Chabas |
ماذا أقول لرغبتي فيك حين تسألني عنك؟
وهي دائمةُ السؤال
كيف أشبع فضولَها
وأطفئ حاجتَها إلى معرفة أخبارك
على الأقلّ معرفة أخبارك
(أيّ حجّة)؟
بمَ ألهيها حين تثور فيّ وتتّهمني بالجبن والخجل والتردّد؟
رغبتي التي تعرفني منذ الطفولة
وأعرفها منذ اكتشفتُ وجودَها
قالت لي بالحرف الواحد:
ابحثي عنه
اهرعي إليه
ارتمي بين ذراعيه
وتوقّفي عن هذا الانتظار الأبله الذي لا يليق بك
لم أجبها
سكتّ لأترك لها حريّة الكلام
لعلّها تتابع أفعالَ أوامرها وتفضح ما أحلم به
ما أريد أن أفعله
ما أرغب مثلها في أن أفعلَه ولا أفعلُه ولا أترك لها الحريّة لتفعله
***
هذا الفعل/ هذا الانفعال/ هذا الاشتعال
هذا التوق للانصهار
هذه الرغبة المغرمة بعطشها وجوعها وحاجتها
كأنّها تخشى الامتلاء والاكتفاء فالانزواء
هذه الشهوة المقدّسة الشيطانة
التي تريد أن تريد
التي يعجبها أن تشتهي
التي يشعلها أن تُشتهى
التي تؤجّجها خشيتُها الانطفاء
التي ترتجف حين تصل
التي تحرق لحظة تحترق
التي تسيل لحظة تعطش
التي تغتسل بالضوء
التي تختبئ في العتمة
هذه الشهوة
هذه الرغبة
هذا التوق
هذا الاشتعال/ هذا الانفعال/ هذا الفعل
***
***
أحاول أن ألهي رغبتي فيك بالكتابة عنها
برسمها على جدران غرفتي
على شرشف السرير
بتطريز اسمِها على الوسادة
بعزفِها على أوتار جسدي المشدودة
بنحتِها فوق صفحة الدفتر
غير أنّها ترفض
ترفض أن تصير قصيدة أو لوحة أو معزوفة أو كلمة
تريد أن تصير أنت
أن تلتحم بك
أن تلتصق بجلدك
أخدعها بالكتابة عنك
برسم أحرف اسمك على قميص نومي
برسم شاربين كبيرين فوق فمِك على صورتك في ذاكرة اللابتوب
بتلوين شفتيك بالأحمر كأنّني قبّلتك للتوّ
أنفعل
أدلق الألوان على ثيابك
أضع على رأسك قبّعةً سخيفة
وحين تسألني الآلة إن كنت أريد حفظ التعديلات
أصمت/ أفكر/ أشعر
أغضب من رغبتي التي تسخر من تصرّفاتي الطفلة
أكره حبّي لك
وأبقي وجهك لي
كما كان
قبل نوبة التوق إليك
***
رغبتي امرأة تعرف ماذا تريد
رغبتي امرأة تعرف ماذا تريد
عنيدة/ وقحة/ شرسة/ نهمة
يقيم الشغف في مسامها
وينبت العشق بين رموشها
رغبتي زهرة بريّة لا تطيق الأسر
فتاة مشاكسة لا ترتّب سرير عشقها
تغيّبت عن دروس التهذيب واللياقة الاجتماعيّة فلم تحفظ منها شيئًا
وتثاءبت وهي تستمع إلى عظات الكاهن
فطار خيالُها خلف حكاية ما كان يجب أن تقرأها في طفولتها
وحين حذّر المحترم المحروم من الحبّ
أطلقت ضحكةً مدويّة
فخجلت أمّها
***
تلحّ رغبتي في السؤال
تلحّ رغبتي في السؤال
تطالبني بحقوقها
تذكّرني بشرعة حقوق العشّاق
توبّخني على التأجيل
تستفزّ عاطفتي التي أهرقتُها طيبًا عند أقدام مسحاءَ دجّالين منسوخين
ممسوخين
تستثير شجاعتي المركونة في زاوية العمر
أثور عليها
أتّهمها بالعهر فتوافقني الرأي مبتسمةً كأنّني أمدحها
أخبرها كم أخجل بها فتضحك كأنّها لا تصدّقني
أهدّدها بإطفاء نارها إلى الأبد
فتلتفت إلى حيث أوراقي وأقلامي كأنّها تذكّرني بأنّ خلف كلِّ نصّ رغبة
أهرب منها فأشعر بالخواء والهشاشة والهباء
وأعود إليها لأسألها المغفرة على كفري بنعمة عطائها
***
رغبتي فيك تسألني عنك
رغبتي فيك تسألني عنك
تنتفض في شراييني ملهوفة
تطير من قفص صدري لتحطّ في عشّ يديك
فلا تجدك
هل أقول لها إنّك لست هنا؟
إنّك لن تأتي مع العيد لتكون العيد
إنّك مشغول
إنّك في مطار غريب تنتظر طائرةً غريبة
إنّك نسيت أمرها
إنّك تخاف منها متى خطرت لك
وإنّك تهرب من مسؤوليتك عن صيرورتها كائنًا مستقلاًّ واعيًا عارفًا
عاشقًا شاعرًا مريدًا مستعدًّا واعدًا موعودًا
قل لي ماذا أقول للرغبة التي تكوّنت منّي ومنك؟
هل أواجهها بحقيقةِ أنّها سبب اختفائك
ولأنّ ما من رجل عاقل يرضى بجرعة زائدة من العشق الممزوج بالشعر
والشغف والشهوة؟
وأنت
مهما جُنّ بك الشوق
عاقلٌ جدًّا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق