اختار الربّ للعائلة المقدّسة التي تتكوّن من يسوع ابنه ومريم ويوسف أن تهرب إلى مصر حين تهدّدها الخطر في فلسطين. كانت مصر تحمي في ذلك الزمن، زمن الخلاص. اليوم يهرب المسيحيّون من مصر، أو على الأقلّ يفكّرون في ذلك.
يبدو الأمر مخيفًا حين نعرضه بهذه البساطة.
أعيد قراءة السطرين الأوّلين وأكتشف كيف يمكن أن تتغيّر الأمور في وقت قصير بالنسبة إلى الزمن، ويصير المواطن المصريّ القبطيّ غريبًا في دولة تعرّف عن نفسها بأنّها دولة إسلاميّة. هكذا صار المسيحيّ في كلّ بلد عربيّ: حالة عابرة، مهاجرًا مع وقف التنفيذ، مشروع هرب ينتظر تأشيرة دخول بعدما أخرجه التعصّب من جلده وأرضه ومن بين "ناس" كان يؤمن بأنّهم أهله و"ناسه".
أخطأ المسيحيّون، الكثير من المسيحيّين، في رصد ما يجري في المنطقة، ولعلّ خطأهم الأكبر كان حين اعتبروا قضيّة فلسطين قضيّة تخصّ المسلمين وحدهم. ولكنّ المسلمين أخطأوا كذلك، أخطأوا في إبعاد المسيحيّين عن القضيّة الأساسيّة وعن كلّ ما تولّد عنها، وعن الحكم والإدارة والسياسة. ومن الواضح أنّ ما يجري الآن في مصر والأردن والعراق ولبنان وتونس والجزائر واليمن يشير إلى تغيّرات جذريّة قد تصيب العالم العربيّ، ومن الواضح كذلك أنّ المسيحيّين مشغولون عن ذلك بإعداد حقائب الرحيل.
هناك تعليقان (2):
اختصرتي في القول ، وعوضتي بالصورة. أحسدك على هذه المقدرة في اختيار الصور حتى ليجد المرء العلاقة جدلية بين النص وصوره. هذه الموهبة جعلت أحد قراء مدونتك يعتقد أن الصورة عندك سابقة على النص .. ما قدر يستوعب الأمر. هو لم يقرأ كتاب :"إنتقام الشاعر"..
ليحفظك الله ويزيدك معرفة فأنت بركتنا.
أحبّ الرسم وأجد متعة في البحث عن اللوحات والصور الفوتوغرافيّة، وهذا طبعًا يأتي بعد كتابة النصّ كما تفضّلت وأشرت. لك كلّ المودّة
إرسال تعليق