الراهب شربل من تلامذة الراهب مارون |
رسالة ثالثة إلى مار مارون عن العمل
يا أبانا مارون العامل في حقل الربّ هل ترى اليوم كيف يتكاسل أتباعك فيهملون
أعمالهم في كلّ مجال وشأن ما عدا التجارة؟ تجارة في الطبّ والتربية والمأكولات،
وتجارة في الدين والأخلاق والخدمات، تجارة على المفضوح، وتجارة في السرّ... تجارة
بالكحول والمخدّرات والنساء... تجارة بالقداديس والجنانيز والصلوات... تجارة
بالأعراس واحتفالات التنصيب والسيامة...
التلميذ كسول، والمعلّم كسول/ المريض كسول، والطبيب كسول/ الموظّف كسول،
والمدير كسول/ لكنّهم جميعهم يريدون كلّ شيء: المال والنجاح والصحّة والأرض
والسيّارات والتلفونات والشقق والسفر... وكلّهم يراهن على عجائب تحقّق لهم ذلك.
يا أبانا الناسك المترفّع عن الدنيويّات، عندنا ناسك واحد يريد أن ينقذ
طائفة مشرذمة منقسمة مهووسة بالمجد الذي أُعطي لها يوم كان أبناؤها يعملون،
ويريدون اليوم الاستئثار به وهم متخاذلون متراخون، راغبون في من يعمل عنهم ولهم ومن
أجلهم... ناسك واحد، اثنان، ثلاثة... كيف صارت أمّة النسك تحصي نسّاكها على أصابع
اليد الواحدة؟ كيف صارت أمّة العلم والعمل غارقة في الجهل، ضيّقة الأفق، مهدودة
العزيمة؟ كيف صار العمل في الأرض مسبّة، وقراءة الكتب مذمّة، ومساعدة الآخر غباء،
والتمسّك بالهويّة تراثًا مضى عليه الزمن؟
يا صديقي الناسك، هل يتناسى الموارنة خطف بطاركة وراهبات لو لم يكونوا
جبناء؟ كيف يخافون على رؤوسهم وشعور رؤوسهم لا تسقط إلّا بعلم الآب؟ ومنذ متى صار
المارونيّ يخضع لمزاج امرأته التي تريد أن تعيش متنقّلة بين باريس وكندا ونيويورك
و"ع إجرها القضيّة"؟
أين الرجال يا مارون؟ أين النساء؟ ولكن كيف أسألك وأنت تركت الرجال والنساء
وتبعت الآب؟
لا تؤاخذني يا صديقي الناسك، فالعمل كثير وأنا تعبة: تعبة من كلّ عمل نزعوا
عنه رسالته، تعبة من كلّ حبّ يتحوّل صليبًا، تعبة من مشاهد البؤس، تعبة من ثورة لا
تجد ثائرين، تعبة من رجال يائسين، تعبة من أطفال وُلدوا شيوخًا عاجزين، تعبة من
نساء يطلبن التحرّر على حساب نساء من لون آخر وجنس آخر... تعبة جدًّا من هول ما
أراه آتيًا ولن ينفع أمامه ندم أو أسف...
هناك تعليق واحد:
لا يمكن ابدا التعب، والتخاذل والاستسلام فان القضية وجدت بكلمة صارت انسان والرسالة استمرت باثنا عشر فمسحنت العالم واليوم تلك الرسالة عينها بحاجة لك ولكل من يؤمن بها، يؤمن بالكلمة الي تستطيع ان تعطي قيمة ومعنى للعام وللكون باسره ...
إرسال تعليق