لو
كنت مديرة في مدرسة!
لكنت أخرجت التلامذة من الصفوف وأرسلتهم:
إلى سجون الأحداث ليروا نتيجة الجهل
إلى متاحف الأدباء ليتعرّفوا على الإبداع
إلى متاحف التاريخ ليرتبطوا بالتراث
إلى مراكز معوّقي الحرب ليلمسوا نتيجة العنف
إلى دور الأيتام ليعرفوا قيمة الحنان
إلى المسرح لتبهرهم نتيجة العمل الفريقيّ
إلى المستشفيات ليعاينوا الألم
إلى الطبيعة ليلعبوا بالتراب
إلى الأحياء الفقيرة ليقدّروا النعمة
إلى الجبال التي تنهشها الكسّارات ليكتشفوا كيف يكون
الجشع
إلى تلال النفايات ليروا نتيجة أنانيّة المواطن وسوء تخطيط
الدولة
إلى الدوائر الرسميّة ليلتقوا بالفساد وجهًا لوجه
إلى القرى ليراقبوا كيف يحوّلها الإهمال ساحات كسل
وأزقّة وحل
إلى الثكنات العسكريّة ليتعلّموا الانضباط
إلى منابع الأنهر ليشهدوا على جريمة الهدر
إلى معاهد الموسيقى والفنون التشكيليّة ليتأكّدوا من أنّ
الله جمال
إلى المرضى المسمّرين في الأسرّة ليمشوا بالنيابة عنهم
إلى فاقدي البصر لينظروا بالنيابة عنهم إلى الشمس
والنجوم
إلى فاقدي السمع ليسمعوا بالنيابة عنهم أصوات الريح
والمطر
إلى السينما ليحلّقوا في الخيال
إلى دور العجزة ليزرعوا الفرح
إلى الحقول ليقطفوا الأزهار
إلى شاطئ البحر ليلقوا التحيّة على صيّادي لقمة العيش
إلى بيت شاعر ليبحثوا معه عن سرّ المعنى
إلى عرس بسيط، إلى مأتم حميم، إلى ملهى ليليّ يرقص فيه
عاشقان، إلى حديقة حيوانات، إلى رصيف يقيم عليه متسوّل، إلى والدين فقدا ابنهما في حادث سير، إلى حيث ينام كنّاس الشارع، إلى رياض الأطفال، إلى مدافن الشهداء...
هكذا، بلا جدول مواعيد، بلا برنامج، بلا فروض، بلا شروط وامتحانات ودفاتر علامات...
بلا صور تتباهى بها المدرسة في كتابها السنويّ، بلا حملات إعلانيّة تريد جذب
زبائن، بلا شرح ووعظ وثرثرة... هكذا بصمت العينين تراقبان، هكذا بهدير الأسئلة في
قلوب متوثّبة... هكذا...
أرسلهم وكلّي ثقة بأنّهم سيعودون رسلًا يبشّرون بالحياة،
الحياة التي خارج جدران الصفوف...
هناك 3 تعليقات:
رائعة .
كلام يحمل معاني عميقه،ليتها تطبق وتنتهي النظريات
,العزيزة ماري
أشكرك على مشاركتك لي بمقالتك القيّمة
بدلا"من عمّال منصاعين (Holistic) هكذا نخرّج مواطنين شموليين
و الآن يمكنني أن أطمح الى الحلم عنَا وعن تلامذتنا
أريد أن أستأذنك لأشارك المقالة مع اساتذتي
إرسال تعليق