نحن لا نعرف كيف نشعل ثورة،
نحن نعرف كيف نشعل سيكارة إن غضبنا من رئيسنا في العمل ولم نستطع أن نواجه غباوته لأنّ "في رقبتنا" عائلة وأولادًا وأقساط مدارس،
أو سيكارًا إن كثرت علينا طلبات الفقراء والمحتاجين والمرضى والمسرّحين من أعمالهم،
أو إطار سيّارة إن دُفع لنا راتب في الأرض ووعدنا بأجر آخر في السماء،
أو أشجار سنديان عتيقة إن أردنا أن نبيع الأثرياء حطبًا لمواقدهم أو فحمًا لأراكيلهم.
أو بخورًا أمام رجل ذي جبّة يعدنا بتخليصنا من شياطين الرغبات...ليكون لها مسكنًا.
أو شمعة نضيئها ليعود من نحبّهم سالمين إلى البيت بعدما سمعنا دويّ انفجار.
نحن لا نجرؤ على إغلاق أبواب مدينتنا وحرق أنفسنا كي لا نقع في أيدي الغزاة،
نحن نتذاكى على "الأعداء" فنفتح لهم أبواب ملاهينا وسيقان نسائنا كي نسرق أموالهم وننال رضاهم ونتحاشى سوء مزاجهم.
**********
نثور على الذلّ فنغتصب نساءنا وأطفالنا،
ونثور على الفقر فنضرب أولادنا،
ونثور على الجوع فنعضّ أصابعنا،
ونثور على الخوف فنغرق في المهدّئات،
ونثور على اليأس فنهرب إلى المخدّرات،
ونثور على رجال الدين فنشكو أمرنا إلى الله،
ونثور على رجال السياسة فنفضح أخبارهم أمام رجال المخابرات،
ونثور على العسكر فنشتم مراسلي التلفزيون،
ونثور على مذيعي أخبار البؤس فيشرب والدنا كأسًا وتتلو والدتنا صلاة وننام على أمل ألاّ يطلع الصباح.
*********
تاريخ البطولة صار مواضيع للمسرح والأغنيات،
تاريخ القداسة أمسى دخلاً للمطاعم وصناديق النذورات،
تاريخ الحروف الأبجديّة محته رئيسة المدرسة عندما طلبت من والد الطفل أن يبيع أرضه ليدفع القسط.
تاريخ اللون الأرجوانيّ الملكيّ صار حاضر الدم ومستقبل العبوديّة.
تاريخ الحجر المستخرج من رحم الأرض ليكون قلاع المجد صار بيت الزجاج الذي لا يجرؤ أصحابه على رشق الآخرين بحجر.
تاريخ الجسور المرفوعة بعزّ فوق أنهر الحياة، صار متاريس من الحقد في أزّقة الموت.
تاريخ "الدبكة" التي تهزّ الأرض محته "النواعم" اللواتي يهززن الصدور.
**********
لا نغضب إلّا على كتب الأبراج وأقوال المنجّمين والنشرات الجويّة إذا لم تلائم توقّعاتنا ومشاريعنا أو على نهاية المسلسل لأنّها لم تكن كما أردناها، أو على خروج متبارية من برامج النجوم لأنّها كانت تمثّل "قيم" بلدنا و"ميزاته" الوطنيّة و"تراثه" الفنيّ.
لا نرفع صوتنا إلّا على المتسوّل إذا اقترب من السيّارة، أو على النادل في المطعم إن تأخّر في إحضار الطبق، أو على الصبيّ عند مزيّن الشعر إن كانت المياه أكثر حرارة أو برودة ممّا نرغب، أو على الخادمة الأجنبيّة إذا تعبت، أو على التلميذ إذا خاف عندما سمع صوت انفجار، أو على العجوز التي تعبر الطريق وأخّرت سيرنا نحو الهدف المنشود، أو على شرطيّ السير ما دام لا يسمعنا.
لا نرفع إصبعنا مهدّدين إلّا "في وجه" الكاميرا ولا نشتم إلّا من أطلق بوق سيّارته لنسمح له بتجاوزنا بعدما غرقنا في حديث تلفونيّ حميم ونسينا أنّ الطريق ليست ملكًا خاصًا لنا، ولا نزعق غاضبين إلّا في أذن جدّنا الأصمّ، ولا نسخر هازئين إلّا في وجه زميلنا إن قدّم فكرة ذكيّة لم تخطر على بالنا.
******
وفي انتظار الثورة الكبيرة التي لن تأتي دعونا نشعل سيكارة ممنوع تدخينها حيث صنعت، فمن الواضح أنّ هذا كلّ ما نستطيع فعله لنطفئ ثوراتنا الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة.
نحن نعرف كيف نشعل سيكارة إن غضبنا من رئيسنا في العمل ولم نستطع أن نواجه غباوته لأنّ "في رقبتنا" عائلة وأولادًا وأقساط مدارس،
أو سيكارًا إن كثرت علينا طلبات الفقراء والمحتاجين والمرضى والمسرّحين من أعمالهم،
أو إطار سيّارة إن دُفع لنا راتب في الأرض ووعدنا بأجر آخر في السماء،
أو أشجار سنديان عتيقة إن أردنا أن نبيع الأثرياء حطبًا لمواقدهم أو فحمًا لأراكيلهم.
أو بخورًا أمام رجل ذي جبّة يعدنا بتخليصنا من شياطين الرغبات...ليكون لها مسكنًا.
أو شمعة نضيئها ليعود من نحبّهم سالمين إلى البيت بعدما سمعنا دويّ انفجار.
نحن لا نجرؤ على إغلاق أبواب مدينتنا وحرق أنفسنا كي لا نقع في أيدي الغزاة،
نحن نتذاكى على "الأعداء" فنفتح لهم أبواب ملاهينا وسيقان نسائنا كي نسرق أموالهم وننال رضاهم ونتحاشى سوء مزاجهم.
**********
نثور على الذلّ فنغتصب نساءنا وأطفالنا،
ونثور على الفقر فنضرب أولادنا،
ونثور على الجوع فنعضّ أصابعنا،
ونثور على الخوف فنغرق في المهدّئات،
ونثور على اليأس فنهرب إلى المخدّرات،
ونثور على رجال الدين فنشكو أمرنا إلى الله،
ونثور على رجال السياسة فنفضح أخبارهم أمام رجال المخابرات،
ونثور على العسكر فنشتم مراسلي التلفزيون،
ونثور على مذيعي أخبار البؤس فيشرب والدنا كأسًا وتتلو والدتنا صلاة وننام على أمل ألاّ يطلع الصباح.
*********
تاريخ البطولة صار مواضيع للمسرح والأغنيات،
تاريخ القداسة أمسى دخلاً للمطاعم وصناديق النذورات،
تاريخ الحروف الأبجديّة محته رئيسة المدرسة عندما طلبت من والد الطفل أن يبيع أرضه ليدفع القسط.
تاريخ اللون الأرجوانيّ الملكيّ صار حاضر الدم ومستقبل العبوديّة.
تاريخ الحجر المستخرج من رحم الأرض ليكون قلاع المجد صار بيت الزجاج الذي لا يجرؤ أصحابه على رشق الآخرين بحجر.
تاريخ الجسور المرفوعة بعزّ فوق أنهر الحياة، صار متاريس من الحقد في أزّقة الموت.
تاريخ "الدبكة" التي تهزّ الأرض محته "النواعم" اللواتي يهززن الصدور.
**********
لا نغضب إلّا على كتب الأبراج وأقوال المنجّمين والنشرات الجويّة إذا لم تلائم توقّعاتنا ومشاريعنا أو على نهاية المسلسل لأنّها لم تكن كما أردناها، أو على خروج متبارية من برامج النجوم لأنّها كانت تمثّل "قيم" بلدنا و"ميزاته" الوطنيّة و"تراثه" الفنيّ.
لا نرفع صوتنا إلّا على المتسوّل إذا اقترب من السيّارة، أو على النادل في المطعم إن تأخّر في إحضار الطبق، أو على الصبيّ عند مزيّن الشعر إن كانت المياه أكثر حرارة أو برودة ممّا نرغب، أو على الخادمة الأجنبيّة إذا تعبت، أو على التلميذ إذا خاف عندما سمع صوت انفجار، أو على العجوز التي تعبر الطريق وأخّرت سيرنا نحو الهدف المنشود، أو على شرطيّ السير ما دام لا يسمعنا.
لا نرفع إصبعنا مهدّدين إلّا "في وجه" الكاميرا ولا نشتم إلّا من أطلق بوق سيّارته لنسمح له بتجاوزنا بعدما غرقنا في حديث تلفونيّ حميم ونسينا أنّ الطريق ليست ملكًا خاصًا لنا، ولا نزعق غاضبين إلّا في أذن جدّنا الأصمّ، ولا نسخر هازئين إلّا في وجه زميلنا إن قدّم فكرة ذكيّة لم تخطر على بالنا.
******
وفي انتظار الثورة الكبيرة التي لن تأتي دعونا نشعل سيكارة ممنوع تدخينها حيث صنعت، فمن الواضح أنّ هذا كلّ ما نستطيع فعله لنطفئ ثوراتنا الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة، الصغيرة.
***
من كتابي : الموارنة مرّوا من هنا (2008)
هناك 3 تعليقات:
أرفع قبعتي احتراما لقلمك يا سيدتي الكريمة.
يشرفني ارتياد هذا الصالون ذي المستوي الرفيع.
سامر.
Salem Aziz says:
Their hero wept and felt lonesome
No coloured flags no beating drum
سامر
أهلاً بك، وشكرًا على كلماتك ورأيك وتعليقك
يشرّفني أن تزور هذه المدوّنة عندما تجد الوقت.
تحيّاتي
الصديق جمال
هذا ما أشعر به. دمت بخير
إرسال تعليق