Karolina Albrich- Poland
مؤلم
أن يتقدّم بك العمر دفعة واحدة،
أن تكتشف فجأة أنّك انتقلت من مراهَقة مشاغبة دافئة ثائرة حيويّة إلى شيخوخة مستكينة باردة مسالمة مريضة،
أن تنظر بواقعية جافّة إلى من كنت ترنو إليه بعينين حالمتين بريئتين،
أن تعرف أنّ ما كنت تنتظره لن يتحقّق،
أنّ من كنت تحبّه لا يستحقّ أن يُدعى لك حبيبًا،
أن تمرّ إلى جانب المشهد عابرًا محايدًا بعدما كنت تقتحمه برغبة والتزام،
أن تجفّ الدمعة في مقلتيك بعدما كنتَ تغتسل بشلاّلاتها حزنًا وغضبًا وتفاعلاً،
أن تبتسم في هزء أمام من كانت عيناك تضحكان له في فخر وإعجاب،
أن تلمس استغلال الآخرين لك بعدما ظننت أنّهم يستغلّون كلّ لحظة ليكونوا معك،
أن ترى في موت الآخرين احتمالات موتك، وفي أمراضهم سيناريوهات أوجاعك،
أن يتساوى عندك الغياب والحضور،
أن تتشابه أمامك وجوه الناس وكلماتهم،
أن تستعيد الذكريات لا لأنّها جميلة تنعش الروح بل لتتأكّد من سذاجتك،
أن تكفّ عن الحسد والغيرة لا لأنّك صرت قدّيسًا بل لأنّك تعب،
أن تنام بلا أحلام وأن تستيقظ بلا أهداف،
أن تفقد كلمات الإعجاب مصداقيّتها،
أن تتشابه الفصول، والأيّام، والملابس، والأخبار، والهدايا...
أن تنظر إلى المرآة فترى الخيبات التي نالت منك لا الوعود المنتظرة مواعيد تحقّقها،
أن تصير زيارة الطبيب قضيّة حياة أو موت،
أن تصغي لا أن تتكلّم،
أن تدخل في الصمت الأبله،
أن تكفّ عن الحديث عن نفسك،
أن تمتنع عن مراقبة الآخرين،
أن تنتظر كلّ يوم موت أحدهم كحدث لا بدّ منه،
أن يفاجئك العمر وأنت تظنّ أنّك ما زلت شابًا أو أنّ عمرك الحقيقيّ لا يبدو على وجهك وجسمك،
أن تكتشف أنّ الصداقات راحت ضحيّة المكان والزمان والمزاج،
أن تقول: "ما بقا من العمر أكتر ما مضى"،
أن ترفض المناصب الجديدة لأنّك لم تعد تثق بمحبّة من يعرضها عليك، أو لأنّك لا تثق بأنّك أهل لها،
أن تصلّي لأنّك خائف ووحيد،
أن ترى البقع الداكنة على يديك بعدما شغلك الآخر بالنظر إليه دون سواه،
...
مؤلم
أن يحصل كلّ ذلك دفعة واحدة،
وفي وقت كنت تؤمن بأنّك في بداية الطريق...
أن يتقدّم بك العمر دفعة واحدة،
أن تكتشف فجأة أنّك انتقلت من مراهَقة مشاغبة دافئة ثائرة حيويّة إلى شيخوخة مستكينة باردة مسالمة مريضة،
أن تنظر بواقعية جافّة إلى من كنت ترنو إليه بعينين حالمتين بريئتين،
أن تعرف أنّ ما كنت تنتظره لن يتحقّق،
أنّ من كنت تحبّه لا يستحقّ أن يُدعى لك حبيبًا،
أن تمرّ إلى جانب المشهد عابرًا محايدًا بعدما كنت تقتحمه برغبة والتزام،
أن تجفّ الدمعة في مقلتيك بعدما كنتَ تغتسل بشلاّلاتها حزنًا وغضبًا وتفاعلاً،
أن تبتسم في هزء أمام من كانت عيناك تضحكان له في فخر وإعجاب،
أن تلمس استغلال الآخرين لك بعدما ظننت أنّهم يستغلّون كلّ لحظة ليكونوا معك،
أن ترى في موت الآخرين احتمالات موتك، وفي أمراضهم سيناريوهات أوجاعك،
أن يتساوى عندك الغياب والحضور،
أن تتشابه أمامك وجوه الناس وكلماتهم،
أن تستعيد الذكريات لا لأنّها جميلة تنعش الروح بل لتتأكّد من سذاجتك،
أن تكفّ عن الحسد والغيرة لا لأنّك صرت قدّيسًا بل لأنّك تعب،
أن تنام بلا أحلام وأن تستيقظ بلا أهداف،
أن تفقد كلمات الإعجاب مصداقيّتها،
أن تتشابه الفصول، والأيّام، والملابس، والأخبار، والهدايا...
أن تنظر إلى المرآة فترى الخيبات التي نالت منك لا الوعود المنتظرة مواعيد تحقّقها،
أن تصير زيارة الطبيب قضيّة حياة أو موت،
أن تصغي لا أن تتكلّم،
أن تدخل في الصمت الأبله،
أن تكفّ عن الحديث عن نفسك،
أن تمتنع عن مراقبة الآخرين،
أن تنتظر كلّ يوم موت أحدهم كحدث لا بدّ منه،
أن يفاجئك العمر وأنت تظنّ أنّك ما زلت شابًا أو أنّ عمرك الحقيقيّ لا يبدو على وجهك وجسمك،
أن تكتشف أنّ الصداقات راحت ضحيّة المكان والزمان والمزاج،
أن تقول: "ما بقا من العمر أكتر ما مضى"،
أن ترفض المناصب الجديدة لأنّك لم تعد تثق بمحبّة من يعرضها عليك، أو لأنّك لا تثق بأنّك أهل لها،
أن تصلّي لأنّك خائف ووحيد،
أن ترى البقع الداكنة على يديك بعدما شغلك الآخر بالنظر إليه دون سواه،
...
مؤلم
أن يحصل كلّ ذلك دفعة واحدة،
وفي وقت كنت تؤمن بأنّك في بداية الطريق...
هناك 7 تعليقات:
كأنك تُحدثينى عن نفسى
(:
أنهاردة رايحين الكنيسة نصلى
كتدرائية السمائيين بشرم الشيخ
هأذكورك فى الصلاة
(:
كل سنة و أنتِ طيبة
رائع وصادق.
يسألني أكثر من شخص ان كانت النهاية بداية...أم البداية نهاية.
أنا أؤمن بأنّ ما نعتقده نهاية هو بداية لشيء أفضل.
ماري ،
في نصك اليوم انتصرت الـ (fact) على (image)، الـ(real) على (false). غابت الإستعارة واختفى "الكذب العذب".
أراك تبكين العمر بما يوجع القلب ويدميه..
حقائقك قاسية يا مي، ورثاؤك مُرّ .. لكنه جميل في صيغته وأسلوب عرضه..
حتى الأفعال ما عادت هي: "ما بفا من العمر أكثر [ مما] مضى"..
جللك الله بالعافية والصحة وأكرمك بالنور والريح العطرة يا ريحانية.
ouhiso bizalika lama atachajar ma3 zoujati ....ya3ni every day ....
رامي/
أعاد الله عليكم العيد بالسلام والأمان وراحة البال. اشكرك على أنّك ذكرتني في صلاتك. جزاك الله خيرًا
غير معرّف/
أوافقك الرأي، النهاية بداية شيء آخر بتّ مع الوقت أؤمن بأنّه أفضل وأجمل
وادي المعرفة
صداقتك الأدبيّة وآراؤك القيّمة تغني هذه المدوّنة. في بعض الأيّام يتغلّب الواقعي المعيوش على الحلم العذب، فكيف إن كان الواحد منّا في عالم عربيّ وفي وطن اسمه لبنان يهدّده الجميع في كلّ لحظة؟
غير معرّف
من كانت هذه حاله مع زوجته صار فيلسوفًا. هل صرت كذلك؟
BONSOIR MARIE
حزين نصك و رائع بحزنه...و بواقعه الموءلم .....
"أن تتشابه أمامك وجوه الناس وكلماتهم، "أن تنام بلا أحلام وأن تستيقظ بلا أهداف،" "أن تتشابه الفصول، والأيّام، والملابس، والأخبار، والهدايا" أسأل نفسي ما قيمة الحياة عندما تكتنفنا هكذا مشاعر ؟ أليس هذا قمة اليأس؟ أعترف أنني عشت بعض هذه الحاللات ولست بعد عجوز ... ولكن كان الأمل و حبي للحياة هما الأقوى ...ولكن عندما ندق عتبة الشيخوخة ,هل يبقى الأمل و حب الحياة؟؟
أولغا
من لم يعش هذه الحالات كما سمّيتها أنت ليس إنسانًا سويًّا. الحزن كما الفرح من مراحل الحياة التي لا بدّ منها مهما كان رأينا في الأمر، وما نراه محزنًا اليوم قد لا يكون كذلك غدًا
إرسال تعليق