|
خالي سليم حاملًا خالي ميلاد |
|
خالي سليم وزوجته عمّتي إميلي |
تقبريني
يا عمتي، تقبريني يا ماري، كيفك؟ كيف إخوتك وإمّك وبيّك؟ أنا عمتك إميلي، نحنا هون كتير مناح، ما
تشغلو بالن فينا. هون كهربا ومي كلّ الوقت، يعني فيي ساعة يللي بدّي حطّ زوم
بالغسّاله، وما حدا بينقّ عليي. وفيي عبّي البرّاد والتلّاجه من دون ما إحمل همّ
تروح الكهربا وكبّ الأكلات. بس يا عمتي مشتاقة لريحة كلّ واحد منكن. شو عرّفني ليش
السما ما فيا غير ريحة، متل ريحة البخّور، ومنصير كلّنا عنّا نفس الريحة. طالع ع
بالي شمّ ريحة ولادي وولاد ولادي وإخوتي وخيّاتي... حتّى الأكل هون ما إلو نفس
الريحة متل ما كانت تفوح من عندي بالمطبخ. يمكن لأنّو الأكل كتير صحّي، وما
بيموّت 😊... اضحكي يا عمتي، يقطع الزعل، ما في شي بيستاهل الزعل والبكي. إنتي متلي، سلامة قلبك، مهووسه بالنضافه، وهون السما نضيفه، ما في ولا نتفة غبرا، وبيضلّ السجّاد متل
التلج، بس عم بزهق، لأنو ما في كتير شغل، خالك بيضلّ ينقّ عليي، لأنّي بضلّ مرّق إيدي ع الغراض، بقول بلكي إجا
حدا جديد لهون وجاب معو غبرا!
ياعمتّي،
ديري بالك ع إمّك وبيّك، قولي لإمّك تفكّ الحداد عليي وع إخوتا، سليم وميلاد مناح
ومش عم يتخانقوا، بالعكس كل الوقت بيقولوا زجل وبيتحدّوا بعضن بالشعر واخْبار سلام
الراسي. وستّك وجدّك كمان مناح، ومبسوطين فينا، وجريس إبن خيي بيجيب ستّو وبيّو
وإمّو وبناتو وبيجوا يسهروا مرّات معنا، إيه خيي عزيز عم يقدر يتنفّس منيح، راح
الربو، وسعاد مرتو بعدا متل ما هيي، قلب ع الحلّ، وكمان سهرنا مع يوسف إبن خيي ومرت خيي بشارة، هون
في كتير أصحاب ومعارف وجيران، وإذا كلّ دقيقه بدّك تحكي حدا ما بيكفّي الوقت، بس
أنا عم ضلّ مع أهل جوزي، الزلمه مات ورايي يا عمتي، معقول اتركو وروح عند أهلي 😊. ما
بعرف يا عمتي كيف هون بيمرق الوقت، ما منعمل شي مهم، بس ما منتعب ولا منضجر، بس
منشتاق لريحة يللي منحبّن. منضل نشوفن، بس ما منقدر نشمّ ريحتن، هيدي الشغله ناقصه
بالسما، وحكيت العدرا بخصوص هالشغله. كمان هون، بدّك تكوني بتعرفي حدا إلو كلمه.
المشوار
لهون ما كان طويل ولا صعب، تأخّرت شوي ت أوصل لأني نطرت خالك، كنت عارفه رح
يلحقني، تاري هوّي كمان كان ناطر خيّو. وهيك مشينا سوا، بالمقبره شوي انزركنا،
قولي لهالخوارنه يوسّعوا المدافن، يمكن في ناس ما بيحبّوا يضلّوا ع الأرض إذا يللي
بيحبّوهن راحوا. وخالك كان يحبّني، بس صراحة ما كنت عارفه إنّو خيّو ميلاد كان
يحبّو كمان هالقدّ.
مشغول بالي يا عمتي ع ولادي، بعرف
هنّي قد الحمل وما بينخاف علين، بس قلب الإم ما بيتغيّر حتّى لو صار بالسما. ما
تنسي تقولي لأمّك تعيّد الميلاد وتفكّ الحداد، بعرف ع الأرض بيكونوا عقلاتنا زغار،
ومنخاف من حكي العالم، بس المهمّ يكونوا ولادنا وأحفادنا مبسوطين بالعيد. انبسطوا
يا عمتي، وانتبهوا ع عُمر، هيدا زغير العيله، وعملولو عرس كبير، وسلّمي ع إختك
هيام يللي كانت جارتي الما في متلا، وع سميره يللي ما تركتنا ولا دقيقه بالمستشفى.
خالك عم ينقّ
قال طوّلت بالرساله وهوّي ما عاد إلو جلاده يكتب، وعندو هوّي كمان كم شغله بدّو
يقلّك ياها. وأصلًا أنا لازم شوف الطبخة، وإجلي ركوة القهوة. بخاطرك يا عمتي!
***
أنا خالك سليم يا ماري، قولي لبيّك
إنّو غشّني بس عطاني إختو مقابل إختي، شو كان بدّي بهالشغله؟ دخلك كيف بتقلّك تقبريني يا عمتي هيي وبالسما؟؟😄عمّتك هون كمان بتنقّ
ورح يهشل الله من طلباتا، قال شو؟ خلقا ضيّق، وبدا ترجع تطلّ ع الولاد، يعني عمتك
مش فهمانه شي من شي، ويا ضيعان ما كانت تضلّ بالكنيسه. بعدو بالا بالأكل والشرب
والتنضيف، وعتلانه همّ الولاد يموتوا من الجوع. ومن وقت ما فضي البرّاد من آخر
طبخة تركتا، وهيي خايفه علين ما يعودوا يحبّوا الأكل من غير إيديها. عمتك خوتا بس
بعدني مغروم فيا، وشوفي كيف رجعت صبيّه حلوه متل يوم عرسنا، ولو ما كان بالي طويل
وأعصابي رايقه، كنت تركت السما، ونزلت ع جهنم... عم بمزح يا خالي، وإنتي بتعرفيني،
ع كلّ حال، خلّينا نحكي بشي تاني:
أنا وميلاد عم نلعب داما، يا ريتك حطّيتي معو وقت لحقني طاولة الداما يللي عملا
بيي، أوّل ما وصلنا سألني عنها. ع كل حال، دبّرنا حالنا، هون ما مننقطع من شي.
حتّى المكتبه ما بتسكّر، والكتب ببلاش، يمكن عندكن كمان صار هيك، بس هون الكل صار
يحبّ يقرا، مدري شو صرلن هالناس؟ كلّ يللي كانوا يتمسخروا عليي قد ما بقرا، صاروا
ما بيتركوا الكتاب من إيدن. قولك هيدا نوع من القصاص. شفنا سلام الراسي ومارون
عبّود وقعدنا معن شوي، طلعت أنا وخالك ميلاد حافظين كتبن أكتر منن. ع فكره خالك
ميلاد بعدو عنيد وما بيعمل غير يللي براسو، وبيضلّو يتخانق مع المسؤولين هون. بدّو
يعيد هندسة السما، وبدّو يفهم كل شارده ووارده، وبدّو يعمل كتب شعر. بس راسو مشغول
بماجد كلّ الوقت. فهمان عليه، ما أنا كمان قلبي محروق ع ولادي، بس برجع بقول بدّي
شدّ حالي قدّام مرتي وخيي. إمّي وبيي لأنن صرلن زمان هون، تعوّدوا، صاروا مع خوالي
وخالاتي، وستّي برباره وجدّي، كأنّن من غير عالم. مبسوطين فينا، بس كأنن صاروا
بيعرفوا أكتر ما كانوا يعرفوا، يمكن نحنا مع الوقت نصير متلن. كنت مفتكر الوقت هون
مش موجود، بس يمكن لأنّو بَعْدنا مشتاقين عم نحسّ إنّو في شي إسمو وقت جايي معنا
من الأرض وما عم يقبل يتركنا. انتبهي ع إمّك يا خالي، هيدي إم مارون، إمّ الكلّ،
وانتبهي ع الحج، وقوليلو ما يواخذنا عذّبناه معنا بآخر فتره، بس الله بيكافيه
بصحّتو وصحّة ولادو.
مشغول بالي ع البنات، بس ما بحكي قدّام عمتك، بعدن مقهورين مع إنّو رح يصرلنا سنه تاركينن، الشباب
غير شكل، بعرف من جوّا هنّي مقهورين كتير كمان، بس بالآخر الصبيان غير البنات، يا حرام
هالبنات شو تعذّبوا معنا، بس والله بيّضوا الوج بحياتنا وموتنا. ومتل ما قالت عمتك، اعملوا عرس كبير لعمر، وما تبكوا،
وأنا من هون رح إكتب قصيده، ورح جرّب إبعتا قبل العرس. عمتك مشتاقة لريحتكن وريحة
الأكل ونسيت تقلّك إنّو مشتاقه كمان لريحة دوا الغسيل... بس أنا مشتاق للأصوات:
صوت حجار طاولة الزهر، صوت الزغلول وموسى زغيب، صوت المزيعة بإزاعة لبنان، وخصوصًا صوات ولاد ميّادة وجورج وهنادي وجوزيف... هون
في حكي، بس ما في أصوات... كأنّو الصوت شغله إلا علاقة بالأرض... مشتاق لصواتكن
كلّكن يا خالي، ضلّكن حكونا، يمكن شي نهار نسمع الصوت مش الفكره وتصير السما حلوه أكتر...
***
بلّش خالك سليم بالبكي يا ماري، وما عاد قادر يكتب. أنا ميلاد، أكيد عرفتي خطّي
وما كان في لزوم عرّف ع حالي... كيفك يا بنت؟ يا عتبي عليكي، ليش زعلانه هالقدّ
علينا؟ وحدك بتعرفي قدّيش تعبنا، ومعليش إذا ارتحنا، خصوصًا أنا، ما إنتي بتعرفي
شو كنت تعبان بعقلي وأفكاري، حتّى بالليل كان راسي يضلّ يشتغل ويخطّط ويحلم...
الدنيي ما كانت سايعتني، كان لازم إجي لهون. بس ماجد يللي عم يخلّيني إندم ليش
استعجلت الفلّه. ماجد كتير زكي يا ماري، أكتر ما إنتي بتعرفي، يمكن كرمال هيك كنت
خاف منّو وخاف عليه. وحبّيتو كتير، أكتر ما كنت عارف إنّو الواحد بيقدر يحبّ.
وحبّيتو أكتر وقت يللي كبر وصار شبّ عندو شخصيّتو وأفكارو، كأنّو وقتا اكتشفت شو
يعني يكون الواحد عندو ولاد، وصرت إفهم أكتر ع بيي وإمّي وع خيي سليم.
بس
كمان من هون بيقدر الواحد يحبّ، لأنو هون بيصير حدا تاني، حتّى ولو بقي يحبّ يطبخ
وينضّف متل عمتك، أو يحبّ يلقوط غراض متل جدّك، أو يحبّ المطالعة متل خيي سليم، أو
يحبّ يشارع ويعيّط متل ستّك. الحبّ هون غير شكل، ما بيتعّب ولا بيوجّع. يمكن
بيوجّع شوي لأنو بعد ما نسينا كيف بيكون حريق الشوق للناس يللي منحبّن، بس يمكن مع
الوقت، ومتل ما إنتو رح تتعوّدوا ع غيابنا، نحنا كمان رح نتعوّد نسهر عليكن من
هون.
هون
في كلّ شي، متل ما بيقولو المسافرين ت يطمّنوا أهلن، حتّى الدخّان موجود، ورجعنا أنا وسليم ندخّن... بس يمكن اللمسة يللي كانت
هونيك ناقصتنا. هون منشوف كتير منيح، بس متل ما عمتك مشتاقة للريحة، وسليم مشتاق
للصوت، أنا مشتاق إغمركن، إغمر ماجد وولاد شادي وكابي، وإغمر بنات سميره، وإغمر إختي سعاد، وقلّها
كيفك يا ختياره... وإغمرك متل ما كنت أعمل بس إرجع من السفر، وترجعي بنت إختي
الزغيره يللي ما بخاف إلّا من لسانها يللي ما بيرحم حدا وخاف عليها من أفكارها يللي
خلقت معها وأكبر منها بشي تلاتين سنه.
انتبهي
ع إمّك وبيّك وماجد يا ماري وقوليلو ينتبه ع إمّو وما يزعّل إخوتو، وع بنات سميره، الكبار
والزغار بالعيله بدّن عنايه خاصّه، الباقيين، ما زال الحمد لله صحّتن منيحة
بيدبّروا حالن، ما تعملوا متلنا وتضيّعوا العمر بخناقات زغيره ما إلها معنى... قولي
لمارون يتزوّج ويجيب ولاد وما يتأخّر متلي، وقولي لموريس يقطع الغربه، خلّيه يرجع
يعيش معكن.
بريد
السما استعجل، قال ع العياد بيصير في عجقة رسايل طلوع، وهيدا آخر بريد نازل نزول قبل
الموسم، منبقى نحكي ع رواق.. انتبهي ع حالك ولا بقا تبكي...