هذا العدد ليس آخر صيحة لها في وادي الثّقافة العربيّة. وأسباب غيابها اليوم، لا تختلف كثيرًا عن الأسباب الّتي كانت المسوّغ لصدورها واستمرارها. وإن كان ل"النّاقد" أن تزهو في ختام مسيرتها الحاليّة، فلا شيء جدير بأن تزهو به مثل نجاحها في تصدّيها الدّائم للقوى الّتي تستميت في الدّفاع عن التّخلّف وقيمه. وإن كان لها أن تتباهى، فهو إنّها كانت في زمن الرّدّة، أرضًا حرّة في أوطان مختصة بصنع الأغلال وتفريخ المروّجين لها.
وإذا حظيت "النّاقد" بثقة المبدعين العرب، من قرّاء وكتّاب، وخاصّة الأجيال الجديدة منهم، فلأنّها كانت مجلّة مضيئة في عصر الظّلمات.
اللّهم هبنا حسن الختام".
وفي هذا العدد الأخير كتب في المقال: أنسي الحاج، أنيس صايغ، يحيى أبو زكريّا، زياد منى، حسن حنفي، عبد الواحد لؤلؤة، سليم مطر كامل، فاضل الرّبيعي، عبدالله أبو حيف، نوال السّعداوي، يوسف بزي، يحيى جابر، ورسالة من ابرهيم سلامة إلى محمود درويش،
في الشّعر: فاضل العزّاوي، شوقي بغدادي، صلاح حسن، سامر أبو حواش.
في القصّة: محمد زفاف، صالح القاسم، مصطفى الحاج حسين، مصطفى نصر، كفايتي سعيد.
في النّقد: علي محافظة، عماد العبدالله، محمود حيدر، جورج طراد، ابرهيم محمود، جلال خوري، صباح الخرّاط زوين، ابرهيم صموئيل، مي م. الرّيحاني، كريم أبو حلاوة وعلي ديوب، ميرفت سيوفي، أحمد بزون، خالد زيادة، سلمان زين الدّين.
في الأبواب والزّوايا: رياض نجيب الرّيّس، محمّد كمال اللّبواتي، ثائر دوري، مأمون صافيا، طلال شاهين، رضوان أبو فخر، أحمد نزار صالح، حسام أسعد، خيريّة السّقّة، ديزي الأمير. إلى قائمة للكتّاب والفنّانين في "النّاقد" في سبع سنوات، وفهرس للسّنة السّابعة.
الغلاف بدفتيه صور ل 24 غلافًا من المجلّة، والرّسوم من فادي يازجي، محمود حسو، باسم الرّسّام، أسامة المعلا، كريم الحاج، ميسون صقر، سعد حاجو، محمّد نصراللّه، سحر برهان، كاظم خليل، أكرم القطريب وريم الجندي.
مي م. الريحاني
(الاسم المستعار لماري القصّيفي)
جريدة "النّهار" الثّلثاء 20 حزيران 1995

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.