نانسي عجرم قبل أوجاع العمليّات التجميليّة
كارول سماحة: الغوى بدّو قوى
كارول سماحة: الغوى بدّو قوى
متألّمة
متالّم
لا يكفي أن تكون مريضًا، لا يكفي أن تمزّقك الآلام والأوجاع، بل عليك أن تحدّد نوع المرض ومستواه الاجتماعيّ ومرتبته في الجسد، أو لن تشبع فضول السائلين الذين يعودونك ليعرفوا أكثر، ليعرفوا عنك أكثر.
فالأمراض في مجتمعنا أنواع:
هناك الأمراض الشاعريّة كتلك التي تصيب القلب أو الرئتين أو تلك التي تصيب العينين أو الرجلين، وتذكّرنا بعهد الرومانسيّة حين كنّا نرى العاشقة في الروايات والأفلام تتخلى عن حبيبها قبل أن يعرف بمرضها المميت أو إعاقتها المفاجئة. وكان الكلام المتقطّع والنفس المقطوع علامتين من علامات الألم والمعاناة، فلا نعلم إن كان الحبّ هو الذي يفعل ذلك أو المرض.
وهناك الأمراض ذات المستوى الفكريّ الممتاز، كالصداع والاضطراب العصبيّ وأوجاع المعدة. وهي على الموضة ولا يخجل أحد من الإصابة بها أو كان من خارج هذا الكوكب ولا يعاني ما يعاني منه الناس العاديّون. وهي دليل على أنّ أصحابها من المفكّرين المشغولين بحلّ أزمات الكون.
وهناك الأمراض ذات المستوى الفكريّ الممتاز، كالصداع والاضطراب العصبيّ وأوجاع المعدة. وهي على الموضة ولا يخجل أحد من الإصابة بها أو كان من خارج هذا الكوكب ولا يعاني ما يعاني منه الناس العاديّون. وهي دليل على أنّ أصحابها من المفكّرين المشغولين بحلّ أزمات الكون.
وهناك الأمراض ذات المستوى المعيشيّ الراقي، كالدهن في الدم والسكريّ والسمنة وهي تشير إلى قدرة شرائيّة عالية،وإلى أنّ اصحابها من روّاد المطاعم ومن الجالسين خلف المكاتب من دون حركة تذيب الشحوم والدهون.
وهناك الأمراض التي تثير الخوف وتجعل أحدنا يقول في سرّه: ما حدا فوق راسو خيمة. وتنحصر حاليًّا في السرطان الذي لا نعلم متى يضرب ضربته التي غالبًا ما تكون ضربة معلّم. هذا المرض الذي كان يشار إليه بالصفة صار على الموضة أيضًا وبات من النادر أن يمرّ يوم من دون أن نسمع بإصابة جديدة له.
وهناك الأمراض المخجلة التي تصيب الجهازين الجنسيّ والمعويّ. وغالبًا ما يشار إلى العمليّات المتعلّقة بها بـ"عمليّة بسيطة"، فيفهم السائل أنّ المصاب عضو لا يجوز ذكره أو النظر إليه أو الحديث عنه علنًا. والطريف أنّ اللبنانيّين يتحدّثون عن هذه الأمراض باللغة الأجنبيّة معظم الأحيان، وكذلك يفعلون حين يشيرون إلى الفحوص المخبريّة المتعلّقة بها، كأنّ الحديث عنها بلغة أجنبيّة راقية ينقلها إلى مستوى "كلاس" وتتغيّر طبيعتها.
الأمراض مستويات. وإذا كان لا بدّ من الإصابة بمرض فصلِّ كي تصاب بواحد تفتخر بالحديث عنه في المجتمعات والصالونات، أو اجتررت ألمك في صمت ووحدة.
هناك 5 تعليقات:
وجدتك خبيرة بالأمراض، ولدي حالة عُرضت علي فارسل لي صاحبها قصيدة عصماء فاحترت في مرضه، أهو الجهل?? السفافة?? قلة التهذيب?? عقد نفسية أو جنسية تنعكس تصرفا عدائياً?? عقدة الدونية?? عقدة العونوسة?? مالنكولي?? عصاب?? ما ذلت عاجزا عن تشخيص مرضه المزمن، وخاصة أنه يجعل نفسه في علية القوم ويتكلم بما يسقطه سافلا. يدعي أصلاح المجتمع حبذا لو اصلح نفسه. ما العمل معه عزيزتي???
بونا حنّا أنا لست خبيرة في الأمراض بل ألاحظ تصرّفات الناس تجاهها/ كيف تريدني أن أعطي رأيي في ما لم أقرأه؟
ولكني اسمح لنفسي بإعطاء رأي متواضع حول موضوع إصلاح المجتمع وإصلاح الذات، فلا يمكن أن يغيب عن بال مثقّف مثلك أنّ كبار الفلاسفة كانوا يعانون من أزمات شخصيّة جعلتهم يسعون إلى حلّها عبر الاهتمام بشؤون المجتمع، لا بل من المعروف إن أهمّ القديسين واللاهوتيين بدأوا حياتهم وهم يعانون من أكثر المشاكل التي ذكرتها. هذا بحث يطول الكلام عنه. اشكرك على المتابعة التي تثير إعجاب كثير من متابعي المدوّنة الذين يسألونني عنك عبر بريدي الإلكتروني
أرسل لكِ ولهم تحيتي.
قلت: "الأمراض الشاعرية" فخلتك تتكلمين عن ألم الشعراء الذي يداوون أنفسهم ببعض القصائد، وربما قصدت الأمراض الشعرية التي تصيب الجهاز التنفسي عند الأطفال في الشتاء. ولكن ما علاقة وجع الماعدة بالأمراض ذات المستوى الفكري? خلتها لبرهة شطحات الفلاسفة كنيتشه وتلاميذته. أما أمراض المستوى المعيشي كالكولسترول فتفيد الإحصاءات أنه أيضا مرض الفقراء ومرض جيني في غالبيته. وفي السرطان قالت لي طبيبة صديقة أنه عقاب على تطويل أعمارنا، ولا حاجة للحياء في أمراضنا الجنسية طالما نستطيع تسميتها المناطق الحساسة. والأمراض أنواع لا مستويات.
تناقشني في كتاباتي من الناحية العلمية وأنت محقّ في ما تذهب إليه. كتابتي لمن يتابعها تركّز على نظرة المجتمع إليها وما أرصده في كلمات الناس وتعابيرهم. لذلك تسيطر عليها اللغة النقديّة الساخرة في أكثر الأحيان. أنا لا أكتب في مجلّة علمية طبيّة متخصّصة، أكتب عن لغة الناس كما هي في لبنان حاليًّا، أو على الأقل عن شريحة من المجتمع.
لا شك أنك مصيبة، وكلامك جعلني أعيد القراءة بتأنٍ أكثر. تعلقاتك لا تخلو من فكاهة هادفة ومحببة.
إرسال تعليق