خلال توقيع رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" |
1- في الانتقال
إلى مسألة شكل الكتاب، هل تولين الغلاف والإخراج اهتمامًا؟
ليت كان في إمكاني أن
أحقّق رغبتي في الاهتمام بهاتين الناحيتين الجماليتيّن. فالغلاف هو العتبة
والإخراج هو باب الدخول. وغالبًا ما ردّدت إنّ الكتب تبقى على رفوف المكتبات،
فلتكن على الأقلّ جميلة الشكل، تسرّ الناظر إليها. لكنّ كلفة ذلك تقف مانعًا دون
تحقيق رغبتي المرفّهة كما يحلو لبعض أصدقائي أن يسمّيها، فللناشر حساباته أيضًا،
ولولا أنّني كنت مدلّلة عند ناشرَي الصديقين جورج فغالي (دار مختارات) وأنطوان سعد
(دار سائر المشرق)، لما أُتيح لي أن أمارس تجاربي الإخراجيّة. من دون أن أنسى أنّ
مزاجي الشخصيّ تدخّل مباشرة في الكتب الثلاثة الأخيرة، فطلبت من شقيقي مارون أن
يصمّم غلافَي الروايتين: كلّ الحقّ ع فرنسا وللجبل عندنا خمسة فصول، ومن الصديق
يوسف شهيد الدويهي أن يصمّم غلاف كتابي الشعريّ: أحببتك فصرت الرسولة، وأن يخرجه.
2- كيف هي علاقتك مع دور النشر؟
كما سبق وقلت الآن،
تعاملت حتّى الآن مع أصدقاء، شعرت معهم بأنّني مع عائلتي، وبالتالي، كلا الناشرين
وضع الناحية الماديّة جانبًا وترك لي جنون التجريب والتخريب، إن صحّ التعبير.
فلولا ثقة دار مختارات بلغتي وأفكاري لما كنت انطلقت، ولولا ثقتي بدار سائر المشرق
لما كنت نشرت روايتي الأولى فيها، وهي دار ناشئة، بدأت بكتب خاصّة بصاحبها
الإعلاميّ والكاتب أنطوان سعد. وبصراحة، لم أسعَ ولن أسعى لعرض مخطوطاتي على أيّ
دار نشر أخرى قد تضع لي شروطًا تحدّ من جنوني. على كلّ حال لم تحاول أيّ دار نشر
أن تتّصل بي، ربّما لأنّهم يعرفون إنّي أبتعد عن الإعلام وأعالج مسائل لبنانيّة حسّاسة
"ما بتبيع" في الدول العربيّة... وحين تقفل أبواب الدُور أمامي يبقى
عندي مدوّنتي وصفحات التواصل الاجتماعيّ وشبكة الإنترنت في مختلف فروعها، ففي
الحالات كلّها، لا أعتقد أنّ جنوننا الأدبيّ وصل إلى حدّ أن ننتظر ربحًا ماديًّا
من كتبنا.
3- لماذا
ترفضين الإعلام مع أنّ إطلالتك لا بأس بها؟
شكرًا لك على الإطراء،
لكنّي لا أرفض الإعلام في المطلق، أنا مع الصحف والمجلّات الورقيّة والإلكترونيّة أوّلًا
لأنّها تمثّل الإعلام المكتوب وتحترم الكلمة. تأتي في المرتبة الثانية وسائل
الإعلام المسموعة لأنّها أيضًا تولي الكلمة والصوت أهميّة، ولأنّ أكثر من يقدّمون
برامج ثقافيّة عبر الراديو يفهمون عمّا يتحدّثون، ويحترمون ضيوفهم.
أمّا التلفزيون فكارثة ثقافيّة بكلّ ما للتعبير من معنى، ولن أكون جزءًا من صورته،
مهما كلّفني الأمر... وعلى فكرة الكلفة، فالإطلالة التلفزيونيّة عبء ماديّ على
النساء تحديدًا، ولا أعتقد أنّ بيع الكتب يؤمّن ثمن الماكياج وتسريحة الشعر
والملابس التي لا يمكن الظهور بها أكثر من مرّة... "وما في شي بيستاهل"...
4- هل
راودتك فكرة الكتابة للتفلزيون؟
أبدًا! لا جلد لي على
شروط الرقابة والممنوعات ومراعاة المخرج والممثّلين وإلى ما ذلك... فأنا إن أحببت
الكتابة فلأنّها تعطيني حريّتي وتطلق يديّ، فلماذا أسعى إلى القيود بإرادتي...
للتلفزيون كتّابه، فلماذا أتعدّى على مصلحة سواي وأنا لا أفهم فيها. ولكن إن أراد
أحد أن ينقل أعمالي إلى الشاشة – وهذا ما لا أتوقّعه - فسيكون لكلّ حادث حديث.
5- من الواضح
أنّك لست بارعة في العلاقات العامّة، إن سمحتِ لي بقول ذلك، فأنت في البداية رفضت حفلات التوقيع!
ولست بارعة في
العلاقات الخاصّة كذلك! أمّا عن حفلات التوقيع، فمعك حقّ! لقد رفضتها وما زلت
أرفضها، لكنّ دور النشر ليست مؤسّسات خيريّة، وتريد أن تبيع الكتاب وهذا حقّها.
أمّا من جهتي فلا أوزّع بطاقات دعوة أو رسائل هاتفيّة، ولا أتّصل بأحد، ولا أستغلّ
صداقاتي مع الصحف لتغطية هذه الحفلات. أكتفي بوضع خبر على الفيسبوك والمدوّنة،
وأصمت. وشكرًا لكلّ من يعرف بالصدفة ويحضر. فلقد اكتشفت من خلال تجربتي الأولى في
التوقيع أنّ القارئ الجديّ يتابع أخباري ويبحث عن كتبي، والآخرون نوعان: أقرباء
وأصدقاء يحضرون "كرامة عيون" أهلي وإخوتي وإتمامًا لواجب اجتماعيّ، أو
زملاء أدباء وشعراء يعاملونني بالمثل، فإن حضرت حفلاتهم ردّوا الزيارة وإلّا
عاقبوني بالتجاهل. وهنا أحبّ أن أذكّر بأنّني لأسباب صحيّة لا أستطيع المشاركة في
جميع الحفلات، لأنّ الوقوف الطويل يتعبني. وكي لا أميّز بين زميل وآخر، أمرّ على
المعارض وأشتري الكتب وأمضي. لكن مع الأسف يبدو أنّ كثيرين لا يقدّرون أنّني أنشر
الدعوات إلى تواقيع كتبهم على الفيسبوك، وأكتب عنها حين أجد الوقت قراءة تقديريّة
ولو عابرة... على كلّ حال، أحبّ أن أعزّي نفسي بأنّ الكتب أجمل من أصحابها، وأنا
منهم.
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق