لا أعرف إن كان هناك بلد آخر في العالم تبدو فيه العطل عشوائيّة واعتباطيّة كما هي في لبنان، غير أنّني أعرف أنّ بلدًا خارجًا من الحرب ورازحًا تحت ثقل الديون، يحتاج أبناؤه إلى العمل ليلاً ونهارًا كي يعيدوا الازدهار إلى بلدهم لا إلى التقاتل في سبيل الحصول على يوم عطلة جديد. والسبب؟ صراعات مذهبيّة وحسابات انتخابيّة.
الصحافة في كلّ بلاد العالم تعمل طوال أيّام الأسبوع، ولا علاقة لها بالأعياد الدينيّة منها أو الوطنيّة، أمّا عندنا فتحتجب الصحف ولو كانت الحرب قائمة والمنطقة مشتعلة والأخبار تتوالى في كلّ ثانية، ثمّ يتساءل القيّمون على الصحف عن سبب سيطرة الصحافة المرئيّة على المكتوبة، وانحسار عدد القرّاء. كنت أتوقّع من الصحافة، خصوصًا تلك التي تتبنّى قضيّة الدفاع عن الناس أن تهتمّ بهم على مدار الساعة. غير أنّ هذا الأمر لم يحصل وتوالت العطل بسبب تزامن الأعياد والمناسبات المسيحيّة والإسلاميّة في وقت واحد. وقِس على ذلك في مختلف المجالات حتّى وصل الأمر إلى المستشفيات حيث لا تجد أحدًا في قسم الطوارئ بسبب الأعياد، ويغضب الطبيب على من استدعاه ويقول له: ألم يستطع حضرته أن يجد وقتًا أنسب لجلطته الدماغيّة من ليلة العيد؟ لا بل يلجأ أكثر أطباء الأمراض النسائيّة إلى تسريع عمليّة الولادة أو تأخيرها كي لا تفاجئه الحوامل بالولادة في عطلة نهاية الأسبوع أو خلال الأعياد.
الحصاد كثير في بلدنا، ولكن لا أحد يريد أن يشتغل. الكلّ يطالب بحصّته من العطل ويدّعي أنّه يطالب برغبته في إيجاد العمل، وكلّ سياسيّ يريد إرضاء جماعته فيطالب لها بعيد وذكرى، والجماعة تريد التسكّع أمام أبواب المقاهي وعلى أرصفة الشواطئ أو التمدّد أمام شاشات التلفزة أو تحت مظلاّت البحر. هل هو اليأس من العمل والاشمئزاز من خبز معجون بعرق الجبين في وقت تندى جباه آخرين لا خجلاً أو انفعالاً بل بسبب التخمة وتراكم الدهون؟ لا شكّ في أنّ العطل حقّ من أبسط حقوق العمّال والموظّفين، ولكن لماذا لا تكون مدروسة وموزّعة بحسب الحاجة إليها؟ ففي البلاد التي تحترم مواطنيها ينال الناس حصّتهم من العطل بشكل لا يؤثّر على سير العمل ولا يحرم العاملين من الراحة. وإذا علمنا مثلاً أنّ عطلة الأمومة في بلدان متحضّرة تُمنح طويلة بلا منّة أو تهديد بالطرد، نفهم خشية المعلّمات من الإنجاب لأنّ مؤسّسات تربويّة تجبر المتعاقدات معها عند توقيع عقد العمل على القبول بمبدأ عدم الإنجاب خلال العام الدراسيّ وإلاّ اعتبرن في حكم المستقيلات.
والمضحك في الأمر أنّ بعض "المتفذلكين" يضعون "التنبلة" تحت باب الكسل المبدع وهي نظريّة سرت منذ فترة ووضعت في شرحها وتحليلها كتب كثيرة، حتّى أنّ أحد كبار مبدعينا منصور الرحباني تبنّاها وأشار إليها في أحد أحاديثه التي صارت نادرة بسبب وضعه الصحيّ. نحن نقبل أن يكون كلّ كسل ينتج أعمالاً كتلك التي أنتجها الرحابنة، ولكن ليس كلّ من جلس ساهمًا أو أطرق مفكّرًا صار مبدعًا. ولذلك حذار من تبنّي نظريات فيها من الكسل الجسديّ والخمول الذهنيّ ما يشوّه النظريّات ويؤخّر مسيرة المجتمع. يقول الكتاب المقدّس إنّ الله استراح في اليوم السابع واستمتع برؤية ما خلقه، فمن حقّنا إذًا أن نرتاح بعد إنجاز ما علينا من واجبات لتصير العطلة حقًّا مكتسبًا. وللصحافة تحديدًا نقول: أخباركم "البايتة" ستحوّل الجرائد "خِرَقًا" لتنظيف الزجاج.
الصحافة في كلّ بلاد العالم تعمل طوال أيّام الأسبوع، ولا علاقة لها بالأعياد الدينيّة منها أو الوطنيّة، أمّا عندنا فتحتجب الصحف ولو كانت الحرب قائمة والمنطقة مشتعلة والأخبار تتوالى في كلّ ثانية، ثمّ يتساءل القيّمون على الصحف عن سبب سيطرة الصحافة المرئيّة على المكتوبة، وانحسار عدد القرّاء. كنت أتوقّع من الصحافة، خصوصًا تلك التي تتبنّى قضيّة الدفاع عن الناس أن تهتمّ بهم على مدار الساعة. غير أنّ هذا الأمر لم يحصل وتوالت العطل بسبب تزامن الأعياد والمناسبات المسيحيّة والإسلاميّة في وقت واحد. وقِس على ذلك في مختلف المجالات حتّى وصل الأمر إلى المستشفيات حيث لا تجد أحدًا في قسم الطوارئ بسبب الأعياد، ويغضب الطبيب على من استدعاه ويقول له: ألم يستطع حضرته أن يجد وقتًا أنسب لجلطته الدماغيّة من ليلة العيد؟ لا بل يلجأ أكثر أطباء الأمراض النسائيّة إلى تسريع عمليّة الولادة أو تأخيرها كي لا تفاجئه الحوامل بالولادة في عطلة نهاية الأسبوع أو خلال الأعياد.
الحصاد كثير في بلدنا، ولكن لا أحد يريد أن يشتغل. الكلّ يطالب بحصّته من العطل ويدّعي أنّه يطالب برغبته في إيجاد العمل، وكلّ سياسيّ يريد إرضاء جماعته فيطالب لها بعيد وذكرى، والجماعة تريد التسكّع أمام أبواب المقاهي وعلى أرصفة الشواطئ أو التمدّد أمام شاشات التلفزة أو تحت مظلاّت البحر. هل هو اليأس من العمل والاشمئزاز من خبز معجون بعرق الجبين في وقت تندى جباه آخرين لا خجلاً أو انفعالاً بل بسبب التخمة وتراكم الدهون؟ لا شكّ في أنّ العطل حقّ من أبسط حقوق العمّال والموظّفين، ولكن لماذا لا تكون مدروسة وموزّعة بحسب الحاجة إليها؟ ففي البلاد التي تحترم مواطنيها ينال الناس حصّتهم من العطل بشكل لا يؤثّر على سير العمل ولا يحرم العاملين من الراحة. وإذا علمنا مثلاً أنّ عطلة الأمومة في بلدان متحضّرة تُمنح طويلة بلا منّة أو تهديد بالطرد، نفهم خشية المعلّمات من الإنجاب لأنّ مؤسّسات تربويّة تجبر المتعاقدات معها عند توقيع عقد العمل على القبول بمبدأ عدم الإنجاب خلال العام الدراسيّ وإلاّ اعتبرن في حكم المستقيلات.
والمضحك في الأمر أنّ بعض "المتفذلكين" يضعون "التنبلة" تحت باب الكسل المبدع وهي نظريّة سرت منذ فترة ووضعت في شرحها وتحليلها كتب كثيرة، حتّى أنّ أحد كبار مبدعينا منصور الرحباني تبنّاها وأشار إليها في أحد أحاديثه التي صارت نادرة بسبب وضعه الصحيّ. نحن نقبل أن يكون كلّ كسل ينتج أعمالاً كتلك التي أنتجها الرحابنة، ولكن ليس كلّ من جلس ساهمًا أو أطرق مفكّرًا صار مبدعًا. ولذلك حذار من تبنّي نظريات فيها من الكسل الجسديّ والخمول الذهنيّ ما يشوّه النظريّات ويؤخّر مسيرة المجتمع. يقول الكتاب المقدّس إنّ الله استراح في اليوم السابع واستمتع برؤية ما خلقه، فمن حقّنا إذًا أن نرتاح بعد إنجاز ما علينا من واجبات لتصير العطلة حقًّا مكتسبًا. وللصحافة تحديدًا نقول: أخباركم "البايتة" ستحوّل الجرائد "خِرَقًا" لتنظيف الزجاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق