فرانكو كاسباري وماريّا أنطونيلاّ |
باولا بيتي |
مارينا كوفا |
كاتيوشيا |
ميشيلاّ روك بعدما تقدّم بها العمر |
فرانكو داني |
كلوديا ريفيللي |
فرانكو كاسباري |
كانت غرفة الطعام أكثر غرف البيت أمانًا. هذا ما أقنعنا عمرنا المراهق به في المرحلة الأولى من الحرب لمواجهة غياب الملاجئ، ثمّ في المرحلة الثانية حين تبيّن لنا بالدليل القاطعِ الأنفاس والحياة أنّ الملاجئ البدائيّة الأقرب إلى مستودعات لن تحمينا من القذائف الكبيرة التي نقلت المعارك إلى مرحلة أكثر دمويّة. وفي هذه الغرفة التي صارت مكانًا عائليًّا للنوم والجلوس ومتابعة الأخبار ولعب الورق وحياكة الصوف والأكل طبعًا، كنّا نقرأ الكتب والصحف والمجلّات: الكتب نشتريها في فترات الهدوء النسبيّ وأكثرها روايات نهرب بواسطتها بعيدًا عن مخاوف تحاصرنا، الصحف والمجلّات وسيلتنا لعلّنا نفهم ما يجري، بما أنّ الإذاعات الخاصّة التي نبتت كالفطر السام حصرت دورها في إعلامنا بحال القصف ومواقعه وضحاياه، وغالبًا ما كنّا نحن، المواطنين المستهدفين، نقوم بدور المراسلين متى كانت الخطوط الهاتفيّة عاملة. وفي نهاية السبعينات هذه، انضمّت المجلّات المصوّرة إلى وليمة مطالعاتنا فصرنا ننتظر أعدادها الأسبوعيّة لنتابع قصص حبّ ناعمة وبسيطة وتقليديّة (أناي المتفذلكة تقول الآن: سخيفة) ونهاياتها غالبًا سعيدة.
وجوه تلتقط
الكاميرا ملامحها وتجمّدها في لحظة تعبيريّة ما، ثمّ تخرج العبارة من الفم في شبه
غيمة وتشرح لنا ما يدور في الرأس، فنفهم ما يجري في الصورة. وصورة بعد صورة، يكتمل
الفيلم وتنتهي الحكاية العاطفيّة بانتصار الحبّ على الشرّ. أمّا في الخارج، خارج
المجلّة وخارج غرفة الطعام وخارج البيت فللشرّ شأن آخر، لا تشبه وجوه ناشريه
الوجوه الجميلة لهؤلاء الممثّلين والممثّلات الآتين من إيطاليا ليساعدونا في
مقاومة الحرب والانتصار عليها ولو للوقت القليل الذي تستغرقه قراءة القصّة.
"ريما"،
"سمر" هما اسما مجلّتين ما زلت أذكرهما، لا أعرف إن كان هناك غيرهما،
وكم آسف على مئات الأعداد التي رميناها حين لم يعد البيت يتّسع لها. وبعد ذلك
تخلّينا عن أرشيف الصحف والمجلّات السياسيّة: النهار، الأنوار، السفير، الديار،
الكفاح العربيّ، الوطن العربيّ، الأسبوع العربيّ، الحوادث، الصيّاد، المستقبل، كلّ
العرب. ثلاث جرائد كلّ يوم، وسبع مجلّات كلّ أسبوع. ثروة كبيرة وزّعناها على
أصدقاء صحافيّين يملكون بيوتًا أكبر. أمّا المجلّات المصوّرة فأحرقناها حين بدأت
والدتي تعدّ الخبز في البيت بعدما صار على كلّ بيت أن يؤمّن وسائل البقاء بالطرق
التي يراها أقرب إلى متناوله.
وهكذا أكلنا
خبز "الصاج" ساخنًا فوق نار الحبّ المشتعلة بين فرانكو كاسباري أو
منافسه فرانكو داني وإحدى الجميلات: ميشيلّا روك، مارينا كوفا، باولا بيتي، كلوديا
ريفيللي، كاتيوشا، الذين وسواهم ساعدونا بوجوههم المشرقة والسعيدة على الإيمان
بأنّ بشاعة الحرب اللبنانيّة لم تشوّه كلّ شيء في كلّ مكان، وبقصص حبّهم أنسونا
الخطف والتعذيب والقتل والقصف، عدا طبعًا الخبز الذي صار تحضيره احتفالاً يمتزج
فيه الاطمئنان إلى عشرات الأرغفة تطرد شبح الجوع، بالحزن على خسارة مجلّات كنّا
نتمنّى أن تكون شاهدة على وصول السلام الآتي لا محالة. الحبّ والسلام، هكذا كنّا
نحلم، على مثال الهيبيّين، لكن على إيقاع الأناشيد الحزبيّة والأغنيات الوطنيّة.
حين كنت أبحث
عبر الإنترنت عن تاريخ هذه المجلّات وصور أبطالها، لاحظت،كما في كلّ مرّة أستعيد
فيها الماضي، كيف شوّهتنا الحرب. فخلال اللحظات التي يستغرقها تنزيل الصور وفي
محاولة لتذكّر ملامح وجوه هؤلاء النجوم عاد إليّ ذلك المزيج من مشاعر الخوف
والحلم: الخوف من الموت الذي رافق مراهقتي وصباي، والحلم بقصص تشبه مشاهد الحبّ.
الآن أعترف بأنّ القراءة أنقذتني من الجنون، وأتأكّد من أنّ ما بين الحبّ والحرب
أكثر من مجرّد رابطة لغويّة. ولحظة تكتمل الوجوه على الشاشة أمامي، أنتبه إلى
أنّني كنت نسيت ملامحها، لكنّها الآن أليفة جدًّا حتّى أنّني أستغرب كيف ضاعت من
ذاكرتي، أو لعلّني خبّأتها بحيث لا تصل إليها شمس الواقع الفجّ.
المعلومات عن
مصائر هؤلاء النجوم غير متوفّرة على الإنترنت، مع العلم إنّ موجة هذه المجلّات
اجتاحت أوروبا، وانتشرت في البلدان العربيّة انطلاقًا من لبنان. موقع واحد لقارئة
فرنسيّة فيه بعض المعلومات والصور، واعتراف بالندم (هي أيضًا) لأنّها تخلّصت من
الأعداد التي كانت تملكها. وتطلب من القرّاء أن يزوّدوا الموقع بما يملكونه من
معلومات وصور. تحكي عن فرنكو كاسباري وتقول إنّه تعرّض لحادث على درّاجته الناريّة
وأصيب بالشلل التام، وبعد مضاعفات صحيّة توفيّ وهو في نحو الخمسين من عمره.
بالنسبة إلينا، مراهقات تلك المرحلة، لا يزال في صوره والذاكرة كما كان. ألم يبنِ
شهرته من لحظة "جمود" أمام الكاميرا؟ نحن في لبنان، لم نره في أفلام
سينمائيّة قليلة قام ببطولتها، لذلك بقي في بالنا بلا صوت، ويجيد العربيّة
الفصيحة: دبلجة عن الإيطاليّة قبل الاجتياح المكسيكيّ والتركيّ وما بينهما من
مسلسلات ولغات. المنتديات الإلكترونيّة العربيّة تنقل تعليقات سيّدات يتذكّرن تلك
الأيّام بحنان، ويتساءلن إن كان أحد يعرف شيئًا عن الموضوع. منتديات أخرى تعرض
مجموعات ومجلّدات للبيع، إلى جانب سوبرمان والوطواط والشياطين الـ13 وتختخ.
"سمر"
على ما أذكر كانت تصدر عن دار الصيّاد بدءًا من العام 1973، وكانت رئيسة تحريرها
إلهام سعيد فريحة التي تشير في سيرتها الذاتيّة إلى المجلّة واصفة إيّاها بإنّها
"مجلّة شهريّة متخصّصة"، من دون أن تحدّد نوع هذا التخصّص. ولا أدري أيّ
مجلّة من المجلّتين المصوّرتين "ريما" و"سمر" كانت توزّع
"بوستر" مع كلّ عدد لبطل العدد أو بطلته، وكنّا نلصق هذه الصور الكبير
على حائط غرفة الطعام، ما كان يثير حنق الوالد الذي كان يدّعي أنّه منزعج من تشويه
طلاء الجدار (الذي قد تهدمه قذيفة) ولا يعترف إلّا عندما يثور فعلًا بأنّه لا يحبّ
هذه التصرّفات "الولّاديّة". أمّا الوالدة فكانت تطلب أن نعلّق مكان وجوه
هؤلاء الغرباء صور القدّيسين والقدّيسات كي يستمرّوا في حمايتنا من الحرب. تتذكّر
شقيقتي أنّ المجلّتين في مرحلة لاحقة بدأتا بنشر قصّتين في كلّ عدد، واحدة مكتملة،
وواحدة على حلقات كي تجذب أكبر عدد من المتابعين، ثمّ أخذت إحداهما تنشر قصّة
مصوّرة قصيرة من دون حوار وتترك للقرّاء أن يتخيّلوا ما يمكن أن يكون الكلام في
كلّ مشهد.
كنّا في الحرب،
وكان علينا أن ننجو. المجلّات المصوّرة ساعدتنا حين كانت الأمور الجديّة لا تجد
مكانًا لها إلى جانب الخوف.
أستعيد محطّات
من الماضي كأنّني أشاهد فيلمًا قديمًا بالأبيض والأسود. أراه منسجمًا مع زمانه
ومكانه، وأتمنّى ألّا يفكّر مخرج ما بإعادة تصويره.
هناك 31 تعليقًا:
KTIR HELO AL MAKAL..
شكرًا، من الواضح أنّك من الجيل الذي اختبر تلك المرحلة لأنّ من بعدنا لا يعرفها
ياي... لقد أرجعتني بالزمن إلى حقبة كنت قد نسيتها تماماً. شكراً لك.
أنا أيضاً لم احتفظ بأية مجلة.
مشكلة هذه الذكريات أنّها تذكّرنا كم كبرنا/ تحيّاتي
أنا من مواليد الكويت 1970.. ولا زلت وشقيقاتي نذكر هذه المجلات وأيام مراهقتنا الجميلة.. بالتأكيد لم تكن لنا ذكريات الحرب ذاتها ولكن نوع آخر من الذكريات.. بالنسبة لي أعتقد أنها ذكريات زمن البراءة وما بين الطفولة والمراهقة.. مقالك أعجبني وأعتقد أنني مثلك لا أحب التخلص من ذكريات الماضي.. فهي من يشكل من نحن الآن.. ألا تعتقدين؟
شكرًا على الرسالة والكلام اللطيف الصادق. الماضي فعلاً هو الذي يصنعنا إن قبلناه أو حاولنا إصلاح آثاره علينا. لن نستطيع تغيير الماضي غير أننا مطالبون بالتصالح معه
شكرا على هذه المدونة الرائعة..لقد أنعشتي لي ذاكرتي -لدي مجلدات من مجلات سمر مازلت أحتفظ بها من أيام الثانوية. لنتواصل
نبحث في الذاكرة عن ماضٍ جميل لعلّنا ننسى الحاضر المرير! تحيّاتي وشكرًا على الدعوة إلى التواصل التي يشرّفني تلبيتها!
انت اكثر من رائعة يااستاذة ماري بهذه الصور رجعت 30 سنة من عمري اجمل ايام العمر كله لك كل التقدير والاحترام بالمناسبة مازلت احتفظ ببعض من مجلات سمر وريم وارجع لها بين حين وحين
كانوا بنات الضيعه يطلقوا عليي لقب فرانكو كاسباري واي بنت بتتمنى اسهر معها
شكراً على هذه المدونة الرائعة وانا اكتب هذا التعليق التقط مجلة ريما لقرائتها والسفر من خلالها الى ماض سعيد بالرغم من مآسي الحرب التي عشناها.اود ان اعلم كيف يمكنني الحصول على كتاب الجبل عندنا خمسة فصول وشكراً
فادي شكرًا على رأيك
كتاب الجبل موجود في مكتبة Vergin
شكرا على هذه نافدة من اعماق دالك الماضي الجميل
أيام سمر وريما هي أيام مراهقة جميله عشناها بكل مافيها من حب وحلم وبراءة وطفولة لن يتمكن أحد من أبناء هذا الجيل أن يعيشوها أو حتى يشعروا بها كما عشناها نحن وشعرنا بحلاوتها وسحرها وجمالها . دمتم بحب ووفاء
ابحث عن عنوان من هذه القصص المصورة الرائعة من دالك الماضي الجميل عنوان القصة احبك قلبي قبل نظري قرات هده القصة وانا طفل على هده المجلة المصورة اريد الان التفحص فيها من جديد لا اعرف بالظبط هل ريما ام سمر ولكن القصة قراتها في هده المجلات .تحياتى ماري القصيفي لهدا الشعور ورجوع الى الماضي نسيناه .
لقيت كم عدد هون بالشام على البسطات ..مقالك ذكرني بريحة عشتا قبل 40 سنة ببيروت ..انا كمان من جيل الملاجيء وريحة الرطوبة ممزوجة بريحة الورق .. شكرا ماري عالمقال المطعم بنكهة الروح والشغف ..
يااااه لست وحدي إذن في هذا الكوكب مازلت أتذكر مجلة "سمر" و قصصها المصورة و أبطالها الإيطاليين الذين تجمع ملامحهم بين الجمال الجنوب أوروبي و الجمال العربي . جمال صامت مجمد أشبه بأفلام شارلي شابلن الصامتة.. و كم هو مضحك أن أستمع الآن و لأول مرة الى صوت الممثل فرنكو داني بعد كل هذا العمر الذي مر ¡ أسمعه على يوتيوب تخيلوا ¡ و لا أسمعه متحدثا لا لا.. بل مطربا مشهورا ¡¡ ما زال يغني كما قلبي الآن يغني ¡ سلامي و تحياتي الى كل متذكر تلك الأيام الخوالي بحلوها و مرها . لنبحث على السوشيال ميديا عن باقي الأخبار و المعجبين القدامى حول العالم اللهم إختم لنا بالعمل الصالح شكرا لك أستاذة ماري و لكل معلق
انا من مصر و كانت بتوصل المجلات دي يوم الخميس من كل اسبوع كنت اعد الايام لغاية يوم الخميس اجري علي بائع الجرائد اشتريهم و اعيش معاهم قصص الحب مع اجمل الوجوه ، يااااااه كانت اجمل ايام حياتي من 40 سنة ، مقال جميل لمس قلب كل القراءه من هذا الجيل .
مجلات سمر اللبنانية المصوره النادره يوجد مجموعة كبيرة للمهتمين
كان اجمل زمن ..زمن البراءه والعفويه ..والحب العذري كنت اتابع ريما وسمر،لكل اصدار كانت اجمل القصص وشخصيات فرانكو وكلوديا ومارينا وكاتيوشا رجعتوني لسنين كتير بعيده لو حاليا موجوده برجع بشتريها من جديد
رووووعه ..اجمل زمن زمن البراءه والعفويه والحب العذري..ايجى ببالي وتزكرت مجلة سمر وريما ..كتبت اسم فرانكو كاسباري ع.امل اشوف شي عن حياته وعن كلوديا ..فرحت لما شفت في ناس غيري بتتزكر،هلشي ..وزعلت لما عرفت عن فرانكو انه توفي تمنيت لو وجدت عنه شي او عن حياته كانت اجمل قصص ..
تم. لكن كيف ...
من اجمل ما اشتقت دائما لقراءته! كنت صغيراً آنذاك ولكن متيّم بمجلات ريما وسمر. استطعت من فترة أن أستعلم عن أولائك النجوم وحزنت لموت البعض منهم مثل ماكس ديلاس الذي مات سنة ١٩٨٣ عن عمر ٣١ سنة. تحياتي للماض الجميل رغم تلحرب.
ذكريات اجمل ما فيها، رغم الحرب والقلق، كان الامل بغد أفضل من خلال نسمات باردة لطيفة اتتنا من تفاصيل اعتقدناها بسيطة آنذاك وإذ بها جزء من وجداننا وجسر بين الحاضر والماضي حمل في طيّاتها أناس احببناهم ولم يعد لهم وجود!
ماكس ديليس عاش فقط ٣١ سنة ورحل في العام ١٩٨٣. ذلك الجميل المشاغب مع مارينا كوفا وسيمونا بيليه!
على بالي دائما قصة بعنوان الطفولة الضائعة
كانت البطلة تمنيت أن اكون هي
مقال جميل جداً، أعادني للزمن الجميل، زمن عاليه والتسكع في بحمدون والتوقف عند مكتبة مغنية ومشاهدة المجلات المعروضة،،، ياالله يالها من متعة أسبوعية في انتظار صدور عدد مجلة ريما والفرحة تكون أكبر عندما يكون بطل القصة فرانكو كاسباري وحبذا لو كانت البطلة معه ميشيلا روك. لقد كان لدي الكثير من أعداد هذه المجلات المصورة( ريما، دليلة، بالإضافة إلى الاعداد الشهرية الملونة مثل ريما كولور و دليلة كولور ) لكن للأسف الشديد تم رميها لضيق المكان، وأنا الأن في أشد الندم على ذلك فهي ليست فقط مجلات بل ذكريات جميلة أحاول أن استعيد بعض منها من خلال البحث في صفحات الانترنت عن كل ما هو قديم يعيدني لتلك الفترات الجميلة؛ شكرا مرة أخرى على هذا المقال والذي وجدته بالصدفة وأنا أبحث عن مجلة ريما.
شكرا على رحلة الحب الحنين للماضي مؤخرا سمعت عن وفاة الممثل روبرتو مورا الذي كان my idol والغريب انه لا يوجد عنه كثير من الاخبار والصور مع انه كان احد ابطال ذلك الزمن الجميل عوده لزمن الحلم والرومانسيه بزمن نسينا فيه كيف نحلم
شكرا على رحلة الحب الحنين للماضي مؤخرا سمعت عن وفاة الممثل روبرتو مورا الذي كان my idol والغريب انه لا يوجد عنه كثير من الاخبار والصور مع انه كان احد ابطال ذلك الزمن الجميل عوده لزمن الحلم والرومانسيه بزمن نسينا فيه كيف نحلم
يعني كمية ذكريات مش طبيعية شكرا لتذكيرنا بهالزمن الجميل حتى لو كان بزمن الحرب
اما بالنسبة بالنسبة لاسامي المجلات صح كانو ىيما وسمر ودليلة كمان
وفعلا لو بقية ما كبيناهن او حرقناهن كانو هلأ ثروة كبيرة
مقال رائع
كنت من عشاق كاتيوشا...
إرسال تعليق